القرار عدد 369 بتاريخ 2012/01/17
في الملف رقم 2010/1/1/2234
القاعدة:
مجرد الإدلاء بشهادة إدارية لا يكفي لاستبعاد الوصية والتي لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور.
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من أوراق الملف انه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية بالرماني بتاريخ 12/11/1992 تحت عدد 2476/29 طلب سعيد بنعاشير بن ابعيز و سعيد محمد بن ابعيزو الصوير القادرية بنت بوعزة تحفيظ الملك المسمى ” عين نسور “الواقع بدوار أولاد برحيل عين لسبيت قبيلة المراكشية دائرة الرماني المحددة مساحته في 3 هكتارات و 71 ارا و 90 سنتيارا بصفتهم مالكين له برسم المعاوضة المؤرخ في 18 محرم 1393 و الاراثة عدد 560 بتاريخ 13 ابريل 1982 و رسمي الشراء العدليين الأول مؤرخ في 19 شعبان 1408 و الثاني في 6 جمادى الآخرة 1402 ، فتعرض على المطلب المذكور بوعزة بن عبد القادر المدون بتاريخ 25/6/1997 كناش 14 عدد 400 مطالبا بحقوق مشاعة من العقار المذكور المنجرة له من جده حسب الاراثة عدد 352 و تاريخ 29/06/1978 و رسم مخلف عدد 481 و تاريخ 29/6/1998 و نسخة من رسم وصية أصله مضمن بعدد 799 بتاريخ 16/10/1981 .
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بالرماني وإدلاء طالبي التحفيظ بشهادة إدارية مؤرخة في 1992/01/07 تفيد وفاة بوعزة بن الجيلالي بن الشريف بتاريخ 1980/01/21 و إجراء خبرة بواسطة الخبير العربي لمصبني أصدرت بتاريخ 19/4/2007 حكمها في الملف عدد 142/05 بصحة التعرض فاستأنفه طالبا التحفيظ الأول والثاني و قضت محكمة الاستئناف المذكورة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من صحة تعرض المستأنف عليه و الحكم بعدم صحته و ذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض من المستأنف عليه في الوسيلة الثالثة بعدم الارتكاز على أساس قانوني وانعدام التعليل ذلك أنه اعتمد شهادة إدارية للوفاة مؤرخة في 1992/01/07 تفيد وفاة الموصي بتاريخ 1980/01/21 واستبعد الوصية المدلى بها ، و أن استبعادها للوصية المشهود عليها من قبل العدول والمسجلة بالمحكمة الابتدائية بالرماني مقابل الاعتماد على شهادة إدارية يجعل تعليلها غير مرتكز على أساس قانوني.
حيث صح ما عابه الطاعن على القرار ذلك انه علل بأن ” المحكمة برجوعها لنسخة رسم الوصية الصادر عن الموصي بوعزة بن الجيلالي بن الشريف الزعري المراكشي للموصى له ابن ابنه بوعزة بن عبد القادر المستأنف عليه تبين أنها مؤرخة في 10 ربيع الثاني 1401 موافق 16 فبراير1981 والحال أنه متوفى بتاريخ 1980/01/21 حسب الشهادة الإدارية المؤرخة في 1992/01/07 ، وأن الشهادة الإدارية للوفاة لم تكن محل طعن أو معارضة ، و ثبت من التعليل أعلاه صحة ما تمسك به المستأنف من صدور الوصية بعد وفاة الموصي وهو ما يشكل سببا وجيها لاستبعادها ” في حين أن مجرد الإدلاء بشهادة إدارية لا يكفي في النازلة لاستبعاد الوصية أعلاه والتي لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور ، الأمر الذي يكون معه القرار فاسد التعليل المنزل منزلة انعدامه و معرضا للنقض.
وحيث إن حسن سير العدالة مصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى على نفس المحكمة .
لهذه الأسباب
وبصرف النظر عن باقي الوسائل المستدل بها على النقض
قضت محكمة النقض، بنقض وإبطال القرار المطعون فيه المشار إليه أعلاه وبإحالة الدعوى على نفس المحكمة لتبت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون وبتحميل المطلوبين في النقض الصائر .
كما قررت إثبات قرارها هذا بسجلات المحكمة المذكورة إثر القرار المطعون في أو بطرته.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: محمد دغبر ـ عضوا مقررا. وعلي الهلالي وأحمد دحمان وجمال السنوسي أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة العكرود.
قراءة التعليقات (2)
هذا القرار قد يثير استغراب البعض ، إذ كيف تقبل أعلى هيئة قضائية أن تعمل وثيقة تفيد قيام أحدهم بالإيصاء مع أنه ثبت في تاريخ الإيصاء المزعوم أنه كان متوفى من قبل. الاستغراب قد يكون في محله ، لكن القضاء المحترف لا يتعاطى مع المعطيات المعروضة عليه بمثل الاستخفاف الذي يمكن أن يعامل به هكذا نوع من القضايا من لم يختبر تقنيات العمل القضائي ويسبر أغوارها.
في الواقع إن المحكمة وجدت أمام وضعين في غاية التناقض ، وضع يقول أن الموصي أوصى ، ووضع يقول أنه لم يفعل ، لأنه بكل بساطة كان متوفى. وكلا الوثيقتين رسميتين ، إذ أن شهادة الوفاة لا يمكن إلا أن تصدر عن جهة رسمية . فما العمل؟
الصحيح أنه يجب الانطلاق من الوثيقة الأولى وهي وثيقة الإيصاء، وهي منجزة بواسطة عدلين ، وبالتالي فهي رسمية ، ولدحض مضمونها ليس هناك من سبيل سوى الطعن فيها بالزور.
ولقد تبين أن من استدل بشهادة الوفاة أخطأ السبيل ، إذ أنه رغم توفره على ما يعزز فرضية التزوير فإنه لم يسلك الطريق الصحيح ألا وهو الطعن بالزور ، وفضل الاستدلال على عدم صحة الإيصاء بشهادة إدارية للوفاة. ومن هنا جاءته الضربة القاضية من محكمة النقض لترده إلى الصواب وتقول له إن الأوراق الرسمية لا يمكن الاستدلال على عدم صحتها إلا بالطعن فيها بالزور ولا يكفيك الاستدلال بشهادة تخالف ما جاء فيها.
هكذا ، ومن هذا المثال نرى كيف أن الحقوق يمكن أن تضيع لا لسبب سوى أن الدفاع غابت عنه هذه التقنية ، بل وأقنع حتى محكمة الاستئناف بصوابية موقفه مع أنه ليس كذلك.
ومن هنا تبرز أهمية القرار بالنسبة للمحامي والقاضي أنه كلما كانت هناك ورقة رسمية ، ومهما حاول الخصم دحضها ، فإنه لا يمكنه ذلك إلا عن طريق الطعن بالزور فيها.
وكخلاصة لما سبق ، فإنه لا مجال لمقارعة الوثائق الرسمية بعضها ببعض بل لا بد من إسقاط حجية أحدها ولا يكون ذلك إلا بالطعن فيها بالزور ولا بأس أن تستعمل الوثيقة المناقضة حجة في إثبات الزور.
هذا القرار قد يثير استغراب البعض ، إذ كيف تقبل أعلى هيئة قضائية أن تعمل وثيقة تفيد قيام أحدهم بالإيصاء مع أنه ثبت في تاريخ الإيصاء المزعوم أنه كان متوفى من قبل. الاستغراب قد يكون في محله ، لكن القضاء المحترف لا يتعاطى مع المعطيات المعروضة عليه بمثل الاستخفاف الذي يمكن أن يعامل به هكذا نوع من القضايا من لم يختبر تقنيات العمل القضائي ويسبر أغوارها.
في الواقع إن المحكمة وجدت أمام وضعين في غاية التناقض ، وضع يقول أن الموصي أوصى ، ووضع يقول أنه لم يفعل ، لأنه بكل بساطة كان متوفى. وكلا الوثيقتين رسميتين ، إذ أن شهادة الوفاة لا يمكن إلا أن تصدر عن جهة رسمية . فما العمل؟
الصحيح أنه يجب الانطلاق من الوثيقة الأولى وهي وثيقة الإيصاء، وهي منجزة بواسطة عدلين ، وبالتالي فهي رسمية ، ولدحض مضمونها ليس هناك من سبيل سوى الطعن فيها بالزور.
ولقد تبين أن من استدل بشهادة الوفاة أخطأ السبيل ، إذ أنه رغم توفره على ما يعزز فرضية التزوير فإنه لم يسلك الطريق الصحيح ألا وهو الطعن بالزور ، وفضل الاستدلال على عدم صحة الإيصاء بشهادة إدارية للوفاة. ومن هنا جاءته الضربة القاضية من محكمة النقض لترده إلى الصواب وتقول له إن الأوراق الرسمية لا يمكن الاستدلال على عدم صحتها إلا بالطعن فيها بالزور ولا يكفيك الاستدلال بشهادة تخالف ما جاء فيها.
هكذا ، ومن هذا المثال نرى كيف أن الحقوق يمكن أن تضيع لا لسبب سوى أن الدفاع غابت عنه هذه التقنية ، بل وأقنع حتى محكمة الاستئناف بصوابية موقفه مع أنه ليس كذلك.
ومن هنا تبرز أهمية القرار بالنسبة للمحامي والقاضي أنه كلما كانت هناك ورقة رسمية ، ومهما حاول الخصم دحضها ، فإنه لا يمكنه ذلك إلا عن طريق الطعن بالزور فيها.
وكخلاصة لما سبق ، فإنه لا مجال لمقارعة الوثائق الرسمية بعضها ببعض بل لا بد من إسقاط حجية أحدها ولا يكون ذلك إلا بالطعن فيها بالزور ولا بأس أن تستعمل الوثيقة المناقضة حجة في إثبات الزور.