القرار رقم 170 الصادر عن محكمة النقض بغرفتيها المدنية (القسم الأول) والتجارية (القسم الثاني) – حول أثر الزور على التقييدات بالسجل العقاري

القرار رقم 170 الصادر عن محكمة النقض بغرفتيها المدنية (القسم الأول) والتجارية (القسم الثاني) – حول أثر الزور على التقييدات بالسجل العقاري

 

   قرار عدد 170

بتاريخ 2013/03/20

في الملف رقم 2012/1/1/2820

تقييد التصرفات والحقوق في الرسوم العقارية ، قرينة لفائدة الغير حسن النية على صحتها. وليس هناك ما يستثني حالة البطلان بسبب ثبوت التزوير في عقد وقع تقييده ويبقى للغير المقيد عن حسن نية استنادا عليه ، والأجنبي عن هذا العقد ، حق التمسك بمقتضيات الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري والفصل 3 من ظهير 2 يونيو1915. وتكون المحكمة بالتالي مدعوة للبحث في حسن أو سوء نية هذا الأخير لترتيب آثار تقييده بالرسم العقاري .

                                                                                                    باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

  بناء على المقال المرفوع بتاريخ 04/06/2012 من طرف الطالب أعلاه بواسطة نائبه الأستاذ  جلال محمد أمهمول والرامي إلى نقض القرار رقم 2007-2008 الصادر عن محكمة الاستيناف بالدار البيضاء بتاريخ 23/04/2012 في الملفين المضمومين عدد 1572 و1573/1/1/2011.

 وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 18/09/2012 من المطلوبين ورثة طوماس روني بواسطة نائبهم المذكور والرامية أساسا إلى عدم قبول الطلب لعدم تضمين مقال النقض ملخص وقائع القضية واحتياطيا إلى رفضه، ثم مذكرة تعقيب محامي الطاعن أعلاه  بتاريخ 08/10/2012.

وبناء على القرار عدد 66 وتاريخ 13/10/2012 الصادر عن السيد الرئيس الأول لدى محكمة النقض بإحالة ملف القضية للبت فيه على غرفتين بإضافة الغرفة التجارية (القسم الثاني) إلى الغرفة المدنية (القسم الأول) المعروضة عليها القضية.

وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.

وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر بتاريخ   19/02/ 2013.

وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 20/03/2013..

وبناء على المناداة على الأطراف و من ينوب عنهم وحضور مؤازريهم المذكورين أعلاه.

وبعد تلاوة المستشار المقرر السيد محمد ناجي شعيب لتقريره ، وتقديم مدافعي الطرفين الحاضرين لملاحظتهم الشفوية ، وبعد الاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد محمد فاكر.

وبعد المداولة طبقا للقانون

في الدفع بعدم القبول.

حيث دفع المطلوبان في النقض ورثة توماس روني بكون الطاعن لم يضمن موجز الوقائع في مقال طلب بالنقض.

لكن خلافا لما ورد في الدفع فإن طلب النقض تضمن موجز وقائع القضية بالقدر الكافي، الأمر الذي يكون معه الدفع خلاف الواقع.

وفي الموضوع.

حيث يستفاد من مستندات الملف، أن جان روني فرنان طوماس وكوليت دينيس طوماس قدما بتاريخ 03/06/2009 مقالا إلى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء عرضا فيه، أن موروثهما طوماس روني اشترى بتاريخ 18/10/1948 العقار ذا الرسم العقاري عدد 31697/س، وهو عبارة عن أرض عارية مساحتها حوالي 9022 م م تقع بمدينة الدار البيضاء، وتم تقييد العقد بنفس الرسم العقاري وحاز نظيره ، إلا أنه بتاريخ 15/12/1993 عمد المدعو فرحاتي المحجوب إلى إنشاء عقد بيع لنفس العقار مدعيا أن موروثهم فوته له بمبلغ 108264 درهما، وقد أدين من أجل النصب والتزوير بسنتين حبسا نافذا وغرامة قدرها ألفا درهم، وقد فوت هذا الأخير بتاريخ 20/01/1994 نفس العقار المذكور لكل من المجغجغ امحمد وبيردان الحسين بثمن قدره 1120000درهم، وفي غياب نظير الرسم العقاري أقام هؤلاء دعوى في مواجهة البائع لهما وكذا موروثهما من أجل تمكينهم من ذلك النظير والإذن للمحافظ من أجل تقييد عقدي البيع الأول والثاني مع اعتبار الحكم قائما محل الوثائق الناقصة في حالة الامتناع، فقضت المحكمة الابتدائية وفق الطلب بتاريخ 6/2/95 في الملف 156/94 ، وبعد الطعن فيه بالاستئناف ألغته محكمة الاستئناف وقضت برفض الطلب ، وقد كان هذا القرار محل طعن بإعادة النظر من طرف المجغجغ امحمد وبيردان الحسين ، فتم رفضه بمقتضى القرار الصادر بتاريخ 9/10/2006 في الملف عدد 243/1/2005. وبعد الطعن فيه بالنقض من طرفهم قضى المجلس الأعلى برفض الطلب بمقتضى قراره الصادر في الملف عدد 3369/1/5/07، إلا أنه كان قد سبق تنفيذ مقتضيات الحكم الابتدائي أعلاه القاضي بتسجيل العقدين الأول المزور والثاني واعتبار الحكم بديلا عن الوثائق الناقصة، وبتاريخ 26/01/1999 قام المجغجغ امحمد وبيردان الحسين ببيع العقار إلى مصطفى مواهب بثمن قدره 1623960 درهما، وتم تقييده مالكا جديدا ووحيدا للعقار. طالبين لذلك الحكم بالتشطيب على البيوع الثلاثة أعلاه المقيدة بالرسم العقاري 31697/س وإرجاع وضعية الرسم العقاري إلى ما كانت عليه قبل تاريخ عقد البيع المزور بتاريخ 13/12/1993 لكونها عقودا باطلة. وتقدم المدعى عليه مواهب مصطفى بمقال مضاد ضمنه بأنه أدى ثمن البيع ومصاريف التسجيل وتحمل مصاريف إنجاز الأشغال الكبرى طالبا لذلك الحكم على البائعين بأدائهم له تعويضا عن كل تلك المصاريف على وجه التضامن بعد إجراء خبرة لتحديدها. وأدلى المدعيان بمذكرة مع طلب إضافي طالبين فيها الحكم بإفراغ المدعى عليه مصطفى مواهب من العقار موضوع الرسم المذكور وفي الطلب المضاد بإخراجهم من الدعوى ، كما تقدم المدعى عليهما المجغجغ امحمد وبيردان الحسين بمقال مضاد طالبين الحكم لفائدتهما بتعويض لا يقل عن 800000 درهم في مواجهة فرحاتي المحجوب. وبعد إجرائها خبرة بواسطة الخبير محمد صبير أصدرت المحكمة حكمها بتاريخ 24/02/2011  في الملف عدد 2059/21/2009 قضت فيه بإلغاء الطلب المضاد على حالته وفي الطلبين الأصلي والإضافي بالتشطيب على عقود البيع الثلاثة المسجلة بالرسم العقاري عدد 31697/س وإرجاع وضعية الرسم المذكور إلى ما كانت عليه قبل تسجيل عقد البيع المؤرخ في 13/12/93 وبإفراغ المدعى عليه مواهب مصطفى ومن يقوم مقامه من العقار المذكور ، فاستأنفه المدعى عليه مصطفى مواهب وقضت محكمة الاستئناف المذكورة بتأييده بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض من  هذا الأخير أعلاه  في الفرع الأول من الوسيلة الأولى بخرق الفقرة الثانية من الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري ذلك أنه تمسك خلال سائر مراحل التقاضي بعدم إمكانية الاحتجاج في مواجهته بإبطال تقييد المحجوب فرحاتي الناتج عن بطلان عقد البيع المبرم بينه وبين طوماس روني باعتبار حسن نيته بصراحة الفقرة الثانية من الفصل 66 المذكور في أنه ” لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال التسجيل في مواجهة الغير ذي النية الحسنة” إلا أن المحكمة مصدرة القرار عوض أن تطبق هذه المقتضيات التي وضعها المشرع لمعالجة حالات مماثلة لوضعيته حفاظا على مصداقية نظام التحفيظ العقاري واستقرار المعاملات خرقت روح الفصل 66 المذكور وطبقت مقولة عامة “ما بني على باطل فهو باطل” ، وفي الفرع الثاني من نفس الوسيلة  بخرق الفصل 3 من ظهير 2 يونيو 1915 المتعلق بالتشريع المطبق على العقارات المحفظة الذي جاء تأكيدا للمقتضى السابق حين نص على أن ” ما يقع من إبطال أو تغيير لاحق لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المسجل عن حسن نية كما لا يمكن أن يلحق به أي ضرر.” وفيما أثاره في الوسيلة الثانية مما ظل على امتداد مذكراته المدلى بها أمام قضاء الموضوع يلتمسه من تطبيق هذه المقتضيات مطالبا بضرورة التمييز بين حالة حسن النية وسوئها قبل مواجهته بآثار بطلان تقييد المحجوب فرحاتي بسبب ما اعترى عقده من موجبات البطلان.

      حيث صح ما عابه الطاعن على القرار، ذلك أنه علل قضاءه بأن “العقد الذي باع بموجبه المستأنف عليه المحجوب فرحاتي العقار موضوع النزاع هو عقد ثبتت زوريته بحكم جنحي حاز قوة الشيء المقضي به حسب الثابت من أوراق الملف وبالتالي فهو عقد باطل، وبما أنه كذلك فإن عقد شراء المستأنفين المجغجغ امحمد والحسين بيردان يكون باطلا بالتبعية وكذلك الشأن بالنسبة لعقد شراء المستأنف مصطفى مواهب وذلك عملا بقاعدة ما بني على الباطل باطل ولا مجال والحالة هاته للاستدلال بحسن النية”. فـي حـين أنه بموجب الفصل 66 في فقرته الثانية من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري والفصل 3 من ظهير 2 يونيو1915 المطبق على العقارات المحفظة ، فانه لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال التسجيل في مواجهة الغير المسجل عن حسن نية ، وأن ما يقع من إبطال لا يمكن أن يواجه به ولا يمكن أن يلحق به أي ضرر، وهذه المقتضيات القانونية تؤسس لمبدأ القوة الثبوتية للتقييدات ، ونصت وبدون أي تحفظ كيفما كان نوعه ، على أن التقييدات في الرسوم العقارية ، قرينة لفائدة الغير حسن النية ،  على صحتها. وبالتالي فليس هناك ما يستثني حالة البطلان بسبب ثبوت التزوير في عقد وقع تقييده ، ويبقى للغير المقيد عن حسن نية حق التمسك بهذه المقتضيات،  ولذلك فان القرار المطعون فيه حين علل قضاءه على النحو المذكور أعلاه، ودون أن يبحث في حسن أو سوء نية الطاعن باعتباره غيرا بالنسبة للعقد الذي ثبتت زوريته بحكم جنحي نهائي، يكون خارقا للفصل 66 من ظهير 12/08/1913  والفصل 3 من ظهير 2 يونيو1915 مما عرضه للنقض والإبطال.

وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى على نفس المحكمة.

لهذه الأسباب

وبصرف النظر عن البحث في بقية الوسائل المستدل بها على النقض.

قضت المحكمة بنقض وإبطال القرار المطعون فيه المشار إليه أعلاه، فيما قضى به من التشطيب على عقد الطاعن المؤرخ في 26/01/1999، ومن إفراغه من العقار المدعى فيه ذي الرسم العقاري عدد 31697/ س ، وبإحالة الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون، وبتحميل المطلوبين الصائر.

كما قررت إثبات قرارها هذا بسجلات المحكمة المصدرة له إثر القرار المطعون فيه أو بطرته.

و به صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: محمد بلعياشي رئيس الغرفة المد نية (القسم الأول) ـ رئيسا.  وعبد الرحمان مزور رئيس الغرفة التجارية (القسم الثاني) والمستشارين: محمد ناجي شعيب ـ  مقررا. وزهرة المشرفي، ومحمد أسراج، ومليكة بامي، ومليكة بنديان، ولطيفة رضا، وحليمة بنمالك، وخديجة الباين، ـ أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد محمد فاكر. وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة بشرى راجي.

2 Replies to “القرار رقم 170 الصادر عن محكمة النقض بغرفتيها المدنية (القسم الأول) والتجارية (القسم الثاني) – حول أثر الزور على التقييدات بالسجل العقاري”

  1. التعليق التالي ليس بقلم ( رجل قانون ) وإنما باسم المقرر في الملف موضوع التعليق وبه وجب التنبيه للأمانة العلمية.
    التعليق على القرار

    القرار موضوع التعليق يعيد إلى الواجهة تعامل محكمة النقض مع قاعدة ” حجية التقييدات بالسجل العقاري بالنسبة للغير المقيد عن حسن النية ” . والذي من خلاله نحت هذه المحكمة منحى آخر غير المنحى الذي سارت عليه (المجلس الأعلى سابقا) في قرارين سابقين لها كما سيتم التعرض له في موضعه.
    فإذا كانت القيمة الإثباتية لقيود السجل العقاري الناشئة عن تحفيظ العقار قيمة مطلقة ، وهي قرينة قانونية قاطعة لا تقبل الطعن ، وذلك بصريح الفصل الثاني من ظهير 9 رمضان 1331 (12 غشت 1913) الذي رتب على رسم التمليك الذي ينظمه المحافظ بطلان ما عداه من الرسوم وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة بالكناش العقاري ، وكذا الفصل 62 من نفس القانون الذي اعتبر رسم التمليك النقطة الوحيدة للحقوق العينية والتكاليف العقارية الكائنة على العقار وقت تحفيظه ” دون ما عداها من الحقوق غير المسجلة ” وبذلك أعفى المشرع المتعامل مع الطرف الذي أقيم الرسم العقاري في اسمه على ضوء مسطرة التحفيظ من البحث في ماضي العقار قبل تحفيظه وجعله في مأمن من أية مطالبة من أي كان بحق عينيي يخص المرحلة السابقة لتحفيظ العقار. فإن الأمر مختلف بالنسبة للتقييدات اللاحقة الطارئة على الحقوق المحفظة ، فقد أعطاها المشرع قوة إثباتية تتراوح بين النسبية والمطلقة حسب كل حالة حالة ، وهو ما يقتضي في البداية التمييز بين حجية التسجيل بين الأطراف وحجية التسجيل بالنسبة للغير ، فحجية التسجيل بين الأطراف نسبية أي ليست حجة قاطعة ، لأنها تستند إلى قرينة قانونية قوامها صحة التصرف الذي بني عليه التسجيل (1) فمتى كان محل طعن وقرر القضاء إبطاله كان ذلك موجبا للتشطيب عليه ووضع حد لآثاره ، مع التنبيه هنا إلى أن صاحب المصلحة مدعو لإجراء تقييد احتياطي ليحفظ رتبته ويقطع الطريق على أي تصرف في العقار من طرف خصمه لفائدة الغير حتى لا يدخل في حسابات الحالة الثانية التي سيأتي ذكرها. أما حجية التسجيل في مواجهة الغير المتمتع بحق عيني مسجل ، فتختلف بين ما إذا كان هذا الغير قد قيد عن حسن نية أم عن سوء نية . فالغير حسن النية كما عرفه بعض الفقه (2) ” هو الذي يجهل العيوب أو الشوائب التي تعيب أو تشوب سند أو رسم من كان قد تلقى الحق منه يوم تلقي هذا الحق وتسجيله في اسمه في الرسم العقاري ” أما الغير سيء النية فهو من كان يعلم بهذه الشوائب وقت حصول تسجيله بالرسم العقاري. فالتقييد بالنسبة للغير حسن نية يكتسي قوة ثبوتية مطلقة ويعتبر التقييد بالسجل العقاري الذي استند إليه صحيحا مع ما يستتبعه من عدم تأثر حقه بما يمكن أن يطال ذلك التقييد من بطلان أو إبطال أو تغيير وذلك عملا بمقتضيات الفصل 66 من ظهير12/08/1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري في فقرته الثانية من أنه” لا يمكن في أي

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) د مامون الكزبري ، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي ـ الجزء الأول ، الطبعة الثانية 1987. ص 165. (2) د مامون الكزبري ـ نفس المرجع ـ ص 169.
    حال التمسك بإبطال التسجيل في مواجهة الغير ذي النية الحسنة” والفصل 3 من ظهير 2 يونيو 1915 المتعلق بالتشريع المطبق على العقارات المحفظة من أن ” ما يقع من إبطال أو تغيير لاحق لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المسجل عن حسن نية كما لا يمكن أن يلحق به أي ضرر.”.أما الغير المقيد عن سوء نية فلا سبيل له لدرء ما يترتب عن بطلان أو إبطال قيود السجل العقاري التي استند عليها. إلا أن الجدل ظل محتدما في حالة ثبوت زورية عقد أسست عليه أحد التقييدات ، إذ ذهب اتجاه إلى القول : إلى أنه ببطلان العقد لزوريته تبطل التقييدات التي ارتكزت عليه ، وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) في قرارين سابقين لها : الأول تحت رقم 1107 بتاريخ 26/03/2008 فـي المــلف المـدنـي عــدد 1638/1/2/2006 (1) معللة قضاءها بأن “ثبوت زورية العقد تجعله منعدما وغير منتج لأي أثر وإن كان مسجلا بالرسم العقاري حتى ولو كان المشتري حسن النية..” والثاني تحت رقم 2854 بتاريخ 23/07/2008 في الملف المدني عدد 1696/1/1/2006 (2) الذي جاء في تعليلاته أن ” ما بني على التزوير لا يترتب عليه أي أثر سواء بالنسبة للمتعاقدين أو لخلفائهما..” وهو تعليل وإن أرجعه البعض على أنه بني على قاعدة ما بني على باطل فهو باطل فيمكن أيضا إرجاعه إلى قاعدة تسلسل التقييدات ، أي أن بطلان التقييد المبني على العقد الذي ثبتت زوريته ، يستتبعه بطلان التقييدات اللاحقة لسقوط حلقة في هاته السلسلة تربط الحق بمالكه الأصلي من خلال المالكين المتعاقبين ، وهي القاعدة التي تجد سندها في الفصل 28 من القرار الوزيري الصادر في 20 رجب 1333 (30/06/1915) بشأن تفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري الذي جاء فيه “..في حالة ما إذا كان الحق العيني عقاري أو تكليف عقاري موضوع عدة انتقالات أو اتفاقات متتابعة فلا يمكن تسجيل آخر انتقال أو اتفاق قبل تسجيل الاتفاقات السابقة .” وبمفهوم المخالفة لا يمكن تسجيل أي انتقال بسقوط الانتقال الذي بني عليه ، ليكون على الأقل ما أعطي من تبرير لهذا الاتجاه مستمدا من داخل منظومة قانون التحفيظ العقاري، لكن هذا المنحى في جميع الأحوال لم يصل إلى حد التواتر لوجود قرارات قضائية أخرى تبنت حرفية نص الفصل 66 ( فقرة 2) من ظهيـر 12/08/1913 والفصل 3 من ظهير 2 يونيو 1915 وذلك على غرار القرار موضوع التعليق الذي اعتبر أن مقتضيات الفصلين المذكورين جاءت صريحة وواضحة في أن الغير المقيد عن حسن نية لا يمكن أن يواجه بما يقع من إبطال لاحق لتسجيله و لا يمكن أن يلحق به أي ضرر ، لأنه استند إلى ما هو مضمن بمندرجات الرسم العقاري ، وأن المصداقية المعطاة لمؤسسة السجل العقاري تقتضي أن لا يفاجأ بوقائع وتصرفات خارج هذه المندرجات ، وانه ليس هناك ما يستثني حالة البطلان بسبب ثبوت التزوير في عقد وقع تقييده وأنه يبقى من حق الغير الأجنبي
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) قرار منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 157 ص 155 . (2) قرار منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 156 ص190.
    عن العقد المزور والمقيد عن حسن نية ، التمسك بمقتضيات الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري والفصل 3 من ظهير 2 يونيو1915. ليظل دور المحكمة محصورا في البحث في حسن أو سوء نية الغير المقيد لترتيب آثار تقييده بالرسم العقاري . وهو اتجاه ينتصر لمصداقية ومناعة مؤسسة السجل العقاري.
    هذا وتجدر الإشارة إلى أن المشرع في مستجدات القانون العقاري في ضوء القانون رقم 08-39 (مدونة الحقوق العينية) ، حاول علاج الإشكالية بسلوكه طريقا وسطا بين حماية المالك الحقيقي الذي يمكن أن يكون ضحية تزوير أو تدليس وبين إعطاء نوع من الاستقرار لمؤسسة السجل العقاري حين أعطى الإمكانية في المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية رقم 08-39 ” لصاحب الحق الذي تضرر بسبب تدليس أو زور شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه.” أي إمكانية طلب التشطيب على التقيد الذي تم بناء على عقد مدعى فيه التزوير أو التدليس تدليس وما استتبعه من تقييدات اسست عليه ، مع ملاحظة أن هذا المقتضى ورد في مدونة الحقوق العينية بينما بقي الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري ـ كما عدل وتمم بالقانون رقم 07-14ـ على إطلاقه في عدم إمكان التمسك بأسباب الإبطال في مواجهة الغير حسن النية ، مع أن المنطق كان يقتضي أن ذات التعديل يشمل أيضا الفصل 66 باعتباره هو الأصل ويخص حجية التقييدات. وفي جميع الأحوال فإن الحسم تشريعيا في إمكانية التمسك ببطلان التسجيل للزور أو التدليس من طرف صاحب المصلحة داخل أجل أربع سنوات تحتسب من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله ، كفى القضاء عناء الخوض في مدى هذه الإمكانية من عدمها ليستند القاضي إلى النص في تقرير ذلك البطلان، ولكن لنا أن نتساءل هل المشرع بتدخله هذا لم يزعزع مصداقية مؤسسة السجل العقاري من خلال فترة الأربع سنوات التي لا يكون فيه المتعامل مع هذه المؤسسة بمنآى عن أية مفاجأة تنال من حجية التسجيل الذي ارتكز عليه و التي بإمكانها أن تعصف بحقه العيني في العقار ، وماذا عن المستثمر الذي اقتنى العقار لإقامة مشاريعه ، فهل عليه أن ينتظر مرور أجل أربع سنوات لوضع حجر الأساس لأن تسجيله لمشتراه معلق على شرط فاسخ وهو عدم ظهور متضرر خلال هذه المدة التي أعطى القانون فيها لهذا الأخير إمكان التمسك بإبطال التقييد للزور أو التدليس بغض النظر عن حسن نية الغير المقيد لحقه العيني على العقار من عدمه ، وماذا عن الموثق الذي يتولى تحرير العقد ، ألا تقيده هذه المقتضيات ليحتفظ بالثمن إلى حين انتهاء أجل الأربع سنوات على غرار الاحتفاظ بالثمن في البيع الرضائي للأصل التجاري إلى حين انتهاء أجل التعرض المنصوص عليه في المادة 84 من مدونة التجارة تحسبا لكل منازعة مستقبلية مردها ما قد يحدث من طارئ خلال ذلك الأجل الذي فتحه المشرع أمام كل ذي مصلحة لتغيير مجريات الأمور. يبقى كل ذلك وغيره تساؤلات مشروعة في ظل معادلة صعبة تسعى للجمع بين إعطاء مؤسسة سجل عقاري حصانة ومناعة مطلقة حفاظا على استقرار المعاملات وبين حماية المالك ـ الذي كان مقيدا في هذا السجل ومحتميا هو الآخر به ـ من ممارسات غير مشروعة تروم إخراجه منه دون موجب حق..
    ذ محمد ناجي شعيب : الغرفة المدنية ـ القسم الأول ـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *