القاعدة:
ما دام أنه ليس في مستندات الملف ما يفيد وجود اتفاقية بين الطرفين حول قيام الطاعنة بتشجير المدعى فيه لفائدة المطلوبين، وأن هؤلاء لا ينازعون في قيام الطاعنة بتشجير المدعى فيه وحراسته فإن ذلك كاف لاعتبارها في مركز المدعى عليه ، وأن القرار لما عكس مركزها المذكور و اعتبرها في مركز المدعي المطالب بالإثبات، فجاء بذلك غير مرتكز على أساس قانوني.
قرار عدد 199 بتاريخ 2012/01/10 في الملف رقم 2010/1/1/1915
باسم جلالة الملك وتطبيق القانون
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف ، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بتاريخ 6/6/1985 بالمحافظة العقارية بتطوان ، طلب عبد السلام الخطيب ومن معه ” 10 أشخاص ” تحفيظ الملك الفلاحي المسمى ” عزيب الخطيب 3 ” الواقع بتطوان دائرة جبالة بالمحل الدعو نكرو ، المشتمل على قطعتين المحددة مساحتهما معا في هكتارين اثنين و10 آرات و73 سنتيارا بصفتهم مالكين له حسب رسوم عدلية أربعة مؤرخة على التوالي في 1955 و1956 و 1957 و 1958 . وبتاريخ 8/5/1986 تعرضت على المطلب المذكور المصلحة الغابوية لتطوان مطالبة بقطعة أرضية من الملك مساحتها حوالي ثلاثة هكتارات لكونها ملكا غابويا . وبتاريخ 18/4/1989 أوضح المحافظ أن التعرض المذكور أصبح كليا.
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بتطوان وإجرائها معاينة على محل النزاع صحبة الخبير حمو الهبري، أصدرت بتاريخ 18/6/1993 حكمها في الملف رقم 4/92/10 بصحة التعرض المذكور، فاستأنفه طلاب التحفيظ ، وقضت محكمة الاستئناف المذكورة بإلغائه وحكمت بعدم صحة التعرض، وذلك بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 8/10/1998 في الملف رقم 910/97 ، والذي نقضه المجلس الأعلى ” سابقا ” بطلب من المتعرضة وأحال الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد طبقا للقانون وذلك بمقتضى قراره عدد 1697 و تاريخ 26/4/2000 في الملف رقم 823//1/1/99 ، بعلة أن ” الطاعنة تمسكت بملكيتها وحيازتها للعقار المطلوب تحفيظه وقيامها بغرسه منذ سنة 1959 وأن القرار المطعون فيه استبعد حيازتها لمنازعة المطلوبين لها من سنة 1959 إلى سنة 1968 دون أن تبحث المحكمة مصدرته في مدة الحيازة اللاحقة لهذه السنة وإلى غاية تاريخ تقديم مطلب التحفيظ سنة 1985 ومدى توفرها على شروطها واكتفت بالمنازعة الأولى “.
وبعد الإحالة وإدلاء طالبي التحفيظ بأربع إراثات، ورسم شراء ومقاسمة عدليين ، وبعد إجراء محكمة الاستئناف المذكورة بحثا قضت بإلغاء الحكم المستأنف وحكمت بعدم صحة التعرض المشار إليه، ، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض من المستأنف عليها المتعرضة بالوسيلة الفريدة بعدم الارتكاز على أساس قانوني، ذلك أنه علل بأن المحكمة قررت إجراء بحث في الموضوع للتأكد من واقعة الحيازة منذ سنة 1969 إلى تاريخ تقديم مطلب التحفيظ سنة 1985، إلا أنه رغم الاستماع إلى المطلوبين وشهودهم لم تستطع المحكمة الحسم في واقعة الحيازة ، وبالتالي ارتأت أن الطالبة هي الملزمة بإثبات حيازتها للمدعى فيه ما دامت تتخذ صفة المدعى في دعوى التحفيظ . إلا أن هذا التعليل فاسد إذ أن الشهود المستمع إليهم وكذا المطلوبين لم يستطيعوا إ ثبات الحيازة لهم ، وبالتالي فإن تمسك الطاعنة بحيازتها للمدعى فيه ووجود اشجار مغروسة به كاف لاعتباره ملكا غابويا مخزنيا بناء على ظهير 10/10/1917 ما دام المطلوبون لم يثبتوا العكس. وأن القرار علل استبعاده لظهير 10/10/1917 بكون المدعى فيه لم يكن غابة طبيعية، بل أرضا شجرت من طرف إدارة المياه والغابات التي لم تستطع إثبات حيازتها وحمايتها لها خلال المدة ما بعد 1968 . و أنه بالرجوع إلى تصريحات المطلوب حمزة الواردة في الصفحة التاسعة من القرار المطعون فيه يتبين أنه صرح بأن ” كل ما قامت به إدارة المياه والغابات هو غرسها في إطار اتفاقية وهي التي كانت تحرسها ” ، مما يتضح معه أن الطاعنة هي التي تقوم بحراسة المدعى فيه وبالتالي فحيازتها ثابتة. وبذلك ينتقل عبء الإثبات إلى المطلوبين .
حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار، ذلك علل قضاءه تجاهها بأن ” شهادة الشهود المستمع إليهم لم تحدد بكيفية مدققة الجهة الحائزة من سنة 1965، كما اختلفوا من حيث الجزء الذي تحوزه إدارة المياه والغابات. وأن واقع الحيازة موضوع نقطة البحث لم يتم الحسم فيها بشكل صريح . وان المتعرضة هي الملزمة بالإثبات ، ولم تستطع إثبات واقعة حيازتها للمدعى فيه حيازة علنية هادئة ومستمرة دون منازع ، خلال المدة المذكورة ، خاصة إذا علمنا أن وعاء مطلب التحفيظ ليس بغابة طبيعية بل عبارة عن أرض تابعة للخواص أسندت إلى المتعرضة من أجل تشجيرها في إطار اتفاقية حصلت بين الطرفين “. في حين أنه ليس في مستندات الملف ما يفيد وجود اتفاقية بين الطرفين حول قيام الطاعنة بتشجير المدعى فيه لفائدة المطلوبين، وأنه ما دام هؤلاء لا ينازعون في قيام الطاعنة بتشجير المدعى فيه وحراسته فإن ذلك كاف لاعتبارها في مركز المدعى عليه ، وأن القرار مع ذلك عكس مركزها المذكور لما اعتبرها في مركز المدعي المطالب بالإثبات، فجاء بذلك غير مرتكز على أساس قانوني ، ومعرضا بالتالي للنقض والإبطال.
وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى على نفس المحكمة.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض، بنقض وإبطال القرار المطعون فيه، المشار إليه أعلاه، وبإحالة الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون، وبتحميل المطلوبين الصائر.
كما قررت إثبات قرارها هذا بسجلات المحكمة المصدرة له إثر القرار المطعون فيه أو بطرته.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: علي الهلالي ـ عضوا مقررا. ومحمد أمولود واحمد دحمان وجمال السنوسي أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة العكرود.