شركة ذات مسؤولية محدودة – تحويلها إلى شركة مساهمة – امتناع الأقلية عن الموافقة – تعسف
القاعدة:
الشرط الذي تضعه أقلية الشركاء والمتمثل في الاطلاع على الوضعية المالية للشركة لقبول تحويلها إلى شركة مساهمة لا يصلح سببا لرفض التحويل ما دام أن المشرع منح الشركاء في إطار المواد من 80 إلى 82 من القانون 96-5 وسائل تمكنهم من الاطلاع على وضعية الشركة وطريقة التسيير، بل إن الشركة موضوع الدعوى تتوفر على مراقب للحسابات يملك من المعطيات ما يجيب على أسئلة الشركاء المدعى عليهم.
المادة 70 من القانون المذكور لا تخلو بدورها من وسائل تمكن الشركاء غير المسيرين من الاطلاع بصفة دقيقة على وضعية الشركة المالية، ومن ذلك الاطلاع على تقرير التسيير والجرد والقوائم التركيبية خلال الجمعية العامة، ووضع الأسئلة الكتابية على المسير والتي يلزم بالجواب عليها عند انعقاد الجمعية، والاطلاع في كل حين على الدفاتر والجرد والقوائم التركيبية وتقرير المسير وإن اقتضى الحال تقرير مراقب الحسابات والكل عن السنوات المحاسبية الثلاث الأخيرة.
المدعى عليهم لما لم يبينوا للمحكمة المنافذ القانونية أو الواقعية التي تؤدي إلى إفلات المسير من المساءلة عن أخطاء التسيير إذا تم تحويل الشركة من شركة ذات مسؤولية محدودة إلى شركة مساهمة، سيما و أن التحويل لا ينتج عنه إنشاء شخص معنوي جديد، بل يستمر الشخص المعنوي القائم في الحياة، إنما بشكل قانوني مخالف وأحكام مخالفة هي أكثر ضمانا مما عليه الحال في الشركات المتخذة شكل المسؤولية المحدودة يكون ما تذرعوا به غير مؤسس.
الطلب المقابل شأنه شأن أي دعوى لا يمكن أن ينصب على مجرد التماس الأمر بإجراء خبرة، لأنها إجراء من إجراءات التحقيق ولا يؤمر بها إلا بصدد دعوى رائجة، أي أنها وسيلة للبت في طلب معين وهو ما استقر عليه عمل المجلس الأعلى في عديد من قراراته مما يكون معه الطلب المقابل غير مقبول.
باسم جلالة الملك
الحكم عدد 6599 بتاريخ 2009/06/02 في الملف رقم 2008/6/875
بتاريخ 02/06/2009 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.
وهي مؤلفة من السادة:
جمال السنوسي رئيسا ومقررا.
نادية زهيري عضوا.
عبد السلام خمال عضوا.
بمساعدة هشام مبروك كاتب الضبط.
في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:
بين : بنييار ماري تيريز جيهان أرملة بنسعيد أصالة عن نفسها ونيابة عن الموصى لهم بالثلث من ابنها عنان وهم عدنان سعيد وسمية ومليكة، الشركاء في شركة الضخ والتطهيرGMF ش ذ م م بمقرها الكائن 82 شارع لاياقوت الدارالبيضاء.
نائبهم الأستاذ عبد الحميد بنمخلوف المحامي بهيئة فاس والجاعل محل المخابرة معه بمكتب الأستاذ عبد الحق كسيكس المحامي بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة.
وبين: – جواد بنسعيد – مسيرة بنسعيد الكائنين بزنقة ابن ماجة عمارة رقم 9 لابيطا فاس.
نائبتهما الأستاذة حليمة فاطمة المحامية بهيئة فاس والجاعلة محل المخابرة معها بكتابة الضبط.
– وفاء بنسعيد – نزهة بنسعيد وسمير بنسعيد الكائنين 36 شارع الحسن الثاني فاس.
ينوب عن الأولى منهم الأستاذ محمد حنين المحامي بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة أخرى.
الوقائــع:
بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 29/1/2008 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيه المدعون بواسطة نائبهم أنهم شركاء في شركة GMF للضخ والتطهير التي ساهمت في عدة عروض داخل التراب الوطني وتقوم حاليا بأعمال التطهير والنظافة بفاس، كما تقوم بالإعداد للمشاركة في صفقات أخرى من أجل القيام بنفس الأعمال التي تدخل في إطار نشاطها التجاري، لكنها تلاقي بعض الصعوبات إذ لا يسمح لها في بعض الأحيان بالمشاركة في أي مناقصة نظرا لكون المؤسسات البنكية لا تقبل نظامها الأساسي كشركة ذات مسؤولية محدودة، وأنها توصلت من المجلس الجماعي بفاس وكذا البنك الشعبي بنفس المدينة بمراسلتين تطالبانها بتغيير نظام الشركة حتى تواكب التطور الاقتصادي من جهة وحتى تتمكن من جهة أخرى من التباري مع شركات أخرى، وقد قرر الجهاز الإداري للشركة استدعاء جميع الشركاء للجمع العام الاستثنائي من أجل تحويل القانون الأساسي للشركة إلى شركة مجهولة الإسم حتى تخضع لنظام تسيير مغاير ولمراقبة مالية أكثر دقة، وقد اجتمع الشركاء أول مرة بتاريخ 78/2007 حيث حضر البعض وتغيب الباقي مما تقرر معه تأخير الجمع العام ليوم 4/9/2007 حيث حضر الجميع ووافق العارضون بحصة 94.320 من مجموع 150.000 حصة بينما تحفظ الباقي ، ونظرا لعدم توفر النصاب القانوني المنصوص عليه في المادتين 29 و 38 من القانون الأساسي، ولأن العارضين لا يتوفرون سوى على نسبة 62,88% من مجموع رأس المال، لأجله فهم يلتمسون الإذن لهم بتحويل الشركة من شركة ذات مسؤولية محدودة برأسمال قدره 15.000.000 درهم إلى شركة خفية الإسم بنفس الرأسمال وبنفس الحصص وتحميل المدعى عليهم الصائر.
وبناء على جواب المدعى عليهم مع طلب مضاد مؤدى عنه بتاريخ 14/10/2008 أن المدعين الذين يستفيدون دون سواهم من الشركاء بكل امتيازات الشركة ويستحوذون على مداخيلها قد وقعوا في تناقض حينما يقرون بكون شركة ج م ف تعد شركة كبيرة ولها صفقات مهمة بينما التقرير الذي وضعه السيد محمد الذهبي المراقب ورسالة البنك المؤرخة في 12/7/2007 يوضحان أن الشركة تعاني من انعدام التوازن المالي ما أدى إلى توالي الخسائر التي أتت على 62% من رأس المال وقد أرجع المراقب هذا الاختلال إلى سوء التسيير دون إتاحة الفرصة لباقي الشركاء الذين يمنعون من ولوج مقر الشركة وتمتنع المدعية ومن معها من تمكينهم من الاطلاع على الدفاتر وغيرها طبقا لما ينص عليه القانون الأساسي، وفي جميع الأحوال لا رسالة البنك ولا تقرير المراقب أوصيا بتحويل الشركة وإنما أوصيا بإعادة التوازن إليها، ولأن المدعين الذين أثقلوا كاهل الشركة بالديون والتي لا يعرف أحد أين أنفقت كما ما لا يعلمون عن مداخيل الشركة شيئا إنما ووجهوا بمحاولة إرغامهم على تغيير الشركة والهدف هو جرها للإفلاس والإفلات من المسؤولية ، وبخصوص محضر الجمع العام فإنه لم يتحفظوا فيه بل عبروا عن رفضهم، وما تم تحريره به غير صحيح، وفيما يخص الطلب المضاد فإن من حقهم المطالبة بإجراء المحاسبة للاطلاع على وضعية الشركة وتحديد مداخيلها وأرباحها ونصيب كل واحد خلال السنوات لمالية التي استحوذت فيها المدعية وابنها عدنان على التسيير، ملتمسين الحكم برفض الطلب الأصلي وفي الطلب المضاد انتداب خبير لتحديد ما ذكر.
وبناء على جواب المدعى عليها وفاء بنسعيد أنها تقدمت بمقال رامي إلى إبطال الجمع العام المنعقد بتاريخ 4/9/2007 لكون التصويت طرح على الشركاء دون توضيح الوضعية المالية الحقيقية للشركة، وقد سجل المفوض القضائي اعتراضها وباقي الشركاء على التغيير دون الاطلاع على الوضعية المالية للشركة وبالتالي هناك منازعة جدية لموضوع تغيير الشركة نظرا لكون الاختلالات المالية ناتجة عن المسيرين الحاليين، وأن الهدف من التغيير هو التملص من مسؤولية الإفلاس، مؤكدة مجمل ما جاء في جواب باقي المدعى عليهم بخصوص تقرير السيد محمد الذهبي ورسالة البنك وملتمسة الحكم برفض الطلب وإجراء خبرة.
وبناء على تعقيب المدعين أن المدعى عليها نزهة بنسعيد باعت نصيبها للعارضين وبالتالي يتعين على الدفاع إصلاح نيابته، وبخصوص الوثيقة البنكية فهي تطالب بتغيير هيكل الشركة، ونفس الشيء بالنسبة لرسالة الجماعة الحضرية بفاس، وأن موقف المدعى عليهم أقوى دليل على أنهم يمنعون من مسايرة عمل الإدارة وهدفهم هو الحصول على مالها بدون مبرر مقبول، وأن الشركة وهي تسير مرافق عمومية في شتى أنحاء المملكة تريد أن تفتح رأسمالها للغير حتى لا يبقى الجدل محصورا بين أفراد عائلة لا يجمع بينها إلا الإسم ومن أجل حماية عمل أكثر من 1000 نسمة وضمانا لاستمرار الشركة فإنهم يلتمسون الاستجابة لطلبهم، وفيما يتعلق بتقرير مراقب الحسابات فإن تدخلهم بشأن التقرير لم يكن بسبب عدم تقديم الحساب وإنما بسبب عدم درايتهم بوضعية الشركة وأن الحسابات التي قدمت والتقرير الذي وقعت مناقشته فإن الطرف المدعي لم يأت بأي توضيح رقمي لتعزيز ما يدعيه، أما بخصوص الطعن في قرار الجمع العام فإن المحضر الذي أنجزه المفوض القضائي يفيد أن الجمع كانت تحضره محامية نيابة عن السيدة مسيرة بنسعيد ولم يورد أي ملاحظة بشأن الوثائق التي قدمت ومنها التقرير المالي، واكتفى الطرف المدعى عليه بالقول أنه لا يحسن قراءة التقرير المالي وعدم درايتهم بوضعية الشركة، ولو لم يتم تقديم التقرير المالي لقدمت المحامية الحاضرة اعتراضها، كما أن الاستدعاء الموجه للطرف المدعى عليه فإنه تضمن أن جدول الأعمال يتضمن تغيير الشركة كما أنه كان يتوفر على حسابات الشركة التي وضعت تحت تصرفه، كما أن جدول الأعمال جاء معللا بكون الحسابات التي قدمت للبنك جعلت هذا الأخير يطالب الشركة بتسوية وضعيتها المالية، وأن هذه الوضعية تتعلق بالشركة ورأسمالها وهذا لا يمكن أن يتم إلا بإدخال شركاء جدد وهؤلاء لا يمكنوا أن يساهموا إلا في إطار جديد ملتمسين، الحكم وفق الطلب ورفض الطلب المضاد.
وبناء على تعقيب المدعى عليهم أكدوا فيه جوابهم السابق مؤكدين أنهم لا يعارضون في التحويل ولكن لا يمكن أن يجري قبل تمكين العارضين من الاطلاع على دفاتر وحسابات الشركة بواسطة خبير حيسوبي.
وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 19/5/2009 فحضر نائب المدعى عليه وتخلف نائب المدعين فتقرر حجز القضية للمداولة قصد انطق بالحكم في جلسة يومه 2/6/2009.
التعليـــل
بعد المداولة طبقا للقانـــون.
في الطلب الأصلي:
في الشكل:
حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.
في الموضوع:
حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.
وحيث أجاب المدعى عليهم بالدفوع المشار إليها صدره.
وحيث تبين للمحكمة أن ما يزيد عن الأغلبية المطلقة من الشركاء وافقت على تحويل الشركة إلى شركة مساهمة بينما رفضت الأقلية المالكة لـ 37,12% من الحصص مشروع قرار التحويل.
وحيث إن هذه الأقلية الممثلة في المدعى عليهم بررت رفضها بعدم الاطلاع على الوضعية المالية للشركة وتعرض هذه الأخيرة لخسائر متتالية وكون الهدف من التحويل هو جر الشركة للإفلاس والتهرب من المسؤولية، وفي آخر مذكرة لهم أكد بعضهم أنهم لا يرفضون مبدأ التحويل وإنما يطالبون بمعرفة وضعية الشركة من الناحية المالية. ( انظر المذكرة المدلى بها من طرف المدعى عليهم بجلسة 14/4/2009 بواسطة نائبهم الأستاذان التويمي وبنزاكين).
وحيث إن المحكمة، للبت في الطلب، ينحصر دورها في تقرير ما إذا كان موقف المدعى عليهم متسما بصبغة التعسف في الموافقة على قرار التحويل الذي يستلزم أغلبية ثلاثة أرباع الحصص المكونة لرأسمال الشركة أم أن معارضتهم تخدم الصالح العام للشركة.
حيث إنه في هذا الإطار يتبين أنه ليس هناك رفض مطلق وإنما رفض معلق على تحقيق بعض الشروط، ومن أهمها الاطلاع على وضعية الشركة من الناحية المالية.
حيث إن هذا الشرط لا يصلح سببا لرفض التحويل ما دام أن المشرع منح الشركاء في إطار المواد من 80 إلى 82 من القانون 96-5 وسائل تمكنهم من الاطلاع على وضعية الشركة وطريقة التسيير، بل إن الشركة موضوع الدعوى تتوفر على مراقب للحسابات يملك من المعطيات ما يجيب على أسئلة الشركاء المدعى عليهم.
حيث إن المادة 70 من القانون المذكور لا تخلو بدورها من وسائل تمكن الشركاء غير المسيرين من الاطلاع بصفة دقيقة على وضعية الشركة المالية، ومن ذلك الاطلاع على تقرير التسيير والجرد والقوائم التركيبية خلال الجمعية العامة، ووضع الأسئلة الكتابية على المسير والتي يلزم بالجواب عليها عند انعقاد الجمعية، والاطلاع في كل حين على الدفاتر والجرد والقوائم التركيبية وتقرير المسير وإن اقتضى الحال تقرير مراقب الحسابات والكل عن السنوات المحاسبية الثلاث الأخيرة.
وحيث إن استنادا لما تقدم يكون السبب المساق من المدعى عليهم لتبرير معارضتهم غير مؤسس.
وحيث إنه فيما يخص الذريعة الثانية لرفض التحويل، فإن المدعى عليهم لم يبينوا للمحكمة المنافذ القانونية أو الواقعية التي تؤدي إلى إفلات المسير من المساءلة عن أخطاء التسيير إذا تم تحويل الشركة من شركة ذات مسؤولية محدودة إلى شركة مساهمة، علما أن التحويل لا ينتج عنه إنشاء شخص معنوي جديد، بل يستمر الشخص المعنوي القائم في الحياة، إنما بشكل قانوني مخالف وأحكام مخالفة هي أكثر ضمانا مما عليه الحال في الشركات المتخذة شكل المسؤولية المحدودة.
وحيث إنه بعدم ثبوت جدية الوسائل التي يتذرع بها المدعى عليهم لمنع إقرار التحويل وثبوت تعليق رئيس المجلس الحضري لمدينة فاس، أهم زبناء الشركة والمتعاقدين معها في إطار نشاطها الاجتماعي، وهو التطهير والضخ، على ضرورة اتخاذ الشركة شكل شركة مساهمة لإمكان استمرار التعامل معها، فإن مصلحة الشركة والشركاء تستلزم الإذن للمدعين بالقيام بإجراءات التحويل كما هي منصوص عليها في القانون.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل الصائر.
في الطلب المضاد:
حيث إن الطلب المضاد يتعلق فقط بطلب إجراء خبرة.
وحيث إنه، وبصرف النظر عن اجتهاد هذه المحكمة القار والمستقر على عدم قبول طلبات الخبرة الرامية إلى تحديد الأرباح والخسائر بغرض التوزيع، استنادا لوجود أجهزة ووسائل تمكن من الاطلاع على الوضعية المالية للشركة خارج هذا الإطار وكون الأرباح لا توزع بقرار من المحكمة وإنما بتداول بين الشركاء في الجموع العامة السنوية بعد حصر الميزانية والحساب المالي السنوي، فإن الطلب المقابل شأنه شأن أي دعوى لا يمكن أن ينصب على مجرد التماس الأمر بإجراء خبرة، لأنها إجراء من إجراءات التحقيق ولا يؤمر بها إلا بصدد دعوى رائجة، أي أنها وسيلة للبت في طلب معين.
وحيث إن هذا ما استقر عليه عمل المجلس الأعلى في عديد من قراراته مما يكون معه الطلب المقابل غير مقبول.
وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.
وتطبقا للفصول 1 – 3- 26-31-32-49-124- من قانون المسطرة المدنية و 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية.
لهذه الاسبـــــاب
حكمت المحكمة علنيا ـ ابتدائيا وحضوريا.
في الطلب الأصلي:
في الشكل: قبول الدعوى.
في الموضوع: تأذن المحكمة للمدعين بتحويل شركة GMF من شركة ذات مسؤولية محدودة إلى شركة مساهمة مع التقيد في هذا التحويل بالمقتضيات القانونية المنصوص عليها في المادة 36 من القانون 95-17 وتحميل المدعى عليهم الصائر.
في الطلب المضاد:
بعدم قبوله وتحميل رافعيه الصائر.
وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.