القاعدة:
المدعية، وإن سبق لها رفع دعوى بالأداء قبل توجيه الإنذار، فإنه هذا الإجراء لم يكن ليعفي المدعى عليها بعد توصلها بالإنذار، من المبادرة إلى أداء الكراء الذي حل أجله على اعتبار أن أداء الكراء هو من الالتزامات الأساسية الملقاة على عاتق المكتري، وعدم قيامه به يشكل خطأ جسيما يستوجب الفسخ للعلاقة الكرائية.
رفع دعوى بالأداء لا يمنع المكري من أن ينذر المكتري بالإفراغ في إطار مسطرة مستقلة.
إن مقتضيات المادة 112 من مدونة التجارة، والمتعلقة بوجوب تبليغ الدعوى إلى الدائنين المقيدين مقرر لمصلحة هؤلاء ، وعدم القيام به لا يؤثر على صحة دعوى فسخ العلاقة الكرائية وإنما يشكل خطأ في جانب المكري يوجب عليه تعويض الدائنين لعدم إخبارهم بدعوى الفسخ لاتخاذ الإجراءات التي يرونها مناسبة في حق مدينهم ، وبالتالي فلا صفة ولا مصلحة للمدعى عليها في التمسك بهذا الدفع.
الحكم عدد 11002 بتاريخ 2010/11/23 في الملف رقم 2010/15/7244
باسم جلالة الملك
بتاريخ 23/11/2010 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.
وهي مؤلفة من السادة:
جمال السنوسي رئيسا ومقررا.
نادية زهيري عضوا.
عبد السلام خمال عضوا.
بمساعدة فوزية الوزنة كاتبة الضبط.
في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:
بين:شركة كويكفون ش م في شخص ممثلها القانوني بمقرها الكائن بالرقم 7 الطابق الثالث المحل 12 و 15 الطابق الرابع مركز الرياض 61 شارع للاياقوت الدارالبيضاء.
نائبها الأستاذ عبد اللطيف شفيق المحامي بهيئة الدار البيضاء.
من جهة.
وبين: شركة الصبح ش ذ م م في شخص ممثلها القانوني بمقرها الكائن 61 شارع للا ياقوت زاوية زنقة مصطفى المعاني الدارالبيضاء.
نائبهما الأستاذ علي الكتاني المحامي بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة أخرى.
الوقائــع:
بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 14/6/2010 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية تعرض فيـه المدعية بواسطـة نائبها أن المدعى عليها وجهت لها إنذارا بالأداء والإفراغ توصلت به بتاريخ 30/12/2009 بعلة عدم أداء الكراء عن المحل الكائن بعنوانها أعلاه الرقم 7 عن المدة من 1/4/2009 إلى غاية متم أكتوبر 2009، وجب عنها مبلغ 26.250,00 درهم ، فتقدمت بدعوى الصلح فتح لها الملف رقم 135/14/2010 انتهت بالتصريح بفشله، وأنها تطعن في الإنذار المذكور بعلة أن المدعى عليها سبق لها أن رفعت دعوى الأداء عن المدة الواردة في الإنذار طبقا للقواعد العادية فتح لها الملف التجاري رقم 10409/6/2009 وصدر بشأنه حكم بتاريخ 24/2/2010 تحت رقم 1755، وأنها بسلوكها دعوى الأداء طبقا للقواعد العامة تكون قد تنازلت ضمنيا عن الإنذار، لأجله فهي تلتمس الحكم ببطلان الإنذار بالإفراغ واعتباره كأن لم يكن وباسترسال عقد الكراء مع تحميل المدعى عليها الصائر، وأرفقت مقالها بصور محضر عدم نجاح الصلح وحكم تجاري غلاف التبليغ.
وبناء على جواب المدعى عليها مع مقال مضاد مؤدى عنه الرسم القضائي بتاريخ 17/8/2010 أنه لا يوجد نص قانوني يمنعها من التقدم بدعوى الأداء مستقلة عن مقال المصادقة عن الإنذار على اعتبار أن الأكرية حالة الأجل في حين أن المطالبة بالإفراغ لا يمكن التقدم بها إلا بعد انصرام أجل الستة أشهر، مضيفة أن المدعية رغم توصلها بالإنذار لم تبادر إلى أداء الكراء برغم صدور حكم عليها بذلك، وهو ما يبرر فسخ العلاقة الكرائية والحكم عليها بالإفراغ ومن يقوم مقامها تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 1000 درهم عن كل يوم تأخير مع النفاذ والصائر، وهو الطلب موضوع الدعوى المقابلة، ملتمسة الحكم وفقه ورفض الطلب الأصلي، وأرفقت مذكرتها بصور من عقد الكراء ووصل كراء وشهادة الملكية ونسخة الإنذار ومحضر التبليغ ونسخة حكم.
وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 9/11/2010 فحضر نائب المدعى عليهما وتخلف نائب المدعية ولم يدل بجوابه رغم إمهاله فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 23/11/2010 أدلى خلالها نائب المدعى عليها بمذكرة تعقيبية رد فيها على حق المدعية في تقديم دعوى مستقلة بالأداء بأن المشرع لم ينص قط على رفع دعويين لنفس السبب وفي نفس الموضوع وبين نفس الأطراف، وما دام أنها استصدرت حكما بالأداء فإن الإنذار يبقى غير ذي موضوع، كما أن طلب المدعية المضاد خرق مقتضيات المادة 112 من مدونة التجارة لأن الأصل التجاري للعارضة مثقل بتقييدات ورهون وحجوز تحفظية، وأن النص المذكور يوجب على المالك الراغب في فسخ العلاقة الكرائية أن يبلغ طلبه إلى الدائنين المقيدين سابقا في الموطن المختار المعين في تقييد كل منهم ولا يصدر الحكم إلا بعد ثلاثين يوما من هذا التبليغ، وهو ما كرسه المجلس الأعلى في عدة اجتهادات قضائية، بحيث اعتبر أن الالتزام بالإعلام الملقى على عاتق المكري إجراء ضروري في المسطرة الرامية إلى فسخ عقد الكراء حتى وإن كان المالك يعلم أن الدائنين لا يستطيعون الحلول محل مدينهم لتنفيذ التزاماته ومهما كان السبب المعتمد لإخلاء المكترين، وهكذا جاء في قرار رقم 2574 صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 28/12/1992 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 124_ 125 أن القرار الذي استبعد تطبيق المقتضيات المذكورة بعلة أن المكري لم يسترجع محله بناء على احتياجاته أو رغبته فيه وإنما ممارسته لحق خوله له القانون دون إلزامه بإعلام الدائنين بخطإ المكتري الذي ثبت في حقه المماطلة في أداء واجب الكراء مما أفقده الأصل التجاري، يكون قد أخطأ في التعليل وخرق المادة 112 مما يعرضه للنقض، وأنه بالرجوع إلى وثائق الملف فلا يوجد ما يفد قيام المدعية فرعيا بتبليغ لدائنين المرتهنين مما يحعل طلبها غير جدير بالاعتبار ويتعين التصريح بعدم قبوله، ومن جهة ثانية فإن المحل التجاري الالمملوك للعارضة سبق أن صدر بشأنه حكم تحت عدد 8490/2004 بتاريخ 17/11/2004 قضى بالبيع الإجمالي للأصل التجاري للعارضة لصالح قباضة البيضاء باب مراكش، كما أنه بالرجوع إلى السجل التجاري للعارضة يتبين أن الأصل التجاري يتضمن رهنا امتيازيا لصالح الخزينة لعامة قباضة وادي المخازن، وبالتالي فإن طلب المدعية فرعيا الرامي إلى فسخ عقد الكراء من شأنه المساس بقيمة الأصل التجاري وتبديد عناصره المادية والمعنوية وكذلك المساس بحقوق الأغيار، ملتمسة الحكم وفق مقالها ورفض الطلب المضاد، وأرفقت مذكرتها بصور لحكم تجاري النموذج 7 وتفصيلة تقييد الرهن .
التعليـــل
بعد الاطلاع على جميع وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.
في الطلب الأصلي:
في الشكل:
حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.
في الموضوع:
حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.
وحيث أجابت المدعى عليها بالدفوع المشار إليها صدره.
وحيث إنه فيما يخص الدفع المتعلق برفع دعوى سابقة تتعلق بالأداء فإن الثابت من وثائق الملف أن المدعية، وإن سبق لها رفع دعوى بالأداء قبل توجيه الإنذار، فإنه هذا الإجراء لم يكن ليعفي المدعى عليها بعد توصلها بالإنذار، من المبادرة إلى أداء الكراء الذي حل أجله على اعتبار أن أداء الكراء هو من الالتزامات الأساسية الملقاة على عاتق المكتري، وعدم قيامه به يشكل خطأ جسيما يستوجب الفسخ للعلاقة الكرائية، أما دفعها بأن المشرع لم يسمح برفع دعويين بنفس الموضوع وبين نفس الأطراف، فإن هذا الدفع غير مطابق لواقع الحال لأنه لا توجد دعويين بنفس الموضوع وإنما كانت هناك دعوى واحدة تتعلق بأداء الكراء أعقبها إنذار في إطار الفصل 6 من ظهير 24/5/1955 وبالتالي فلا قياس مع الفارق.
وحيث إنه بعدم ارتكاز السبب الذي بني عليه طلب بطلان الإنذار تكون الدعوى المرفوعة من المدعية غير مؤسسة ويتعين الحكم برفضها.
وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.
في الطلب المقابل:
في الشكل:
حيث إن المقال المقابل مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.
في الموضوع:
حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.
وحيث أجابت المدعى عليها بالدفوع المشار إليها صدره.
وحيث إنه فيما يخص خرق مقتضيات المادة 112 من مدونة التجارة، فإن الإجراء الذي استوجبه المشرع والمتعلق بوجوب تبليغ الدعوى إلى الدائنين المقيدين مقرر لمصلحة هؤلاء وعدم القيام به لا يؤثر على صحة دعوى فسخ العلاقة الكرائية وإنما يشكل خطأ في جانب المكري يوجب عليه تعويض الدائنين لعدم إخبارهم بدعوى الفسخ لاتخاذ الإجراءات التي يرونها مناسبة في حق مدينهم وبالتالي فلا صفة ولا مصلحة للمدعى عليها في التمسك بهذا الدفع.
وحيث إنه بخصوص الاجتهاد القضائي المتمسك به من المدعى عليها فرعيا فإن المحكمة بعد مراجعتها للمجلة المشار إليها في المذكرة لم تعثر فيها على أي اجتهاد قضائي يسير في الاتجاه الذي تبنتهن ما يكون ما أثير في هذا الصدد غير قائم على أساس.
وحيث إنه فيما يخص الدفع الثاني المتعلق بصدور حكم ببيع الأصل التجاري فإن لا تلازم بين بيع الأصل التجاري وفسخ العلاقة الكرائية على اعتبار أن مكونات الأصل التجاري الوجوبية هي الزبناء والسمعة التجارية، أما فسخ العلاقة الكرائية فلا يمس إلا أحد عناصر الأصل التجاري وهو الحق في الكراء، وكما سبق توضيحه أعلاه فإن المكري يبقى مسؤولا عن عدم إخبار الدائن المقيد الذي استصدر حكما بالبيع، ويبقى من حق الأخير الرجوع عليه بالتعويض.
وحيث إن الدفع بمساس دعوى الإفراغ بحقوق الأغيار يبقى غير مؤسس لأن حقوق هؤلاء قد ضمنها المشرع بالإعلام ليتخذوا الإجراءات المناسبة في حق مدينهم ليبقى المجال مفتوحا أمام المكري ليحافظ هو أيضا على حقوقه الثابتة له من حق الكراء ومنها حقه في الفسخ عند عدم تنفيذ المكتري لالتزاماته.
وحيث إنه تبعا لما تقدم تكون دفوع المدعى عليها الرامية إلى رد دعوى الإفراغ خاصة بعد ثبوت تماطلها في الأداء برغم توصلها بالإنذار غير مؤسسة وتتعين الاستجابة لمطالبة المكرية باستثناء شمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحديد الغرامة التهديدية لإمكان تنفيذ الحكم بالإفراغ بالقوة العمومية.
وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.
وتطبيقا للقانون.
لهذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا وحضوريا.
في الطلب الأصلي: قبوله شكلا ورفضه موضوعا.
في الطلب المقابل: بإفراغ المدعى عليها شركة كويكفون ومن يقوم مقامها أو بإذنها من المحل الكائن بالرقم 7 الطابق الثالث مركز الرياض 61 شارع للاياقوت الدارالبيضاء مع تحميلها الصائر ورفض ما زاد على ذلك.
وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.