دين الخزينة – رهن المعدات وأدوات التجهيز – امتياز – ترتيب
القاعدة:
المشرع إذا كان قد استثنى في المادة 107 من مدونة التحصيل فقرة 5 من الأولوية ديون الخزينة ومن بعدها ديون الصندوق لفائدة الدائن المرتهن تطبيقا للمادة 365 من مدونة التجارة فإن المادة المذكورة وردت ضمن الفصل الأول المتعلق برهن أدوات ومعدات التجهيز من الباب الثاني المتعلق بالرهن دون التخلي عن الحيازة. وما دام أن دين المتعرض ليس مصدره قرض لتمويل اقتناء معدات وأدوات للتجهيز المهني وتم استيفاء الشروط المنصوص عليها في المواد 356 إلى 360 من مدونة التجارة فلا سبيل بالتالي للقول أن رهن الأصل التجاري بهذا العموم يدخل في إطار المادة 365 المشار إليها أعلاه بل يبقى امتياز الدائن المرتهن على الأصل التجاري قائما في علاقته بباقي الدائنين المرتهنين الذين وقع تقييد ديونهم بالسجل التجاري تطبيقا لأحكام المادة 110 من المدونة التي نصت على أن مرتبة الدائنين المرتهنين على الأصل التجاري تحدد فيما بينهم حسب تاريخ تقييدهم في السجل التجاري. وأن ما يؤكد ذلك هو ما ورد بالمادة 365 نفسها من أن امتياز الدائن المرتهن على الأموال المثقلة بالأفضلية – ويقصد بالأموال هنا الأدوات والمعدات التي وقع تمويلها ـ يمارس تجاه كل دائن صاحب رهن رسمي وكذا امتياز الدائن المرتهن على مجموع الأصل التجاري. لذا فإن الدائن المرتهن على الأصل التجاري ليس هو المقصود بالإستثناء الوارد في المادة 107 من مدونة تحصيل الديون العمومية.
الإحتجاج بمقتضيات الفصل 1170 من ق ل ع غير منتج في النازلة لأن النص المذكور يعرف الإمتياز الناجم عن الرهن الحيازي ولكنه لا ينظم مراتب الدائنين الممتازين ونفس الأمر يلاحظ بالنسبة للتمسك بمقتضيات الفصل 1244 من ق ل ع لأن هذا النص بعد أن عرف الفصل 1243 الذي قبله الإمتياز لم يزد على تأكيد أفضلية الدين الممتاز على الديون الأخرى المضمونة برهون رسمية مضيفا أن الأفضلية بين الديون الممتازة تتم على أساس الأنواع المختلفة للإمتيازات وهي ما تكفلت به النصوص المشار إليها سابقا خاصة المادة 107.
الحكم عدد 11587 بتاريخ 2007/11/27 في الملف رقم 2007/6/879
باسم جلالة الملك
بتاريخ 27/11/2007 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.
وهي مؤلفة من السادة:
جمال السنوسي رئيسا ومقررا.
خديجة وراق عضوا.
عبد السلام خمال عضوا.
بمساعدة خالد بوعزة كاتب الضبط.
في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:
بين : البنك المغربي للتجارة والصناعة ش م في شخص ممثلها القانوني بمقرها الكائن بالرقم 26 ساحة محمد الخامس الدارالبيضاء.
نائبته الأستاذات العراقي بسمات والكتاني المحاميات بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة.
وبين :1 – الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وكالة عين السبع الحي المحمدي الدارالبيضاء.
نائبه الأستاذ طبيح المحامي بهيئة الدارالبيضاء.
2 – شركة سجتس في شخص ممثلها القانوني بمقرها الكائن ب92 زنقة الأوداية الدارالبيضاء.
3 – الشركة المغربية للتمويل والتأجير” مغرب باي” في شخص ممثلها القانوني بمقرها الكائن 45 شارع مولاي يوسف الدارالبيضاء.
من جهة أخرى.
الوقائــع:
بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 25/1/2007 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيـه المدعي أنه يتعرض على مقرر السيد رئيس المحكمة التجارية بالدارالبيضاء بصفته قاضيا مكلفا بتوزيع منتوج بيع الأصل التجاري لشركة ابريتيك في ملف التوزيع بالمحاصة عدد 15/06 الصادر بتاريخ 8/11/2006 والذي قضى بالتوزيع المؤقت لمشروع التوزيع بالمحاصة واستبعده من التوزيع بعد أن خص المدعى عليه الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي بكل المبلغ الناتج عن عملية البيع، مضيفا أنه دائن لشركة ابريتيك وحاصل على ضمان متمثل في رهن على أصلها التجاري من الدرجة الثالثة ، وأنه كان محقا في المطالبة بتحقيق الرهن طبقا للمادة 114 من مدونة التجارة وقد استجابت له المحكمة بمقتضى الحكم الصادر بتاريخ 5/1/2005 . إلا أن السيد القاضي المكلف بالتوزيع اعتبر من الدائنين أيضا للشركة المذكورة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وشركة سجتس والشركة المغربية للتمويل والتأجير والعارض. واعتبر أن الصندوق باعتباره مؤسسة عامة له امتياز عام على منقولات المدين وأن الناتج من البيع لا يغطي دين الصندوق واحتسب الناتج كله وقدره 246.400 درهم لفائدته. وأن العارضة يعتبر أن الصندوق المذكور لا يتوفر على أي امتياز بالأسبقية على امتياز الدائن المرتهن عملا بالمادة 107 من مدونة تحصيل الديون العمومية والمادة 365 من مدونة التجارة لأنه دائن مرتهن وله الحق في استخلاص دينه بالأسبقية على باقي الدائنين الإمتيازيين لا سيما الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي. فالمادة 107 من المدونة تنص على أنه خلافا للمبدإ المنصوص عليه في الفصل 106 فإن هناك العديد من الإستثناءات التي تجعل دين الخزينة العامة يحصل بعد ديون أخرى. وأن الفقرة 5 من الفصل 107 توضح بأن امتياز الدائن المرتهن يقدم على امتياز الخزينة العامة تطبيقا للمادة 365 من مدونة التجارة. وبالرجوع للمادة 365 فامتياز الدائن المرتهن يمارس بالأفضلية على امتياز الخزينة وامتياز الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي. ومن جهة أخرى فإن مشروع التوزيع خرق الفصلين 1170 و1244 من ق ل ع. فالفصل 1170 يعطيه الحق بصفته دائنا مرتهنا حق استيفاء الدين بالأسبقية على جميع الدائنين الآخرين والفصل 1244 ينص على أن الدين الممتاز مقدم على كافة الديون الأخرى ولو كانت مضمونة برهون رسمية. وقد تكرست هذه القاعدة في المادة 105 من مدونة التحصيل التي تنص على أنه لتحصيل الضرائب والرسوم تتمتع الخزينة ابتداء من تاريخ الشروع في تحصيل الجدول أو قائمة الإيرادات والإمتياز على الأمتعة وغيرها من المنقولات التي يملكها المدين أينما وجدت وكذا المعدات والسلع الموجودة في المؤسسة المفروضة عليها الضريبة المخصصة لاستغلالها. وبالتالي فإن الصندوق لا يتوفر على أي امتياز تحصيلي لمنتوج بيع الأصل التجاري المرهون لفائدة العارض لأن دين العارض بصفته دائنا مرتهنا يسبق دين الصندوق. لأجله فهو يلتمس الحكم ببطلان مشروع التوزيع المذكور والحكم تبعا لذلك باستخلاص العارض لدينه المحدد في مبلغ 4.883.007,7 درهم بصفة امتيازية عن باقي الدائنين عملا بأحكام الفصل 107 من مدونة التحصيل و 365 من مدونة التجارة وتحميل المدعى عليهم الصائر. وأرفق مقاله بنسخة من المقرر المتعرض عليه وأخرى من إعلام بصدور المقرر وصورتين لحكمين تجاريين.
وبناء على جواب الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي أنه مؤسسة عمومية تخصص أمواله لخدمة المتقاعدين وعلى هذا الأساس تعتبر ديونه ديونا عامة تنظم أحكامها بمقتضى قوانين خاصة لا تخضع للقوانين العامة وقد نصت المادة 28 من ظهير 27/2/1972 انه فيما يرجع لاستخلاص الديون المقررة في المقطع السابق ولصوائر المتابعات يخول الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي امتيازا عاما يسري مفعوله خلال نفس المدة المبينة أعلاه على جميع المنقولات والأمتعة التي يملكها المدينون له أينما كانت. ويرتب الإمتياز العام المخول للصندوق مباشرة بعد الإمتياز العام المخول للخزينة. ويتجلى من ذلك أن ديون العارض عند التزاحم لا تخضع للنصوص التي تمسك بها البنك في مقاله. وأن النص المشار إليه أعلاه نص خاص يقدم على النصوص العامة وبالتالي فإن مشروع التوزيع سليم من الناحية القانونية. ملتمسا الحكم برفض الطلب.
وبناء على تعقيب المدعي أنه خلافا لما يزعمه الصندوق فإن المادة 28 تم تعديلها بخصوص استخلاص ديون الصندوق بمقتضى المادة 105 وما يليها من مدونة تحصيل الديون العمومية. وأنه لئن نصت المادتان 105 و 106 على استفادة الصندوق من امتياز بالأسبقية بعد الخزينة العامة فإن المادة 107 هي الواجبة التطبيق ما دام أنها وضعت استثناءا لهذه القاعدة. وأن الفقرة 5 منها توضح بأن امتياز الدائن المرتهن يقدم على امتياز الخزينة تطبيقا للمادة 365 من مدونة التجارة. وهذه المادة لا تطبق فقط بخصوص رهن الأدوات والمعدات وإنما تطبق على جميع الرهون بما فيها رهن الأصل التجاري مادامت جاءت في الباب الثاني المتعلق بالرهن دون التخلي عن الحيازة. وأن رهن الأصل التجاري يشكل بدوره رهنا دون التخلي على الحيازة ما دام أن مالك الأصل التجاري يبقى حائزا لأصله بالرغم من رهنه. ولئن تقرر امتياز الصندوق بنص قانوني هو ظهير 1972 فإنه لتحصيلها يتمتع بامتياز على المنقولات والسلع الراجعة للمدين ويمارس هذا الإمتياز قبل جميع الإمتيازات العامة أو الخاصة باستثناء امتياز الدائن المرتهن طبقا للمادة 365 من مدونة التجارة وعملا بالمادة 107 المشار إليها أعلاه. ولأن مدونة التحصيل نص خاص فإنه يعقل النص العام الناتج عن ظهير 27/7/1972. وهو ما استقر عليه العمل القضائي الذي اعتبر أن امتياز الدائن المرتهن يسبق بالأولوية على امتياز الخزينة وصندوق الضمان الإجتماعي. مستشهدة بقرار لمحكمة الإستئناف ببني ملال. مضيفة ان شركة ابريتيك قد غيرت إسمها وهو أمر طبيعي ما دام قد بيع أصلها التجاري وثمن بيعه هو المتعرض على مشروع توزيعه. ملتمسة الحكم وفق المقال. وأرفقت مذكرتها بصورة من قرار استئنافية بني ملال وصورة لشهادة من السجل التجاري. ثم أدلت بنسخة أصلية منها.
وبناء على ملتمس النيابة العامة الرامي إلى تطبيق القانون.
وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 13/11/2007 فحضر نائبا المدعي والمدعى عليه الأول والثالث فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 27/11/2007.
التعليـــل
بعد الاطلاع على جميع وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.
في الشكــل :
حيث إن التعرض مستوف لجميع الشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.
في الموضوع:
حيث إن الطلب يهدف إلـى الحكم بما هو مسطر أعلاه.
وحيث أجاب المدعى عليه بالدفع المشار إليه صدره.
وحيث المتعرض أسس تعرضه على كونه دائن مرتهن من الدرجة الثالثة وأن له الأولوية على الصندوق التي قدمه مقرر التوزيع المتعرض عليه استنادا للمادة 365 من مدونةالتجارة التي تطبق على سائر الدائنين المرتهنين بما فيهم الدائن المستفيد من رهن على الأصل التجاري وليس فقط على رهن الأدوات والمعدات.
لكن حيث إن المشرع إذا كان قد استثنى في المادة 107 من مدونة التحصيل فقرة 5 من الأولوية ديون الخزينة ومن بعدها ديون الصندوق لفائدة الدائن المرتهن تطبيقا للمادة 365 من مدونة التجارة فإن المادة المذكورة وردت ضمن الفصل الأول المتعلق برهن أدوات ومعدات التجهيز من الباب الثاني المتعلق بالرهن دون التخلي عن الحيازة. وما دام أن دين المتعرض ليس مصدره قرض لتمويل اقتناء معدات وأدوات للتجهيز المهني وتم استيفاء الشروط المنصوص عليها في المواد 356 إلى 360 من مدونة التجارة فلا سبيل بالتالي للقول أن رهن الأصل التجاري بهذا العموم يدخل في إطار المادة 365 المشار إليها أعلاه بل يبقى امتياز الدائن المرتهن على الأصل التجاري قائما في علاقته بباقي الدائنين المرتهنين الذين وقع تقييد ديونهم بالسجل التجاري تطبيقا لأحكام المادة 110 من المدونة التي نصت على أن مرتبة الدائنين المرتهنين على الأصل التجاري تحدد فيما بينهم حسب تاريخ تقييدهم في السجل التجاري.
وحيث إن ما يؤكد ذلك هو ما ورد بالمادة 365 نفسها من أن امتياز الدائن المرتهن على الأموال المثقلة بالأفضلية – ويقصد بالأموال هنا الأدوات والمعدات التي وقع تمويلها ـ يمارس تجاه كل دائن صاحب رهن رسمي وكذا امتياز الدائن المرتهن على مجموع الأصل التجاري.
وحيث إنه يستخلص مما سبق أن الدائن المرتهن على الأصل التجاري ليس هو المقصود بالإستثناء الوارد في المادة 107 من مدونة تحصيل الديون العمومية ويكون بالتالي السبب المعتمد في التعرض غير ذي أساس.
وحيث إن الإحتجاج بمقتضيات الفصل 1170 من ق ل ع غير منتج في النازلة لأن النص المذكور يعرف الإمتياز الناجم عن الرهن الحيازي ولكنه لا ينظم مراتب الدائنين الممتازين وبالتالي فإن هذا السبب المعتمد على خرق المقرر المتعرض عليه له يبقى غير ذي أساس أيضا.
وحيث إن نفس الأمر يلاحظ بالنسبة للتمسك بمقتضيات الفصل 1244 من ق ل ع لأن هذا النص بعد أن عرف الفصل 1243 الذي قبله الإمتياز لم يزد على تأكيد أفضلية الدين الممتاز على الديون الأخرى المضمونة برهون رسمية مضيفا أن الأفضلية بين الديون الممتازة تتم على أساس الأنواع المختلفة للإمتيازات وهي ما تكفلت به النصوص المشار إليها سابقا خاصة المادة 107.
وحيث إنه استنادا لما تقدم يكون التعرض غير مرتكز على أساس مما يناسب الحكم برفضه مع إبقاء صائر التعرض على المتعرض.
وتطبيقا للفصول 1-3-31-32-49-124-147 من قانون المسطرة المدنية و 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية.
لهذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة علنيا ـ ابتدائيا وحضوريا.
في الشكل :
بقبـول التعرض.
في الموضوع:
برفض الطلب وإبقاء الصائر على المتعرض.
وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.