القاعدة:
الإشهاد الصادر عن الموثق بإيداع باقي ثمن المبيع لديه لا يعتبر حجة على تنفيذ المشتري لالتزامه بل لا بد من الاستظهار بما يفيد الإيداع الفعلي، والمحكمة لما اعتبرت شهادة الموثق المدلى بها من طرف المشتري وثيقة رسمية تفيد تنفيذه التزامه بإتمام البيع لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور، تكون قد خرقت مقتضيات الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود و مقتضيات ظهير 1925 المنظم لمهنة التوثيق.
القرار عدد 3078
الصادر بتاريخ 28 يونيو2011
في الملف عدد 4631/1/7/2009
باسم جلالة الملك
حيث يستفاد من أوراق الملف، ومن ضمنها القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تحت عدد 2264/1 بتاريخ 29/4/2009 في الملف رقم 272/1/2007 أنه بتاريخ 8/6/2006 تقدمت الطاعنة الشركة العقارية لبوزنيقة وهي شركة ذات مسؤولية محدودة بواسطة ممثلها القانوني بمقال عرضت فيه أنها تمارس نشاط بناء العقارات وبيعها بشاطئ بوزنيقة وبناء على ذلك أنجزت وعدا بالبيع مع المدعى عليه عبد الرحيم عمراني بشأن العقار الذي يحمل اسم لحمو44 موضوع الرسم العقاري عدد 7825/25 مساحته 551م م بواسطة الموثق خليل دينيا بثمن إجمالي قدره 2.090.000 درهم حسب ما تؤكده شهادة المحافظة العقارية وأدى تسبيقا قدره 800.000 درهم متعهدا للموثق بأداء باقي الثمن عند حصوله على قرض بنكي، كما أدلى برسالة صادرة عن البنك الشعبي إلى الموثق تفيد الموافقة الميدانية على منحه قرضا بمبلغ 1300.000 درهم وأن منح هذا القرض متوقف على تحقق الشروط الآتية وهي تقييد رهن رسمي من الدرجة الأولى لفائدة البنك الشعبي لضمان أداء المبلغ أعلاه والإدلاء بشهادة الملكية مسلمة من طرف المحافظ تفيد تقييد الرهن المذكور وإرفاق نسخة من عقد السلف موقعة من طرف المدعى عليه والإدلاء بنسخة من عقد البيع النهائي تبين ثمن البيع المحدد كما تتضمن الرسالة المذكورة إضافة إلى ذلك شرطا يفيد بأن مدة صلاحيتها محددة في ثلاثين يوما، وقد استغل المدعى عليه هذه الرسالة موهما الموثق بان ملف السلف في طور الإنجاز وأن المبلغ سيحول إليه في غضون أيام مستصدرا منه بطريقة تدليسية شهادة تفيد بأنه أدلى بجميع التزاماته رغم علمه المسبق بعدم تحقق ذلك واستنادا لذلك وإلى الثقة التي وضعت فيه كمحامي وإلى الشهادة التي منحها إياه الموثق تقدم إلى العارضة التي سلمته مفاتيح الفيلا بحسن نية اعتقادا منها بأنه أوفى بجميع التزاماته، ومن ذلك الوقت لم يقم بما التزم به ولم يحترم شروط منح القرض الشيء الذي جعل البنك يلغيه، وأنه منذ تسليم الفيلا بتاريخ 21/2/2000 ظل المدعى عليه يماطل في أداء بقية الثمن رغم مكاتبته من طرف الموثق وإنذاره بواسطة الأستاذ عديل مجيبا أنه أدى باقي الثمن بين يدي الموثق، بعد ذلك علمت العارضة أن الموثق عين بإحدى الوزارات وحل محله في تسيير مكتبه الموثق البشير الحضيكي وللتحقق من ذلك راسلت هذا الأخير الذي أكد لها أن المدعى عليه لم يؤد شيئا لذلك تلتمس وبناء على الفصل 254 من قانون الالتزامات والعقود فسخ الوعد بالبيع مع ما يترتب عن ذلك قانونا باعتبار أن المدعى عليه ملزم بمقتضيات الفصلين 576و577 من نفس القانون وأنه احتل العقار في الظروف المذكورة أعلاه لذلك وبناء على الفصول 65و66و67 من ظهير 12/8/1913 فإن نقل حق عيني متعلق بعقار محفظ غير موجود إلا بتسجيله في الرسم العقاري والحكم بإفراغه هو ومن يقوم مقامه من العقار موضوع النزاع تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها ألفي درهم عن كل يوم امتناع أو تأخير عن التنفيذ.
وحيث تقدم المدعى عليه بمذكرة جواب مع مقال مضاد عرض فيها أنه أدى ثمن البيع على دفعتين الأولى مبلغها 800.000 أقرت بها المدعية والثانية مبلغها 1290.000 درهم أقرها الموثق محرر العقد وسلم للعارض إشهادا بذلك أقرت به المدعية يوم تسليمها مفاتيح الدار وبذلك فذمته فارغة مما يجعل الطلب الأصلي غير مرتكز على أساس وبالنسبة للطلب المضاد فالمدعية الأصلية لا تجادل في بيع العقار وأن من أهم التزامات البائع نقل الملكية إلى المشتري وضمان حيازته له ماديا وقانونيا وأن ذلك لا يتم إلا بالتقييد في الرسم العقاري كما هو مقرر بنص الفصول 65و66و67 من القانون العقاري وأن العارض نفذ كل ما التزم به واستجاب لما يتطلبه الفصل 234 من قانون الالتزامات والعقود مما يجعله محقا في طلبه ملتمسا الإشهاد بكون المدعية لم تحترم الفصل 234 أعلاه والحكم أساسا بعدم قبول طلبها واحتياطيا رفضه وفي الطلب المضاد الإشهاد له بإدخال الموثق محرر عقد الشراء والحكم على المدعية الأصلية بإتمام إجراءات البيع بنقل ملكية العقار موضوع النزاع إليه وهو طاهر من أي قيد تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تأخير والقول بان الحكم الذي سيصدر هو بمثابة عقد والإذن للمحافظ على الأملاك العقارية ببوزنيقة بتقييده في الرسم أعلاه.
وحيث تقدم الموثق خليل دينيا بمقال من أجل التدخل الإرادي في الدعوى عرض فيه أن الشركة المدعية كلفته بالإشراف على إنجاز وعد بالبيع مع المدعى عليه عبد الرحيم عمراني بشأن العقار موضوع الرسم العقاري عدد 25/7825 وتم تحديد الثمن في 2.090.000 درهم أدى منها 800.000 وتعهد بأداء باقي الثمن على أساس قرض سيحصل عليه وبتاريخ 11/10/1999 أدلى الموعود له بالبيع للعارض برسالة من البنك الشعبي لبني ملال تفيد تعهد البنك بمنح الموعود له سلفا مبلغه 1.300.000 درهم لأداء باقي الثمن وأن ذلك يتطلب تحقق الشروط المذكورة في المقال الافتتاحي وأنه يتوجب عليه تهيئ الوثائق داخل أجل شهر واستنادا لهذه الرسالة هيئ العارض مشروعا لعقد البيع لتمكين الموعود له من تحضير ملف السلف واستنادا لتعهد البنك سلم العارض للمدعى عليه شهادة تفيد أنه أوفى بجميع التزاماته باعتبار أن ملف القرض سيأخذ طريقه نحو الإنجاز، غير أن المدعى عليه استغل الظروف وتقدم إلى الشركة الواعدة موهما إياها بأنه أدلى بجميع التزاماته وتمكن من الحصول على مفاتيح الفيلا موضوع الوعد، ولعدم احترام الموعود له شروط البنك أصبح تعهد هذا الأخير لاغيا بتخلف الموعود له عن القرض وبذلك تصبح شهادة العارض لاغية لتخلف الأسس التي بنيت عليها علما أنه صرح في مذكرته الجوابية أنه تخلى عن القرض الممنوح له زاعما أنه أدلى بوسائله الخاصة باقي الثمن بين يدي العارض دون تبيان أو إثبات أي وسيلة للأداء الشيء الذي يجعل مزاعمه لا تنهض كحجة علما أن رسالة الموثق الحضيكي تثبت أن ذمة عمراني لازالت مدينة بمبلغ 1.290.000 درهم ملتمسا الإشهاد بعدم تسلمه المبلغ المتبقى من الثمن وأن المدعى عليه لازال مدينا به والحكم برد دفوعاته، وبعد تمام الإجراءات قضت ابتدائية ابن سليمان بقبول المقالين الأصلي والمضاد وعدم قبول مقال التدخل الإرادي ورفض الدعوى الأصلية وفي الطلب المضاد الحكم على المدعى عليها الشركة العقارية بوزنيقة بإنجاز عقد بيع نهائي مع المدعي بشأن العقار موضوع الرسم العقاري عدد 25/7825 تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم يوميا من تاريخ الامتناع الفعلي عن التنفيذ مع اعتبار هذا الحكم بمثابة سند ناقل للملكية وأمر المحافظ على الأملاك العقارية بتقييده بالرسم العقاري، بحكم استؤنف من المدعية الأصلية الطاعنة أيدته محكمة الاستئناف بمقتضى قرارها المطعون فيه.
في الوسيلة الأولى :حيث تعيب الطاعنة القرار المطعون فيه بخرق القانون وعدم الارتكاز على أساس قانوني سليم وخرق مقتضيات الفصول 3و4و5و24 من ظهير 4 ماي 1925 المنظم لمهنة التوثيق و الفصول418و781و894 من قانون الالتزامات والعقود ذلك أن المحكمة صرحت ” أن الإجراءات التي بوشرت بشأن تحرير الوعد بالبيع إلى أن تسلم المستأنف عليه الوثيقة مدار الاستئناف منجزة من طرف الموظف المذكور بمكتبه بصفته هذه وكذا بصفته وكيلا عنها حسب وثائق الملف” وأن المحكمة لإضفاء القوة الثبوتية على الشهادة موضوع الجدل اعتبرتها صادرة من الموثق باعتباره موظفا عموميا من جهة وبصفته وكيلا عن العارضة من جهة أخرى وبذلك خرقت القانون بصفة الموثق كموظف عمومي لا جدال معها حسب مدلول الفصل الأول من ظهير 4/5/1925 إلا أن هذا الوصف لا يعني أن الوثيقة الصادرة عنه تعتبر وثيقة رسمية وأنه بالرجوع إلى الفصول 3و4و5و24 من الظهير أعلاه يتبين أن اختصاص الموثق هو الإشهاد على الاتفاقات التي تحصل بمحضره وتحرير عقود بشأنها وفقا للشكل المحدد قانونا ولا يدخل في هذا الإطار الشواهد التي ينجزها والعمل القضائي مستقر على أن شواهد الموثق لا تعادل العقد الرسمي الذي يحرره من حيث الحجية أو الإثبات وحسب مقتضيات الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود فإن الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق.
حيث تبين صحة ما نعته الوسيلة ذلك أن الإشهاد الصادر عن الموثق لا يعدو أن يكون مجرد إخبار بإيداع باقي الثمن ولا يعتبر حجة على تنفيذ المشتري لالتزامه بل لا مناص من استظهاره بما يفيد الإيداع الفعلي إذ أن إيداع ثمن البيع عند الموثق وإن كان يعتبر تنفيذا لالتزام المشتري فإن الموثق لا يعتبر مودعا عنده بمفهوم الوديعة الاختيارية بل إن الإيداع عنده يتم في إطار الصلاحيات التي خولها له ظهير 1925 المنظم لمهنة التوثيق العصري، ثم أن الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود عرف الورقة الرسمية التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد وذلك في الشكل الذي يحدده القانون وبالتالي فإن الوثائق الصادرة عنهم لا تعتبر ورقة رسمية يمكن الركون إليها حسب مفهوم الفصل أعلاه، وأن المحكمة لما اعتبرت شهادة الموثق المدلى بها من طرف المطلوب في النقض وثيقة رسمية لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور وأن ما تضمنته واضح وصريح من كون المطلوب نفذ التزامه لإتمام البيع تكون قد خرقت الفصل 418 أعلاه وكذا مقتضيات ظهير 1925 المحتج بها وعرضت بذلك قرارها للنقض.
لـهـذه الأسـبـاب
قضى المجلس الأعلى بنقض القرار المطعون فيه .
الرئيس: السيد بوشعيب البوعمري– المقرر: السيدة عائشة بن الراضي – المحامي العام: السيد الحسن البوعزاوي.