تحفيظ – الترجيح بين الحجج – شروط
القرار عدد 8/3
بتاريخ 2013/01/08
في الملف رقم 2012/8/1/811
القاعدة: الاستدلال بقاعدة الترجيح بين الحجج بقدم التاريخ، لا يتأتى إلا عند تساويها في القوة،
|
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
بناء على الطلب المرفوع بتاريخ 02/01/2012 من الطالبين أعلاه، بواسطة نائبهم المذكور والرامي إلى نقض القرار عدد 3078 ـ 3079 الصادر بتاريخ 17/10/2011 عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في الملفين المضمومين رقم 1874 و1875/1/2010؛
وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 18/4/2012 من المطلوب بواسطة نائبه المذكور والرامية إلى عدم قبول الطلب شكلا ورفضه في الموضوع؛
وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف؛
وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 10/12/2012 وتبليغه؛
و بناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 08/01/2013؛
و بناء على المناداة على الطرفين و من ينوب عنهما وعدم حضورهما؛
و بعد تلاوة المستشار المقرر السيد علي الهلالي لتقريره؛ والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي؛
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بتاريخ 22/3/1990 بالمحافظة العقارية بالحي الحسني عين الشق الدار البيضاء ـ والتي حلت محلها المحافظة العقارية النواصر ـ تحت عدد 1179/33، طلب الحارثي عبد السلام بن الحاج عبد السلام تحفيظ الملك الفلاحي المسمى ”دوار العباس الحارثي” الواقع بدائرة بوسكورة إقليم النواصر الدار البيضاء، المحددة مساحته في 38 آرا و74 سنتيارا بصفته مالكا له حسب الملكية عدد 76 المؤرخة في 6/2/1990. وأنه بمقتضى مطلب إصلاحي مؤرخ في 23/2/1993 أصبحت مسطرة تحفيظ الملك المذكور تتابع كليا في اسم القديوي حميد بن العربي استنادا إلى الشراء العرفي من طالب التحفيظ الأصلي، المؤرخ في 02/11/1992. فسجلت على المطلب المذكور ثلاثة تعرضات، من بينها: التعرض المدون بتاريخ 6/4/2004 ”كناش 4/47 عدد 47”، الصادر عن حليمة الحارثي مطالبة بحقوق إرثية انجرت إليها من والدها محمد المدعو بحم بن العباس المديوني الحارثي استناد إلى رسم تركته عدد 650 المؤرخ في 28/6/1944. التعرض المدون بتاريخ 11/4/1997 ”كناش 2/47 عدد 169” الصادر عن محمد ومصطفى وخدوج وعائشة، اسمهم العائلي الحارثي، مطالبين بكافة الملك، لتملكهم له بالإرث من أبيهم عباس بن الحاج الحارثي استنادا إلى رسم تركة عدد 650 المؤرخ في 287/1944، ورسم المخارجة المؤرخ في يناير 1951.
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، وإجرائها بحثا، أصدرت بتاريخ 16/3/2010 حكمها عدد 13 في الملف رقم 12/26/2009 بعدم صحة التعرضين المشار إليهما. فاستأنفه المتعرضون المذكورون وأيدته محكمة الاستئناف المذكورة بقرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنفين بوسيلتين:
حيث يعيب الطاعنون القرار في الوسيلة الأولى بعدم الارتكاز على أساس قانوني، ونقصان التعليل الموازي لانعدامه، ذلك أنه علل بأن ”البين من رسم المخارجة المحتج به من قبل الحارثي محمد ومن معه، أن ما خرج به هؤلاء إلى جانب والدتهم عربية وهو نصف أرض القصبة وأرض العرصة والباقي من أرض اكريات، لا علاقة له بأرض المطلب، إذ أنه يختلف عنها تسمية وحدودا”. إلا أن القرار لم يبين المصدر الذي استوحى منه هذا الاختلاف. وأنه لا يمكن الحسم في ذلك إلا بتطبيق الرسوم على العقار المدعى فيه، نظرا لتشابه الأسماء بين طالب التحفيظ الأصلي الحارثي عبد السلام والطاعنين. وأن القرار اكتفى بخصوص الحيازة من خلال الاستماع إلى الطاعنة خدوج التي اختلط عليها الأمر لعدم درايتها بمفهوم الحيازة .وأن القرار أهمل جانب الرسوم واعتمد الحيازة دون بيان عناصرها من وضع اليد والنسبة وغير ذلك.
ويعيبونه في الوسيلة الثانية بانعدام وسوء التعليل وخرق القانون الداخلي وعدم الرد على المستنتجات، ذلك أنهم أثبتوا ملكيتهم للمدعى فيه بموجب رسم إحصاء المتروك المؤرخ في 28/7/1945 ورسم المخارجة المؤرخ في يناير 1951، وأن هاتين الحجتين لم يطعن فيهما طالب التحفيظ الأصلي وهما أقدم تاريخا من ملكيته، التي أنجزت بتاريخ 6/2/1990، وأن القرار لم يطبق قواعد الترجيح.
لكن، ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما، فإن الطاعنين لم يبينوا في الوسيلة المستنتجات التي قدموها ولم يرد عليها القرار، وأن هذا الأخير لم يكن في حاجة إلى تبيان شروط حيازة المطلوب، ما دام الطاعنون لا يدعونها لأنفسهم حسبما يتجلى من مستندات الملف. وأنه لا مجال للاستدلال في النازلة بقاعدة الترجيح بين الحجج بقدم التاريخ، إذ أن ذلك لا يتأتى إلا عند تساويها في القوة، وأن حجة المطلوب هي شهادة بالملك، وحجة الطاعنين مجرد إشهاد بإحصاء تركة، الذي استبعده القرار ـ وعن صواب ـ بعلة ”أن رسم إحصاء المتروك مجرد جرد لتركة الهالك لا يثبت الملك، وبالتالي لا يثبته رسم المخارجة المبني عليه، وأن رسم الإحصاء لا ينزع به الملك المتنازع فيه من يد حائزه الذي يحوزه بيقين، ولا ينزع منه إلا بيقين، وأن طالب التحفيظ مدعى عليه في دعوى التعرض، ولهذا فهو غير ملزم بان يدلي أمام المحكمة بالحجة حتى يدعم المتعرض دعواه بحجة أقوى”. وبهذا التعليل غير المنتقد يكون القرار معللا تعليلا كافيا وسليما ومرتكزا على أساس قانوني، وغير خارق للقانون الداخلي، وباقي تعليلاته المنتقدة تبقى تعليلات زائدة يستقيم القضاء بدونها، والوسيلتان معا بالتالي غير جديرتين بالاعتبار.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض، برفض الطلب، وبتحميل رافعيه الصائر.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: محمد دغبر رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: علي الهلالي ـ مقررا. ومحمد أمولود وأحمد دحمان وجمال السنوسي أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة العكرود.