X

فتح حساب بنكي – وجوب التحقق من الهوية – نعم – مخالفة ذلك – مسؤولية

القاعدة:

طبقا للمادة 488 من مدون التجارة فإن على المؤسسة البنكية أن تتحقق قبل فتح أي حساب من هوية الطالب بناء على بيانات بطاقة تعريفه الوطنية.

تأكيد الغير فتح الحساب مستعملا نسخة بطاقة تعريف زوجته السابقة بمساعدة إحدى السيدات والتي قدمها كأنها زوجته يؤكد للمحكمة أن البنك لم يتحقق من هوية طالبة فتح الحساب من خلال بطاقتها الوطنية، واكتفى بالصورة الشمسية للبطاقة التي لا يظهر منها ملامح المعنية بالأمر، وهو ما يعني أيضا أنه لم يتحقق من شخصية المرأة التي حضرت أمامه، مما يعتبر فعله ذاك خطأ لمخالفته المقتضى القانوني المشار إليه أعلاه. 

حكم عدد 12200 بتاريخ 15/12/2009 في الملف رقم 1348/17/2009

باسم جلالة الملك

بتاريخ 15/12/2009 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

جمال السنوسي رئيسا ومقررا.

نادية زهيري عضوا.

عبد السلام خمال عضوا.

بمساعدة نجاة اوفريب كاتب الضبط.

في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

بين: س القاطنة ب 106 شارع كليير 75016 بايس فرنسا.

نائبها الأستاذ عبد الله خلوقي المحامي بهيئة سطات والجاعل محل المخابرة معه بمكتب الأستاذ عبد الرحيم همادي المحامي بهيئة االدارالبيضاء.

من جهة.

وبين: س في شخص ممثله القانوني بمقره الكائن ب 140 شارع الحسن الثاني الدارالبيضاء.

نائبه الأستاذ محمد بن محمد لحلو المحامي بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة أخرى.



الوقائــع:

بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 16/2/2008 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية تعرض فيـه المدعية بواسطة نائبها أنها طليقة المسمى صابر مصطفى بتاريخ 5/11/2002، إلا أنه بعد الطلاق بسنة قام طليقها بتواطئ مع مستخدمي البنك المدعى عليه بفتح حساب بنكي بدون علمها تحت رقم 780000082200000796969، وقد أدين من أجل النصب وتزوير وثيقة رسمية واستعمالها بمقتضى الحكم عدد 2291 بتاريخ 30/6/2004، ولأن العارضة حررت في حقها مذكرات بحث من أجل إصدار شيكات بدون رصيد بسبب الشيكات المزورة التي سحبها طليقها، فقد تقدمت برسالة إلى البنك من أجل إلغاء الحساب مدلية بما يثبت أقوالها كنسخة الحكم المذكور وإشهاد بحفظ الشكايات، إلا أن البنك رفض إغلاق الحسابين، ولأن هذا الموقف ساهم في استمرار محنتها وعرضها لمشاكل لا تحصى كإقفال الحدود في وجهها وملاحقتها من طرف الضابطة إضافة إلى منعها من الحصول على دفتر شيكات، لأجله فهي تلتمس الحكم على المدعى عليه بإغلاق الحساب المذكور أعلاه والسماح لها بالحصول على دفتر الشيكات بناء على طلبها وأداء المدعى عليه لها تعويضا مسبقا قدره 40.000 درهم، وتمهيديا إجراء خبرة لتحديد التعويض الإجمالي عن الضرر وتحديد غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن التأخير عن التنفيذ مع الصائر. وأرفقت مقالها بصورة حكم جنحي  وإشهاد بالحفظ ومراسلات.

وبناء  على جواب المدعى عليه أن المدعية سبق لها فعلا أن راسلته بخصوص الحساب البنكي موضوع الدعوى، وإذا كان ما تدعيه بخصوص طليقها صحيحا فإن ما لا يمكن قبوله منها هو ادعاء التواطؤ دون الإدلاء بما يثبت ذلك، والحقيقة أنه هو كان ضحية نصب واحتيال من طرف زوج المدعية التي قد تكون هي التي تقدمت لديه ببطاقة التعريف الوطنية مزورة باسمها وحصلت على دفتر الشيكات، والعارض لا يمكنه إخضاع جميع الوثائق التي يحصل عليها لعملية مراقبة من طرف الدوائر الأمنية للتأكد من أن صاحب الصورة الموجودة على البطاقة هو الشخص الماثل أمامه، وبخصوص ما طالبت به من إغلاق للحساب فإنه لم يتوصل بصفة قانونية ورسمية بأي وثيقة تفيد مزاعم المدعية وبكون الحساب المفتوح باسمها تم فتحه بناء على وثائق مزورة لأن الحكم الجنحي لا يتضمن أي إشارة إلى أن الأمر يتعلق بالحساب موضوع الدعوى، علما أن الزوج صرح بتوفره على عدة حسابات بنكية، كما أن الحكم لا يتضمن ما يفيد أمر الأبناك المعنية بإقفال الحسابات المفتوحة بطريقة غير قانونية أو برفع المنع عن الأشخاص الحقيقيين من أجل السماح لهم بالحصول على دفاتر الشيكات، وقد طالبها بالإدلاء بحكم قضائي يسمح له بإقفال الحساب ورفع المنع عنها لتمكينها من الحصول على دفتر الشيكات، وهو ما لا يشكل أي ضرر للمدعية باعتبار أن من حقه دفع أية مسؤولية عنه حاضرة أو مستقبلية، وبذلك فإن امتناعه عن القيام بما طلبت منه بصفة مباشرة قبل حصولها على حكم قضائي لا يمكن أن يرتب لها حقا في مواجهته ولا يعتبر سببا للمطالبة بالتعويض، ملتمسا الحكم برفض الطلب. وأرفق مذكرته بمراسلتين.

وبناء على تعقيب المدعية أن المدعى عليه اعترف بمراسلتها له بخصوص الحساب، وهو ما يؤكد ما جاء في مقالها جملة وتفصيلا، وتوصله بمراسلاتها يوضح أن الحساب مزور عليها وأن الشيكات المسلمة إلى طليقها لا حق له فيها، ومع ذلك تعنت ولم يغلق الحساب ولا وضع حدا للشيكات التي سلمت بغير حق مما أدى إلى الإضرار بها، بل إن البنك يعترف بأنه كان ضحية نصب بدوره وهو المجهز والمؤطر مما يمنع تصديقه أنه كان ضحية لذلك، ملتمسة الحكم وفق مقالها.

وبناء على تعقيب المدعى عليه أنه لا ينكر ولا يمكنه إنكار توصله بمراسلة المدعية خلال شهر يونيو 2004، ولكنه عند إجراء بحث تأكد له أن عملية فتح الحساب تمت وفق الشروط والضوابط المعمول بها، إذ من خلال الوثائق المدلى بها يتضح أن الشخص الذي أقدم على سرقة بطاقتها الوطنية وقام بتزويرها ليس شخصا غريبا عنها باعتباره زوجها السابق، وبالتالي لا يمكن نفي هذه العلاقة التي سهلت التزوير والنصب، وعلى عكس ادعاءات المدعية فهو لم يتوصل سوى برسالة واحدة خلال سنة 2004 ولا يمكن تحميله نتائج أفعال مرتكبة من الغير، وأنه لم يسبق أن صرح بفتح حساب مزور في إسم المدعية وإنما أوضح في مذكرته أنها قد تكون هي التي تقدمت لديه ببطاقة تعريف مزورة باسمها تطلب فتح حساب باسمها، ولغاية تاريخه لا يوجد بملف النازلة ما يفيد هذه الزورية، والرسالة لا يمكن بناء عليها رفع المنع عن تسليم دفاتر الشيكات ما دام ذلك يرجع إلى بنك المغرب، وأنه كان على المدعية مقاضاة الأشخاص الذين تزعم أنهم قاموا بالتزوير لا مطالبة المؤسسة بالتعويض، كما يبدو أنها شاركت مطلقها في ذلك لأنها لم تصرح من قبل بضياع بطاقتها الوطنية، ملتمسا الحكم برفض الطلب. وأرفق مذكرته بصورة لبطاقة وطنية وورقة معلومات وطلب الحصول على بطاقة بنكية ونموذج التوقيع وطلب شيكات.

وبناء على تعقيب المدعية أكدت فيه عدم تحريك البنك ساكنا بعد توصله بالمراسلة، ولم يقم بإغلاق الحساب بعد أن اقتنع بكونه مفتوحا من طرف شخص آخر غير العارضة، وأنه ثبت تواطؤ البنك وتقصيره وعدم حرصه في فتح حسابات بنكية لا علاقة لها بأصحابها، مما يستوجب الحكم عليه بتعويض الضرر مع إغلاق الحساب، أما صور الوثائق المدلى بها فهي مخالفة للفصل 440 من ق ل ع.

وبناء على إدراج القضية أخير بجلسة 10/11/2009 فحضر نائب المدعى عليه فتقرر حجز القضية للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 15/12/2009.

التعليـــل

بعد المداولة طبقا للقانـــون.

في الشكل:

حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.

في الموضوع:

حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.

وحيث أجاب المدعى عليه بالدفوع المشار إليها صدره.

وحيث إنه طبقا للمادة 488 من مدون التجارة فإن على المؤسسة البنكية أن تتحقق قبل فتح أي حساب من موطن وهوية الطالب بناء على بيانات بطاقة تعريفه الوطنية.

وحيث تأكد للمحكمة من خلال اطلاعها على وثائق الملف، خاصة الحكم الجنحي الصادر بتاريخ 30/6/2004 في الملف رقم 2239/14/2004 تحت عدد 2291 عن المحكمة الابتدائية بمراكش، أن طليق المدعية أقر أمام هيأة الحكم بجلسة 30/6/2004 أنه فتح الحساب مستعملا نسخة بطاقة تعريف زوجته السابقة بمساعدة إحدى السيدات المسماة حياة والتي قدمها كأنها زوجته.

وحيث إنه انطلاقا من هذا الاعتراف تأكد للمحكمة أن البنك لم يتحقق من هوية طالبة فتح الحساب من خلال بطاقتها الوطنية، واكتفى بالصورة الشمسية للبطاقة التي لا يظهر منها ملامح المعنية بالأمر، وهو ما يعني أيضا أنه لم يتحقق من شخصية المرأة التي حضرت أمامه، مما يعتبر فعله ذاك خطأ لمخالفته المقتضى القانوني المشار إليه أعلاه.

وحيث إن الخطأ المذكور ترتب عنه فتح الحساب وتمكين من لا حق له من دفتر شيكات استعملت ضد مصلحة المدعية وتسبب لها في عنت كبير من جراء مذكرة البحث المنجزة في حقها وما استدعاه الأمر من إجراءات لإثبات الحقيقة سواء على مستوى الضابطة أو القضاء.

وحيث إن الضرر بذلك يكون ثابتا والعلاقة السببية بين الخطأ والضرر قائمة، إذ لو وقع التحقق بالشكل القانوني لما سلم دفتر الشيكات ولما تضررت المدعية من الإجراءات التي اتخذت في حقها معنويا وماديا.

وحيث إن المحكمة، ومن غير حاجة لإجراء أي خبرة ترى تحديد مبلغ التعويض في إطار سلطتها التقديرية وتحدده في المبلغ المطلوب على وجه التسبيق.

وحيث إن المدعى عليه لم يعط أي تفسير منطقي ومقبول لرفضه إقفال الحساب رغم الطلب الذي توصل به من المدعية، ما دام أن القانون في المادة 503 من مدونة التجارة يعطي الحق لأي من الطرفين بوضع حد للحساب بالاطلاع، ومن غير إشعار بالنسبة للزبون إذا كانت المبادرة منه، وبالتالي فإن اشتراط المدعى عليه الحصول على حكم قضائي كان من باب التعسف فقط.

وحيث إن المدعية استنادا لما تقدم تكون محقة في الحصول على قفل للحساب ما دام لا يتعلق بها وفتح بطريقة غير مشروعة ومن شأن استمراره الزيادة في الإضرار بها ما دام يحمل هويتها المزورة.

لكن حيث إن طلب الحكم على المدعى عليه بالسماح لها بالحصول على دفتر الشيكات بناء على طلبها لا يستقيم في ظل الحكم بقفل الحساب، خاصة وأنها لم تدل للمحكمة بما يفيد توفرها على حساب آخر لدى نفس المؤسسة البنكية مما يتعين معه رفض هذا الطلب.

وحيث إن طلب تحديد الغرامة التهديدية له ما يبرره لكون إغلاق الحساب يتطلب تدخلا من المحكوم عليه لا يمكن إجباره عليه إلا بهذا الطريق وتحدده المحكمة في مبلغ 500 درهم عن كل يوم تأخير.

وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.

وتطبيقا للفصول 1 – 3- 26-31-32-49-124- من قانون المسطرة المدنية و 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية.

لهذه الاسبـــــاب

حكمت المحكمة  علنيا ابتدائيا وحضوريا.

في الشكل: قبول الدعوى.

في الموضوع: بأداء المدعى عليه للمدعية تعويضا عن الضرر قدره (40.000 درهم) أربعون ألف درهم وبإغلاق الحساب رقم 780000082200000796969 تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ ابتداء من تاريخ الامتناع.

بتحميل المحكوم عليه جميع الصائر ورفض ما زاد على ذلك.

وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.

 

رجل قانون:
مواضيع متعلقة