القــاعــدة
لا يمكن المطالبة بقيمة الكمبيالات غير الحالة إلا بوجود اتفاق.
التعليــــل
حيث تمسكت المستأنفة أن 20 كمبيالة من 26 المقدمة لمسطرة الأمر بالأداء غير حالة وبالتالي فالدين غير ثابت وأن الأمر بالأداء خالف مقتضيات الفصل 158 ق.م.م.
وحيث أجابت المستأنف عليها بأن عدم أداء جزء من الدين يعطي الحق للدائن للمطالبة بمبلغ الدين برمته.
حيث إن الفصل 184 من مدونة التجارة ينص على أنه يتعين على حامل الكمبيالة المستحقة الوفاء في يوم معين أو بعد مدة من تاريخها أو من تاريخ الاطلاع، أن يقدمها للوفاء في يوم الاستحقاق بالذات وإما في أحد أيام العمل الخمسة الموالية له.
وحيث إن يوم الاستحقاق هو يوم حلول أجل مبلغ الدين، ويترتب غالبا على عدم احترامه اضطراب في العلاقات التجارية والتي تكون معقدة ومتشابكة، ويترتب على هذا التاريخ عدة نتائج، ذلك بأنه لا يمكن إجبار حامل الكمبيالة على استلام قيمتها قبل ميعاد تاريخ الاستحقاق، وإذا وفى المسحوب عليه قبل تاريخ الاستحقاق تحمل نتيجة ذلك الوفاء، لأن الكمبيالة قابلة للتداول، وأن من وفى في تاريخ الاستحقاق برئت ذمته (الفصل 168 من مدونة التجارة).
وحيث إن تقديم الكمبيالة للأداء في يوم الاستحقاق له طابع إلزامي (انظر كتاب ذ/ شكري السباعي الصفحة 247 طبعة 1998) لكن ذلك ليس من النظام العام إذ يمكن الاتفاق على مخالفته.
وحيث إن الوفاء لا يمكن بالتالي أن يقع إلا في تاريخ الاستحقاق لا قبله ولا بعده باستثناء الحالات المنصوص عليها في الفصل 196 من مدونة التجارة وهي غير واردة في النازلة.
وحيث وبناء على المقتضيات القانونية المذكورة أعلاه لا يمكن الحكم إلا بالكمبيالات الحالة، لأنه لا يوجد أي عقد ينص على أن خرق التزام الأداء في الأجل سوف يؤدي إلى المطالبة الفورية بأداء كل الكمبيالات الغير المسددة ولو لم تكن حالة الأجل، وهذا ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في القرار عدد 5 ملف 746/89 والقرار عدد 1296 ملف 580/88 غير منشورين مذكورين بكتاب الأوراق التجارية في القانون المغربي والمقارن للدكتور محمد الحارت الصفحة 197).
وحيث إن طلب الأمر بالأداء قد قدم للمحكمة التجارية حسب خاتم الصندوق بتاريخ 13/5/99 وبالتالي لا يمكن اعتبار إلا الكمبيالات الحالة قبل هذا التاريخ، ولا يمكن مسايرة المستأنف عليها واعتبار أن عدم أداء جزء من الدين يعطيها الحق في المطالبة به لأن ذلك سيؤدي إلى خرق القواعد القانونية المذكورة أعلاه.ولكونه غير مرتكز على أساس.
وحيث وبناء على ذلك يتعين تعديل الأمر بالأداء واعتبار الكمبيالات الحالة قبل 13/5/99 وذلك بحصر المبلغ المحكوم به في 02،450.990 درهم مع الفوائد القانونية من تاريخ حلول كل كمبيالة وعدم قبول الطلب في الباقي لكون تاريخ الاستحقاق لم يكن حالا عند تقديم المقال.
قرار رقم 1275/99 صدر بتاريخ: موافق 14/9/1999 في الملف عدد 986/99/3 عن محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء
قراءة التعليقات (1)
هذا القرار له أهميته من حيث أنه فصل في نقطتين أساسيتين ، الأولى هي الأجل في الكمبيالات باعتبارها أوراقا تجارية تولد التزاما صرفيا ويخضع في أحكامه لما ورد عليه النص في مدونة التجارة، والثاني قيمة الاتفاقات التعاقدية وخاصة ما تعلق منها بسقوط الأجل عند عدم الوفاء بالدين.
إلا أن الملفت في القرار وفي أحد علله أنه ذكر " وحيث وبناء على المقتضيات القانونية المذكورة أعلاه لا يمكن الحكم إلا بالكمبيالات الحالة، لأنه لا يوجد أي عقد ينص على أن خرق التزام الأداء في الأجل سوف يؤدي إلى المطالبة الفورية بأداء كل الكمبيالات الغير المسددة ولو لم تكن حالة الأجل". ، فالقارئ سيفهم من هذا التعليل أنه لو وجد مقتضى اتفاقي يسمح بذلك لطبق.
والسؤال إلى أي حد يمكن تطبيق هذا المقتضى في ظل وجود اتفاق؟
في اعتقادي ، ما دام القرار قد أصل المسألة من الناحية القانونية ويفهم من تعليلاته بهذا الخصوص أنه لا مجال لأداء قيمة كمبيالة قبل الاستحقاق المضمن فيها وأن الاستثناء الوحيد الذي أتى به المشرع هو المنصوص عليه في المادة 196 من مدونة التجارة ويتعلق بالتسوية القضائية للمسحوب عليه أو تصفيته أو إذا حصل امتناع عن القبول ، فإن ما جاء في الفقرة أعلاه من التعليل يناقض بالمرة ما سبقه من تعليلات.
وكان الأصوب أن يخرج القرار باجتهاد مفاده أن اتفاق الطرفين على تسوية الدين بينهما في شكل كمبيالات يدخلهما في خانة الالتزام الصرفي وعليهما أن يتقيدا بكل المقتضيات المنظمة له وليس من حقهما المزج بين المقتضيات العامة والمقتضيات الواردة في باب الأوراق التجارية ، وهكذا كان الأمر سيكون أفيد للقارئ لأنه سيكون على بينة من الحل القانوني وليس الاضطراب الذي أبقانا فيه تعليل القرار إذ تارة يقول أنه لا مجال للمطالبة بالكمبيالة إلا في تاريخ الاستحقاق وتارة يقول أنه لا وجود لعقد يسمح بذلك قبل الاستحقاق.
والله أعلم.