صفقات الأشغال – الضمانات المقتطعة من ثمن الصفقة – طبيعتها – المسؤولية العشرية – حصول رب العمل على تعويض عن العيوب – تسليم الضمان المقتطع – نعم بشروط
القاعدة:
يعتبر مبلغ الضمان المقتطع من ثمن الصفقة وديعة يحتفظ بها صاحب المشروع ولا يسلمها للمقاول إلا بعد التسليم النهائي للأشغال.
مادام أالتسليم النهائي للأشغال لايتم إلا بعد سنة من تاريخ التسليم المؤقت فإن المبلغ المقتطع يشكل ضمانة بين يدي صاحب المشروع لحث المقاول على القيام بالتزاماته المتعلقة بإصلاح الشوائب أو العيوب قبل انتهاء السنة وفي حالة امتناعه يسند تنفيذ الأشغال إلى مقاولة أخرى من اختيار صاحب المشروع على نفقة المقاول.
التأمين عن المسؤولية العشرية لايعطي الحق للمقاول في استرجاع مبلغ الضمان المقتطع ، لأن هذا التأمين يغطي المسؤولية عن الفترة اللاحقة على تاريخ التسليم النهائي وتستمر على مدى عشر سنوات.
الضمان المقتطع هو آلية مالية تجبر المقاول على تنفيذ إلتزاماته الممتدة مابين التسليم المؤقت والتسليم النهائي.
قيام المدعى عليها بمقاضاة المدعية من أجل ضمان العيوب بعد التسليم المؤقت وحصولها على تعويض بكافة الأضرار التي اكتشفتها إلى غاية صدور الحكم لا ينزع عن المدعى عليها الحق في حبس مبلغ الضمان مادام لم يثبت أن الحكم الصادر بالتعويض قد أصبح نهائيا وأنها استوفت منه التعويض المحكوم به.
الحكم عدد 13466 الصادر بتاريخ 2006/12/05 في الملف رقم 2003/6/2631
باسم جلالة الملك
بتاريخ 05/12/2006 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.
وهي مؤلفة من السادة:
جمال السنوسي رئيسا ومقررا.
خديجة وراق عضوا.
عبد السلام خمال عضوا.
بمساعدة هشام مبروك كاتب الضبط.
في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:
بين : شركة المرنيسي الأب والأبناء – ش ذ م م – في شخص ممثلها القانوني بمقرها الاجتماعي الكائن بالعالية 1 الزنقة 5 الرقم 8 الحي الحسني الدارالبيضاء.
تنوب عنها الأستاذة عائشة معاد المحامية بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة.
وبين شركة جيت سكن الكائنة بتجزئة يوسف رقم 8 حي بارانفا الدارالبيضاء
نائبها الأستاذ منير حسن المحامي بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة أخرى.
الوقائــع:
بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 28/3/2003 بعد ان اديت عنه الرسوم القضائية تعرض فيه المدعية بواسطة نائبها أنها كلفت من طرف المدعى عليها بأن تقوم بأشغال بناء مجموعتين سكنيتين في إطار برنامج 20.000 سكن إقتصادي ، الأولى مقابل مبلغ 13.957.315،94 درهم ، والثانية بمبلغ 12.094.457،73 درهم. وأن العارضة نفذت جميع التزاماتها وأنهت الأشغال المنوطة بها وسلمتها للمدعى عليها. كما أنها أبرمت تأمينا خاصا من أجل ضمان أي عيوب في الأشغال. وأن المدعى عليها امتنعت عن أداء مبلغ 3.256.304،49 درهم الذي بقي متخلدا بذمتها بدون سبب مقبول رغم إبرام العارضة عقد تأمين خاص بالعيوب والذي يعفيها من احتفاظ المدعى عليها بجزء من قيمة المشروع كضمان للعيوب طبقا للفصل 769 من ق ل ع .لذلك فهي تلتمس الحكم عليها بأداء الدين المذكور وتعويض عن التماطل قدره 40.000 درهم والكل مع الفوائد القانونية من تاريخ الحكم مع النفاذ المعجل والصائر.
وبناء على جواب المدعى عليها أن المدعية لم تدل بما يثبت الصفة في الإدعاء. وموضوعا فإنها مندهشة للمبالغ الخيالية المطالب بها. ذلك أنها تعاقدت مع المدعية في إطار مناقصة على القيام بأشغال بناء وحدتين سكنيتين بمدينة الدارالبيضاء ، إلا أنها ومنذ بداية الأشغال وهي تظهر تباطؤا في التنفيذ. وبسبب ذلك عرفت الأشغال بالورش تأخيرات متتالية كمت ثبت أن المدعية لم تقم بإنجاز جزء مهم من الأشغال التكميلية. وهذه الإخلالات ثابتة بمحاضر الورش الأسبوعي المنجزة من قبل مكتب المراقبة وتنسيق الأشغال وبحضور المهندس المعماري للمشروع. وبالرغم عن ذلك بادرت العارضة إلى الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه المدعية كما هو واضح من خلال الكشف التفصيلي النهائي المنجز من قبل مكتب المراقبة والتنسيق والموقع عليه من المدعية وباقي المتدخلين في المشروع والمؤرخ في 15/12/2002 ، والمنجز بعد التسليم المؤقت طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 62 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبق على صفقات الأشغال والمنظم بمقتضى المرسوم الصادر بتاريخ 4/5/2002. وبذلك يتضح خلاف ما تزعمه المدعية ، وأن التزام العارضة أصبح منقضيا بالوفاء طبقا للفصل 320 من ق ل ع . كما أن ما تدعيه المدعية من أنها أنجزت الأشغال وسلمتها للعارضة ، فإن هذا التسليم هو فقط تسليم مؤقت والذي يترتب عنه طبقا للمادة 47 من المرسوم أعلاه نقطة انطلاق الإلتزام بالضمان التعاقدي وفقا لأحكام المادة 67 منه. وأن هذا الإلتزام يشكل الفترة التي تتقيد خلالها المقاولة بالتزام يدعى ” التزام الإنهاء التام ” كتنفيذ الأشغال والأعمال النهائية أو الترميمية وكذا تدارك جميع الإختلالات بالإضافة إلى الأشغال الكمالية أو التعديلية. وأن مدة هذا الضمان التعاقدي تصل إلى 12 شهرا من تاريخ التسليم المؤقت للأشغال كما تشير إلى ذلك المادة 48 من صفقة الأشغال المستمدة من المادة 68 من المرسوم آنف الذكر. أما المادة 17 من الصفقة فتنص على أن مبلغ الضمان النهائي والذي يتم اقتطاعه من التسبيقات أو الدفعات المسلمة ، بنسبة 10 في المائة ، فإنه يسلم للمقاولة داخل الثلاث أشهر الموالية للتسليم النهائي للمشروع. وبالتالي فالضمان النهائي يظل مرصدا لتأمين الإلتزامات التعاقدية للمقاولة إلى حين التسليم النهائي للأشغال. كما أن المادة 16 من دفتر الشروط الإدارية العامة تنص على أنه يرجع الضمان النهائي ويدفع الإقتطاع الضامن أو يتم الإفراج عن الكفالات التي تقوم مقامها وذلك بعد رفع اليد الذي يسلمه صاحب المشروع داخل الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ التسليم النهائي للأشغال بعد أن يكون صاحب المقاولة قد وفى بجميع التزاماته. أما الزعم بأن المدعية أبرمت تأمينا خاصا لأجل ضمان العيوب فهو مخالف للحقيقة لأنه طبقا للمادة 24 من دفتر الشروط الإدارية العامة فإنه يجب على المقاولة أن تقدم وثيقة التأمين التي تغطي الأخطار المرتبطة بمسؤوليتها العشرية كما هي محددة في الفصل 769 من ق ل ع . وبالتالي يشكل تاريخ التسليم النهائي بداية فترة الضمان المحدد في ظهير الإلتزامات والعقود. وهكذا بالرجوع إلى النازلة الحالية فإن المدعية بعد أن حصلت على التسليم المؤقت بتاريخ 22/8/2002 وكذا مستحقاتها المالية حسب الكشف التفصيلي النهائي ، فإن مبلغ الضمان النهائي لايكون مستحقا حسب الإتفاق والقانون إلا بعد التسليم النهائي للمشروع. أما عقدة التأمين العشرية فلا علاقة لها بتاتا بمبلغ الضمان لاختلاف شروطهما وأركانهما كما سبقت الإشارة إلى ذلك. وبالتالي فإن المدعية تحاول سلوك طرق التغليط والتضليل. ملتمسة أساسا الحكم بعدم قبول الدعوى واحتياطا رفضها. وأرفقت مذكرتها بصور من الصفقتين ودفتر الشوط الإدارية العامة وصورة كشف تفصيلي وصور شيكين وصورة للتسليم المؤقت وأخرى مطابقة لتقرير المهندس المعماري.
وبناء على تعقيب المدعية أن المدعى عليها أقحمت ملف النازلة بصورة شيكين حررتهما دون تسليمهما للعارضة ودون ذكرهما من بين مرفقات مذكرتها الجوابية من أجل الإيهام أنها أدت ما بذمتها مؤكدة عدم توصلها بمبلغهما . وبخصوص الضمان فإن الفصل 14 من مرسوم 4/5/2000 المتعلق بصفقات الأشغال ينص على إمكانية الإستعاضة عن الضمان المؤقت والضمان النهائي والإقتطاع الضامن بكفالات شخصية. وأن الفصل 59 من نفس المرسوم ينص في فقرته الثانية على أن الإقتطاع الضامن يتوقف إذا بلغ معدل 7 في المائة من المبلغ الأصلي للصفقة. وأن المدعى عليها احتفظت بنسبة 10 في المائة من المبلغ الأصلي للصفقة خلافا لما هو منصوص عليه أعلاه . كما أن الفقرة الثالثة من نفس القانون تنص على إمكانية تعويض الإقتطاع الضامن بطلب من المقاولة بكفالة شخصية وتضامنية. وأن العارضة أبرمت عقد تأمين خاص من أجل ضمان العيوب بإلحاح من المدعى عليها وتكبدت مبالغ مالية مهمة جدا لأجل ذلك . وأن الدفع بأن إرجاع الضمان لا يكون إلا داخل أجل ثلاثة أشهر الموالية لتاريخ التسليم النهائي طبقا للمادة 16 من المرسوم أعلاه أصبح في غير محله ما دام أن الفصل 59 و 14 قد عوضا الإقتطاع بتقديم الكفالة ، وأن العارضة أنشأت التأمين لأجل ضمان العيوب طبقا للفصل 769 من ق ل ع . ملتمسة الحكم وفق مقالها.
وبناء على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 28/7/2003 تحت عدد 1149 والقاضي بإجراء خبر حسابية انطلاقا من تحديد ثمن الإنجاز وحصر المبالغ المؤداة وما بقي منها بعد استثناء مبلغ 10 في المائة المتفق عليه عهد للقيام بها الخبير السيد أحمد رامي ، بعد أن تبين للمحكمة أن البت في الدعوى يقتضي تحديد المبالغ المتوصل بها وتلك التي لازالت المدعى عليها تحتفظ بها بعد منازعة هذه الأخيرة في المبلغ المطالب به ، وبعد أن تبين أنه يفوق نسبة العشرة في المائة من مبلغ الضمانة التي يحق للمدعى عليها الإحتفاظ بها إلى غاية التسليم النهائي للمشروع.
وبناء على تقرير الخبرة المنجز بتاريخ 6/7/2004 والذي انتهى فيه الخبير إلى القول أن مبلغ الدين المتبقي بذمة المدعى عليها لفائدة المدعية هو مبلغ 141.048،74 درهم إضافة إلى مبلغ الضمانة المتفق عليها وقدره 2.278.690،60 درهم.
وبناء على مذكرة المدعية بعد الخبرة أن المدعى عليها سبق لها أن تقدمت بدعوى في مواجهة العارضة في الملف التجاري عدد 4205/03/5 تطلب فيها الحكم لها بتعويض عن العيوب التي شابت الأشغال وبتعويض عن جزاءات التأخير موضوع الضمان. وأن المحكمة قضت في حكمها بأداء العارضة للمدعى عليها مبلغ 2.102.000 درهم كتعويض عن التأخير في إنجاز الأشغال والعيوب اللاحقة بالمشروع مع الفوائد القانونية من 22/5/2003 إلى يوم الأداء. وأن هذا الحكم لم يقض بالمقاصة ولم يقض بخصم المبالغ المحتفظ بها كضمانة بذمة شركة جيت سكن. وما دامت المدعى عليها قد استصدرت حكما لصالحها يقضي بالأداء فإن العارضة تكون بدورها محقة في المطالبة بدينها الذي لازال بذمة المدعى عليها ، وتحررمن كل ضمان ما دامت المدعى عليها قد استصدرت حكما يقضي لها بتعويض موضوع الضمان. ومن جهة أخرى فإن ضمان العيوب أصبح في غير محله طبقل للمادة 68 من قانون صفقات الأشغال و 48 من دفتر الشروط الخاصة واللذان ينصان على أنه على صاحب المشروع أن يوجه للمقاول بعد عشرة أيام على أبعد تقدير من تاريخ التسليم المؤقت قوائم مفصلة عن الشوائب والعيوب المسجلة. في حين أن شهادة التسليم المؤقت لم تسجل أي ملا حظات على العارضة كما أن المدعى عليها لم توجه أية قوائم تخص العيوب مما تكون معه قد قبلت الشيء موضوع الصفقة وسقط حقها في طلب الضمان للتقادم طبقا للفصول 771و 768 و573 من ق ل ع . كما أن المادة 65 من قانون الصفقات تنص على أنه لا يتم تسلم المنشآت إلا بعد إخضاعها لعمليات المراقبة المتعلقة بمطابقة الأشغال لمجموع التزامات الصفقة ، لاسيما المواصفات التقنية. كما أن الفقرة 4 من نفس المادة ، تنص على أن صاحب المشروع ، إذا تبين له أن بعض الأعمال لم تنفذ بعد أو توجد بها شوائب جاز له أن يقرر إعلان التسليم المؤقت بشرط أن يلتزم المقاول بتنفيذ تلك الأعمال داخل أجل شهر واحد ، وأن تسجل تحفظات على التسليم المؤقت. ويتبين مما ذكر أن الأشغال والشوائب والعيوب التي يظل المقاول ضامنا لها هي تلك التي سجلت على المقاول في شهادة التسليم المؤقت. في حين أن العارضة سلمت المنشآت موضوع الصفقتين دون أي تحفظ ، وبالتالي فإن العارضة قد تحررت من التنزاماتها التعاقدية. وعن جزاءات التأخير فلا مبرلا لها ما دام الأطراف اتفقوا ووقعوا على كشف تفصيلي عام ونهائي وهو يشمل بالتفصيل مجموع العناصر التي تم أخذها في الإعتبار من أجل التسديد النهائي للصفقة ، بما في ذلك الأشغال الإضافية التي قامت بها العارضة لفائدة المدعى عليها ، وخارج عقد الصفقة. وطبقا للفصل 61 من قانون الصفقات فإنه عند الإتفاق على إنجاز أشغال إضافية فإن هذه الأخيرة تكون محل عقد ملحق يزيد في آجال التنفيذ تبعا للأشغال الإضافية، في حين أن الأطراف لم يحددوا أجلا معينا استنادا على الإمكانيات المادية لصاحب المشروع.الأمر الذي يكون معه الإحتفاظ بمبلغ الضمانة لا مبرر له. ومادامت المدعى قد حصلت على حكم بالتعويض فإن العارضة محقة في استرداد مبلغ الضمانة مادام هذا الحكم لم يقض بالمقاصة والخصم ، ولأنه لا يعقل أن تحصل المدعى عليهاعلى تعويض موضوع الضمان مرتين الأولى بمقتضى الحكم المشار إليه أعلاه والثانية باحتفاظها بالإقتطاع الضامن. ملتمسة الحكم على المدعى عليها بأدائها لها المبلغ المتبقي عن الأشغال وقدره 141.048،74 درهم وكذا مبلغ الضمانة وقدره 2.278.690،60 درهم مع الفوائد والنفاذ المعجل. وأرفقت مذكرتها بصورة حكم تجاري وصور ثلاث أوامر بالحجز التحفظي ونسخة تقرير خبرة.
وبناء على مذكرة المدعى عليها بعد الخبرة مع طلب مضاد مؤدى عنه بتاريخ 30/12/2004 أن المعطيات الواردة في تقرير الخبرة عرفت عدة تجاوزات لا تنسجم لا مع الواقع ولا مع القانون. فالخبير لم يستدع وكلاء الأطراف أو نوابهم قبل إنجاز الخبرة مما يشكل إخلالا صريحا للفصل 63 من ق م م . كما أنه لم يضمن بتقريره أقوال الأطراف وملاحظاتهم. كما أن الخبير خالف منطوق الحكم التمهيدي بشكل مقصود وعمد إلى احتساب مبلغ الضمانة في صلب التقرير. وبخصوص الطلب المضاد فإن العارضة بادرت إلى إشعارالمقاولة بواسطة المهندس المعماري المشرف على المشروع بقوائم مختلف النقائص المكتشفة في المشروع قصد العمل على القيام بإصلاحها ، إلا أنها لم تفعل رغم التوصل . وهذه العيوب تمثلت في وجود آثار لتسربات مائية ورطوبة على مستوى جدران الواجهات الخارجية للعمارات وكذا اختناق قنوات التهوية الخاصة بالعمارات بسبب عدم فتح الثقب الخارجي في الأسطح لبعث الهواء إلى الخارج مع عدم إنهاء أشغال التزفيت وعدم إنهاء الأشغال المتعلقة بالتجهيزات الخارجية. وفي كل الأحوال فإن حق المدعى عليها في الطلب المضاد في الطعن في الأمر بالخدمة الصادر عن العارضة بشأن قوائم العيوب والنواقص يكون قد سقط وبالتالي لاحق لها في إبداء أية ملاحظة بشأنه طبقا للمادة 9 من دفتر الشروط الإدارية العامة التي تنص صراحة في الفقرة الأخيرة على أنه إذا اعتبر المقاول أن الشروط الواردة في الأمر بالخدمة تتجاوز التزامات صفقته وجب عليه تحت طائلة سقوط الحق أن يوافي صاحب المشروع بشأنها بملاحظات مكتوبة ومعللة داخل أجل عشرة أيام من تاريخ تبليغ هذا الأمر بالخدمة، ولا يوقف الإعتراض تنفيذ الأمر بالخدمة إلا إذا أمر صاحب المشروع بما خالف ذلك. وأن عمل المدعى عليها لم يقتصر على العيوب التي اعترت المشروع بل تجاوزه إلى إلحاق الضرر بالسمعة والمصداقية التجارية للعارضة مع زبائنها والتي أثرت بشكل سلبي على مستقبل نشاطها في السوق العقاري. وأمام تعنت المدعى عليها في القيام بالإصلاحات الضرورية وعدم تسليم المشروع تسليما نهائيا ، فإنه يصبح من حق العارضة حجز الضمان النهائي طبقا للفقرة 2 من المادة 15 من دفتر الشروط العامة. كما أن من حق العارضة المطالبة بالغرامات المحددة في الفقرة 3 من المادة 15 المذكورة. ملتمسة إجراء خبرة مضادة تحترم الفصل 63 من ق م م وفي الطلب المضاد الحكم بحق العارضة في حجز الضمان النهائي إلى حين تنفيذ المدعى عليها لالتزامها المقابل والقيام بالإصلاحات الضرورية وبأدائها الغرامة الواردة في المادة المذكورة أعلاه مع الفوائد والنفاذ والصائر. وأرفقت مذكرتها بصورة لتقرير خبرة وصور لمحاضر معاينة وصور مراسلات.
وبناء على تعقيب المدعية الأصلية أن المدعى عليها سبق لها أن تقدمت بدعوى ضمان العيوب في الملف التجاري عدد 4205/03/5 وقضي لها بالتعويض عن التأخير وعن العيوب مما يكون معه الطلب المضاد الحالي غير مقبول لسبقية البت ، فضلا عن عدم تبلغها بأية قوائم عن العيوب لأن هذه الأخيرة من صنع المدعى عليها وفي وقت لاحق لإقامة الدعوى الحالية للإحتجاج بها لصالحها في نزاع هي طرف فيه . كما أن طلبها قد طاله التقادم. كما أن طلب الغرامة لا أساس له لأن كلا من المادة 15 و 12 من دفتر الشروط الإدارية تتعلق بالضمانات التي يقدمها المتنافسون من أجل الحصول على الصفقة وقبل بداية الأشغال ملتمسة الحكم بالمصادقة على تقرير الخبرة ورفض الطلب المضاد.
وبناء على تعقيب المدعى عليها أصليا أن الدعوى السابقة تتعلق بالأساس بالتعويض المترتب عن التأخيرات التي عرفها المشروع بسبب البطء في التنفيذ طبقا للمادة 15 من عقد الصفقة وكذا المادة 60 من دفتر الشروط العامة ، علاوة على التعويض على العيوب والنواقص التي بادرت العارضة إلى إصلاحها ، وبالتالي فإن موضوع هذه الدعوى يختلف بتاتا عن موضوع نازلة الحال نصا وموضوعا. فالدعوى السابقة لم تشر لموضوع الضمانة في حين أن الدعوى الحالية تتعلق بحق العارضة بحجز الضمان النهائي طبقا للفقرة الثانية من المادة 15 من دفتر الشروط الإدارية العامة والمنظمة لحقوق صاحب المشروع على الضمانات إلى حين تنفيذ المقاولة لإلتزامها المقابل وتسليمها المشروع تسليما نهائيا. أما بخصوص الزعم بعدم تبليغها بأية وقائع عن العيوب فهو غير جدي لأن العارضة سواء مباشرة أو بواسطة المهندس المعماري المشرف على المشروع رفقة مكتب المراقبة والتنسيق بلغوا المدعية أصليا بقوائم مختلف العيوب والنقائص المكتشفة في المشروع.وأن المدعية لم تبد أي تحفظ ، فضلا عن أن إنكارها التوصل بهذه القوائم يكذبه إقرار ممثلها القانوني في تصريحه المضمن في تقرير الخبرة المأمور بها في المسطرة السابقة. وبالرغم من هذا الإقرار واستعدادها لإصلاحها فإنها لم تصدر عنها أي بادرة ملموسة لترجمة ذلك على أرض الواقع. وفي جميع الأحوال فإن حقها في الطعن في الأمر بالخدمة قد سقط طبقا للمادة 9 من دفتر الشروط العامة. أما الدفع بالتقادم فهو غير جدير بالإعتبار لأن أجير الصنع يبقى ملتزما بضمان عيوب ونقائص صنعه طبقا للفصل 767 من ق ل ع . وأن الفصل 771 أحال على على الفصل 573 من ق ل ع بالنسبة لميعاد دعوى الرجوع وهي سنة من تاريخ التسليم. وبخصوص الزعم بأن طلب الغرامة الواردة في الفقرة الثالثة من المادة 15 من دفتر الشروط العامة لا أساس له في ملف النازلة ، يبقى زعما واهيا طالما أن الغرامة المذكورة تشكل الجزاء المترتب عن إخلال المقاول بإنجاز الضمان ، والذي يعطي الحق كذلك لصاحب المشروع في حجز الضمان النهائي عند الإقتضاء. وأن الطلب المضاد لم يفت أوانه لأن التسليم الذي قامت به المدعية أصليا ما هو إلا تسليم مؤقت وليس تسليما نهائيا. مؤكدة باقي دفوعها الأخرى. وأرفقت مذكرتها بصور لتقرير خبرة ومراسلات.
وبناء على تعقيب المدعية أصليا أن الطلب المضاد يبقى غير مقبول لأن المدعى عليها تقدمت به بعد الحكم تمهيديا بإجراء خبرة وإنجازها من الخبير المعين ، وأن القضية أصبحت جاهزة للحكم ، وبالتالي ما هو إلا محاولة لعرقلة البت في الدعوى الأصلية. وطبقا للفصل 113 من ق م م يتعين عدم قبول الطلب المضاد خاصة وأن المدعى عليها سبق لها الجواب. مؤكدة سابق دفاعها.
وبناء على تعقيب المدعى عليها أصليا أنه لايوجد أي نص قانوني يحول دون تقديم طلب عارض في أي مرحلة من مراحل سريان الدعوى طالما أن القضية لم تصبح جاهزة للفصل فيها. كما أن القضية راجت في عدة جلسات بعد تقديم الطلب المضاد مما يجعل جاهزيتها غير ذات أساس. مؤكدة سابق دفوعها وأرفقت مذكرتها بصور لمراسلة ومحضر معاينة.
وبناء على الحكم التمهيدي الثاني الصادر بتاريخ 18/7/2005 تحت رقم 1167 والقاضي بإرجاع المهمة للخبير قصد إعادة إجراءات الخبرة لعدم احترامه مقتضيات الفصل 63 من ق م م خاصة ما تعلق منها باستدعاء دفاع الطرفين بالبريد المضمون.
وبناء على التقرير المنجز من قبله بتاريخ 14/4/2006 أكد فيه النتيجة التي توصل إليها في تقريره السابق.
وبناء على مذكرة المدعية بعد الخبرة المؤدى عنها بتاريخ 5/6/2006 لاحظت فيها أن تمسك المدعى عليها بالإمتناع عن الأداء لوجود حجوز تحفظية لفائدة الغير كما جاء في تقرير الخبرة لامبرر له لأن هذه الحجوز تتعلق بحقوق للغير لا بتحديد دين العارضة في مواجهة المدعى عليها.كما أن الزعم بعدم التسليم النهائي لا أساس له ما دام التسليم الفعلي قد تم منذ تسليم العارضة شهادة التسليم المؤقت وما دامت الشقق موضوع الصفقة قد تم بيعها جميعها للأغيار منذ مدة طويلة ملتمسة الحكم لها بمبلغ 2.419.739،34 درهم عن أصل الدين مع الفوائد القانونية من تاريخ الإستحقاق في 22/5/2003 إلى يوم الأداء مع تعويض قدره 400.000 درهم مع النفاذ والصائر .
وبناء على مذكرة المدعى عليها بعد الخبرة المدلى بها خلال فترة المداولة أن الخبير أمعن في الوصول إلى نفس النتائج المتوصل إليها في التقرير الأول . كما أن العارضة أدلت له بمجموعة من الأحكام الصادرة عن المحكمة التجارية بالدارالبيضاء والتي بوشرت بشأنها إجراءات حجز تنفيذي ضد المدعية أصليا بين يدي العارضة إلا أن الخبير لم يحتسب المبالغ المحجوزة والمنفذة لفائدة الأطراف الحاجزة رغم إشارته إليها في صلب تقريره. وبالتالي فإن التقرير بعيد عن الحياد. مؤكدة سابق دفوعها وملتمسة إجراء خبرة جديدة مع الحكم وفق طلبها المضاد.
وبناء على ادراج القضية اخيرا بجلسة 14/11/2006 فحضر نائب المدعية وتخلف نائب المدعى عليها فتقرر حجز القضية للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 5/12/2006.
التعليـل
بعد الاطلاع على جميع وثائق الملف وبعد المداولة طبقا للقانون:
في الطلب الأصلي:
في الشكل
حيث ان المقال مستوف لجميع الشروط الشكلية المطلوبة قانونا واديت عنه الرسوم القضائية فتعين التصريح بقبوله شكلا.
في الموضوع
حيث ان الطلب يهدف إلى الحكم بما هو مسطر أعلاه.
وحيث أجابت المدعى عليها بالدفوع المشار إليها صدره.
وحيث إن الإشكال القانوني الذي كان على المحكمة أن تجيب عليه قبل صدور الحكم التمهيدي الأول ، هو مدى أحقية المدعية في استرجاع مبلغ الضمان المحدد في 10 في المائة في حال إبرام تأمين لضمان المسؤولية العشرية المنصوص عليها في الفصل 769 من ق ل ع .
وحيث إن لجوء المحكمة إلى الخبرة كان مرده بعد تحديد ثمن الصفقة ، تحديد المبالغ التي توصلت بها المدعية خارج مبلغ الضمان المشار إليه أعلاه لأن هذا الأخير هو الذي يشكل المحور الذي يدور حوله النزاع ، وأن الخبرة كانت للتأكد من عدم مديونية المدعى عليها بأي مبلغ آخر خارج مبلغ الضمان المذكور خصوصا بعد منازعة المدعية في التوصل بمبالغ ادعت المدعى عليها أنها أديت للمدعية بواسطة شيكين أدلي بصورة لهما.
لكن ، حيث إنه بعد الخبرة استجدت وقائع جديدة تمثلت في صدور حكم بتاريخ 24/3/2004 قضى على المدعية حاليا بأدائها للمدعى عليها ، فضلا عن التعويض الجزائي الناجم عن التأخير في الإنجاز، بمبالغ عن العيوب في البناء حددها في مبلغ 437.000 درهم.
وحيث أن الإشكال الذي يتعين الفصل فيه بعد صدور الحكم المذكور، هو هل من حق المدعية أن تسترجع مبلغ الضمان علاوة على الدين المتبقي من الصفقة بعد حصول المدعى عليها على حكم بتعويضها عن العيوب المكتشفة في البناء ، وما مدى أثر الحكم المذكور على مسألة التسليم النهائي الذي يعتبر شرطا ينطلق منه الأجل لتسليم مبلغ الضمان.
وحيث إنه من جهة أولى ، فلاجدال أن المدعية لازالت دائنة للمدعى عليها بمبلغ 141.048،74 درهم وهو دين أصلي لاعلاقة له بمبلغ الضمان وبالتالي هو خارج عن نطاق النقاش القانوني.
وحيث إنه بالنسبة لمبلغ الضمان المقتطع من ثمن الصفقة ، فإن الأصل فيه أنه وديعة يحتفظ بها صاحب المشروع ولا يسلمها للمقاول إلا بعد التسليم النهائي للأشغال. ومادام أن هذا الأخير لايتم إلا بعد سنة من تاريخ التسليم المؤقت فإن المبلغ المقتطع يشكل ضمانة بين يدي صاحب المشروع لحث المقاول على القيام بالتزاماته المتعلقة بإصلاح الشوائب أو العيوب قبل انتهاء السنة وفي حالة امتناعه يسند تنفيذ الأشغال إلى مقاولة أخرى من اختيار صاحب المشروع على نفقة المقاول.
وحيث إنه إذا كان التأمين عن المسؤولية العشرية لايعطي الحق للمقاول في استرجاع مبلغ الضمان المقتطع ، لأن هذا التأمين يغطي المسؤولية عن فترة تمتد من تاريخ التسليم النهائي وتستمر على مدى عشر سنوات – وهذا هو الإشكال القانوني الوحيد الذي احتفظت المحكمة بالجواب عليه إبان صدور الحكم التمهيدي الأول – في حين أن الضمان المقتطع هو آلية مالية تجبر المقاول على تنفيذ إلتزاماته الممتدة مابين التسليم المؤقت والتسليم النهائي ، وبالتالي لاعلاقة لهذا الأمر بذاك ، فإن قيام المدعى عليها بمقاضاة المدعية من أجل ضمان العيوب بعد التسليم المؤقت وحصولها على تعويض بكافة الأضرار التي اكتشفتها إلى غاية صدور الحكم بتاريخ 24/3/2004 لا ينزع عن المدعى عليها الحق في حبس مبلغ الضمان مادام لم يثبت أن الحكم الصادر بالتعويض قد أصبح نهائيا وأنها استوفت منه التعويض المحكوم به. علما أن المحكمة لايمكنها ، في غياب ما يفيد صيرورة الحكم نهائيا وأيضا تقدم المدعية بطلب نظامي يرمي إلى المقاصة مابين المبلغ المحكوم به و مبلغ المقتطع برسم الضمانة ، أن تقوم من تلقاء نفسها بعملية المقاصة طبقا لأحكلام الفصل 358 من ق ل ع.
وحيث أن الحجزين لدى الغير المدلى بهما لا أثر لهما على المبلغ المحكوم به ما دام أن المبلغ المتبقي بين يدي المدعى عليها يغطي قيمتهما معا.
وحيث إنه استنادا للتعليلات المبسوطة أعلاه وأخذا بنتائج الخبرة الحسابية يكون من حق المدعية أن تحصل من المدعى عليها فقط على ما تبقى من مبلغ الصفقة وقدره 141.048،74 درهم .
وحيث إن باقي طلب المدعية ليس له ما يبرره.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل الصائر.
في الطلب المضاد:
في الشكل :
حيث إن الطلب المضاد قدم مستوفيا للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.
في الموضوع:
حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بحق المدعية بحجز الضمان النهائي إلى حين تنفيذ المدعى عليها للإصلاحات الضرورية المتضمنة في قوائم العيوب ، وتسليم المشروع تسليما نهائيا. وبأداء المدعى عليها للغرامة الواردة في الفقرة الثالثة من المادة 15 من دفتر الشروط الإدارية العامة.
وحيث إنه بالنسبة للشق الأول من الطلب ، وإذا كانت المادة 15 من دفتر الشروط العامة تنص على أن حجز الضمان النهائي يمكن أن يتم عند الإقتضاء في الحالات المنصوص عليها في هذا الدفتر وفقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل ، فإن المادة 70 من نفس الدفتر نصت على أن حجز الضمان يمكن أن يكون في حال فسخ الصفقة وفي جميع الأحوال يتم استعمال المبلغ المحجوز في تنفيذ الصفقة بواسطة مقاولة أخرى وفقا للأحكام التفصيلية التي أوردتها المادة 70 من الدفتر.
وحيث إن المحكمة سبق لها أن بينت في حيثياتها أعلاه أن المدعية الأصلية لاحق لها في الحصول حاليا على مبلغ الإقتطاع الضامن وبالتالي فإن طلب الحجز على مبلغ الإقتطاع يكون غير ذي موضوع لأن الغاية منه قد تحققت بعدم السماح للمقاولة باسترجاعه ويتعين بالتالي رفض هذا الشق من الطلب.
وحيث إنه بالنسبة للشق الثاني من الطلب فإن المحكمة برجوعها إلى مقتضيات المادة 15 من دفتر الشروط العامة والمواد 12 و13 و14 المرتبطة بها اتضح لها أن الغرامة المطلوب الحكم بها تتعلق بمسألة تأسيس الضمان النهائي المنصوص عليه في دفتر الشروط الخاصة داخل أجل 30 يوما التي تلي تبليغ المصادقة على الصفقة ، وبالتالي فلاعلاقة لذلك بالمنازعات القائمة بخصوص تنفيذ الصفقة لأن الغرامة المذكورة تتعلق بالفترة الأولية للتعاقد وقبل التنفيذ وهو أمر أصبح متجاوزا ، هذا فضلا عن أن عقد الصفقة في فصله 17 أعفى المدعى عليها من تكوين الضمانة وبالتالي لا محل لتطبيق أي غرامة .
وحيث تعين تبعا لذلك التصريح بعد ارتكاز الطلب المضاد على أساس وبالتالي رفضه.
وحيث تعين إبقاء الصائر على رافعة الطلب.
وتطبيقا للفصول 1-3-31-32-49-124-147 من قانون المسطرة المدنية و 5 من قانون احداث المحاكم التجارية.
لهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة علنيا- ابتدائيا وحضوريا.
في الطلب الأصلي:
في الشكــل:
بقبول الدعوى.
في الموضوع:
1 – باداء المدعى عليها لفائدة المدعية مبلغ ( 141.048،74 درهم ) مائة وواحد وأربعون ألفا وثمانية وأربعون درهما و74 سنتيما مع الفوائد القانونية من تاريخ الحكم مع الصائر بنسبة المبلغ المحكوم به وبإلغاء باقي الطلب على حالته.
في الطلب المضاد: قبوله شكلا ورفضه موضوعا مع تحميل رافعته الصائر.
وبهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه.