X

مسؤولية بنكية – الخطأ – وجوب إثباته

القاعدة:

ادعاء المدعي أن البنك تجاهله وتركه يواجه مصيره لوحده في إطار ملف يتعلق بالبنك يوجب على المدعي أن يبين للمحكمة من أين استقى التزام البنك في أن ينصب عنه دفاعا، إذ أن هذا لا يمكن أن يعتبر خطأ إلا إذا كان منصوصا عليه في القانون أو في العقد أو النظام الأساسي لمستخدمي البنك.

ما دام لم يثبت للمحكمة أن وجوب تنصيب دفاع عن المدعي هو التزام قانوني أو عقدي يعتبر تركه خطأ يوجب المسؤولية فإن أحد عناصر قيام المسؤولية غير متوفر مما تكون معه دعوى التعويض فاقدة لأهم أركانها و يتعين الحكم برفضها.

الحكم عدد 6342 الصادر بتاريخ 2009/05/26 في الملف رقم 2008/17/11046

باسم جلالة الملك

بتاريخ 26/05/2009 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

جمال السنوسي رئيسا ومقررا.

نادية زهيري عضوا.

عبد السلام خمال عضوا.

بمساعدة  هشام مبروك كاتب الضبط.

في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

بين: الحاج احمد الربيعي الساكن بتجزئة موسمار رقم 30 حي الهناء الدارالبيضاء.

نائبه الأستاذ خالد ايت بهي المحامي بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة.

وبين: التجاري وفا بنك ش م في شخص ممثله القانوني بمقره الكائن 2 شارع مولاي يوسف الدارالبيضاء.

نائبته الأستاذتان بسمات والعراقي المحاميتان بهيئة الدارالبيضاء.

                                                    من جهة أخرى.



                                      الوقائــع:

بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 28/11/2008 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيـه المدعي بواسطـة نائبه أنه كان يعمل لدى المدعى عليه كرئيس للقسم القانوني إلى أن أحيل على التقاعد، وخلال اندماج البنك الاسباني مع بنك الوفاء توفي زبون للمدعى عليه بوكالة العرائش اسمه ادريس رابع، فنشب نزاع بين ورثته ومدير الوكالة بسبب الادعاء بوجود أموال منقولة ( أكثر من سبعة ملايير) وخزائن حديدية استولى عليها البنك مطالبين باسترجاعها، وتبعا لذلك وباعتبار العارض مسؤولا قانونيا بالوكالة المركزية فقد تم تكليفه من طرف السيد بناني الفخامة بصفته مديرا للوكالات المركزية بالتحري في الموضوع ومساعدة الورثة المذكورين، فبدأ بالمهمة الموكولة إليه بأن كلف مدير التفتيش بالانتقال إلى مدينة العرائش والبحث في الملف وموافاته بتقرير مفصل، وقد خلص تقرير المفتشية إلى عدم جدية مزاعم الورثة وأن حساب الهالك لا توجد به كل تلك المبالغ، وبعد توصله به أخبر الورثة بالنتيجة فما كان منهم إلا أن تقدموا بشكاية في مواجهته شخصيا بالمشاركة في تزوير أسفرت عن اعتقاله وإيداعه السجن، وقد وجد العارض نفسه محشورا في ملف لا علاقة له به أصلا باستثناء مسؤوليته المهنية بصفته رئيس القسم القانوني بالبنك، ولأنه في إطار مأموريته قام بإخطار الورثة بالنتيجة وهو في ذلك يمتثل لأوامر مشغلته مما أفرز عدم رضا الورثة وتعرضه للسجن لأكثر من شهر، وقد طالب البنك أثناء تواجده بالسجن بمده بوثائق الملف وكافة المعلومات المرتبطة به ومؤازرته في محنته بتوكيل محامي البنك، إلا أن طلباته ووجهت بالتجاهل وترك لوحد يواجه مصيره لا أمام السيد وكيل الملك ولا أمام السيد قاضي التحقيق، ولأنه وكل محاميا وحصل على السراح المؤقت ثم بعد ذلك تأكدت براءته ابتدائيا واستئنافيا، ولأن تصرف البنك تسبب له في أضرار منها إصابته بمرض السكري وأمراض نفسية وتكبده مصاريف في العلاج والتقاضي وتنقلاته المستمرة بين العرائش وطنجة إضافة إلى فقد حريته لأكثر من شهر، لأجله فهو يلتمس الحكم على المدعى عليه بأن يؤدي له تعويضا مسبقا قدره 200.000 درهم وإجراء خبرة لتحديد الضرر النفسي والصحي اللاحق به وتحديد تعويض مناسب عنه لاسيما مرض السكري، وحفظ حقه في تقديم طلباته بعدها، وأدلى بمذكرة أرفقها بصور لقرار قاضي التحقيق ومحضر الضابطة والحكم الابتدائي والقرار الاستئنافي وطلب السراح المؤقت.

وبناء على جواب المدعى عليه أن الطلب غير مقبول لأنه يتعلق بإجراء خبرة حسابية وهي لا يمكن طلبها بواسطة طلب أصلي، واحتياطا فإن النيابة العامة هي التي قررت متابعته، وأنه قدم له جميع الوثائق الضرورية لتأمين دفاعه، وأن الملف الجنحي يتوفر عليها، كما أن متابعته تمت بناء على شكاية موجهة ضده بصفة شخصية من قبل السيد رابح محمد وليس من قبل البنك العارض في فترة كانت العلاقة التبعية بينهما قد انتهت بالتقاعد، ومع ذلك فقد كلف محاميه الأستاذ أحمد أشهبار للدفاع عن المدعي كما يتجلى من طلب تسجيل المؤازرة المدلى به ، ومن جهة أخرى فإن العارض لم يرتكب أي خطأ يذكر لأنه أمن دفاعا للمدعي في شخص الأستاذ أحمد اشهبار الذي رفض من طرف المدعي، كما مده بجميع الوثائق، وقد كان عليه أن يوجه شكاية من أجل الوشاية الكاذبة ضد المشتكين ما دام قد حصل على حكم بالبراءة لا أن يقيم هذه الدعوى ضد البنك، وبالتالي فإن عناصر المسؤولية غير قائمة، مستشهدا باجتهادات قضائية في موضوع الدفوع المثارة وملتمسا الحكم أساسا بعدم قبول الدعوى واحتياطا برفض الطلب. وأرفق مذكرته بكتاب النيابة في الدفاع.

وبناء على المقال الإصلاحي المؤدى عنه بتاريخ 6/4/2009 التمس فيه الحكم له بتعويض إجمالي قدره 200.000 درهم مع الفوائد والنفاذ والصائر والإشهاد على تنازله عن طلب إجراء الخبرة.

وبناء على تعقيب المدعى عليه أن المدعي لم يعزز طلبه الإصلاحي بأي وثيقة تعزز استحقاقه للتعويض، وأنه لم يكلف نفسه عناء التعقيب على المذكرة السابقة مما يشكل إقرارا بما جاء فيها.

وبناء على إدراج القضية بجلسة 12/5/2009 فحضر نائب المدعى عليه وتخلف نائب المدعي رغم إعلامه فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 26/5/2009.

التعليـــل

بعد الاطلاع على جميع  وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.

في الشكل:

حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبول الدعوى شكلا.

في الموضوع:

حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.

وحيث أجاب المدعى عليه بالدفوع المشار إليها صدره.

وحيث إن الخطأ المنسوب للبنك حسب المقال، هو امتناعه عن مد المدعي بالوثائق الضرورية للدفاع عن نفسه وتجاهله له في محنته التي كانت بسبب عمله وعدم توكيل محام للدفاع عنه.

وحيث إنه بالنسبة لعدم مد المدعي بالوثائق فلا شيء بالملف يفيد هذا الامتناع، علما أنه أمر يمكن إثباته بمجرد الطلب وعدم الاستجابة، كما أن المحكمة بعد اطلاعها على وثائق الملف خاصة، محضر الضابطة وأمر السيد قاضي التحقيق والحكم والقرار الجنحيين تبين لها أن الملف كان يتوفر على الوثائق التي مكنت المحكمة الجنحية من البت، كما أن الضابطة استمعت لكل من له علاقة بالقضية بما في ذلك مستخدمي البنك وأخذت نسخا من الوثائق وتمت مقارنتها مع الوثيقة التي ادعي أنه طالها التزوير، وبالتالي فإن هذا الفعل يبقى غير ثابت في حق المدعى عليه.

وحيث إنه بالنسبة لتجاهل البنك للمدعي وتركه يواجه مصيره لوحده، فإن المدعي لم يبين للمحكمة من أين استقى التزام البنك في أن ينصب عنه دفاعا، فهذا الفعل لا يمكن أن يعتبر خطأ إلا إذا كان منصوصا عليه في القانون أو في العقد أو النظام الأساسي لمستخدمي البنك، آنذاك يصح القول، في إطار التعريف القانوني للخطأ، وهو ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه، أن البنك تصرف بخلاف ما كان يوجبه عليه العقد أو النظام ويشكل تصرفه خطأ يستوجب المساءلة، وما دام لم يثبت للمحكمة أن وجوب تنصيب دفاع عن المدعي هو التزام قانوني أو عقدي يعتبر تركه خطأ يوجب المسؤولية فإن أحد عناصر قيام المسؤولية غير متوفر مما تكون معه دعوى التعويض فاقدة لأهم أركانها و يتعين الحكم برفضها.

وحيث تعين إبقاء الصائر على رافع الطلب.

لهذه الأسبـــــاب

حكمت المحكمة  علنيا ـ ابتدائيا وحضوريا.

في الشكل: قبول الدعوى.

في الموضوع: برفض الطلب وتحميل رافعه الصائر.

وبهذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم  والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.

 

رجل قانون:
مواضيع متعلقة