X

المحكوم بعقوبة جنائية – أهلية التقاضي

الحكم عدد 8081 بتاريخ 2009/07/14 في الملف رقم 2008/6/3373

القاعدة:

إذا كان المدعي يعتمد الحجر القانوني الذي يرزح تحته بمقتضى الحكم الجنائي الذي صدر ضده، والذي يعتبر عقوبة إضافية تبعية تنتج عن العقوبة الجنائية وتطبق في حق المحكوم عليه بقوة القانون بدون حاجة إلى النطق بها في القرار،  فإن نفس السبب يحول بينه وبين رفع هذه الدعوى، مادام المشرع في المادة 38 من مجموعة القانون الجنائي عرف الحجر القانوني بأنه إجراء يحرم المحكوم عليه من مباشرة حقوقه المالية طوال مدة تنفيذ العقوبة الأصلية.

 حق التقاضي يدخل في دائرة المنع باعتبار أن المحجور عليه لا أهلية له ويمارس حقوقه بواسطة الوصي القضائي المعين الذي يتولى الإشراف على إدارة أموال المحجور وحمايتها.

 ما يؤكد انصراف الحجر إلى انعدام أهلية التقاضي هو ما نصت عليه المادة 271 من مدونة الأسرة التي تطبق بشأن المقدم المعين من القضاء للقيام بمصالح المحجور والتي تمنعه، من غير إذن القضاء، أن يتنازل عن حق أو دعوى تهم المحجور أو يجري الصلح أو يقبل التحكيم، وهو ما يعني أن من يرفع الدعاوى هو المقدم.

في نفس المعنى نصت المادة 263 من نفس المدونة على أن المحجور الذي يرفع عنه الحجر يحتفظ بحقه في رفع الدعاوى ضد المقدم، ولا يبدأ تقادم هذه الدعوى إلا من تاريخ رفع الحجر مما يعني أيضا أنه طيلة فترة الحجر لا أهلية له لمباشرة هذه الدعوى، و لا مجال لسريان التقادم في مواجهته لانعدام الأهلية لديه، وهو ما يتماشى أيضا مع مقتضيات الفصل 379 من قانون الالتزامات والعقود التي تنص على عدم سريان التقادم ضد القاصرين غير المرشدين وناقصي الأهلية الآخرين إذا لم يكن لهم وصي أو مساعد قضائي أو مقدم.

 

باسم جلالة الملك

بتاريخ 14/07/2009 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

جمال السنوسي رئيسا ومقررا.

نادية زهيري عضوا.

عبد السلام خمال عضوا.

بمساعدة  هشام مبروك كاتب الضبط.

في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

بين: منير الرماش الكائن بشارع الحسن الثاني عمارة بوطحين الطابق الثاني رقم 10 تطوان.

نائبه الأستاذان أحمد أبو يحيى المحامي بهيئة تطوان والجاعل محل المخابرة معه بمكتب الأستاذ لحمادي عبد المحامي بهيئة الدارالبيضاء وعبد الحق بولكوط المحامي بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة.

وبين: 1- الشركة الأندلسية شركة مدنية عقارية في شخص ممثله القانوني بمقرها الكائن بحي الراسينغ 91 شارع المسيرة الخضراء الدارالبيضاء.

2- ثريا التطواني اكوياح 3- ارحيمو الشاوي القاطنتين بنفس العنوان أعلاه.

 4- البنك المغربي للتجارة والصناعة ليزينك ش م في شخص ممثله القانوني بمقره الكائن47 زنقة علال بن عبد الله.

والمدخلة في الدعوى: 1- شركة كالم انترناسيونال KALM INTERNATIONAL بشريك وحيد ش ذ م م بمقرها الكائن بالرقم 11 زنقة حسن الصغير المعاريف الدارالبيضاء.

2- شركة موحوداي ش ذ م م بمقرها الكائن 91 شارع المسيرة الخضراء الدارالبيضاء.

بحضور: المحافظ العقاري بالمعاريف.

ليلى تورتوت الكائنة بحي الراسينغ 91 شارع المسيرة الخضراء.

ينوب عن الأولى والثانية والمطلوب حضورها الثانية الأستاذان محمد بلحمر و أيوب بن محمد دارع و عن الرابع الأستاذ محمد فخار المحامون بهيئة الدارالبيضاء وعن الثانية الأستاذ نور الدين بنسرغين المحامي بهيئة الرباط 

                                                              من جهة أخرى.



الوقائــع:

بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 10/10/2008 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيه المدعي بواسطة دفاعه أنه يستفاد من محضر الجمع العام الاستثنائي المرفق بالطلب أنه بتاريخ 2 يوليوز اجتمع شركاء الشركة المسماة الأندلسية في جمع عام استثنائي وكان حاضرا فيه السيدة ليلى تورتوت باسمها وبصفتها وكيلة عن العارض بموجب توكيل عرفي بتاريخ 4/9/2004 والسيدة ارحيمو الشاوي والسيدة ثريا التطواني تمثله حفيظة التطواني اكوياح بموجب توكيل عرفي بتاريخ 6/1/2003، وكان جدول أعماله المصادقة على بيع حصص الاشتراك واستقالة المسير ومنح الإبراء له وتعيين مسير جديد وقضايا مختلفة، وبعد المناقشة المختصرة تم اتخاذ قرارات بالإجماع وهي تحويل حصص الاشتراك بحيث أصبحت أموال الشركة موزعة بين ثلاث شركاء وهن ارحيموا الشاوي ب 980 حصة وليلى تورتوت ب 10 حصص وثريا التطواني اكوياح ب 10 حصص، وعملية التحويل هاته كانت بموجب عقد عرفي بتاريخ 2/7/2004 فوت بموجبه العارض، الذي تمثله السيدة ليلى تورتوت، 980 حصة اشتراك التي كان يحملها في الشركة المذكورة للسيدة ارحيمو الشاوي، وعقب هذا القرار سجل الجمع استقالة العارض ومنحه الإبراء ثم عين الجمع السيدة ليلى تورتوت كمسيرة لمدة غير محددة وتم منحها جميع السلطات الواردة في الفصول 11 و 12 و 13 من القانون الأساسي وعقب ذلك كله يكون الفصلان 6 و 11 من القانون الأساسي قد تم تعديلهما بما يساير التعديلات المدخلة على توزيع الحصص، لكن حيث يتجلى من المحضر المذكور أنه نص في قراره الأول على المصادقة على التفويت، وتحويل الحصص، وفي القرار الثاني سجل استقالة العارض علما أن الحقيقة خلاف ذلك، لأن العارض لم يقم في يوم من الأيام بتحويل حصص اشتراكه في رأس مال المدعى عليها ارحيمو الشاوي ونفس الشيء ينطبق على الاستقالة، والحال أنه لصحة المحضر المذكور يتعين أن يكون عقد بيع الحصص صحيحا في حين أن القرار الجنائي يثبت فقها وقضاء أنه محجر عليه قانونا وقبل تحرير عقد بيع الحصص وهو ما يقتضي القول ببطلان هذا المحضر، وعلاقة بمضمون العقد أي عقد تأسيس الشركة المدعى عليها يثبت أنه شريك فيها بحسب 980 حصة كما أن عقد تأسيس شركة موحوداي يثبت قانونا أنه بموجبه ألغيت الشركة المدعى عليها من الوجود بصفة نهائية وحلت محلها شركة موحوداي، وتطبيقا لعقد البيع فإن الشركة الجديدة قد باعت لشركة كالم انترناسيونال مضمون شهادتي الملكية المشتركة الصادرتين عن المحافظة العقارية، وبالتالي فإن العارض قد أصابه ضرر جسيم من بيع حصته في الشركة المدعى عليها، لأجله فهو يلتمس الحكم بإبطال محضر الجمع العام المذكور مع ترتيب الآثار القانونية عن ذلك البطلان ودون أن يكون هذا البطلان مطلوبا من الطالب قضاء لثبوت التحجير القانوني عليه حسب مقتضيات القرار الجنائي مع تحميل المدعى عليها الصائر.

وبناء على المقال الإضافي والإصلاحي وإدخال الغير المؤدى عنه بتاريخ 18/7/2008 أنه سبق له أن تقدم بطلب بطلان محضر الجمع العام الاستثنائي المؤرخ في 2/7/2004 للشركة الأندلسية وكذا عقد تأسيسي لشركة موحوداي، وأن هذه الأخيرة باعت العقارين ذي الرسمين عدد 94705/01 و 94703/01 إلى شركة كالم انترناسيونال التي باعت بدورها العقار الثاني للبنك المغربي للتجارة والصناعة بمقتضى عقد موثق مؤرخ في 27/7/2007، وأنه يتعين إبطال عقدي البيع المبرمين بين شركتي موحوداي وكالم انترناسيونال والبنك وأمر المحافظ بالتشطيب على العقود المذكورة من الرسمين العقاريين بمجرد صيرورة الحكم نهائيا وتحميل الخاسر الصائر.

وبناء على المقال الإصلاحي وإدخال المؤدى عنه بتاريخ 11/9/2008 أعرب فيه المدعي عن رغبته إدخال شركة كالم انترناسيونال في الدعوى بعد إغفاله إدخالها.

وبناء على مقال الإدخال المؤدى عنه بتاريخ 16/12/2008 التمس فيه المدعي إدخال شركة موحوداي في الدعوى.

وبناء على جواب البنك أن المدعي ذكر في مقاله أنه بمقتضى القرار الجنائي فهو محجر عليه قانونا وقبل تحرير عقد بيع الحصص، ولأن القرار المرفق يستفاد منه أن المدعي محكوم عليه فعلا بأكثر من عشرين سنة سجنا نافذا ولأن الفصل 26 من القانون الجنائي نص على أنه بمجرد صدور حكم بعقوبة حبسية لمدة تتجاوز 20 سنة يتم تجريد المحكوم عليه من الحقوق الوطنية التي يتمتع بها سائر المواطنين ومن بينها الحق في التقاضي، مما تكون معه دعواه غير مقبولة لصدورها عن شخص لا يتوفر على الأهلية طبقا للفصل 1 من ق م م . واحتياطيا فإن المدعي بنفسه صرح في مقاله أن السيدة ليلى تورتوت باسمها وبصفتها وكيلة عنه بموجب توكيل عرفي بتاريخ 4/9/2001، ولا يوجد بالملف ما يفيد أن هاته الوكالة مطعون فيها بالزور أو غير صادرة أو موقعة منه أو ما يفيد تطبيق مقتضيات الفصل 929 من ق ل ع الخاصة بانتهاء الوكالة ملتمسا الحكم بعدم قبول الطلب.

وبناء على تعقيب المدعي أن المدعى عليه لم يطلع على قرار الإدانة الذي قضى بالسجن وليس الحبس لمدة عشرين سنة وليس أكثر، كما أن الفصل 26 من القانون الجنائي ينص على العقوبات الإضافية وهي لم يعاقب بها العارض ولو كان القرار قد أضافها فإنها لا تتضمن الحرمان من التقاضي بل تقضي بالحرمان من الإدلاء بالشهادة فقط، أما موضوعا فإن العارض ركز في أسباب الطعن على كونه محجور عليه قانونا ولا يمكنه التصرف في أمواله لا بصفته الشخصية ولا بواسطة الوكيل ملتمسا الحكم وفق مذكراته السابقة، وأرفق مذكرته بنسخة مطابقة من عقد البيع ونسخة من قرار المجلس الأعلى.

وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 16/6/2009 فحضر نواب الأطراف وتخلفت المدعى عليها الأولى وكذا المدخلة شركة موحوداي ونصب قيم في حقهما المدعي فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 14/7/2009.

التعليـــل

بعد الاطلاع على جميع  وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.

حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.

وحيث أجاب البنك المدعى عليه بالدفوع المشار إليها صدره.

وحيث إنه إذا كان المدعي يعتمد الحجر القانوني الذي يرزح تحته بمقتضى الحكم الجنائي الذي صدر ضده، والذي يعتبر عقوبة إضافية تبعية تنتج عن العقوبة الجنائية وتطبق في حق المحكوم عليه بقوة القانون بدون حاجة إلى النطق بها في القرار، وذلك للمطالبة بإبطال محضر الجمع العام والعقود المبرمة بعده، فإن نفس السبب يحول بينه وبين رفع هذه الدعوى، مادام المشرع في المادة 38 من مجموعة القانون الجنائي عرف الحجر القانوني بأنه إجراء يحرم المحكوم عليه من مباشرة حقوقه المالية طوال مدة تنفيذ العقوبة الأصلية.

وحيث إن حق التقاضي يدخل في دائرة المنع باعتبار أن المحجور عليه لا أهلية له ويمارس حقوقه بواسطة الوصي القضائي المعين الذي يتولى الإشراف على إدارة أموال المحجور وحمايتها.

وحيث إن ما يؤكد انصراف الحجر إلى انعدام أهلية التقاضي ما نصت عليه المادة 271 من مدونة الأسرة التي تطبق بشأن المقدم المعين من القضاء للقيام بمصالح المحجور والتي تمنعه، من غير إذن القضاء، أن يتنازل عن حق أو دعوى تهم المحجور أو يجري الصلح أو يقبل التحكيم، وهو ما يعني أن من يرفع الدعاوى هو المقدم.

وحيث إنه وفي نفس المعنى نصت المادة 263 من نفس المدونة على أن المحجور الذي يرفع عنه الحجر يحتفظ بحقه في رفع الدعاوى ضد المقدم، ولا يبدأ تقادم هذه الدعوى إلا من تاريخ رفع الحجر مما يعني أيضا أنه طيلة فترة الحجر لا أهلية له لمباشرة هذه الدعوى، و لا مجال لسريان التقادم في مواجهته لانعدام الأهلية لديه، وهو ما يتماشى أيضا مع مقتضيات الفصل 379 من قانون الالتزامات والعقود التي تنص على عدم سريان التقادم ضد القاصرين غير المرشدين وناقصي الأهلية الآخرين إذا لم يكن لهم وصي أو مساعد قضائي أو مقدم.

وحيث يتأكد مما سبق أن المحجور عليه قانونيا لا أهلية له للتقاضي بشأن حقوقه المالية مما يكون معه الطلب المقدم من المدعي رأسا وهو في وضعية الحجر القانوني صادر عن غير ذي أهلية مما يتعين الحكم بعدم قبوله.

وحيث تعين إبقاء صائر الطلب على الخاسر.

وتطبيقا للقانون.

لهذه الأسبـــــاب

حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا وحضوريا بعدم قبول الدعوى وتحميل رافعها الصائر.

وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم  والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.

رجل قانون:
مواضيع متعلقة