الحكم عدد 13061 بتاريخ 2008/12/23 في الملف رقم 2007/17/8582
القاعدة
طبقا للمادة 112 من مدونة التجارة فإن المشرع اكتفى فيها بإلزام المالك الذي يقيم دعوى فسخ عقد كراء العقار الذي يستغل فيه أصل تجاري مثقل بتقييدات بتبليغ طلبه إلى الدائنين المقيدين سابقا في الموطن المختار المعين في تقييد كل منهم، ثم ألزم المحكمة التي تنظر في الطلب ألا تصدر الحكم إلا بعد ثلاثين يوما من هذا التبليغ.
لا يستشف من ظاهر النص المذكور أن المشرع أراد أن يرتب أي التزام على عاتق الدائن المقيد كأداء الكراء أو الدفاع في موضوع دعوى الفسخ أو ما شابه ،
إيراد المادة المذكورة ضمن الباب المتعلق بالأحكام المشتركة بين بيع الأصل التجاري ورهنه، في الفصل المتعلق بإنجاز الرهن، وبحثه ضمن هذا الفصل، وعلى امتداد الفقرات الست من المادة 111 حقوق الدائن المرتهن المتعلقة بالأصل التجاري في حالة نقله، سواء بإعلام الدائن أو بغيره، وترتيبه نتيجة أساسية وهي استحقاق الدين، فإن انتقاله إلى المادة 112 وتقرير التزام في حق المالك الذي يمارس دعوى فسخ العقار الذي يستغل فيه الأصل، ما هو إلا تأكيد على استمرار المشرع في إحاطة الديون المرتبطة بالأصل التجاري بضمانات حفاظا على حقوق الدائنين ليس إلا.
النتيجة التي يمكن استخلاصها من ذلك هي أن النص المعتمد من طرف المدعية إنما سن لمصلحة الدائن وليس ضده ولا يرتب أي التزام عليه سواء في مواجهة المدين أو الأصل التجاري نفسه.
المقتضيات القانونية المتعلقة بالرهن الحيازي، تتماشى مع طبيعة هذا الرهن الذي يصبح فيه الشيء المرهون تحت حيازة الدائن، وبالتالي كان من الطبيعي تقرير التزامات الحفاظ عليه في جانب الدائن المرتهن رهنا حيازيا تحت طائلة المساءلة، وبالتبعية فإن هذه المقتضيات لا يمكن تطبيقها على رهن الأصل التجاري الذي لا يخرج من يد المدين المرتهن.
باسم جلالة الملك
بتاريخ 23/12/2008 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.
وهي مؤلفة من السادة:
جمال السنوسي رئيسا ومقررا.
خديجة وراق عضوا.
عبد السلام خمال عضوا.
بمساعدة هشام مبروك كاتب الضبط.
في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:
بين: شركة ايما فراك ش م في شخص ممثلها القانوني بمقرها الكائن 216 شارع ابراهيم الروداني الدارالبيضاء.
نائبتها الأستاذ مراد حركات المحامي بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة.
وبين: البنك الشعبي ش م في شخص ممثله القانوني بمقره الكائن بالرقم 12 شارع مولا يوسف الدارالبيضاء.
نائبه الأستاذان محمد الفاسي وعبد الواحد بن جلون المحاميان بهيئة الدارالبيضاء.
من جهة أخرى.
الوقائــع:
بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 16/8/2007 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية تعرض فيه المدعية بواسطة نائبها أنها متخصصة في صناعة الملابس الجاهزة وتملك الأصل التجاري المتعلق بها عدد 52381 المسجل بالسجل التجاري بالمحكمة التجارية، وفي إطار معاملاتها قامت برهن أصلها التجاري المذكور لفائدة المدعى عليه مقابل منحها قرضا يصل سقفه إلى 9.700.000 درهم، وأن مالك المحل تقدم بدعوى من أجل الأداء والإفراغ للمحل المستغل من طرف العارضة، ولم يقم بإجراءات التبليغ بالكيفية السليمة للعارضة بل قام فقط بإشعار واستدعاء الدائن المرتهن البنك الشعبي للحضور بالجلسة المتعلقة بالأداء والإفراغ، كما هو ثابت من نسخة الحكم، إلا أنه لم يحضر للجلسة ولم يقم بواجبه المتمثل في حماية الأصل التجار المرهون لفائدته ولم يتعرض على الطلب ولا على الحكم، مما نتج عنه ضياع الأصل التجاري واندثاره وتبديد عناصره المادية والمعنوية، مع العلم أنه الضمان الذي على أساسه تمكن صاحبه من الحصول على القرض. ولأن المشرع في المادة 112 من مدونة التجارة يحرص على حماية الأصول التجارية من الاندثار والذي موكول له حماية هذا الأصل هو الدائن المرتهن ضمانا لاستمرار الأصل التجاري وحمايته، ولأن القضاء الفرنسي كان واضحا في هذه النقطة حيث اعتبر الدائن له الحق في توقي الفسخ بتأدية المبالغ المطالب بها من المكري ثم الحلول مكانه في الأداء، وأن هذا الحلول يجب أن يتم في الآجال المقررة بمقتضى الفصل 14، ولأن الأصل التجاري ضاع على العارضة بسبب المرتهن الأول وتفوق قيمته 6.000.000 درهم على اعتبار أن مساحته تفوق 700 متر مربع ويوجد في أهم شارع تجاري بالدارالبيضاء مما يكون معه مسؤولا عن التعويض المناسب لهذا الضياع. لأجله فهي تلتمس الحكم على المدعى عليه بأن يؤدي لها مبلغ 20.000 درهم مؤقتا وتعيين خبير لتحديد القيمة الحقيقية الراهنة للأصل التجاري مع حفظ حقها في التعقيب وتحميل المدعى عليه كافة الصوائر. وأدلت بمذكرة أرفقتها بصور لتفصيلة تسجيل امتياز الرهن والنموذج 7 من السجل التجاري وحكم تجاري ومحضر إفراغ.
وبناء على جواب المدعى عليه مع طلب مقابل مؤدى عنه بتاريخ 28/1/2008 أنه يتجلى من الحكم المستدل به والقاضي بالإفراغ أن المدعية تقيم بالمحل حيث تستغل به نشاطها الصناعي وأصلها التجاري، وأنها توقفت عن أداء الكراء منذ سنة 2000 طيلة أربع سنوات وتوارت عن الأنظار وأغلقت المحل، وأن المالك اتصل بها بدون جدوى ثم بعث بالإنذار في إطار ظهير 24/5/1955، وبعد التبليغ المستوفي للشروط القانونية قدم دعواه من أجل المصادقة عليه فتمت الإجراءات طبقا للفصول 37 و 38 و 39 من ق م م وتم تعيين القيم وتمت الإجراءات المؤدية إلى التنفيذ بعد الإعلان والإشهار في غياب أي اهتمام من المدعية أو زيارة لمحلها التجاري لتدارك الأمر، وقد واجه العارض نفس الأمر في إطار دعوى بالأداء مقدمة من قبله، ثم تأتي المدعية لمساءلته عن تنفيذ الحكم بالإفراغ والتطاول لحد مطالبته بالتعويض عن امتناعها عن أداء الكراء، والحال أنها ومسيرها يتحملان وحدهما عواقب ضياع الأصل التجاري إذ رغم إيقاع الرهن فإن المدين الراهن يظل محتفظا بحيازة واستغلال أصله. وهكذا فإن المصادقة على الإنذار بالإفراغ بنيت على مقتضيات الفصل 11 من ظهير 24/5/1955 الذي يخول المكري فسخ العقد لسبب خطير ومشروع وهو عدم أداء الكراء وخلو المحل التجاري من كل نشاط، الأمر الذي يعد من الأسباب التي تعفي المالك من إعطاء أي تعويض. ولأن الفصل 14 من ظهير 1914 و 112 من مدونة التجارة ينصان على أن المالك المكري في حالة فسخ عقد الكراء أن يعلم الدائن المرتهن وأرباب الدين بواسطة إعلامات إلى الأماكن التي عينوها بتقييداتهم، وأن المالك المكري لم يبادر بإعلام العارض مباشرة ولا بواسطة الإنذار الموجه للمكتري طبق الفصل 27 من ظهير 1955، كما أن الفصل 112 المشار إليه في المقال إنما ينص على إعلام الدائن المرتهن ولم يرتب أي جزاء ولا يفرض القيام بأي فعل أو إجراء، كما أن الحكم المستدل به لم يصدر ضد العارض والدعوى لم تقدم ضده، كما أن الحكم لم يبلغ للعارض، وبالتالي فإنه لم يلحق أي ضرر بالمدعية. وبخصوص الطلب المضاد فإن المدعية بسلوكها ألحقت ضررا بالعارض الذي يحتفظ بحقه في تحديد عدد الآلات والتجهيزات موضوع الرهن التي وقع بيعها واستخلاص قيمتها من لدن المالك كما يحتفظ بحقه في إثارة الفصل 377 من مدونة التجارة والمطالبة بتطبيقه إن اقتضى الأمر في حقها. لأجله فهو يلتمس الحكم برفض طلب المدعية وفي الطلب المضاد الحكم عليها بأداء تعويض مسبق قدره 20.000 درهم وحفظ حقه في تقديم طلب إضافي بعد جرد الآلات والتجهيزات موضوع الرهن. وأرفق مذكرته بصور لشواهد تسليم.
وبناء على تعقيب المدعية أنها لم تتوصل بأي إنذار أو استدعاء من المالك بل كل المساطر تمت بغيبتها ولم تشعر بها، بل إن المالك التجأ إلى مسطرة القيم لتحقيق أغراضه كما قام بتبليغ المدعى عليه حين قيامه بدعوى الإفراغ بصفته دائنا مرتهنا، ورغم ذلك لم يتدخل في الدعوى بصفته تلك ولم ينازع في الحكم وكان جديرا به أن يقوم بكل ما من شأنه حماية الشيء المرتهن لفائدته تحت طائلة مساءلته عن عدم الحفاظ عليه وصيانته والتدخل قضائيا لكل مسطرة تعصف بهذا الأصل. كما أن مسألة الرهن تخضع لقواعد قانونية واضحة إذ تقع على الراهن مسؤولية عدم تبديد الشيء المرهون، والمرتهن عليه مسؤولية حماية الشيء المرهون وهو ما أكده الفصل 112 من مدونة التجارة التي تلزم المالك بإخبار الدائن المرتهن حتى يتدخل لحماية الشيء المرهون لفائدته وإلا كان مسؤولا عن تبديده وضياعه، كما أنه كان السبب في إغلاقها وإفلاسها بعدما تنكر لكل التزاماته التعاقدية والمهنية بعد أن استفاد من مداخيل العملة لعدة سنوات على اعتبار أن العارضة كانت رائدة وطنيا في مجال تصدير الملابس الجاهزة إلى أوروبا. وأمام أخطاء المدعى عليه الجسيمة تقدمت بدعوى التعويض في الملف التجاري عدد 2074/2007، وما أثاره المدعي من تفسير للفصل 14 من ظهير 1914 و 112 من مدونة التجارة هو تفسير خاطئ وتحريف صريح لمفهوم الفصل المذكور لأن إشعار المالك للدائن المرتهن هو لأجل حماية الشيء المرهون. وبخصوص الطلب المضاد فإن مسؤولية ضياع الأصل تقع على عاتق المدعى عليه الذي قصر كما سبق القول، وبالتالي فإن طلبه مردود ومحاولة لقلب الحقائق ملتمسة الحكم برفضه.
وبناء على تعقيب المدعى عليه أن التبليغ المنصوص عليه في الفصل 112 له طابع شخصي ولا يمكن أن يتمسك به إلا الدائن المرتهن دون غيره وحتى مالك الأصل التجاري، وأن مقتضياته يستفيد منها الدائنون المقيدون وحدهم ولا يستفيد منه المكتري ولا حق له في التمسك بمقتضياته في أي دعوى يقيمها أو دفع يثيره. وللإشارة فإن المدعية استأنفت الحكم وصدر قرار بعدم قبول استئنافها بتاريخ 28/9/2006 ونفس الشيء بالنسبة لاستئناف كفيلها السيد عمر السقاط بتاريخ 18/6/2007. وهو ما يعني أن العارض غير معني بالنزاع وأجنبي عنه. وأرفق مذكرته بصور لقرارين استئنافيين وشهادة تسليم.
وبناء على تعقيب المدعية أن ما أثاره المدعى عليه من أنها لم تؤد الكراء من 2000 إلى 2004 فإنه هو المسؤول عما آلت إليه أحوالها من توقف لنشاطها التجاري وما تبعه من تسريح لأزيد من 500 عامل والكل بسبب إخلاله بالتزاماته العقدية مؤكدة تفسيرها لغاية المشرع من سن مقتضيات الفصل 112 من مدونة التجارة.
وبناء على تعقيب المدعى عليه أن المدعية أدلت بمحضر إفراغ من المحل الذي يأوي الأصل التجاري ولم تدل بمحضر فتح المحل ومحضر جرد المنقولات وتقييم ثمنها قضائيا ومحضر البيع، ومرد ذلك هو عدد المنقولات والتجهيزات الموجودة بالمحل والتي تبدو محدودة العدد ومثيرة للشك، اعتبارا أنه لم يقع فتح المحل منذ قفله منذ ست سنوات من قبل صاحبه إلى تاريخ التنفيذ، وكذا قيمة هذه التجهيزات التي لم تتعد 40.000 درهم خلافا لأكذوبة المدعية بخصوص قيمتها المفترضة، وقد كانت المدعية على علم بإجراءات التنفيذ بحكم استغلال الأصل التجاري المجاور ذي العلامة التجارية “كيك شوب” الكائن ب 218 شارع ابراهيم الروداني. وبذلك يتأكد أن المدعية هجرت المحل واختفت للتملص من أداء الكراء بدل مواجهة المكري واقتراح أي حل لإنقاذ أصل تدعي علو قيمته، فسلوكها أفقد الأصل المرتهن أهم ركائزه وهي الزبناء والحركية التجارية، وإذا توقف هذا النشاط لم يعد للأصل التجاري أثر. كما أنه من القواعد المسلم بها قضائيا أن الأصل إذا تعرض للإهمال فإن الفسخ لا يرتب أي ضرر حتى للدائن المرتهن لصحة السبب المؤسس عليه الإفراغ، فإهمال المكتري توقعه المشرع ونص عليه في الفصل 692 من ق ل ع، ويجمع الفقهاء أن عدم ممارسة التاجر لنشاطه التجاري ينتج عنه زوال الأصل التجاري إذا استمر التوقف مدة طويلة لم يعد هناك لا زبناء ولا سمعة تجارية. ففي الوقت الذي يتضح فيه فداحة مسؤولية المدعية وارتكابها أخطاء عن بينة واختيار بقفلها أصلا تجاريا تزعم أنه يزخر بأموال عالية الثمن تتجرأ على العارض البعيد عن الوقائع وتطالبه بأداء الكراء عوضا عنها في الوقت الذي هي مدينة له بمآت الملايين التي صدر عليها الحكم بأدائها ويستحيل استخلاصها. وبالتالي فإنه ليس هناك أي إخلال حتى يعد مسؤولية تقصيرية أو تعاقدية ترتب جزاء في النزاع وتعويضا عن ضرر. مؤكدا تفسيره لمقتضات المادة 112 ومستشهدا باجتهادين قضائيين في الموضوع. وأرفق مذكرته بصور محضر فتح محل ومحضر تحديد ثمن منقولات ومحضر معاينة ومذكرة جوابية عن مقال.
وبناء على تعقيب المدعية أن المدعى عليه أشعر بمسطرة الإفراغ لأجل الحفاظ على الأصل التجاري المرهون لفائدته طبقا للقواعد المنظمة للرهن الحيازي في القسم الحادي عشر من قانون الالتزامات والعقود الذي يمنع على الدائن المرتهن أن يتسبب في عوار أو عيب أو تلف للشيء المرهون لفائدته تحت طائلة مسؤوليته التامة حول هذا الضياع والإهمال الذي أصاب الشيء المرتهن. في حين لم تستدع العارضة لها حتى يتأتى لها إحضار المرتهن من أجل قيامه بحماية الشيء. أما بخصوص الدفع بكون الأصل لم يعد له أثر فإن ما يكذب ذلك هو أن هذا الأصل مرهون لفائدة البنك وأن قيمته كانت تساوي 4.400.000 درهم حسب تقييم خبراء المدعى عليه أما قيمته حاليا بحكم موقعه فتفوق القيمة المذكورة بضعفين، أما ادعاؤه بزواله فمجرد ادعاء للتهرب من المسؤولية التعاقدية مؤكدة دفاعها السابق.
وبناء على تعقيب المدعى عليه أنه لا مجال لإعمال قواعد الرهن الحيازي المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود لأن موضوع الدعوى رهن واقع على أصل تجاري ومنظم بنصوص مدونة التجارة التي تناقض فصول قانون الالتزامات والعقود مؤكدا دفوعه السابقة.
وبناء على تعقيب المدعية أكدت فيه مسؤولية المدعى عليه فيما يخص الحالة التي آلت إليها مذكرة بصدور حكم تمهيدي بإجراء خبرة في دعوى المسؤولية وإنجاز تقرير يفيد أن الخسارة بلغت 18.000.000 درهم دون احتساب خسارة الأصل التجاري الذي ضاع بإهمال وتقصير من المدعى عليه كما أن محكمة الاستئناف في الملف رقم 324/2005 أمرت بإجراء خبرة بواسطة الخبير أحمد الذهبي الذي خلص إلى أن المدعى عليه مسؤول عن توقف العارضة لعدم احترامه للاتفاقيات المتبادلة حول القرض مؤكدة دفاعها السابق. وأرفقت مذكرتها بصورة لتقرير خبرة.
وبناء على إدلاء المدعى عليه بمذكرة أرفقها بالنموذج 7 من السجل التجاري للأصل التجاري بالعنوان 218 المجاور للعنوان 216 بشارع الروداني للتدليل على علم المسير بمسطرة الإفراغ دون تحريك ساكن، ثم أدلى بمذكرة أخرى رد فيها على دفوع المدعية وأعطى تفسيره لما ورد في تقرير الخبير الذهبي من أنه يتعلق بحسابات الطرفين، وأكد بعدها دفوعه السابقة. وأرفق مذكرته بصورة لتقرير خبرة.
وبناء على تعقيب المدعية نفت فيه علمها بمسطرة الإفراغ بدليل قيامها باستئناف الحكم، وأرفقت مذكرتها بصور لتقارير خبرة، ثم أدلت بمذكرة أخرى ناقشت فيها خبرة الخبير الذهبي وخبرات أخرى أنجزت في النزاع الدائر بين الطرفين للتدليل على أخطاء المدعى عليه المهنية. وأرفقت مذكرتها بصورة لمقال استئنافي وصورة حكم.
وبناء على تعقيب المدعى عليه أن مناقشة الخبرات لا يتعلق بموضوع الدعوى الحالية مؤكدا ما سبق.
وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 25/11/2008 فحضر نائبا الطرفين فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 23/12/2008، أدلت خلالها المدعية بمذكرة أرفقتها بصور لتقرير الخبرة المنجزة من طرف الخبير السيد عبد المجيد الرايس ومحمد الذهبي ووصل أداء الكراء والنموذج 7 من السجل التجاري عدد 52381، فلم تر المحكمة داعيا لعرضها على الطرف الآخر.
التعليـــل
بعد الاطلاع على جميع وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.
في الشكل:
حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.
في الموضوع:
حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.
وحيث أجاب المدعى عليه بالدفوع المشار إليه صدره.
وحيث إن محور النزاع يتعلق بمعرفة مدى مسؤولية الدائن المرتهن الذي يشعر بدعوى الإفراغ من طرف المالك والتزاماته المقررة في مثل هذه الحالات.
حيث إن المحكمة برجوعها إلى مقتضيات المادة 112 من مدونة التجارة والتي اعتمدتها المدعية للانطلاق في تقرير مسؤولية المدعى عليه عن ضياع الأصل التجاري، يتبين أن المشرع اكتفى في المادة المذكورة بإلزام المالك الذي يقيم دعوى فسخ عقد كراء العقار الذي يستغل فيه أصل تجاري مثقل بتقييدات بتبليغ طلبه إلى الدائنين المقيدين سابقا في الموطن المختار المعين في تقييد كل منهم، ثم ألزم المحكمة التي تنظر في الطلب ألا تصدر الحكم إلا بعد ثلاثين يوما من هذا التبليغ.
وحيث إنه لا يستشف من ظاهر النص المستدل به أن المشرع أراد أن يرتب أي التزام على عاتق الدائن المقيد كأداء الكراء أو الدفاع في موضوع دعوى الفسخ أو ما شابه ، بل إن إيراد المادة المذكورة ضمن الباب المتعلق بالأحكام المشتركة بين بيع الأصل التجاري ورهنه، في الفصل المتعلق بإنجاز الرهن، وبحثه ضمن هذا الفصل، وعلى امتداد الفقرات الست من المادة 111 حقوق الدائن المرتهن المتعلقة بالأصل التجاري في حالة نقله، سواء بإعلام الدائن أو بغيره، وترتيبه نتيجة أساسية وهي استحقاق الدين، فإن انتقاله إلى المادة 112 وتقرير التزام في حق المالك الذي يمارس دعوى فسخ العقار الذي يستغل فيه الأصل، ما هو إلا تأكيد على استمرار المشرع في إحاطة الديون المرتبطة بالأصل التجاري بضمانات حفاظا على حقوق الدائنين ليس إلا.
وحيث إن النتيجة التي يمكن استخلاصها من ذلك هي أن النص المعتمد من طرف المدعية إنما سن لمصلحة الدائن وليس ضده ولا يرتب أي التزام عليه سواء في مواجهة المدين أو الأصل التجاري نفسه.
وحيث إن ما تم الاستشهاد به من قبيل الاجتهاد القضائي الفرنسي، هو نفسه لم يرتب التزام أداء الكراء على الدائن المرتهن وإنما أعطاه فقط الحق في ذلك أي رخصة الأداء مع حلوله محل المالك.
وحيث إن المقتضيات القانونية الأخرى التي أوردتها المدعية إنما تتعلق بالرهن الحيازي، وهي تتماشى مع طبيعة هذا الرهن الذي يصبح فيه الشيء المرهون تحت حيازة الدائن، وبالتالي كان من الطبيعي تقرير التزامات الحفاظ عليه في جانب الدائن المرتهن رهنا حيازيا تحت طائلة المساءلة، وبالتبعية فإن هذه المقتضيات لا يمكن تطبيقها على رهن الأصل التجاري الذي لا يخرج من يد المدين المرتهن.
وحيث إنه في غياب أحد أركان المسؤولية وهي الخطأ يكون طلب التعويض فاقدا لأحد أهم أركانه وتكون الدعوى غير مؤسسة ويتعين الحكم برفضها.
وحيث تعين إبقاء الصائر على رافعة الدعوى.
وتطبيقا للقانون.
لهذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا وحضوريا
في الشكل: بقبول الدعوى.
في الموضوع: برفض الطلب وتحميل رافعته الصائر.
وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.