أجير الصنع – استحقاق الثمن – إنجاز الأشغال كلها – شروط

أجير الصنع – استحقاق الثمن – إنجاز الأشغال كلها – شروط

images (64)

القاعدة:

المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 775 من ق ل ع إذا كانت تقرر ابتداء أن الثمن لا يستحق إلا بعد إنجاز العمل، فإنها أقرت وجوب الأداء إذا كان الثمن قد حدد على أساس جزء من العمل، وبالتالي فما دام بيان الأثمان تم على أساس فيلا واحدة فإن المدعي يصبح مستحقا للثمن المتفق عليه عن كل فيلا تم إنجاز وإتمام الأشغال بها.

الحكم عدد 2402 بتاريخ 2010/03/16 في الملف رقم2009/6/4814

باسم جلالة الملك

بتاريخ 16/03/2010 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

جمال السنوسي رئيسا ومقررا.

نادية زهيري عضوا.

عبد السلام خمال عضوا.

بمساعدة  هشام مبروك كاتب الضبط.

في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

بين: أحمد البحراوي بصفته صاحب مقاولة البحراوي الكائن 69 حي السلام 2 سيدي سعيد مكناس.

نائبها الأستاذ عبد العزيز العسري المحامي بهيئة مكناس.

من جهة.

وبين: شركة امتداد وتنمية كولف بنسليمان في شخص ممثلها القانوني بمقرها الكائن بالكولف الملكي بن سليمان.

شركة أماليل في شخص ممثلها القانوني بمقرها الكائن 43 حي الفرح الزنقة 43 الدارالبيضاء.

ينوب عن الأولى الأستاذ خالد الشركي وعن الثانية الأستاذ سعيد العثماني المحاميان بهيئة الدارالبيضاء.

                                                            من جهة أخرى.



الوقائــع:

بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط المحكمة التجارية بمكناس بتاريخ 13/2/2007 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية تعرض فيه مقاولة البحراوي للنجارة أنها كلفت من طرف المدعى عليها الأولى بإنجاز أشغال النجارة والنقش على الخشب لعدد من الفيلات التابعة لها وذلك بحضور المدعى عليها الثانية التي سلمتها مبلغ 600.000 درهم في بداية العمل، وأنها قامت بإنجاز العمل الذي كلفت به بشهادة المهندس المعماري، كما أنها تعترف بتوصلها بمجموعة من المبالغ قيمتها 2.700.000 درهم بواسطة شيكات مسحوبة على البنك المغربي للتجارة الخارجية، وأنها أنجزت أشغالا تفوق بكثير المبلغ المحصل عليه إلا أن المدعى عليها رفضت أداءه، وأن الحسم في قيمة المبلغ المستحق يقتضي إجراء محاسبة، لأجله فهي تلتمس الحكم على المدعى عليهما بأدائهما لها مبلغ 10.000 درهم كتعويض مسبق وتمهيديا إجراء خبرة لتحديد الأشغال التي أنجزت وقيمتها مقارنة مع الأثمنة المتفق عليها وحفظ حقها في تقديم مطالبها بعد الخبرة مع الفوائد القانونية والصائر، وأدلت بمذكرة أرفقتها بمجموعة من الوثائق المتعلقة بالمشروع.

          وبناء على جواب المدعى عليها الأولى، بعد دفعها بعدم الاختصاص المكاني، أن المدعية تقر بتوصلها بكافة المبالغ الاتفاقية، ولم تدل بأي وثيقة تفيد قيامها بأشغال إضافية، علما أن شهادة المهندس لا تفيد ذلك، كما أن الأشغال المنجزة تشوبها عيوب، وأنها انتظرت إلى أن طالبتها العارضة بإتمام الأشغال لرفع هذه الدعوى التعسفية ملتمسة الحكم برفض الطلب.

          وبناء على تعقيب المدعى عليها الثانية أثارت بدورها دفعا بعدم الاختصاص المكاني، مضيفة أن مقاولة النجارة البحراوي هي مجرد إسم تجاري للسيد أحمد البحراوي وأن الإسم التجاري لا أهلية له لرفع الدعوى لأنه مجرد عنصر من عناصر الأصل التجاري مما تكون معه الدعوى غير مقبولة .

         وبناء على المقال الإصلاحي الذي أصبحت الدعوى بمقتضاه مرفوعة باسم السيد أحمد البحراوي.

   وبناء على تعقيب المدعى عليها الثانية أن الدعوى رغم الإصلاح غير مقبولة لأن السيد أحمد البحراوي لم يكن موجودا في هذه الدعوى بهويته المدنية، وبالتالي فإن طلبه مجرد اقتحام لدعوى لم يكن طرفا فيها، وأن من لا يملك حق التقاضي لا يملك حق الإصلاح للدعوى.

        وبناء على الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بمكناس بتاريخ 24/4/2008 والقاضي بعدم الاختصاص محليا وإحالة الملف على هذه المحكمة والمؤيد استئنافيا بمقتضى القرار الصادر بتاريخ 30/4/2009 في الملف رقم 1520/08 تحت عدد 679.

       وبناء على تعقيب المدعى عليها الأولى بعد الإحالة أن المدعي السيد أحمد البحراوي لم يدل بما يثبت علاقته بما يدعيه وبأطراف الدعوى مما يجعل دعواه غير مقبولة، واحتياطا في الموضوع فإن العلاقة تربطها مع مقاولة البحراوي حسب الثابت من وثائق الملف، وهي لم تقم بإتمام الأشغال، كما أن الوثائق المدلى بها تفيد أنها مدينة أيضا لشركة أماليل بمبلغ 1.978.400 درهم، كما أن شهادة المهندس لا شيء يؤكد علاقتها بالمشروع موضوع هذه الدعوى لأنها تضمنت الإشهاد بإنجاز الأبواب والرفوف فقط والمتعلقة بعشرين فيلا حصرا، وهو عدد ضئيل لا يلائم المبالغ التي هي بذمة مقاولة البحراوي ملتمسة الحكم برفض الطلب.

وبناء على تعقيب المدعى عليها الثانية مع طلب مضاد مؤدى عنه بتاريخ 8/11/2009 أنها مكلفة بإنجاز أشغال بناء مشروع امتداد وتنمية كولف بنسليمان من طرف صاحبة المشروع شركة امتداد وتنمية كولف بنسليمان والمتكون من 71 فيلا، وبهذه الصفة تعاقدت مع المدعي على أساس لائحة أثمان سلمها لها والتزم بإنجاز أشغال نجارة 71 فيلا وتسلم التسبيق الذي أقر به على أن يسلم 10 “فلل” شهريا مع تسليم المجموع في متم شهر يوليوز 2006، وهذا الأجل لم يحترمه إذ لم ينجز سوى 18 فيلا بنسبة 90% وقبة وصالة فيلتين دون “تشطيب” كما هو ثابت من دفتر الورش ثم غادر دون أي إشعار للعارضة ورفض إتمام التزامه حسب الثابت من الإنذارات المدلى بها، وطبقا للفصل 775 من ق ل ع فإن أجير الصنع لا يستحق الثمن إلا بعد إنجاز ما التزم به، وبالتالي فإن طلبه إجراء المحاسبة يكون غير ذي موضوع، وبخصوص الطلب المضاد  فإن إكراهات الجدول الزمني اضطرها إلى تكملة 18 فيلا وإنجاز أشغال النجارة كاملة ل 52 فيلا وكل ذلك كلفها خسائر مادية هامة قيمتها الإجمالية 1.978.400 درهم، وأنها تتقدم بالطلب المضاد قصد إلزام المدعي الأصلي بجبره، لأجله فهي تلتمس الحكم برفض الطلب الأصلي وفي الطلب المضاد الحكم عليه بأدائه لها تعويضا مسبقا قدره 25.000 درهم وتمهيديا إجراء خبرة لإجراء قياس الأشغال ل 52 فيلا وتحديد قيمتها وكذا أشغال تكملة “تشطيبة”  18 فيلا بما في ذلك كافة التكاليف الظاهرة وغير الظاهرة وحفظ حقها في تقديم طلباتها بعد الخبرة. وأرفقت مذكرتها بلائحة الأثمان وإنذارات وصورة لمحضر الورش.

وبناء على تعقيب المدعي مع طلب إضافي مؤدى عنه بتاريخ 19/11/2009 أن إنكار المدعى عليها الأولى للعلاقة تفنده رسالة الإنذار الموجهة له من طرفها وشهادة المهندس المعماري وصور المشروع التي تفيد المنجزات التي قام بها، وبخصوص مذكرة المدعى عليها الثانية فإنه لا يوجد ما يفيد التعاقد بخصوص 71 فيلا، والحقيقة أنه اتفق مع المدعى عليها الأولى بحضور الثانية على التوصل بمبلغ كل فيلا على حده وليس إنجاز 71 فيلا، كما أنه لم يتوصل بالمبلغ عن كل فيلا تم إتمامها، وأنه أنجز20 فيلا ولم يتوصل بمستحقاته، وهذا هو موضوع الطلب الإضافي الذي يلتمس بشأنه الحكم له بناء على الخبرة المنجزة من طرف الخبير السيد مشتقي علي بمبلغ 638.147,29 درهم، كما أن المدعى عليهم لم يشعروه بالتخلي عن أشغال المشروع بل أدخلوا مقاولة أخرى لإتمام الأشغال دون أداء الواجب المستحق عما تم إنجازه، ملتمسا الحكم له بالمبلغ المذكور تضامنا ومبلغ 100.000 درهم كتعويض عن المماطلة مع الفوائد والصائر، وأرفق مذكرته بتقرير خبرة وبيان أثمان وإنذار.

وبناء على تعقيب المدعى عليها الأولى أن مذكرة المدعى عليها الثانية تؤكد ألا علاقة لها بالمدعي الذي كان مرتبطا بعقد من الباطن مع الثانية، وبالتالي يتعين إخراجها من النزاع مؤكدة باقي دفوعها الشكلية، مضيفة أنه بصفته شخصا ذاتيا فهو مرتبط بعقد شغل وليس عقد مقاولة، وبالتالي فهو يخضع لمدونة الشغل.

وبناء على تعقيب المدعي أن إنكار المدعى عليها الأولى للعلاقة يتعارض مع الوثائق المدلى بها بالملف خاصة شهادة المهندس المعماري ورسالة إنذار موجهة له من طرفها، ملتمسا الحكم وفق طلباته وعدم قبول المقال المضاد وعند الاقتضاء رفضه.

وبناء على تعقيب المدعى عليها الثانية أن الخبرة معيبة لأن الخبير لم يضمن تقريره أنه انتقل إلى بن سليمان يوم وساعة الخبرة مما يجعلها غير حضورية، كما أنه لم يضمن أقوال الطرفين في محضر يحمل توقيعهم مما يجعل الاعتراف المنسوب للعارضة لا قيمة له, وبخصوص نفي الالتزام بإنجاز 71 فيلا، فيكذبه وثيقة بيان الأثمان المنجز بصيغة الجمع ويكذبه إنجاز المدعي ل 20 فيلا دون إتمام الأشغال مؤكدة سابق دفوعها، وأرفقت مذكرتها بصور وثائق.

وبناء على تعقيب المدعي أن الخبرة حضورية ومطابقة للقانون ملتمسا الحكم وفق مقاله واحتياطيا إجراء بحث بالمكتب.

وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 23/2/2010 فحضر نائبا الطرفين فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 16/3/2010.

التعليـــل

بعد الاطلاع على جميع  وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.

في الطلب الأصلي:

في الشكل:

حيث إن المقال مستوف للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية.

وحيث إن المدعي أصلح المسطرة وبالتالي فإن هذا الإجراء يجعل الدعوى وكأنها أقيمت ابتداء صحيحة مما يتعين التصريح بقبوله شكلا.

في الموضوع:

حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه

وحيث أجاب المدعى عليهما بالدفوع المشار إليها صدره.

وحيث إنه بخصوص إنكار المدعى عليها الأولى للعلاقة، فيكذبه قيامها بأداء دفعات للمدعي، وما تصرفها هذا إلا دليل على كونها طرف أصيل في العقد، لأن التعاقد مع شركة “اماليل” من أجل إنجاز الأشغال يمتنع معه على رب العمل التدخل في العلاقة التي تربطها مع المقاول من الباطن، الأمر الذي يتعين معه رد دفعها المثار بهذا الخصوص.

وحيث إنه بخصوص كون المدعي التزم بأشغال إنجاز 71 فيلا، فلا يوجد بالملف ما يثبت ذلك، إذ أن كل ما أدلي به هو بيان أثمان “DEVIS” مقبول من طرف المدعى عليها الثانية، يحدد قيمة أشغال فيلا واحدة، وهو ما يعني أن التعاقد تم “بالقطعة” وليس بالنسبة لسائر “فلل” المشروع، وهذا التعليل فيه رد أيضا على ما تم التمسك به من مقتضيات منصوص عليها في الفصل 775 من ق ل ع التي، إذا كانت تقرر ابتداء أن الثمن لا يستحق إلا بعد إنجاز العمل، فإنها أقرت وجوب الأداء إذا كان الثمن قد حدد على أساس جزء من العمل، وبالتالي فما دام بيان الأثمان تم على أساس فيلا واحدة فإن المدعي يصبح مستحقا للثمن المتفق عليه عن كل فيلا تم إنجاز وإتمام الأشغال بها.

وحيث إن المحكمة لم تر داعيا لإجراء خبرة لتحديد الأشغال المنجزة، ما دام الملف يتوفر على خبرة قضائية أنجزت من طرف الخبير السيد علي المشتقي، الذي تبين من تقريره انه استدعى كل أطراف النزاع فحضروا أمامه، وأنه انتقل فعلا إلى عين المكان وأخذ القياسات الموجودة وحدد قيمة الأشغال، وبالتالي فإن ما عيب على تقريره لا أساس له، ومن ثم تعتبره المحكمة وثيقة قانونية مساعدة للفصل في الفصل في النزاع.

وحيث إن الخبير المذكور أكد مؤاخذات المدعى عليهما فيما يرجع لكون المدعي لم يكمل أشغال النجارة إلا بالنسبة ل 18 فيلا وبقيت اثنتان غير كاملتين، ومن ثم فإن مطالب المدعي المتعلقة بأثمان الإنجاز حتى بالنسبة لتلك غير المكتملتين يصطدم مع مقتضيات الفصل 775 من ق ل ع التي تعطيه الحق في الحصول على مقابل الأشغال التي أنجزت بتمامها، وبالتالي يتعين رفض طلبه فيما يخص أشغال إنجاز فيلتين، وهو ما يستدعي أيضا خصم قيمة إنجاز قبتي الصالون بالفيلتين غير المكتملتين المحددين في بيان الأثمان في 20,880 متر مربع لكل فيلا أي ما مجموعه 41,76 مترا ويقابله بالثمن المحدد في البيان المذكور: 1533,00 درهم X 41,76 مترا مربعا= 64.018,08 درهم.

وحيث إن ما يصبح مستحقا للمدعي عن إنجاز الأشغال التي تمت هو حاصل خصم المبلغ المحدد من طرف الخبير، من قيمة القبتين اللتين أخذهما بالاعتبار في تقريره، وتكون النتيجة كالتالي:

3.338.147,29 درهم – 64.018,08= 3.274.129,21 درهم.

وحيث إن المدعي يقر في مقاله بالتوصل بمبلغ 2.700.000 درهم مما يتعين خصم هذا المبلغ ليبقى ما هو مستحق له محددا في 574.129,21 درهم.

وحيث إنه لا يوجد بالملف ما يفيد أداءه مما تكون معه الدعوى الرامية على اقتضائه مؤسسة وتتعين الاستجابة لها.

وحيث إن طلب التعويض عن المماطلة غير مبرر لكون المدعي لم يسبق أن أنذر المدعى عليهما بأداء هذا المبلغ، والحال أن أداء المستحقات غير محدد بأجل، وكان يتعين إنذار المدين ليصبح في حالة مطل ليستحق التعويض عن هذا الضرر.

وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل الصائر.

في الطلب المضاد:

في الشكل:

حيث إن الطلب المقابل قدم مستوفيا للشروط الشكلية المطلوبة قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية فيتعين التصريح بقبوله شكلا.

في الموضوع:

حيث إنه وكما سبقت الإشارة إلى ذلك لا يوجد بالملف ما يفيد أن المدعى عليه فرعيا قد التزم بإنجاز أشغال مجموع “فلل” المشروع وحدد له أجل للقيام بذلك حتى يمكن القول أنه اخل بالتزامه وأصبح مسؤولا عن الضرر.

وحيث إنه في غياب إثبات المدعية الفرعية لكل عناصر المسؤولية، خاصة الخطأ، لا يمكن تحميل المدعى عليه التبعات التي تحملتها من خلال إنجاز بقية الأشغال بواسطة مقاولة أخرى.

وحيث إنه تأسيسا على ذلك يكون الطلب المضاد مفتقدا للأساس القانوني مما يتعين الحكم برفضه.

وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.

وتطبيقا للفصول 1-3-31-32-49-124-147 من قانون المسطرة المدنية و 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية.

لهذه الأسبـــــاب

حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا وحضوريا.

في الطلب الأصلي:

في الشكل: قبول الدعوى.

في الموضوع: بأداء المدعى عليهما للمدعي تضامنا بينهما مبلغ (574.129,21 درهم) خمسمائة وأربعة وسبعون ألفا ومائة وتسعة وعشرون درهما و21 سنتيما مع الفوائد القانونية من تاريخ الطلب مع الصائر ورفض ما زاد على ذلك.

في الطلب المضاد:

في الشكل: بقبوله.

في الموضوع: برفضه وتحميل رافعته الصائر.

وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم  والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *