X

إهمال الزبون لحسابه – وضع حد له – سلطة المحكمة التقديرية – بداية حساب التقادم بالنسبة للحساب بالاطلاع

القاعدة:

عدم مباشرة المدعي لأي عملية بالحساب مدة طويلة من الزمن يفيد ضمنيا أنه وضع حدا له بإرادته المنفردة.

المادة 503 من مدونة التجارة لم تحدد طريقة معينة لوضع حد للحساب من طرف الزبون، وهو ما يفسح المجال للمحكمة أن تستخلص هذه الإرادة أو النية من طبيعة سلوك المدعي إزاء حسابه.

 ما دام يفترض في المدعي أنه يتوصل بالكشوف الحسابية الدورية فإنه كان على اطلاع بمجريات العمليات التي تنجز بالحساب، و من تاريخ العلم يبدأ حقه في المطالبة و من نفس التاريخ يبدأ أيضا أمد التقادم الخمسي.

 

الحكم عدد 1214 بتاريخ2010/02/09 في الملف رقم 2009/17/4914

باسم جلالة الملك

بتاريخ 09/02/2010 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

جمال السنوسي رئيسا ومقررا.

نادية زهيري عضوا.

عبد السلام خمال عضوا.

بمساعدة  هشام مبروك كاتب الضبط.

في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

بين: بن القائد موسى الكائن بالرقم 1 عمارة البونعماني شارع الحسن الثاني اكادير.

نائبه الأستاذ مصطفى المحداد المحامي بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة.

وبين: البنك المغربي للتجارة الخارجية ش م في شخص ممثله القانوني بمقره الكائن بالرقم 140 شارع الحسن الثاني الدارالبيضاء.

نائبه الأستاذ خالد الشركي المحامي بهيئة الدارالبيضاء

                                                     من جهة أخرى.



الوقائــع:

بناء على المقال  المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 2/6/2009 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيـه المدعي بواسطـة نائبه أنه كان يتوفر على حساب بنكي لدى المدعى عليه تحت رقم 0100001210006123796، وقد كان يستفيد من خطوط التسهيلات وأنظمة التجاوز والخصم والأداءات على المكشوف منذ عدة سنوات، وبواسطة هذا الحساب كانت تتم معاملاته المالية وأنشطته التجارية، وكانت الاعتمادات المفتوحة لفائدته تسهل هذه المعاملات والأنشطة وتوفر لها السيولة الكافية، إلا أن البنك قام فجأة وبدون سابق إشعار بإيقاف هذه الاعتمادات وأرجع السندات المسحوبة من شيكات وكمبيالات ثم عمد على إقفال الحساب من جانب واحد بدون إشعار أو أجل محتفظا في الوقت ذاته بالسندات وقيمها المدفوعة في الحساب في سياق عملية الخصم بعد إرجاعها بدون أداء إلى أن طالها أمد التقادم ولم تعد قابلة للتحصيل، كما تبين للعارض بعد مراجعته لحساباته أن البنك ارتكب عدة خروقات وذلك بتسجيل عمليات خاطئة واقتطاعات غير مبررة وتعمد عدم تسجيل قيم مدفوعة فيه، وأن هذه التصرفات جاءت خرقا للمواد 501 و 502 و 503 و 504 و 525  من مدونة التجارة، ولأن العارض لحقته أضرار وخسائر ، لأجله فهو يلتمس الحكم بتحميل المدعى عليه مسؤولية الأضرار والخسائر التي لحقت به و الحكم عليه بأداء تعويض مسبق قدره 25.000 درهم وتمهيديا بإجراء خبرة حسابية لتحديد الإخلالات والأخطاء المذكورة وتحديد رصيد الحساب النهائي وتقييم الأضرار والخسائر التي لحقت بالعارض والتعويضات المستحقة له وحفظ حقه في تقديم مطالبه النهائية مع النفاذ والصائر. وأرفق مقاله بصور كشوف حسابية ورسالة إنذار مع الإشعار البريدي بالتوصل وإيصالات الدفع.

وبناء على جواب المدعى عليه أن المدعي لم يدل بأي وثيقة تثبت مزاعمه التي ظلت بدون إثبات ملتمسا الحكم بعدم قبول الدعوى واحتياطا فإن الالتزامات الناشئة بمناسبة عمل تجاري بين التجار تتقادم بمضي خمس سنوات وتبعا لصور الوثائق المدلى بها فإن العمليات التي ينازع فيها تمت منذ ما يزيد عن عشر سنوات وبالتالي فإن الدعوى قد طالها التقادم، ملتمسا الحكم برفض الطلب.

وبناء على تعقيب المدعي أنه أرفق مقاله بصور مطابقة للأصل من الكشوف الحسابية التي تفيد توفره على الحساب البنكي والذي لم يبلغ قط بإقفاله ولا برصيده النهائي كما أدلى بنسخ لإيصالات الدفع في إطار عمليات الخصم في نفس الحساب وتثبت جانبا من الإخلالات التي ارتكبها الأخير أثناء مسكه للحساب وبخصوص الدفع بالتقادم فإن الحساب لا زال ساريا ولم يبلغ بإقفاله طبقا لما تقضي به المادة 503 و 525 من مدونة التجارة، مما يتعين معه رد الدفع بالتقادم كما أنه يدلي بنسخة حكم تجاري صادر عن المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 28/5/2009 تتعلق بنزاع بين الطرفين حول قرض في نفس الحساب مضمون بكفالة تضامنية ورهن رسمي، كما أن المدعى عليه يقر أن للحساب رصيد إلى غاية 30/6/2005 وليس منذ عشر سنوات كما يزعم ملتمسا الحكم وفق مقاله. وأرفق مذكرته بصورة حكم.

وبناء على تعقيب المدعى عليه أن المدعي لا ينفي توقف نشاط الحساب منذ عدة سنوات تجاوزت العشر سنوات تقريبا وأن الاجتهاد القضائي استقر على أن توقف الزبون عن ترويج حسابه يفسر بكونه وضع حدا له بإرادته المنفردة، وهذا ما اكدته محكمة الاستئناف التجارية بفاس في قرارها الصادر بتاريخ 13/5/2004 تحت عدد 586 في الملف رقم 237/2004 المنشور بالموقع الإلكتروني لوزارة العدل، وأنه طبقا لمادة 503 من مدونة التجارة يوضع حد للحساب بالاطلاع بإرادة أي من الطرفين بدون إشعار إذا كانت المبادرة من الزبون، ملتمسا الحكم وفق مذكرته السابقة وأرفق تعقيبه بملخص من القرار.

وبناء على تعقيب المدعي أن ادعاء إقفال الحساب منذ عشر سنوات يتناقض مع ما سبق أن أقر به بمقتضى الحكم رقم 782/09 المدلى به سابقا حينما أكد أن للحساب رصيد إلى غاية 30/6/205، وأن البنك لا يمكنه الاطلاع على نوايا زبونه وتأويلها كما يشاء،  علما أن توقف الزبون عن تسجيل عمليات في الحساب فترة ما لا يعني بالضرورة وحتما أنه أقفل الحساب بمبادرة من صاحبه، وفي هذا الإطار جاء في أحد قرارات محكمة النقض الفرنسية أنه يتعين على المؤسسة البنكية المفتوح لديها الحساب الجاري أن تتأكد قبل البدء في تصفية هذا الحساب وتحديد رصيده النهائي مما يريده زبونها بفعل إقدامه على سحب رصيد حسابه دفعة واحدة أو على التوقف عن تسجيل عمليات فيه لمدة طويلة، وإلا اعتبرت مسؤولة عن الضرر الذي يلحق هذا الزبون من جراء إقفالها الحساب بصورة تلقائية من دون مراجعته.( قرار تجاري صادر بتاريخ 23/3/1993 بمجلة الاجتهاد القضائي في قانون الأعمال يوليوز 1993 الصفحة 560). وأن وجوب احترام المقتضيات القانونية المنظمة لقفل الحساب البنكي وإيقاف الاعتمادات وخطوط التمويل يحتم توجيه الإشعار القانوني، كما أن تأكيد البنك بمقتضى الحكم السابق أن الحساب يسجل رصيدا مدينا يؤكد استفادة هذا الحساب من خطوط للتمويل والاعتماد قام البنك بإيقافها وإنهائها فجأة، ملتمسا الحكم وفق مقاله.

وبناء على تعقيب المدعى عليه أن ما هو مدون بالحساب دين بذمة المدعى عليه وأن الاجتهاد القضائي أكد في العديد من القرارات على أن توقف المستفيد عن الدفع يبرر قفل الاعتماد بدون أجل وهو ما أكدته محكمة الاستئناف التجارية في قرارها عدد 1304 الصادر بالملف عدد 1075/01 المنشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات عدد 4 ص 67 وما يليها، وأن المدعي يؤكد مديونيته وعدم وجود أي عملية بالحساب لما يزيد عن عشر سنوات ومع ذلك لا يزال متشبثا بمزاعمه حول ضرورة التمتع بالتسهيلات التي لا يمكن إلا أن تنضاف هي الأخرى إلى الديون التي بذمته والتي يرفض أداءها.

وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 19/5/2009 فحضر نائبا الطرفين فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 9/2/2010.

التعليـــل

بعد الاطلاع على جميع  وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.

حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.

وحيث دفع المدعى عليه بالتقادم الخمسي.

وحيث ثبت للمحكمة من خلال اطلاعها على الكشوف الحسابية المدلى بها أن العمليات المضمنة بها تعود جميعها إلى سنة 1995.

وحيث إن عدم مباشرة المدعي لأي عملية بالحساب منذ التاريخ المذكور يفيد ضمنيا أنه وضع حدا له بإرادته المنفردة، خاصة وأن المادة 503 من مدونة التجارة لم تحدد طريقة معينة لوضع حد للحساب من طرف الزبون، وهو ما يفسح المجال للمحكمة أن تستخلص هذه الإرادة أو النية من طبيعة سلوك المدعي إزاء حسابه.

وحيث إنه ما دام يفترض في المدعي أن يتوصل بالكشوف الحسابية الدورية فإنه كان على اطلاع بمجريات العمليات التي تنجز بالحساب، و من تاريخ العلم يبدأ حقه في المطالبة و من نفس التاريخ يبدأ أيضا أمد التقادم الخمسي.

وحيث إن المدعي لم يرفع دعوى المسؤولية والتعويض إلا سنة 2009 أي بعد ما يقرب من 14 سنة.

وحيث إن الحكم المستدل به لا يدل قطعا على استمرارية الحساب وإن أشير فيه إلى أن البنك يطالب بالرصيد المدين إلى غاية 30/6/2005 فلأن البنك يبقى من حقه طلب فوائد الدين القانونية حتى بعد قفل الحساب.

وحيث إنه تأسيسا على ما تقدم يكون الدفع بالتقادم في محله ويتعين بالتالي التصريح بسقوط الدعوى لهذا السبب.

وتطبيقا للفصول 1-3-31-32-49-124 من قانون المسطرة المدنية و 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية و 5 من مدونة التجارة.

لهذه الأسبـــــاب

 حكمت المحكمة علنيا وحضوريا بسقوط الدعوى للتقادم مع تحميل رافعتها الصائر.

وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم  والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.

رجل قانون:
مواضيع متعلقة