X

– حوادث السير – صندوق مال الضمان – التعويضات التي يتحملها الصندوق – بداية حساب أجل السقوط

القرار رقم 136

الصادر بتاريخ 23  2  77

في الملف المدني رقم 50004

القاعدة:

تكون المحكمة على صواب لما لم تعتد بالمدة السابقة على تحرير محضر الحادثة لبداية أجل السقوط ممتعة بذلك المضرور بالعذر المقبول المنصوص عليه في الفصل الخامس من القرار الوزيري الصادر بتاريخ 23 – 2 – 1955.

إن صندوق مال الضمان يتحمل التعويضات الواجبة لضحايا حوادث السير أوذوي حقوقهم الذين يصابون بأضرار جسمانية ولا يتحمل التعويضات المعنوية التي يمكن الحكم بها لفائدة المتضررين المذكورين.

 

باسم جلالة الملك

بناء على طلب النقض المرفوع بتاريخ 17/12/1974 من طرف صندوق مال الضمان بواسطة نائبه الأستاذ محمد الجزولي ضد حكم محكمة الاستئناف بالبيضاء الصادر بتاريخ 19/2/74 في القضية المدنية عدد 12692 .

وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر 1974 .

وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 25/11/1976 .

وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 16/2/1977.

وبعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار المقرر السيد أحمد العلمي في تقريره وإلى ملاحظات المحامي العام السيد عبد الكريم الوزاني.

وبعد المناداة على نائبي الطرفين وعدم حضورهما .

وبعد المداولة طبقا للقانون:

فيما يتعلق بالجزء الأول من الفرع الأول وبالفرعين الثاني والرابع من الوسيلة الأولى :

حيث يستخلص من الاطلاع على محتويات الملف والحكم المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالبيضاء بتاريخ 19/2/1974 أن المرحوم الحسين بن سعيد لقي حتفه في حادثة سير ارتكبها شخص مجهول، وقد تقدمت زوجته أصالة عن نفسها ونيابة عن محاجيرها أبناء المتضرر بطلب تعويضات تبلغ في مجموعها 195.000 درهم عن الأضرار الناتجة عن الحادثة ، كما تقدم أبناء الهالك وهم الزهرة والحسين وعائشة بطلب تعويض معنوي قدره 5000 درهم لكل واحد منهم وقد أجاب صندوق مال الضمان عن الدعوى طالبا عدم قبولها لعدم إشعاره داخل أجل ستة أشهر ومطالبا برفض التعويضات التي يدعى بها أغلبية الورثة لأنها ترتبت عن أضرار معنوية لا يعوضها صندوق مال الضمان، وقد قضت المحكمة الإقليمية بالبيضاء برفض الطلب الذي تقدم به كل من محجوب وزهرة وعائشة لتعلقه بأضرار معنوية وحكمت لفائدة الأرملة ومحاجيرها بتعويضات مختلفة فاستأنف صندوق مال الضمان الحكم الابتدائي وتقدم ورثة الحسين بن سعيد باستئناف فرعي فأصدرت محكمة الاستئناف بالبيضاء حكما بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض طلبات المحجوب وزهرة وعائشة وحكمت من جديد لكل واحد منهم بتعويض قدره 5000 درهم وأشهدت على تدخل صندوق مال الضمان وعدلت الحكم الابتدائي فيما قضى به للأرملة وأبنائها من تعويضات معللة حكمها بأن صندوق مال الضمان يعوض الأضرار المادية والمعنوية ، وبأن التاريخ الحقيقي لتحرير الحادثة هو30/8/70 وتاريخ توجيه الرسالة لصندوق مال الضمان هو16/2/71 مما يفيد أن الدفع بالتقادم غير مرتكز على أساس.

وحيث يعيب الطالب الحكم بعدم التعليل والحكم بأكثر مما طلب وبخرقه للفصل 5 من القرار الوزيري المؤرخ في 23/2/55 الذي ينص على تقديم الطلبات إلى صندوق الضمان داخل أجل ستة أشهر من تاريخ الحادثة في حالة جهل المتسبب في الضرر وأن الحكم المطعون فيه عندما اعتبر الأجل المنصوص عليه في هذا الفصل أجل تقادم في حين أنه أجل سقوط يكون قد خرق القانون لأن الحادثة وقعت بتاريخ 19 غشت 1970 ولم توجه الرسالة لصندوق الضمان إلا بتاريخ 26 فبراير 1971 أي بعد مضي أجل ستة أشهر وأن المحكمة قد خرقت الوقائع عندما تمسكت بتاريخ تحرير المحضر في حين أن الحادثة وقعت بتاريخ 19 غشت 1970 ولم تجب عن الدفوع المتعلقة بالأجل وتاريخ الحادثة.

لكن حيث إن الحكم المطعون فيه بين أن أجل السقوط المتمسك به غير متوفر لأن تاريخ تحرير محضر الحادثة هو30/8/1970 معتبرا بذلك أن التاريخ المذكور هوتاريخ تحقق المتضررين بأن المتسبب في الحادثة مجهول.

وأن إشعار صندوق مال الضمان بالحادثة كان داخل الأجل القانوني وأن المدة التي سبقت تحرير المحضر لا يمكن الاعتداد بها ممتعا المتضررين بالعذر المقبول المنصوص عليه في الفصل الخامس من القرار الوزيري المحتج به ومجيبا عن الدفوع المثارة من الطالب.

ومن جهة أخرى فإن الحكم المطعون فيه لم يحرف تاريخ وقوع الحادثة ولم يعتبره كأساس لانطلاق أجل السقوط وإنما أشار إلى تاريخ تحرير المحضر وهوتاريخ العلم بأن المتسبب في الحادثة مجهول لذلك فالوسيلة في فروعها غير مرتكزة على أساس.

فيما يتعلق بالفرع الثالث من الوسيلة:

حيث يعيب الطالب الحكم بخرقه للفصل 189 من قانون المسطرة المدنية وذلك لعدم اشتمال الحكم المطعون فيه على التعريف الكامل بالخصوم ووكلائهم ولا بصفتهم وحرفهم ولا يعرف بالمدعين المحجوب وعائشة والزهرة.

لكن حيث إن الحكم الابتدائي المكمل للحكم الاستئنافي بين بأن الدعوى أقيمت من طرف زينب بنت عمر أرملة الحسن بن سعيد أصالة عن نفسها ونيابة عن محاجيرها إبراهيم والعربي وعبد الإله والسعدية وجمال وعائشة أبناء الحسن بن سعيد ومن طرف المحجوب والزهرة أبناء الحسن بن سعيد ومن طرف المحجوب والزهرة أبناء الحسن بن سعيد ضد صندوق مال الضمان وأشار إلى أسماء وكيلي الطرفين لذلك فهذا الجزء من الوسيلة مخالف للواقع، ومن جهة أخرى فإن عدم الإشارة إلى حرفة الأطراف لم يتضرر منها المطلوب لذلك فهذا الفرع من الوسيلة غير مقبول.

فيمـا يتعلـق بالوسيلـة الثانيـة:

حيث يعيب الطالب الحكم بخرقه لظهير 22/2/1955 والقرار الوزيري المتعلق به الصادر بتاريخ 23/2/1955 بشأن تنظيم صندوق مال الضمان وعدم التعليل وعدم بناء الحكم على أساس قانوني وذلك لأنه لا يمكن متابعة الصندوق المذكور من أجل تعويض الأضرار المعنوية وأن التعويضات التي يطالب بها المدعون المحجوب والزهرة وعائشة لا يمكن أن يتابع بها صندوق مال الضمان.

حقا، حيث إن صندوق مال الضمان يتحمل التعويضات الواجبة لضحايا حوادث السير الذين يصابون بأضرار جسمانية أوذوي حقوقهم عما يصيبهم من أضرار، وهولا يتحمل التعويضات المعنوية التي يمكن أن يحكم بها لفائدة المتضررين، لذلك فإن الحكم المطعون فيه عندما حكم لفائدة المحجوب والزهرة وعائشة بالتعويض المعنوي يكون قد خرق مقتضيات الفصل الأول من القرار الوزيري المؤرخ بــ 29/2/1955 ويكون معرضا للنقض في حدود الوسيلة.

وبعد التصدي، بناء على الفصل 368 من قانون المسطرة المدنية.

حيث إن المجلس يملك حق التصدي والبت فورا في موضوع النزاع أوفي النقطة التي استوجبت النقض وذلك متى اعتبر أنه يتوفر على جميع العناصر الواقعية التي ثبتت لقضاة الموضوع بحكم سلطتهم.

وحيث ثبت لقضاة الموضوع أن المتضررين المحجوب والزهرة وعائشة تقدموا بطلب تعويض معنوي عن وفاة والدهم الحسن بن سعيد.

وحيث إن النقض الجزئي انصب على نقطة قانونية وهي عدم تحمل صندوق مال الضمان التعويضات المعنوية.

وحيث ينبغي لذلك تأييد الحكم الابتدائي الذي رفض الحكم بالتعويض المعنوي لفائدة المتضررين المحجوب والزهرة وعائشة.

من أجله

قضى المجلس الأعلى بنقض الحكم جزئيا فيما قضى به من تعويضات للاخوة الثلاثة المحجوب والزهرة وعائشة وبرفض الطلب فيما عدا ذلك.

وبعد التصدي الحكم بتأييد الحكم الابتدائي وبتحمل الاخوة الثلاثة الصوائر ابتدائيا واستئنافيا في حدود مطالبهم وبصائر النقض مناصفة مع صندوق الضمان.

ويرجع أمر تبليغ وتنفيذ هذا القرار إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه.

كما قرر إثبات حكمه هذا في سجلات محكمة الاستئناف بالبيضاء إثر الحكم المطعون فيه أوبطرته.

وبه صدر الحكم وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى الكائن بساحة لافيجيري بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من سيادة الرئيس الأول إبراهيم قدارة والمستشارين السادة : أحمد العلمي – مقررا –عبد الغني المومى – محمد العربي العلوي – أحمد عاصم وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكريم الوزاني وبمساعدة كاتب الضبط سعيد المعروفي.

رجل قانون:

قراءة التعليقات (1)

  • يثير هذا القرار نقطتين رئيسيتين لتحديد العلاقة بين المتضررين وصندوق مال الضمان:
    أولا: هل يعتبر تاريخ الحادثة أوتاريخ تحرير المحضر هوتاريخ بداية حساب مدة سقوط الحق في مطالبة صندوق الضمان بالأداء ؟
    ثانيا: هل يقوم الصندوق بتعويض الضرر المعنوي أوبعبارة أخرى هل يعتبر الضرر البدني الذي يعوضه الصندوق محتويا على الضرر المعنوي أيضا ؟
    عندما تقع حادثة سير ويظل مرتكبها مجهولا فإن صندوق مال الضمان يقوم بتعويض المضرور عن الضرر البدني الذي أصابه لكنه يشترط لذلك أن يوجه هذا الأخير طلبه بالتعويض إلى الصندوق داخل مدة لا تتجاوز ستة أشهر ابتداء من يوم الحادث وإلا سقط حقه في المطالبة بالتعويض إلا إذا أثبت عذرا مقبولا (الفصلان الخامس والسادس من قرار 23 فبراير 1955) ويوجه هذا الطلب بواسطة البريد المضمون مع إشهاد بالتوصل ويكفي إثبات توجيه الطلب دونما حاجة لانتظار الجواب (راجع قرار الغرفة المدنية بالمجلس الأعلى عدد 167 بتاريخ 2 أبريل 1969) .
    ويظهر جليا أن منطلق بداية المدة هويوم وقوع الحادث وذلك بصريح النص إلا إذا كان هناك عذر مقبول لكن المجلس الأعلى بقراره المذكور أعلاه اعتبر بداية المدة يوم تحرير المحضر وليس يوم الحادث على أساس أن المدة التي تفصل يوم وقوع الحادث وتحرير المحضر تدخل في مفهوم العذر المقبول لأن المضرور غالبا ما يكون في حالة يصعب عليه معها معرفة ما إذا كان مرتكب الحادث ظل مجهولا أوتمكنت الشرطة القضائية من الكشف عنه ولا يتأكد من هذه الحالة إلا من يوم تحرير المحضر والواقع أن المضرور لا يتمكن أحيانا من الاطلاع على هذه الحالة إلا بعد تحرير المحضر إذ ليس بإمكانه في يوم تحريره الاطلاع عليه ولذلك وقع التوسع بمحكمة النقض الفرنسية في تفسير العذر المقبول لتجعل بداية حساب مدة الستة أشهر من يوم حفظ المحضر من طرف النيابة العامة لكون مرتكب الحادث ظل مجهولا (راجع قرار الغرفة المدنية بمحكمة النقض الفرنسية المؤرخ في 22 يناير 1963 المنشور في مجلة المحاكم 1963–1- 375) ويظهر أن مثل هذا القرار يحمي حق المضرور بصورة أضمن وأشمل وعلى كل حال فإنه لا يمكن الاعتداد بيوم وقوع الحادث نظرا لقصر مدة سقوط الحق من جهة وطول إجراءات المسطرة من جهة أخرى ولذلك يستحسن التوسع قدر الإمكان في تفسير العذر المقبول.
    أما النقطة الثانية المثارة في القرار فتتعلق بعدم اعتبار الضرر المعنوي ضررا بدنيا يدخل ضمن الأضرار التي يعوضها الصندوق؟
    والواقع أن الأضرار البدنية وردت في الفصل الأول من قرار 23 فبراير 1955 بصيغة الإطلاق وأن ذلك يقتضي تفسيرها على أساس أنها تشتمل على الأضرار البدنية المادية والأضرار البدنية المعنوية.فالمصاريف الطبية والصيدلية والعجز والآلام التي يتعرض لها المضرور والضرر المعنوي بسبب فقدان عزيز كلها أضرار بدنية يتدخل الصندوق لتعويضها ولم تكتف محكمة النقض الفرنسية باعتبار الأضرار المعنوية جزءا من الأضرار البدنية التي تستحق تعويضا من الصندوق بل سارت أبعد من ذلك حيث قضت بتدخل الصندوق حتى في الضرر المعنوي لزوج الضحية في حين أن هذه الأخيرة لازالت على قيد الحياة لكنها أصيبت بعاهة دائمة ومشوهة أثرت على معنويات الزوج على أساس أن قانون 31 ديسمبر 1951 الفرنسي لا يشترط وفاة الضحية ليحصل تعويض لأصحاب الحقوق (راجع قرار الغرفة المدنية بمحكمة النقض الفرنسية 8 ديسمبر 1967 المنشور بالمجلة العامة للتأمينات البرية 1968 صفحة 387) بل أصبح في الإمكان ومنذ مدة غير يسيرة في فرنسا تدخل الصندوق ليعوض حتى الأضرار المادية داخل حدود معينة وبعد توافر بعض الشروط (راجع مقتضيات الفصل السادس من قانون 30 نوفمبر 1966 وكذا مرسوم 23 يونيو1967 الذي عدل وتمم مرسوم 30 يونيو1952).
    ومن المعلوم أن الصياغة الواردة في الفصل الأول من قرار 23 فبراير 1955 المغربي هي نفس صياغة الفصل 15 من قانون 1951 كما أن الاتجاه الحالي هوالتوسع في مجالات تدخل الصندوق. فهل قصد المجلس بقراره المذكور عدم السير على منوال الاجتهاد القضائي الفرنسي أم أنه مجرد قرار منفرد؟

    إدريس الضحاك

مواضيع متعلقة