تحفيظ – بيانات الحكم – استفسار شهود الملكية – عدم الخطاب عليه – أثره
القرار رقم 187
الصادر بتاريخ 8 يونيو1979
في الملف المدني رقم 40903
القاعدة:
* تطابق الحدود وما يمكن أن يستنتج منه فيما يرجع لشهادة الشهود مسألة واقعية محضة غير خاضعة لرقابة المجلس الأعلى.
* المحكمة غير ملزمة بأن تشير في حكمها إلى أن التعرض على التحفيظ وقع داخل الأجل القانوني.
* عدم مخاطبة القاضي على استفسار شهود الملكية ليس من الأسباب الموجبة لبطلانها.
باسم جلالة الملك
بناء على العريضة المرفوعة بتاريخ 1 مارس 1971 من طرف الطالبين المذكورين حوله بواسطة نائبهم والرامية إلى نقض قرار محكمة الاستئناف بالرباط الصادر بتاريخ 7 مايو1970 في الملف عدد 5990.
وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 19 مارس 1973 من طرف المطلوب ضدهم النقض بواسطة نائبهم والرامية إلى رفض الطلب.
وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على قانون المسطرة المدنية وبالأخص فصوله 353 وما بعده والفقرة الأخيرة من فصله 362.
وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر بتاريخ 5 فبراير 1979.
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 8 يونيو1979.
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار المقرر السيد عبد اللطيف التازي في تقريره وإلى ملاحظات المحامي العام السيد عبد القادر المذكوري.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
في شأن الوسيلة الثانية التي لها الأسبقية لتعلقها بالإجراءات الشكلية
حيث يؤخذ من المستندات ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 7 مايو1970 أنه بمقتضى مطلب عدد 3272 تقدم الطيبي بن أحمد بن الطيبي أصالة عن نفسه ونيابة عن أخويه الجيلالي والداودي بتاريخ 24/9/1953 بطلب تحفيظ الملك الذي أرادوا أن يطلقوا عليه إسم ((بياض)) المشتمل على أرض فلاحية بدائرة الشاوية الجنوبية قبيلة أولاد بنداود فرقة أولاد أحمد دوار أولاد سي علال البالغة مساحتها 15 هكتارا تقريبا ويحتوي الملك المذكور على ثلاث قطع أرضية بياض رقم 1 بياض رقم 2 والثالثة تعرف بواد الكروادي – معتمدين في مطلبهم على ملكية عدد 887 مؤرخة في 13 رجب 1347 موافق 25/12/1928 تتضمن الشهادة بالملك والتصرف في القطع كلها لمدة تزيد على عشرة أعوام من غير منازع ولا معارض ولا تفويت. وقد تعرض على هذا المطلب أولا محمد بن عبد القادر بن المعطي في إسم الاخوة عبد القادر ومحمد وعلي أبناء المعطي والغالي بن محمد بن المعطي وذلك فيما يرجع إلى القطعة رقم 2 سجل تعرضهم تحت رقم 1243 ولم يدل المتعرضون بحجة على صحة تعرضهم، ثانيا محمد بن العربي بن بوعزة في إسمه وفي إسم باقي ورثة أمه نجمة بنت الطيبي مطالبين بواجبات مشاعة في جميع التحديد سجل تعرضهم تحت عدد1244، ثالثا بلقاسم بن أحمد بن الميلودي في إسم ورثة والدته زهرة بنت أحمد بن الطيبي يطالبون بواجبات مشاعة في جميع القطع بناء على ملكية عدد 661 مؤرخة في 19 ربيع الأول 1376 موافق أكتوبر 1956 في إسم أحمد بن الطيبي والد الزهرة ومن تفرع عنه من الورثة بأسمائهم ومن بينهم زهرة المذكورة يشهد شهودها بالملك والتصرف في القطع جميعها لمدة عشرين سنة تقريبا سلفت عن تاريخه مؤيدين ذلك برسم إراثة أضيف للملك نسجل تعرضهم تحت عدد 1245، رابعا أحمد بن بوشعيب في إسمه وإسم أخيه محمد يطالبان بالنصف المشاع من التحديد سجل تعرضهما تحت عدد 1246 وأيدا تعرضهما برسم شراء مؤرخ في خامس رمضان 1323 وبناء على ما ذكر وعلى ما ثبت – عند المقال على عين المحل وباعتراف طرفي النزاع من أن التحديد جميعه يوجد تحت تصرف طالبي التحفيظ أصدرت المحكمة حكما يقضي بعدم صحة التعرضات المرفوعة من طرف محمد بن عبد القادر بن المعطي ومن معه تحت عدد 1243 ومن طرف محمد بن العربي بن بوعزة ومن معه تحت عدد 1244 لانعدام الحجة ومن طرف أحمد بن بوشعيب وأخيه محمد تحت عدد 1246 لعدم إدلائها بما يؤكد تعرضها أمام رسم الشراء المدلى به من طرفها فلم تنطبق حدوده على بقعة النزاع ولا حيازة بيدها ، كما قضت بصحة تعرض بلقاسم بن أحمد بن الميلودي المسجل تحت عدد 1246 وقد استأنف الحكم المذكور طالبوا التحفيظ لكن فيما قضى به الحكم من صحة تعرض بلقاسم بن أحمد بن الميلودي ومن معه المسجل تحت عدد 1236 لا غير – وبالتاريخ أعلاه (7 ماي 1970) قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من صحة التعرض عدد 1246 متبنية بذلك حيثياته.
وحيث يعيب الطاعنون طالبوا التحفيظ على القرار خرق الإجراءات الجوهرية للمسطرة ذلك أن قضاة (الاستئناف) لم يطلعوهم على الإراثة التي احتج بها خصومهم المتعرضون تحت عدد 1245 حتى يقولوا كلمتهم فيها.
لكن حيث أنه – خلافا لما جاء بالوسيلة – فقد ورد بحيثيات القرار ما يلي “وحيث إن ما زعمه الفريق المسجل من أن والدة المتعرضين زهرة بنت أحمد بن الطيبي إنما هي أختهم للأم فإن الإراثة المدلى بها من طرف المتعرضين تكذب هذا الزعم – وقد أعذر لهم فيها فلم يعارضوها”
مما يجعل الوسيلة خلاف الواقع.
وفي شأن الوسيلة الأولى:
حيث يعيب الطاعنون على القرار أنهم كانوا طعنوا في ملكية المتعرضين عدد 661 بأن حدودها غير مطابقة لحدود المدعى فيه وقد رد قضاة الحكم بأن نص الحكم الابتدائي على أن الحدود متطابقة بعد الوقوف على عين المكان يكفي علة لرفع النقص الموجود بالملكية المذكورة – لكن هذا التعليل غير صحيح إذ أن تطابق الحدود في واقع الأمر لا يكفي لرفع النقض المطعون به لأن الأمر يؤول في النهاية إلى أن شهود المتعرضين كانوا جاهلين بالمشهود فيه وبذلك تبطل شهادتهم كلها لانعدام ركن مهم من أركان الشهادة وهومعرفة المشهود فيه.
لكن حيث إن مسألة تطابق الحدود وما يمكن أن يستنتج منه فيما يرجع لشهادة الشهود – مسألة واقعية محضة غير خاضعة لرقابة المجلس الأعلى مما يجعل الوسيلة غير مقبولة.
وفي شأن الوسيلة الثالثة:
حيث يعيب الطاعنون على القرار انعدام التعليل ذلك أنهم تقدموا أمام محكمة الاستئناف بعدة دفوعات لم يقع الجواب عنها وهي:
أولا: أن الحكم المستأنف جاء خاليا مما يفيد أن تعرض المتعرضين وقع داخل أجله القانوني.
لكن حيث أنه لا يوجد أي نص قانوني يوجب أن يحتوي الحكم على التصريح بأن التعرض كان واقعا داخل أجله القانوني.
ثانيا: أن أمد الحيازة بين الأقارب متحقق في النازلة خلافا لما جاء بالحكم.
لكن حيث إن محكمة الاستئناف أجابت عنه بقولها “وحيث إن الملكية عدد 887 التي أدلى بها المسجلون لم تشتمل على مدة الحيازة الكافية بين الأقارب” زيادة على كون الطاعن لم يبين في هذا الفرع وجه مستنده في كون الحيازة بين الأقارب متحقق في النازلة.
ثالثا: إن ملكية المتعرضين لم تنص على أن كل وارث من ورثة الهالك الأول ومات بعده استمر مالكا إلى أن مات.
لكن حيث إن هذا الفرع أجابت عنه المحكمة بقولها “أن بلقاسم بن أحمد تعرض في إسم ورثة أمه زهرة وأدلى بملكية في إسم أحمد بن الطيبي شهد شهودها بالملك والحوز والتصرف إلى أن مات وخلفها لورثته وهم زوجه زينب وأولاده الطيبي الجيلالي والداودي وزهرة ثم ماتت زينب عن أولادها ثم مات الداودي عن زوجته فاطمة وأولاده منها محمد والكبير وفاطمة وجاء بحيثية أخرى تأييدا لما ذكر قولها” وما زعمه الفريق المسجل من أن زهرة هي أختهم للأم فقط فإن الإراثة تكذب هذا الزعم وقد أعذر لهم فيها فلم يعارضوها .
رابعا: إن الملكية عدد 661 تعتبر غير مستفسرة لعدم وجود توقيع القاضي على الاستفسار الموجود بمحولها مما يجعلها باطلة.
لكن حيث إن عدم توقيع القاضي على استفسار الملكية ليس من الأسباب الموجبة لبطلانها.
خامسا : إن حيثيات القرار جاءت مجملة وغير مفصلة لأن قضاة الاستئناف ردوا على بعض الطعون بقولهم أن باقي ملاحظات المذكرة الاستئنافية لا تؤثر على صحة الحكم خصوصا فيما يرجع لما جرت عليه المحكمة الابتدائية من عدم التعارض ببين الملكيتين 661 و887 لأن هذه الأخيرة شهد فيها شهودها بالملك لورثة أحمد بن الطيب الذين من جملتهم زهرة موروثة المتعرضين ثم أضافوا إلى ذلك أنه يتبين من وثائق الملف ومستنداته أن الحكم بصحة تعرض ورثة زهرة بنت أحمد قائم على أساس إذ على فرض أن هذه الحيثيات تعتبر ردا من قضاة الاستئناف على جميع طعون المسجلين التي تضمنها مقال استئنافهم فإنها جاءت عامة ومجملة غير متناولة لكل طعن بالتفصيل.
لكن حيث إن الطاعن لم يبين فيها بوضوح وجهة وجود التعارض بين اللفيفية 661 و887 المدعى به على أن المحكمة تأييدا لما قضت به المحكمة الابتدائية من انعدام كل تعارض بين الليفيتين صرحت بقولها “أن الملكية عدد 661 نسب فيها الملك لوالد الفريقين أحمد بن الطيبي فيكون تملك هذا الأخير متضمنا لملك أبنائه المنسوب إليهم الملك في الملكية عدد 887 غير أن هذه الملكية الأخيرة لا توجب لأصحابها الاختصاص بالمتنازع فيه دون أختهم زهرة موروثة المتعرضين – مما تكون معه هذه الوسيلة بجميع فروعها غير مقبولة في بعضها ومنعدمة الأساس في الباقي”.
من أجله
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وبالصائر على الطالب.
وبه صدر الحكم بالجلسة المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة رئيس الغرفة الإدارية مكسيم أزولاي والمستشارين: عبد اللطيف التازي وعمر التازي ومحمد زين العابدين بنبراهيم ومحمد الجيدي وبمحضر المحامي العام السيد عبد القادر المذكوري وبمساعدة كاتب الضبط السيد عبدالغفور بوعياد.