القرار المدنـي رقم 396
الصادر في 10 ربيع الأول 1386 – 29 يونيه 1966
القاعدة:
إن الحيازة القاطعة بين الأقارب لا تفيد إلا إذا توفرت على الشروط المطلوبة فيها شرعا و منها أن تطول أكثر من أربعين سنة و لهذا يتعرض للنقض لخرقه قواعد الفقه الإسلامي الحكم الذي أخذ بعين الاعتبار طالبي التحفيظ ذاكرا بغير حق أن أمدها لا تأثير له و بدون أن ينص على الشروط المطلوبة شرعا.
باسم جلالة الملك
بناء على طلب النقض المرفوع بتاريخ 13 مايو 1963 من طرف الحاج بلحسن و من معه بواسطة نائبهم الأستاذ بليح ضد حكم محكمة الاستئناف بالرباط الصادر في 2 فبراير 1963.
و بناء على الظهير المؤسس للمجلس الأعلى المؤرخ بثاني ربيع الأول عام 1377 موافق 27 شتنبر 1957.
و بناء على الأمر بالتخلي و الإبلاغ الصادر في 28 أبريل 1966.
و بناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 29 يونيه 1966.
و بعد الإستماع بهذه الجلسة إلى المستشار السيد محمد بن يخلف في تقريره و إلى ملاحظات وكيل الدولة العام السيد الحاج أحمد زروق.
و بعد المداولة طبقا للقانون.
فيما يخص الوسيلة الثانية المستدل بها:
بناء على أن الحيازة القاطعة فيما عرف أصل الملك لمن هو لابد فيها من عشر سنين فأكثر بين الأجانب و مما يجوز أربعين عاما بين الأقارب و ذلك في العقار مع توفر بقية الشروط المطلوبة شرعا.
حيث يتضح من أوراق الملف أن محمد بن عبدالقادر بن محمد بن الحاج و شقيقيه الجيلاني و عبد الله طلبوا تحفيظ أرض تسمى ” بلادات عبدالقادر ” مشتملة على قطعتين لدى المحافظة العقارية بالدارالبيضاء بتاريخ 14 ماي 1955 تحت عدد 5959 د 11 و أدلوا بملكية مؤرخة في 13 يناير 1948 فتعرض على طلب التحفيظ الحاج بن محمد المزابي بالأصالة عن نفسه و بالنيابة عن أمه منانة بنت الشافعي و إخوته محمد و عبدالرحمان و فاطنة، طالبا استحقاق الأرض المطلوب تحفيظها مدعيا أنه ورثها من أبيه مع أمه و إخوته المذكورين و بعدما أحيلت القضية على محكمة الدارالبيضاء و قام القاضي المقرر بالبحث على عين المحل تبين من ذلك:
1 ) أن البلاد في الأصل لجد الخصوم محمد بن الحاج.
2 ) و أن قسمة وقعت في بلادات كان يملكها هذا الأخير من جملتها قطعتا النزاع فزعم المتعرضون أن هاتين القطعتين مع غيرهما خرجتا في نصيب موروثهما الاحسن بن محمد بن الحاج و زعم طالب التحفيظ أن أباه اختص بهما و ذلك بعدما أنكر القسمة ثم اعترف بها.
3 ) أن موروث المتعرضين الاحسن بن محمد بن الحاج تصرف في قطعتي النزاع سنين عديدة إلى أن توفي و بقيت زوجته تتصرف بعد وفاته وحدها إلى سنة 1942 لصغر سن أولادها، شهد بذلك شهود البحث من بينهم محمد بن أحمد بن مبيركة و أحمد بن أحمد الذين استشهدهما طالبو التحفيظ.
4 ) أن عبد القادر بن الحاج محمد موروث طالبي التحفيظ حاز القطعتين سنة 1942 أو 1945 و تصرف فيهما إلى وفاته و بعده تصرف فيها ورثته إلى أن قام عليهم المتعرضون بدعوى لدى الشرع ثم بالتعرض لدى المحافظة.
و في أثناء البحث على عين المحل تصفح القاضي المقرر حجج الطرفين حيث أدلى طالبو التحفيظ بلفيفية بقصد الإحتجاج يشهد شهودها بتصرف موروثهم عبدالقادر و بتصرف طالبي التحفيظ بعد وفاته كما أدلى فريق المتعرضين بلفيفية يشهد شهودها بالتصرف لموروثهم الاحسن و بتصرفهم بعد وفاته مع مقال الدعوى التي قيدت منانة لدى الشرع تطلب فيه استحقاق واجبها و واجب أولادها في قطعتي النزاع و شاهد القاضي المقرر أن الحدود المذكورة في الرسوم المدلى بها تطابق حدود قطعتي النزاع.
فحكمت المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء بعدم صحة التعرض و بعد استئناف الحكم لدى محكمة الاستئناف بالرباط أيدت هذه المحكمة الحكم المذكور لعلة أن القسمة وقعت في المتنازع فيه و لم يبق مشتركا بين الخصوم و أن الطرفين لم يدليا ببينة نافعة و أن المتنازع فيه في حيازة طالبي التحفيظ و أن أمد الحيازة لا تأثير له مع وجود القسمة و عدم إدلاء المتعرضين بما يثبت اختصاصهم بالمتنازع فيه و لا بما يثبت أنه انتزع من حيازتهم بالعنف.
و حيث يطعن طالبو النقض في الحكم المطعون فيه بكون محكمة الاستئناف خرقت قواعد الفقه الإسلامي فيما يتعلق بشروط الحيازة النافعة و بالأخص فيما يرجع لطول أمدها بين الأقارب و ذلك عندما اعتبرت حيازة طالبي التحفيظ دون أن تكون هذه الحيازة متوفرة على الشروط المطلوبة شرعا و بدون أن تنص على ذلك ذاكرة أن أمد الحيازة لا تأثير له.
و حيث ثبت من محتويا الملف أن ملك القطعتين المتنازع فيهما كان لجد الخصوم و لم يثبت بقاطع اختصاص أحد الطرفين بقطعتي النزاع بعد القسمة بل ثبت تعاقب حيازتهما لهما كما ثبت قرابتهما.
و حيث إن الحيازة القاطعة بين الأقارب لا تفيد إلا إذا توفرت على الشروط المطلوبة فيها شرعا و منها أن تطول أكثر من أربعين سنة.
و حيث إن الحكم المطعون فيه اعتبر حيازة طالبي التحفيظ و بني عليها حكمه ذاكرا بغير حق أن أمدها لا تأثير له و بدون أن ينص على أنها متوفرة على الشروط المطلوبة شرعا و بالأخص أنها طالت أكثر من أربعين سنة نظرا لقرابة الخصوم المتنازعين في أرض تخلفت عن موروثهم الأول و لم يثبت أحد منهم اختصاصه بها خارقا بذلك قواعد الفقه الإسلامي المتضمنة لأحكام الحيازة و متعرضا للنقض.
لهذه الأسبـاب
وبقطع النظر عن باقي أوجه الطعن المستدل به
قضى المجلس الأعلى بنقض وإبطال الحكم المطعون فيه ( محكمة الاستئناف بالرباط 2 فبراير 1963 ) و بإحالة القضية على محكمة الاستئناف بفاس لتبت فيها من جديد طبق القانون و على المطلوبين في النقض بالصائـر.
كما قرر إثبات حكمه هذا في سجلات محكمة الاستئناف بالرباط إثر الحكم المطعون فيه أو بطرته.
و به صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالمشور و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: الرئيس الأول السيد أحمد أبا حنيني و المستشارين: محمد ابن يخلف إدريس بنونة محمد عمور محمد اليطفتي و بمحضر وكيل الدولة العام السيد الحاج أحمد زروق و بمساعدة كاتب الضبط السيد الصديق خليفة.