الحيازة المنازع فيها – مفهومه – الترجيح بقدم التاريخ – معناه

الحيازة المنازع فيها – مفهومه – الترجيح بقدم التاريخ – معناه

عدالة

القرار عدد 8/292 الصادر بتاريخ 2013/05/28 في الملف رقم 2012/8/1/3720 

القاعدة:

المنازعة التي من شأنها التأثير على  الحيازة ، هي المنازعة المنصبة على المدة القانونية المسقطة لحجة القائم، لا المنازعة التي تأتي بعدها .

 ـ الترجيح بين البينتين بقدم التاريخ ، يقتضي من المحكمة إبراز المدة المشهود بها في كل بينة على حدة، لبيان المدة التي تساقطتا فيها ، والمدة التي انفردت بها إحداهما على الأخرى.

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

بناء على الطلب المرفوع بتاريخ 23/05/2012 من الطالبين أعلاه، بواسطة نائبهم المذكور والرامي إلى نقض القرار عدد 13 الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 03/05/2007 في الملف رقم 1562/2005؛

وبناء على  مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 18/10/2012 من المطلوب بواسطة نائبه المذكور، والرامية إلى رفض الطلب ؛

وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف؛

وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 29/04/2013 وتبليغه؛

و بناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 28/05/2013؛

و بناء على المناداة على الطرفين و من ينوب عنهما وعدم حضورهما؛

و بعد تلاوة المستشار المقرر السيد علي الهلالي لتقريره؛ والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي؛

وبعد المداولة طبقا للقانون

حيث يستفاد من مستندات الملف، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بتاريخ 13/5/1971  بالمحافظة العقارية بمراكش تحت عدد 31334، ـ والذي نقل منها بعد ذلك إلى المحافظة العقارية بقلعة السراغنة ـ طلب أيت الشرقي عبد الغني تحفيظ الملك الفلاحي المسمى ”بلد ريعي زمران” الواقع بقبيلة ودائرة الرحامنة الجنوبية، فرقة أولاد مسعود، دوار مسعود، المحددة مساحته في 03 هكتارات و97 آرا و50 سنتيارا بصفته مالكا له حسب الاستمرار المؤرخ في 5/11/1970، والمضمن بعدد 48 بتاريخ 28/11/1970 ، المشهود له فيه بالملك والتصرف لمدة أربع عشرة سنة سلفت عن تاريخ الإشهاد. فقيدت على المطلب المذكور عدة تعرضات منها التعرض المدون بتاريخ 24/2/1983 ”كناش 1 عدد 350” الصادر عن محجوب بن الطاهر بن الغنضور مطالبا بقطعة من الملك محدودة بالعلامات المشار إليها في صك التعرض لتملكه لها بالاستمرار المؤرخ في 22/7/1980،  المضمن بعدد 29 بتاريخ 29/10/1980، والمشهود له فيه بالملك والتصرف لمدة عشرين سنة سلفت عن تاريخ الإشهاد.

وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بابن جرير، وإجرائها معاينة على محل النزاع، أصدرت بتاريخ 9/1/1989 حكمها عدد 891 في الملف رقم 132/86 بصحة التعرض المذكور. فاستأنفه طالب التحفيظ، وبعد إجراء محكمة الاستئناف المذكورة معاينة أيدت الحكم المستأنف بقرارها الصادر بتاريخ 23/5/1990 في الملف رقم 2139/89، والذي نقضه المجلس الأعلى  بطلب من المستأنف وأحال الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد طبقا للقانون، وذلك بمقتضى قراره الصادر بتاريخ 9/3/1994 تحت عدد 934 في الملف رقم 4045/90 بعلة ”أن الطاعن أثار من جهة، أمام المحكمة أن حكما ابتدائيا تأيد استئنافيا ضد المتعرض المحجوب بن حمادي الملقب بالروانة ومن معه ومن بعض البائعين بتخليهم عن الأرض المتعرض عليها حاليا، وأن المحكمة لم تجب على هذا الدفع الذي قد يكون له أثر على قضائها، لا سيما وأن الحكم الابتدائي المحتج به اعتمد فيما قضى به على نفس الاستمرار المضمن تحت عدد 48 ص 61، المتمسك به من طرف طالب التحفيظ تأييدا لمطلبه، كما أن المطلوبين لم يسبق لهم أن ادعوا أن القطع المتعرض عليها هي غير القطع المحكوم بها بمقتضى الحكمين المذكورين، أو أنها غير داخلة في التحديد المبني على الاستمرار المذكور. ومن جهة أخرى فإن المحكمة اعتمدت في القول بأن استمرار طالب التحفيظ المشار إليه لا ينطبق على الأجزاء المتعرض عليها، وأن ما تعرض عليه المطلوبون في النقض يوجد شمال خريطة التحديد ـ على المعاينة التي أجرتها بعين المكان، دون أن تبرر عدم اعتبارها لما هو ثابت من عملية التحديد المجرى بتاريخ 17/3/1980 من طرف مصلحة الهندسة من أن القطع المتعرض عليها والمحكوم بها سابقا هي من مشمولات  الاستمرار المؤيد للمطلب.”

    وبعد الإحالة، وإجراء محكمة الاستئناف المذكورة خبرة بواسطة الخبير إدريس حمداوي، قضت بتأييد الحكم المستأنف، بمقتضى قرارها عدد 36 الصادر بتاريخ 9/12/1997 في الملف رقم 2168/94، والذي نقضه المجلس الأعلى بطلب من المستأنف وأحال الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد طبقا للقانون، وذلك بمقتضى قراره عدد 370 الصادر بتاريخ 2/2/2005 في الملف رقم 1305/1/1/2004 بعلة أن المحكمة عللت قرارها بأنه ”ليست العبرة بالأحكام مجردة، وإنما بتجسيم أثرها عن طريق تنفيذها بواسطة محضر التنفيذ. وأن المتعرضين الذين كانوا طرفا في الحكم المنفذ تمسكوا بما جاء في محضر التنفيذ من كون مأمور التنفيذ لم يسلم للمنفذ له طالب التنفيذ سوى مساحة 22 خداما حسب الحدود المشار إليها في المحضر.وأن طالب التحفيظ لم يثبت أنه كان مالكا لموضوع التعرض سواء برسم الاستمرار أو الحكم المشار إليهما. في حين أن الحجية تثبت للحكم وليس لمحضر التنفيذ. وأن المحكمة ملزمة بعد الإحالة بالتقيد بقرار المجلس الأعلى الذي اعتبر أن رسم الاستمرار المذكور أسس عليه الحكم القاضي باستحقاق الطاعن لأرض النزاع، وهو ما أكدته المعاينة والخبرة المجراة في النازلة.”

وبعد الإحالة قضت محكمة الاستئناف المذكورة بإلغاء الحكم المستأنف وقضت بعدم صحة التعرض المشار إليه، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض حاليا أعلاه من ورثة المتعرض “11 شخصا” بسببين مندمجين، بعدم الارتكاز على أساس قانوني، ذلك أنه علل بأن ”رسم استمرار محجوب بن الطاهر ـ مورث الطاعنين ـ منجز بتاريخ 22/7/1980 أي في تاريخ لاحق على تقديم مطلب التحفيظ في 13/5/1971 وعن إعلان التحديد من مصلحة الهندسة المؤرخ في 17/3/1980 وبالتالي فشرط عدم العلم بالمنازع في الوثيقة غير محقق، إضافة إلى كون استمرار طالب التحفيظ يبقى الأقدم تاريخا وبالتالي فهو الأرجح.” إلا أن المعاينة المجراة في المرحلة الابتدائية بتاريخ  10/11/1988 أثبتت أن ملكية المطلوب عدد 48 لا تنطبق إلا من ثلاث جهات فقط، وهي جهات القبلة واليمين والغروب، ومن ثم فهي لا تنطبق على الجهة التي تعرض عليها مورث الطاعنين، وهو ما استخلصه القاضي المقرر في المعاينة المذكورة عندما أوضح أن رسم مورثهم هو الذي  ينطبق على الجزء الذي انصب عليه التعرض، مما لا يمكن معه إعمال قاعدة الترجيح بقدم التاريخ. وأن رسم الاستمرار عدد 29 يثبت ملكية مورثهم للعقار المعد للسكنى بدون منازع مدة 20 سنة سلفت عن تاريخ إقامته في 1980 وأنه عندما تطاول عليه المطلوب وضمه إلى ملكه تعرض عليه مورثهم.

حيث صح ما عابه الطاعنون على القرار، ذلك أنه اعتمد في تعليله الوارد في السببين أعلاه، بشان استبعاد حجتهم عدد 29 على كون شرط عدم المنازع الذي تتضمنه غير محقق، وعلى كون حجة المطلوب أقدم تاريخا. في حين أنه يتجلى من بينة مورث الطاعنين عدد 29، أن شهودها يشهدون له بالتصرف والملك مدة عشرين سنة سلفت  من تاريخ الإشهاد الذي هو 29/10/1980 ، أي أن تاريخ المدة المشهود بها يرجع إلى 29/10/1960. وأن بينة المطلوب عدد 48 يشهد شهودها له بالملك والتصرف مدة أربع عشرة سنة من تاريخ الإشهاد الذي هو 28/11/1970، أي أن تاريخ المدة المشهود بها يرجع إلى 28/11/1956. وأن ذلك من جهة، كان  يقتضى أن يبرز القرار في تعليله ما إذا كان النزاع الذي استنتجته من دعوى النازلة على فرض ثبوته، قد هم كل مدة الحيازة المشهود بها في بينة الطاعنين أو جزءا منها فقط، لمعرفة مدى تأثير ذلك على البينة المذكورة؛ وهو ما لم يبرزه القرار. ومن جهة ثانية، فإن الترجيح بين بينتين بقدم التاريخ، يقتضي أيضا أن يبرز القرار في تعليله المدة المشهود بها في كل بينة على حدة، ليتأتى معرفة المدة التي تتعارضان فيها، والمدة التي تنفرد بها إحداهما على الأخرى، وهو ما لم يبرزه القرار رغم ما له من تأثير على الفصل في النزاع، فحرم بذلك محكمة النقض من بسط مراقبتها القانونية، الأمر الذي يكون معه نتيجة لكل ما ذكر، غير مرتكز على أساس قانوني، ومعرضا بالتالي للنقض والإبطال.

لهذه الأسباب؛

قضت محكمة النقض، بنقض وإبطال القرار المطعون فيه المشار إليه أعلاه، وبإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف بسطات للبت فيها من جديد طبقا للقانون وبتحميل المطلوب الصائر.

كما قررت إثبات قرارها هذا بسجلات المحكمة مصدرة الحكم إثر القرار المطعون فيه أو بطرته.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: علي الهلالي ـ مقررا. ومحمد دغبر وأحمد دحمان وجمال السنوسي أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة العكرود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *