القرار عدد 8/640 الصادر بتاريخ 2013/12/24 في الملف رقم 2013/8/1/2232
القاعدة:
تقدير عنصر الاستعجال موكول لسلطة رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض،
لقاضي المستعجلات أيضا أن يتلمس من ظاهر الوثائق جدية النزاع من عدمه،
عدم المساس بأصل الحق يعني عدم المساس بحق محكمة الموضوع للبت في جوهر النزاع.
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 04/04/2013 من الطالب أعلاه بواسطة نائبه المذكور. والرامي إلى نقض القرار عدد 65 الصادر عن محكمة الاستئناف بفاس بتاريخ 21/01/2013 في الملف رقم 1419/2012؛
وبناء على المستندات المدلى بها في الملف؛
وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 19/11/2013 وتبليغه؛
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 24/12/2013؛
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تلاوة المستشار المقرر السيد جمال السنوسي لتقريره والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد إبراهيم الرزيوي؛
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، أن الغالي العلوي الفضيلي تقدم بتاريخ 10/07/2012 بمقال أمام رئيس المحكمة الابتدائية بفاس بصفته قاضيا للمستعجلات تجاه أحمد الكتاني، المحامي بهيئة فاس، عرض فيه أن هذا الأخير استصدر في مواجهته أمرا بالحجز التحفظي على عقاراته ذوات الرسوم العقارية عدد 191073/07 و191074/07 و191075/07 و191076/07 ضمانا لأداء مبلغ 760.000 درهم الذي يمثل الأتعاب المحددة لفائدته من طرف السيد نقيب الهيئة بناء على أربع مقررات صادرة ضد شركة كروان ذات المسؤولية المحدودة التي هو مجرد مسير لها، مضيفا أنه ليس مدينا شخصيا للمدعى عليه بأي مبلغ، طالبا لذلك الأمر برفع الحجز التحفظي المذكور.
وبعد جواب المدعى عليه أن الدعوى تخرج عن اختصاص قاضي المستعجلات المحدد في الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية، وأن شركة كروان هي شركة فعلية ذات شريك واحد والمسؤول عنها هو المدعي بصفته مسيرا لها مسؤولا عن تصرفاته المتعلقة بالشركة وتسييرها وهو ما يقتضي مسؤوليته الشخصية، وأن مقررات تحديد الأتعاب صدرت ضد الشركة في شخص ممثلها القانوني، وأن مناقشة هذه النقط القانونية وإثباتها يمس بالجوهر. أصدر نائب رئيس المحكمة بتاريخ 26/09/2012 أمره عدد 666 في الملف رقم 526/1102/2012 برفع الحجز المذكور . فاستأنفه المدعى عليه وأيدته محكمة الاستئناف بقرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنف بالوسيلة الفريدة بخرق القانون في فرعين.
حيث يعيب الطاعن القرار في الفرع الأول من الوسيلة بخرق مقتضيات الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية، ذلك أن رئيس المحكمة يختص كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ والأمر بالحراسة القضائية أو أي إجراء تحفظي آخر، وأن الدعوى التي رفعها المطلوب إنما تهدف إلى رفع الحجز التحفظي، وبالتالي فليس فيها أي عنصر مستعجل يضر به، علما أن الحجز هو مجرد إجراء احترازي فقط لضمان أداء الديون ولا يضر بالمحجوز عليه في شيء، ومن جهة ثانية فإن المشرع لم يمنح قاضي المستعجلات اختصاص رفع الحجز لسبب بديهي هو أن تمحيص الوثائق ومراقبة المديونية يدخل في اختصاص قاضي الموضوع، وأنه بالرجوع إلى تعليلات القرار المطعون فيه يلاحظ أنها ناقشت طبيعة الدين وعلاقته بالمدين وبالعقارات المحجوزة، وأن القرار لم يجب على الدفع بعدم الاختصاص.
ويعيبه في الفرع الثاني بخرق المادة 67 من قانون الشركات ذات المسؤولية المحدودة التي تنص على أن المسيرين يسألون فرادى أو متضامنين حسب الأحوال تجاه الشركة أو تجاه الأغيار عن مخالفاتهم والأخطاء المرتكبة في التسيير، وأنه أدلى بما يفيد أن المطلوب هو المسير الوحيد للشركة، وأن محكمة الاستئناف في قرارات تأييدها لمقررات تحديد الأتعاب قضت بالأداء على الشركة في شخص ممثلها المحجوز عليه وحددته بالاسم، وبالتالي يبقى من حقه مطالبته شخصيا بالأداء نظرا لارتكابه مخالفات وأخطاء في التسيير، وأنه يحق للدائن عند انعدام الوجود المادي للشركة الرجوع على المسير المسئول طبقا للمادة المذكورة، وأن المشرع ذهب أبعد من ذلك في الفقرة الثانية منها عندما نص على أنه إذا ساهم مسيرون في نفس الأفعال فإن المحكمة تحدد مسؤولية كل واحد منهم في التعويض عن الضرر، وأن الطاعن تضرر من أفعال المسير الذي لم يقم أثناء مزاولة الشركة لنشاطها بأداء ديونه، وبالتالي يحق له الرجوع على الشريك المسير المسئول بالأداء وهو ما حصل، وأنه حصل على قرارات نهائية لم يجد وسيلة لتنفيذها إلا مطالبة من صدرت في حقه بصفته المسئول المسير للشركة، وأن القرار المطعون فيه أجاب على هذه الدفوع بأن الذمم المالية لا تتداخل، وأن ذمة المحجوز عليه منفصلة عن ذمة الشركة، وبالتالي لا يمكن مساءلته أو الحجز على ممتلكاته، وأن القرار خصص حيزا هاما للجواب بحيث ناقش جوهر النزاع بما في ذلك قرارات تحديد الأتعاب والقرارات الاستئنافية المؤيدة لها، وأن هذه المناقشة تخرج عن اختصاص القضاء الاستعجالي، وأنه أثار أمام محكمة الاستئناف بأن قاضي المستعجلات ناقض نفسه عندما أصدر أمرا برفض الطلب في ملف مماثل للنازلة الحالية وأدلى لها بنسخة من الأمر المذكور صادر في الملف رقم 666/2012 إلا أنها لم تأخذ ذلك بعين الاعتبار.
لكن؛ ردا على الوسيلة أعلاه ، فإن تقدير عنصر الاستعجال موكول لسلطة رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض، والذي له أيضا أن يتلمس من ظاهر الوثائق جدية النزاع من عدمه، وأن عدم المساس بأصل الحق إنما يعني عدم المساس بحق محكمة الموضوع للبت في جوهر النزاع، والقرار لم يناقش مديونية الشركة من عدمه وإنما اكتفى بإبراز مسألة قانونية بتنصيصه على أن الذمة المالية للشركة مستقلة عن الذمة المالية لشركائها وليس في ذلك مساس بأصل الحق، وأنه لا مجال للاستدلال في النازلة بمقتضيات المادة 67 من القانون 5.96 المتعلق بالشركة ذات المسؤولية المحدودة لأن الأمر فيها إنما يتعلق بأخطاء التسيير المرتكبة من المسير وما قد ينجم عنها من تعويض الضرر لفائدة الشركة نفسها أو الأغيار وليس هذا هو السبب في طلب الحجز التحفظي الذي أمر برفعه، ولذلك فإن القرار حين علل بأنه ”إذا كانت الغاية من الحجز التحفظي هو منع المدين من التصرف في أمواله بشكل يضر بدائنيه فالمدين حسب وثائق الملف هي شركة ”كروان” كشخص معنوي وليس المستأنف عليه المدعي كشخص ذاتي في حين انصب الحجز التحفظي على عقارات في ملكيته بصفة شخصية حسب شواهد المحافظة العقارية المرفقة بالملف علما أن الذمة المالية للشركة منفصلة عن الذمة المالية لشركائها، والمستأنف إذا كان يستند في طعنه على مقتضيات المادة 67 من القانون أعلاه باعتبار أن المستأنف عليه هو المسير الوحيد لشركة ”كروان” فإن ما ينتج عن مسؤولية المسير بسبب الأخطاء في التسيير هو التعويض عن الضرر بمقتضى حكم قضائي إعمالا بالفقرة الثانية من المادة أعلاه ومبلغ الدين المرخص بسببه الحجز التحفظي ليس مترتبا من قبل ذلك وإنما مترتبا بذمة الشركة كشخص معنوي من قبل أتعاب الدفاع مما يكون معه الاستئناف غير مؤسس”، وأنه نتيجة لكل ما ذكر يكون القرار غير خارق للمقتضيات المحتج بها والوسيلة بالتالي غير جديرة بالاعتبار.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطاعن الصائر.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: جمال السنوسي ـ مقررا. ومحمد دغبر ومحمد أمولود وأحمد دحمان أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد إبراهيم الرزيوي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نزهة عبد المطلب.