القرار المدني رقم 134
الصادر في 26 مارس 1969
القاعدة:
1-لمحكمة الموضوع كامل السلطة لتقدير قيمة عناصر الإثبات شرط ان لا تحرفها.
2-يبرر جواز بيع الحاضنة لأملاك محضونها تفاهة الشيء المبيع حسب قول الشيخ خليل في باب الحجــر (( وعمل بإمضاء اليسير))
3- للمجلس الأعلى أن يحل علة قانونية مرتكزة على العناصر الواقعية المستخلصة من الملف ومن الحكم المطعون فيه محل العلة التي ارتكز عليها هذا الحكم.
باسم جلالة الملك
بناء على طلب النقض المرفوع بتاريخ 9 يوليوز 1964 من طرف غزالة ومباركة بنت إبراهيم الحاج لحسن بن الطاهر بواسطة نائبها الأستاذ بول باوليني ضد حكم محكمة الاستئناف بالرباط الصادر في 21 مارس 1964 .
و بناء على الظهير المؤسس للمجلس الأعلى المؤرخ بثاني ربيع الأول عام 1377 موافق 27 شتنبر 1957.
و بناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 10 دجنبر 1968.
و بناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 5 مارس 1969.
و بعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار السيد محمد بن يخلف في تقريره و إلى ملاحظات وكيل الدولة العام السيد إبراهيم قدارة، و بعد المناداة على محامي الطرفين فلم يحضرا.
و بعد المداولة طبقا للقانون.
فيما يخص الوسيلة الأولى المستدل بها :
حيث يؤخذ من أوراق الملف و من الحكم المطعون فيه ( محكمة الاستئناف بالرباط 21 مارس 1964) ان مولاي عبد السلام بن محمد بن أحمد طلب بتاريخ 4 مارس 1957 تحت رقم 17858 م تحفيظ ارض تبلغ مساحتها 22 آرا و 50 سنتيارا، أطلق عليها اسم (( السدير )) و أدلى بشهادة لفيفية مؤرخة في 4 أبريل 1945 تثبت شراءه للقطعة من الزهراء بنت الحاج محمد التي باعت باسمها وباسم بناتها القاصرات مباركة وغزالة وفائزة بنات إبراهيم بن العيادي بثمن قدره 225 فرنك ، كما تثبت حيازته للبقعة منذ عشرة أعوام سلفت عن تاريخ الإشهاد وبتاريخ 4 أبريل 1957 قدمت أرملة مولاي الطاهر بن محمد وابنه وبناته الثلاث مطلبا تحت رقم 901. 17 يرمي إلى تحفيظ ارض تبلغ مساحتـها 18 آرا و 50 سنتيارا ، و أطلقوا عليها اسم (( بوستة )) و أدلوا بملكية مؤرخة في غشت 1946 تثبت تصرف موروثهم مولاي الطاهر مدة تزيد على أمد الحيازة المعتبرة شرعا ، فتعرض على هذين المطلبين الحاج لحسن بن الطاهر بالنيابة عن الأخوات فائزة زوجته و مباركة وغزالة بنات إبراهيم بن العيادي و أدلى بلفيفية مؤرخة في 10 فبراير 1945 يشهد شهودها بتصرف موروث المتعرضات إبراهيم بن العيادي في قطعتي النزاع مدة تزيد على أمد الحيازة المعتبرة شرعا إلى ان مات، كما أدلى بمقال أودع باسم المتعرضات لدى المحكمة الشرعية سنة 1945 ضد طالبي التحفيظ يطلبن فيه الحكم على المدعى عليهم برفع اليد على البقعتين المذكورتين ، وبتاريخ 6 مارس 1963 أجرى انتقال إلى عين المكان قصد التحقيق و صرح بعض الشهود ان أرملة إبراهيم بن العيادي و بناته غادرن الدوار سنة أو سنتين بعد وفاة موروثهن و ذهبن لمراكش يتسولن لكسب قوتهن، وبعد ذلك بقليل رجعت الأم إلى الدار مضطرة بحكم الحاجة إلى بيع بقعتي النزاع، فاشترى منها مولاي عبد السلام القطعة الأولى بمحضر عدلين و اشترى منها القطعة الثانية مولاي الطاهر عن طريق المزاد العلني ما بين أفراد الجماعة، وبتاريخ 8 أبريل 1963 قضت المحكمة الابتدائية بمراكش بعدم صحة التعرضات و أيد هذا الحكم استئنافيا.
و حيث تطعن المتعرضات في الحكم الاستئنافي المطلوب نقضه بخرقه للقواعد العامة المتعلقة بوسائل الإثبات و عدم التعليل و انعدام الأساس القانوني وذلك أن الحكم الابتدائي الذي تبنت حيثياته محكمة الاستئناف، اعتبر أن البيع وقع فعلا، دون توضيح لوسائل الإثبات التي كان على طالبي التحفيظ الإدلاء بها و أن الحكم الاستئنافي اقتصر على الإشارة إلى أنه (( يؤخذ من تصريحات الخصوم ومن نتائج البحث أن البيعين أبرما على وجه صحيح طبقا لقواعد العرف )) في حين أن الشهادة التي اعتمدتها المحكمة في هذا الشأن تتعارض وشهادات أخرى.
لكن حيث إن المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه عندما صرحت بثبوت البيعين نصت على إبرامهما شفويا واعتمدت على ما استخلصته من البحث وخاصة على ما جاء في شهادة عبد الوهاب بن مولاي عباس من أن مولاي عبد السلام اشترى من أرملة إبراهيم بن العيادي القطعة الأولى حسب ما تشهد به لفيفية 4 أبريل 1945، كما أن مولاي الطاهر اشترى من نفس البائعة القطعة الثانية على طريق المزايدة العلنية، مما يجعلها قد قدرت بما لها من كامل السلطة قيمة عناصر الإثبات دون تحريف لها وعللت حكمها تعليلا كافيا، وبالتالي تكون الوسيلة الأولى غير مرتكزة على أساس.
وفيما يخص الوسيلة الثانيــة :
حيث تعيب الطاعنات على الحكم خرق قواعد الفقه المتعلقة بالنيابة الشرعية عن القاصر وعدم التعليل الكافي وذلك لإغفاله الجواب عما استدلت به المتعرضات بشأن عدم أهلية البائعة الزهراء بنت الحاج لبيع حقوق بناتها القاصرات اللواتي لم تكن مقدمة عليهن وأن صحة هذا البيع– على فرض ثبوته – كانت تقتضي إجراءه تحت إشراف القاضي الشرعي.
لكن من جهة حيث إن محكمة الاستئناف أجابت على هذه الوسيلة بقولها أن البيع وقع (( في صالح العائلة )).
و من جهة أخرى حيث إن مجموع المبيع يبلغ 41 آرا و أن ثمن بيع 22 آرا ونصف يبلغ 225 فرنكا، مما يثبت تفاهة الشيء المبيع و يبرر جواز بيع الحاضنة آنذاك لأملاك محضوناتها حسب قول الشيخ خليـل فـي باب الحجـر (( و عمل بإمضاء اليسير )) خصوصا و أنه يتفق في أهل البوادي أن يموت شخص عن غير وصية و يحضن الصغير قريبه، فهو كالوصي، و بهذه العلة القانونية المرتكزة على العناصر الواقعية المستخلصة من الملف و من الحكم المطعون فيه والتي تحل محل العلة التي ارتكزت عليها المحكمة، يكون الحكم معللا تعليلا كافيا، مما يجعل الوسيلة الثانية غير مرتكزة على أساس.
و فيما يخص الوسيلة الثالثة :
حيث تؤاخذ الطاعنات الحكم الابتدائي بخرق قواعد الفقه الإسلامي المتعلقة بصفة عامة بالحيازة و بصفة خاصة بمفعول هذه الحيازة تجاه القاصر ، و عدم التعليل الكافي و ذلك أن قضاة الدرجة الأولى أغفلوا الجواب على الوسيلة المتخذة من وقف سريان أمد الحيازة لصالح القاصرات، و لم يأخذوا بعين الاعتبار قطع مفعول الحيازة من طرف المتعرضات بإيداعهن سنة 1945 مقالا لدى المحكمة الشرعية برفع اليد عن قطعتي النزاع.
لكن حيث إن هذا الطعن موجه ضد الحكم الابتدائي وأن الحكم الاستئنافي المطلوب نقضه الذي تبنى حيثيات الحكم الأول بالقدر الذي لا تتناقض مع حيثياته، ارتكز أساسا على ثبوت بيع حقوق المتعرضات على وجه صحيح كما سلف بيانه أعلاه، وان العلل الأخرى المبررة لعدم صحة التعرض تعتبر زائدة، مما يجعل الوسيلة الثالثة غير مرتكزة على أساس.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى برفض طلب النقض وعلى أصحابه بالصائر .
و به صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالمشور و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من معالي الرئيس الأول السيد احمد ابا حنيني والمستشارين السادة محمد بن يخلف، إدريس بنونة، سالمون بنسباط، احمد بن شقرون، و بمحضر جناب وكيل الدولة العام السيد إبراهيم قدارة وبمساعدة كاتب الضبط السيد المعروفي سعيد.
( المحامي : الأستاذ بول باوليني )