تعرض الغير الخارج عن الخصومة – أمر بالأداء – نعم

تعرض الغير الخارج عن الخصومة – أمر بالأداء – نعم

المحكمة التجارية

الحكم التجاري عدد 3541 الصادر بتاريخ 2010/04/13

في الملف رقم 2009/6/3455

القاعدة

وإن نص المشرع في الفصل 303 من قانون المسطرة على لفظ “حكم” فإن التعرض يشمل أيضا الأوامر الصادرة عن رئيس المحكمة سواء صدرت في إطار القضاء الاستعجالي التواجهي أو تلك التي صدرت في غيبة الأطراف،

الحكمة من سن المشرع لمسطرة تعرض الغير الخارج عن الخصومة هي درء الأضرار التي قد تصيب الأغيار من أحكام القضاء بكل أنواعها ولا يمكن درؤها بالأثر النسبي للأحكام،

التنصيص على عدم الاستدعاء في النص المذكور ليس معناه أن المسطرة تقتضي الاستدعاء ولم يتم ذلك وإنما للتأكيد على نفي مشاركة المتعرض في إجراءات إصدار الحكم سواء كان ذلك متاحا له أو غير متاح مسطريا.

من الثابت قانونا وقضاء أنه، سواء في إطار مسطرة الحجز المباشر أو الحجز لدى الغير، فإن هذه العملية يجب أن تنصب على مال المدين المحجوز عليه وليس مال الغير، وبالتالي يعتبر من الناحية القانونية باطلا كل حجز يقع على مال الغير تنفيذا لحكم لا يعتبر هذا الغير طرفا فيه.

الأمر بحجز المال المتحصل عن جريمة لدى البنك أمرا قضائيا يضر بمصالح صاحب المال يجيز له القانون مواجهته بطريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة،

صدور أمر بأداء المشتكى به مبلغا من المال للمتعرض ضده، بناء على شيك أصدره هذا الأخير، سواء كان ذلك بحسن نية وفي إطار علاقة تجارية حقيقية أو بتواطؤ، فإن هذا الأمر لا يمس مباشرة بالمال المحجوز والمودع بحساب المشتكي الذي يعتبر المتعرض أن له حقا عليه، لأن الأمر بالأداء يقرر فقط واقعة قانونية صرفة مفادها أن هناك علاقة دائنية ومديونية بين المستفيد من الأمر والمحكوم عليه  بالأداء،

لا يستساغ عقلا أو منطقا القول أن هذا الأمر سيصدر أو سينصب على المال المودع بالبنك، لأنه سيثقل الذمة المالية الخاصة بالمحكوم عليه حصرا، عملا بالأثر النسبي للأحكام القضائية وتأصيلا للقاعدة القانونية المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود في الفصل 228 من أن الالتزامات لا تلزم إلا من كان طرفا في العقد فهي لا تضر الغير ولا تنفعهم إلا في الحالات المذكورة في القانون.

 بثبوت انعدام العلاقة بين الأمر بالأداء والمال المحجوز لدى مصرف المغرب، وهي العلة التي استند عليها المتعرض لرفع هذه الدعوى والتي تقيدت المحكمة ببحثها في إطار ما هو منصوص عليه في الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية من أن المحكمة تبت في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ لها تغيير سبب الدعوى، فإن تعرض الغير الخارج عن الخصومة يكون مفتقدا لأهم شروطه المتطلبة قانونا وهي التضرر من الأمر بالأداء المتعرض عليه، 

باسم جلالة الملك

بتاريخ 13/04/2010 أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء.

وهي مؤلفة من السادة:

جمال السنوسي رئيسا ومقررا.

نادية زهيري عضوا.

عبد السلام خمال عضوا.

بمساعدة  هشام مبروك كاتب الضبط.

في جلستها العلنية الحكم الآتي نصه:

بين: محسن بولعيش التيجاني الكائن 7 زنقة الأوروغواي المصلى طنجة.

نائبه الأستاذ المهدي الشعشوع المحامي بهيئة طنجة والجاعل محل المخابرة معه بمكتب الأستاذ محمد حسين الرياض المحامي بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة.

وبين: 1- بنو أناس ابراهيم  الكائن 139 شارع رحال المسكيني الدارالبيضاء.

       2- محمد فزاز الكائن 80 شارع 2 مارس الطابق الثاني الدارالبيضاء.

       3-  مصرف المغرب في شخص ممثله القانوني بمقره الكائن 201 شارع الزرقطوني الدارالبيضاء.

ينوب عن الأول الأستاذ الحسن مديح وعن مصرف المغرب الأستاذ جلال امهمول المحاميان بهيئة الدارالبيضاء.

من جهة أخرى.



الوقائــع:

بناء على المقال المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 16/4/2009 بعد أن أديت عنه الرسوم القضائية يعرض فيـه المدعي بواسطـة نائبه أن المدعى عليه الأول استصدر أمرا بالأداء تحت عد 4037 في الملف رقم 4126/2008 بتاريخ 15/7/2008 في غيبة العارض ودون استدعائه، كما لم يتم تبليغه به لحد الآن، وسبب ذلك يعود لعلمه أن الأمر سيصدر ضد مال مودع بحساب محمد فزاز، لكونه مال العارض سلب منه في إطار جريمة ارتكبها في حقه محمد فزاز وأصدر قاضي التحقيق بشأنه قرارا قضائيا بتاريخ 6/6/2008 بحجزه تحفظيا ثم قرارا قضائيا ثانيا بتاريخ 13/6/2008 بإلغائه والإذن للعارض بسحبه باعتباره صاحبه الشرعي، وعند محاولة العارض سحب المبلغ بواسطة النيابة لعامة  لدى استئنافية مراكش لم يتمكن من ذلك بسبب الأمر بالحجز لدى الغير، لهذا السبب تعمد  السيد بنو اناس ابراهيم مباشرة جميع المساطر في مواجهة محمد فزاز في غيبة العارض رغم معرفته به، ولأن الفصل 303 من ق م م ينص على إمكانية كل شخص أن يتعرض على حكم قضائي يمس بحقوقه إذا كان لم يستدع هو أو من ينوب عنه في الدعوى، ذلك أنه بتاريخ 2/6/2008 تقدم العارض بشكاية أمام ابتدائية طنجة ضد محمد فزاز من أجل النصب والاحتيال سجلت تحت رقم 3521/08، وأسفر البحث فيها بثبوت الأفعال المنسوبة إليه عن طريق أخذه من العارض ثلاث شيكات بنكية باسمه مسطرة وغير قابلة للتظهير، الأول بملغ 4.000.000 درهم والثاني بمبلغ 1.000.000 درهم والثالث بمبلغ 2.000.000 درهم، وقد أحيل المشتكى به على السيد الوكيل العام لاستئنافية طنجة للاختصاص الذي أحاله على السيد قاضي التحقيق للتحقيق معه في جرائم تكوين عصابة إجرامية وتزييف وتزوير خاتم الدولة واستعماله وتزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالها والنصب والاحتيال، وتضمنت مطالبة السيد الوكيل العام لقاضي التحقيق ملتمسا بإيداع المشتكى به السجن مع إيقاع حجز على المبالغ المالية الموجودة بالحساب لدى الوكالة البنكية التابعة لمصرف المغرب بمراكش فرع باب دكالة، وبسبب ثبوت ارتكابه لجريمتي النصب والاحتيال وتحويل مبلغ 7.000.000 درهم من حساب العارض إلى حسابه، أصدر السيد قاضي التحقيق القرارين القضائيين المذكورين آنفا، لكن تعذر تنفيذ القرار الثاني بسبب الحجز الذي أجراه بنو أناس ابراهيم في ظروف مشبوهة ومخالفة للواقع، إذ أرفق مقاله بأصل شيك مع ورقة البنك التي لم تصدر عن هذا الأخير إلا بتاريخ 9/6/2008 بينما مقال الحجز مسجل بتاريخ 6/6/2008، كما أن أصل الشيك قدمه للسيد وكيل الملك ضد فزاز محمد مرفقا بشكاية من أجل إصدار شيك بدون رصيد، كما ورد في أصل هذا الشيك أنه محرر بتاريخ 5/6/2008 بمدينة الدارالبيضاء أي في التاريخ الذي كان يوجد فيه محمد فزاز بالسجن المدني بطنجة، ويضاف إلى ما ذكر وإلى استعمال شيك واحد في ثلاث مساطر قضائية  مرفوعة إلى جهات مختلفة تقتضي طبيعتها ألا يسحب منها أصل الشيك، حرمان محمد فزاز منذ سنة 2006 من حمل دفتر الشيكات في إطار ما تنص عليه المادة 312 من مدونة التجارة، وبناء على هذه الوقائع يتبين أن المال الذي قام بحجزه بنو أناس ابراهيم في ظروف مشبوهة هو مال العارض المتعرض، وأن قواعد العدل والإنصاف لا تجيز حجز مال الضحايا المودعة بحساب من اختلسوا منهم ذلك المال لفائدة دائني المختلسين والنصابين سواء كان حقيقيين أو متواطئين معهم، مع الإشارة أن أبو اناس اعترف بتوصله بكامل مبلغ الشيك وتنازله عن أي مطالبة قضائية أو غيرها، لأجله فهو يلتمس الحكم بضم الملف رقم 4126/2008 إلغاء الأمر الصادر بتاريخ 15/7/2008 في الملف رقم 4126/2008 تحت عدد 4037 وإحالة الملف والأطراف على قضاء الموضوع لوجود منازعة جدية لها مساس بجوهر الحق. وأرفق مقاله بوصل إيداع الضمانة.

وبناء على جواب  المدعى عليه أن الطعن غير مقبول شكلا لأنه انصب على أمر بالأداء تنظمه مقتضيات الفصلين 148 و 155 من ق م م، وهو أمر يصدر في غيبة الأطراف بقوة القانون، في حين أن الفصل 303 من ق م م ينظم مسطرة تعرض الغير الخارج عن الخصومة ويتعلق بحكم قضائي، وهو ما ليس متوفرا في النازلة، كما أن أطراف النزاع محددة في الساحب السيد محمد فزاز والمستفيد العارض، ولا يوجد طرف ثالث كان من الضروري استدعاؤه لو كان الأمر يوجب الاستدعاء، وقد بلغ المحكوم عليه بالأمر ولم يستأنفه بل شهد بصحة وثبوت الدين، وبالتالي فلا صفة للمتعرض في الدعوى ولا يمكنه أن يكون طرفا ولو محتملا، وفيما يتعلق بالموضوع فإن المدعي مارس العديد من المساطر غير المفيدة وانتهت كلها برفض طلبه ومنها تعرض الغير الخارج عن الخصومة ضد الأمر بالحجز بين يدي مصرف المغرب، ومسطرة الصعوبة في تنفيذ الأمر الاستعجالي ملف عدد 985/1/2009، ومسطرة استحقاق محجوز في الملف 3319/2/2008 وأخيرا هذه المسطرة ، كما أن ما جاء في مقاله لا علاقة له بالنزاع الذي يتعلق بالساحب والمستفيد اللذين ربطتهما علاقة تجارية، وأن ما يتعلق بالمحجوز فقد أجريت مسطرة الحجز بصفة نظامية وبتواريخ متسلسلة تحدد حقوق الحاجزين تأسيسا على تاريخ إجراء عملية الحجز، وقد سبق للمتعرض أن نازع في ذلك بدون جدوى، وتبعا لذلك فإن الوقائع الواردة في المقال لا علاقة لها بالأمر بالأداء ولا يمكنها أن تؤثر على صحة المديونية بين الطرفين ملتمسا الحكم بعدم قبول الطلب شكلا ورفضه موضوعا.

وبناء على جواب مصرف المغرب أن السيد محمد فزاز يملك حسابا جاريا مفتوحا لدى وكالة باب دكالة بمراكش، وبتاريخ 9/6/2006 تم تبليغه بأمر بالحجز لدى الغير صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية على حسابه في حدود 2.000.000 درهم، وبعد الاطلاع على وضعية الحساب تبين أنه دائن بمبلغ 1.966.826,94 درهم، وعملا بالأصول البنكية المتبعة تم تنفيذ الأمر بالحجز في نفس اليوم باقتطاع المبلغ الموجود بالحساب، وبتاريخ 10/6/2008 تم تبليغه بإيقاع حجز تحفظي صادر عن قاضي التحقيق بطنجة بحجز المبالغ المالية المودعة بنفس الحساب لكون المبالغ المتحصل عليها من جريمة، كما تم تبليغه بتاريخ 16/6/2008 عن طريق الضابطة بقرار رفع الحجز التحفظي والإذن للمتعرض باعتباره ضحية بتسلم المبالغ المالية المودعة بحساب الزبون، على اعتبار أن المبلغ الموجود بالحساب هو المبلغ المتبقي من مبلغ 7.000.000 درهم موضوع الجريمة، وتبعا لذلك أصبح العارض أمام مطالبتين، الأولى تتعلق بطلب السيد ابراهيم بنو أناس بتسليم المبلغ المحجوز، والثانية بطلب المتعرض، ولأنه مجرد مودع لديه وليس مؤهلا للفصل في الأوضاع القانونية للأطراف، ولا يحق له تسليم هذه المبالغ لا لهذا الطرف أو ذاك، فهو يسند النظر للمحكمة.

وبناء على تعقيب المدعى عليه أن الحجز المأمور به بمقتضى أمر السيد قاضي التحقيق لم يصل إلى البنك إلا بتاريخ 10/6/2008 ولم يجد أي مبلغ بالحساب، كما أن ذات الحجز تم رفعه من طرف مصدره بتاريخ 16/6/2008، وبالتالي فإن البنك لم يبق له عذر لأداء أي وديعة، وتبعا لذلك فهو يحتفظ بحقه في متابعة البنك عن موقفه التعسفي وتقاضيه بسوء نية، وفي جميع الأحوال فإن المحكمة الابتدائية، وفي إطار المصادقة على الحجز أنهت الموضوع باطلاعها على موقف كل الأطراف ومن ضمنها المدعي وقضت بالمصادقة على الحجز وأداء البنك للعارض المبلغ المحجوز بدون تأخير مشمولا بالنفاذ المعجل، وأرفق مذكرته بصورة من الأمر بالمصادقة على الحجز.

وبناء على تعقيب المدعي أن المشرع لم يستثن في الفصل 303 من ق م م الأوامر بالأداء الصادرة وفق مقتضيات الفصل 148 من ق م م من الطعن بالتعرض الخارج عن الخصومة من طرف الغير الذي مست حقوقه، والمدعى عليه كان عالما ومدركا لحقيقة أن المال مملوك للعارض ودخل لحساب المحجوز لديه بسبب نصب واحتيال هذا الأخير، وبسبب ذلك غير المسلك القانوني الذي يعتمده كل مستفيد من شيك، وهو تقديم الشكاية للنيابة العامة واستعمل مسطرة خاصة تصدر في إطار الأوامر الغيابية، لكنه لم ينتبه إلى سماح المشرع للغير بالتعرض، أما بخصوص رفض المساطر التي باشرها العارض فلا تصلح للتلويح بسبقية البت، كما أن المدعى عليه لم يستطع أن يكشف للمحكمة كيف حصل على الشيك موضوع الأمر المتعرض عليه من ساحبه المحروم منذ مدة طويلة من استعمال دفتر الشيكات، وكيف استطاع تسلمه من ساحبه وهو بالسجن ومحروم من توقيع أي وثيقة من دون إذن أو مراقبة النيابة العامة وإدارة السجن، كما لم يستطع أن يشكك في ملكية العارض للمال المحجوز عليه بعد أن اعترف المحجوز عليه أمام قاضي التحقيق بذلك، ملتمسا الحكم وفق مقاله.

وبناء على إدلاء المدعي بمذكرة أرفقها بالوثائق المشار إليها في مقاله.

وبناء على تعقيب المدعى عليه الأول أن الطلب لا تتوفر فيه شروط التعرض ومنها أن يكون الحكم المطعون فيه قد مس بحقوق الغير، كأن يكون الحكم المتعرض عليه أضر به  بأن ألزمه بشيء أو حرمه من حق أو مركز قانوني، ومؤدى هذا الشرط هو تطبيق القاعدة العامة المشهورة والقائلة أنه لا دعوى بدون مصلحة، والمتعرض لم يستطع تبيان أن الأمر بالأداء قد مس بحقوقه، مما يستوجب عدم قبول مقاله شكلا لانتفاء المصلحة والصفة، كما أن الحكم يجب أن يكتسي صبغة حكم بمفهومه القانوني والقضائي وليس الأمر القضائي الصادر عن رئيس المحكمة بصفته الولائية، كما أن المشرع أدرج مسطرة الأمر بالأداء ضمن المساطر الخاصة والمتميزة من جهة وسائل الإثبات ووسائل الطعن وآجال الاستئناف، ولها وسائل طعن محددة ولا يمكن التوسع فيها، وأن الأمر بالأداء أصبح نهائيا ولم يكن باستطاعة الرئيس مصدر الأمر استدعاء أي طرف آخر خارج الخصومة ما دام النزاع محصورا بين المستفيد من الشيك والساحب، مؤكدا باقي دفوعه الموضوعية السابقة وملتمسا الحكم برفض الطلب، ثم أدلى بمذكرة إضافية أكد فيها انعدام المصلحة لدى المتعرض في التعرض على أمر بالأداء وبأن المحجوز عليه كان قد سلمه إشهادا بعدم تعرضه على تسليم المبالغ إليه خاصة وأنه بلغ بالأمر ولم يستأنفه ولم يطعن فيه.

وبناء على إدراج القضية أخيرا بجلسة 23/3/2010 فحضر نائب المتعرض وأسند النظر كما حضر نائب المتعرض ضده والمدخل في الدعوى وأدلى نائب المتعرض بوثيقة تفيد نفي نيابة الأستاذ صامي عن المدخل في الدعوى فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم في جلسة يومه 6/4/2010 مددت لجلسة 13/4/2010.

التعليـــل

بعد الاطلاع على جميع  وثائق الملف و بعد المداولة طبقا للقانـــون.

في الشكل:

حيث إن مقال التعرض قدم مستوفيا للشروط الشكلية المطلوب قانونا وأديت عنه الرسوم القضائية الواجبة كما تم إيداع المبلغ المنصوص عليه في الفقرة الثانية من الفصل 304 من قانون المسطرة المدنية.

وحيث إن الدفع بعدم القبول المثار من طرف المتعرض ضده، السيد بنو أناس، غير مؤسس، لأنه وإن نص المشرع في الفصل 303 من قانون المسطرة على لفظ “حكم” فإن التعرض يشمل أيضا الأوامر الصادرة عن رئيس المحكمة سواء صدرت في إطار القضاء الاستعجالي التواجهي أو تلك التي صدرت في غيبة الأطراف، لأن الحكمة من سن المشرع لمسطرة تعرض الغير الخارج عن الخصومة هي درء الأضرار التي قد تصيب الأغيار من أحكام القضاء بكل أنواعها ولا يمكن درؤها بالأثر النسبي للأحكام، أما التنصيص على عدم الاستدعاء في النص المذكور فليس معناه أن المسطرة تقتضي الاستدعاء ولم يتم ذلك وإنما للتأكيد على نفي مشاركة المتعرض في إجراءات إصدار الحكم سواء كان ذلك متاحا له أو غير متاح مسطريا.

وحيث إن الدفع المتعلق بانتفاء المصلحة من التعرض فيبقى بدوره غير مؤسس ما دام المتعرض يركز في مقاله على كون الأمر بالأداء سيصدر ضد مال مودع بحساب المدعى عليه محمد فزاز وأن الشيك الذي استند عليه الأمر المتعرض عليه حرر في تاريخ كان الساحب رهن الحراسة النظرية ومحروما من إصدار الشيكات، وأن شبهة التواطؤ قائمة للاستيلاء على ما تبقى من أموال متحصلة عن عملية النصب التي تعرض لها، وأن الأمر بالأداء باعتباره سندا تنفيذيا هو المدخل لتنفيذ عملية استخراج هذه الأموال من الحساب الذي تم حجزه من طرف السيد قاضي التحقيق.

وحيث إن المتعرض باستناده لهذه العلل لادعاء التضرر من الأمر- بصرف النظر عن وجاهتها من الناحية الواقعية أو القانونية، والتي ستكون محل تعليل من طرف المحكمة خلال تصديها للموضوع أسفله – تكون شروط قبول التعرض من الناحية الشكلية كما هي محددة في الفصل 303 من ق م م قد توفرت، وبالتالي فإن التعرض مقبول شكلا.

في الموضوع:

حيث إن الطلب يهدف إلى الحكم بما سطر أعلاه.

وحيث أجاب المتعرض ضده بالدفوع المشار إليها صدره.

وحيث إن المحكمة باستقرائها للوقائع المسطرة أعلاه والإثباتات المقدمة في هذا الشأن، تبين لها أن الهدف من التعرض الذي قدمه المتعرض هو حماية المال الموضوع بحساب السيد محمد فزاز الممسوك من قبل مصرف المغرب، والذي اعتبره السيد قاضي التحقيق مالا خالصا للمتعرض فأمر بتسليمه له لأنه ما تبقى من المبالغ المالية الأخرى التي حصل عليها المشتكى به في إطار عملية النصب التي أوقع فيها المتعرض.

وحيث إن الثابت قانونا وقضاء أنه سواء في إطار مسطرة الحجز المباشر أو الحجز لدى الغير فإن هذه العملية يجب أن تنصب على مال المدين المحجوز عليه وليس مال الغير، وبالتالي يعتبر من الناحية القانونية باطلا كل حجز يقع على مال الغير تنفيذا لحكم لا يعتبر هذا الغير طرفا فيه.

وحيث إنه لما كان الأمر كذلك، فيعتبر الأمر بحجز المال المتحصل عن جريمة لدى البنك أمرا قضائيا يضر بمصالح صاحب المال يجيز له القانون مواجهته بطريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة، أما صدور أمر بأداء المشتكى به مبلغا من المال للمتعرض ضده، بناء على شيك أصدره هذا الأخير، سواء كان ذلك بحسن نية وفي إطار علاقة تجارية حقيقية أو بتواطؤ، فإن هذا الأمر لا يمس مباشرة بالمال المحجوز والمودع بحساب المشتكي الذي يعتبر المتعرض أن له حقا عليه، لأن الأمر بالأداء يقرر فقط واقعة قانونية صرفة مفادها أن هناك علاقة دائنية ومديونية بين المستفيد من الأمر والمحكوم عليه  بالأداء، ولا يستساغ عقلا أو منطقا القول أن هذا الأمر سيصدر أو سينصب على المال المودع بالبنك، لأنه من جهة فقد أصبح هذا المال في حرز بحجزه من طرف السيد قاضي التحقيق وأمره بتسليمه للضحية في إطار المسطرة المنصوص عليها في المادة 106 من قانون المسطرة الجنائية الجديدة، ومن جهة ثانية لأن الأمر بالأداء سيثقل الذمة المالية الخاصة بالمحكوم عليه حصرا، عملا بالأثر النسبي للأحكام القضائية وتأصيلا للقاعدة القانونية المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود في الفصل 228 من أن الالتزامات لا تلزم إلا من كان طرفا في العقد فهي لا تضر الغير ولا تنفعهم إلا في الحالات المذكورة في القانون.

وحيث إنه بثبوت انعدام العلاقة بين الأمر بالأداء والمال المحجوز لدى مصرف المغرب، وهي العلة التي استند عليها المتعرض لرفع هذه الدعوى والتي تقيدت المحكمة ببحثها في إطار ما هو منصوص عليه في الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية من أن المحكمة تبت في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ لها تغيير سبب الدعوى، فإن تعرض الغير الخارج عن الخصومة يكون مفتقدا لأهم شروطه المتطلبة قانونا وهي التضرر من الأمر بالأداء المتعرض عليه، مما يتعين الحكم برفضه.

وحيث تعين مصادرة المبلغ المودع لفائدة الخزينة العامة عملا بالفصل 305 من قانون المسطرة المدنية.

وحيث إن الخاسر يتحمل الصائر.

لهذه الأسبـــــاب

حكمت المحكمة علنيا ابتدائيا وحضوريا.

في الشكل:

 قبول التعرض.

في الموضوع:

رفض الطلب وتحميل المتعرض الصائر ومصادرة المبلغ المودع لفائدة الخزينة العامة.

وبهـــذا صـــدر الحكم فــي اليـــوم  والشهـــر والسنـــة أعــــلاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *