تصرفات المريض – صحتها – التوليج
القرار رقم 6013
الصادر بتاريخ 21 نونبر 1995
في الملف المدني رقم 1614/89
القاعدة:
– تصرفات المريض العوضية تعتبر صحيحة مادام لم يثبت كونها توليجا للقاعدة أن المريض لا يحجز عليه في مؤونته وتداويه وتصرفاته العوضية.
– المحكمة لما اعتمدت في إبطال البيع على مجرد المقارنة بين تاريخه وتاريخ خروج البائع من المستشفى تكون قد خرقت القاعدة المذكورة، وعرضت قرارها للنقض.
باسم جلالة الملك
إن المجلس الأعلى ..
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر من محكمة الاستئناف بالرباط الصادر بتاريخ 9/12/1987 تحت رقم 8794 في الملف رقم 3019/84 أنه الصادر بتاريخ 13/6/1983 رفع المطلوبون في النقض كراد الحسين وكراد عمر وكراد محمد دعوى عرضوا فيها أنهم أخوة المعطي إدريس المتوفي الصادر بتاريخ 9/2/1983 بعد أن كان طريح الفراش لمدة سنة بسبب مرض عضال، وقبل وفاته بيومين فقط أحضرت المدعى عليها الطاعنة فطومة بنت عبدالسلام زوجة المتوفي عدلين إلى منزلها وأنجزا لها عقد بيع تملكت بموجبه من زوجها قطعة أرضية تسمى فدان جنان حدودها ومساحتها بالمقال وذلك قصد حرمانهم من حقهم في التركة بصفتهم عصبة له ملتمسين الحكم بفسخ البيع المذكور لوقوعه أثناء مرض الموت وبعد إجراء المسطرة أصدر قاضي الدرجة الأولى حكما برفض الطلب استأنفه المطلوبون في النقض فألغته محكمة الاستئناف وقضت تصديا بفسخ البيع المبرم بين فطومة بنت عبدالسلام وبين زوجها المتوفي المعطي إدريس.
وحيث تعيب الطاعنة القرار في وسيلتي النقض بعدم الارتكاز على أساس قانوني ونقصان التعليل لكونها أكدت ابتدائيا واستئنافيا أن الهالك كان أثناء البيع يتمتع بصحة جيدة وأن عقد البيع المبرم محرر من طرف عدول بعد التأكد من صحة البائع الذي أعطاهم اسم الأرض وحدودها ومساحتها وأنه لا يمكن الاعتماد على شهادة محررة الصادر بتاريخ 1/4/1987 بينما الهالك توفي سنة 1983 ولم يذكر في تلك الشهادة أنه كان يعاني من مرض يمكن أن يؤدي إلى الوفاة وأن المحكمة لم تكن تتوفر على تقرير طبي في الموضوع ومن اختصاصي كما أن الموجب المدلى به مطعون فيه خاصة وأن الشهود لا يمكنهم أن يعرفوا ما هوالمرض الذي كان الهالك مصابا به وهل هوالذي أدى إلى وفاته أم لا وأن المحكمة أغفلت الجواب عن تلك الدفوع ولم ترتكز على أساس قانوني.
حقا حيث إن، حالة المريض المؤدية إلى إبطال الالتزام هي التي تكون فيها حرية المريض محدودة في إطار جد ضيق إلى درجة أنه لوكان له التصرف الطبيعي في ظروف عادية لما أعطى رضاه على فحوى العقد وشروطه، وأنه من جهة فإن الثابت من عقد البيع أن العدلين شهدا بأتمية البائع وأن المقرر فقها أن الاتمية تعني الطوع والرشد، وصحة العقل والبدن. ومن جهة أخرى فقد استقر الفقه كما أورد ذلك شراح التحفة عنه قولها :
وما اشترى المريض أوما باعا ****** إن هومات يأبى الامتناعا
إن بيع المريض في مرضه الذي مات منه يعتبر نافذا إن لم تكن فيه محاباة إذ لا حجر على المريض في المعاوضات كما هومفهوم من قول الشيخ خليل:وحجر على مريض في غير مؤونته وتداويه ومعاوضة مالية ولذلك فإن المحكمة عندما اعتمدت في قضائها بفسخ عقد البيع على مقارنة تاريخ المرض والخروج من المستشفى ووفاة البائع ذاكرة أن الشهادة الطبية مؤرخة في 1/4/1987 وأن البيع وقع الصادر بتاريخ 5/2/1983 وأن الوفاة وقعت يوم 9/2/1983 مستنتجة من ذلك أنه لا دليل على قيامه من المرض وإلا فلا داعي لمكوثه بالمستشفى يومين كاملين فإنها لم تركز قرارها على الأسس القانونية والفقهية المذكورة أعلاه، ولم تعلله تعليلا صحيحا مما يعرضه للنقض وحيث إن من حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين إحالة القضية على نفس المحكمة.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى بنقض القرار المطعون فيه وإحالة النزاع والأطراف على نفس المحكمة لتبت فيه من جديد وهي متركبة من هيئة أخرى طبق القانون وعلى المطلوبين في النقض بالصائر.
كما قرر إثبات قراره هذا في سجلات محكمة الاستئناف بالرباط إثر القرار المطعون فيه أوبطرته.
وبه صدر القرار بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة:رئيس الغرفة محمد عمور رئيسا، وأحمد بن كيران مقررا ومولاي جعفر سليطن وعبدالعزيز توفيق، وعبدالعزيز البقالي أعضاء وزهرة المشرفي محامية عامة، ومليكة بن شقرون كاتبة للضبط.