X

حادث سير بأضرار بدنية – مسؤولية الناقل – إدخال الغير المتسبب في الحادثة – لا

القرار رقم 2025

الصادر بتاريخ 12 أبريل 1995

ملف مدني رقم 4079  86

 القاعدة

– لا يجوز إدخال طرف في الدعوى على أساس مختلف عن أساس الدعوى التي يراد إدخاله فيها.

– على من يريد إدخال هذا الطرف مقاضاته في دعوى مستقلة.

 

باسم جلالة الملك

إن المجلس الأعلى

و بعد المداولة طبقا للقانون

حيث يؤخذ من محتويات الملف و بالأخص منها القرار المطعون فيه عدد 86.432 الصادر عن محكمة الاستئناف بتازة في 4/6/86 بالملف 11/84 أنه في مساء يوم 25 يبراير 1979 و قع في طريق وجدة فاس حادث اصطدام بين سيارتين خفيفتين: سيارة بوجو 204 خارجية يسوقها مالكها المرحوم بخاخ أحمد بنموسى و بين سيارة طاكسي مرسيديس رقم 74 – 3363 يملكها المختار أحمد زكان يسوقها عابد سليمان و تؤمنها الوفاق و مات في الحادث سائق بوجو و بعض ركاب الطاكسي و جرح آخرون من بينهم المطلوب الإدريسي محمد بن بوشتى الذي أقام الدعوى الحالية في مواجهة مالك الطاكسي و السائق و المؤمنة – الطاعنين – للحصول على تعويضات في إطار علاقة النقل القائمة بينهم بناء على الفصل 106 من القانون التجاري.

و أثناء جريان المسطرة طلب الطاعنون إدخال ورثة بخاخ محمد حارس سيارة بوجو و مؤمنته شركة التأمين الفرنسية لابرزيرفاطريس التي تمثلها بالمغرب شركة التأمين اطلنطا لمسؤولية المرحوم بخاخ بخطإه عن الحادثة. هذه المسؤولية الناجمة عن الخطأ التي تشكل قوة قاهرة لفائدة حارس الطاكسي تعفيه من المسؤولية كلا أو بعضا.

و صرحت المحكمة الابتدائية بمقتضى حكم تمهيدي بمسؤولية الناقل مالك الطاكسي عن أضرار المطلوب الكاملة و أمرت بإجراء خبرة طبية عليه و انتهت بمقتضى حكمها الفاصل إلى الحكم للمتضرر بتعويض حددته في مبلغ 40000 درهم و بعد استئناف أيدته محكمة الاستئناف بمقتضى قرارها المطعون فيه فيما يخص المسؤولية و التعويض بناء على أن خطأ الغير في النازلة لا يعفى الناقل من مسؤوليته، و لو جزئيا و على أنه لا تضامن بين التابع و المتبوع باعتبار أن الناقل الحارس للسيارة هو المسؤول أساسا فلا موجب لإدخال سائقه في الدعوى و على أن التعويض المحكوم به ملائم لجبر الضرر.

فيما يرجع لما استدل به الطاعنون في الوسيلتين مجتمعتين:

حيث يعيب الطاعنون على المحكمة في وسيلتهم الأولى خرق 50 و 345 من قانون المسطرة المدنية و 88 من قانون الالتزامات و العقود و 106 من القانون التجاري و خرق القانون و انعدام التعليل و الأساس القانوني ذلك أن المحكمة لتبرر رفض إدخال ورثة مالك سيارة بوجو 204 بخاخ محمد قالوا بأن الشروط التي يتطلبها قانون المسطرة المدنية لهذا الإدخال غير متوفرة و أن الإدخال مؤسس على الفصل 88 من. ق. ل. ع. فلا يقبل مادامت مؤسسة على الفصل 106 من القانون التجاري المغربي لأن تراكم الأسس القانونية غير مقبول دون أن تبين المحكمة النص المعتمد قانونا لرفض الإدخال في حين أن الاجتهاد القضائي استقر على خلاف ما ذهبت إليه المحكمة حسب قرار المجلس الأعلى الصادر في 23/1/69 و قراره الصادر في 5/4/60 المشار لهما في الوسيلة.

و يعيبون عليها في الوسيلة الثانية خرق الفصلين 50 و 345 من قانون المسطرة المدنية و تحريف وقائع النازلة و انعدام التعليل و الأساس القانوني ذلك أن المحكمة لتحميل الطاعنين المسؤولية قالت بأن سيارة مرسيديس كانت تسير وسط الطريق رغم توفرها على حاشية عرضها 9 أمتار و أن الإعفاء من المسؤولية في الدعوى التي يكون أساسها الفصل 106 من القانون التجاري لا يكون ممكنا إلا إذا ثبت توفر حالة ” القوة القاهرة ” و الحال أنه لا مانع من البحث عن خطأ الغير المطلوب إدخاله في الدعوى الذي يمكن أن يعفي الناقل من المسؤولية أو بعضها و هذا الخطأ لا يمكن التأكد منه إلا عن طريق إدخال الغير في الدعوى. و لكن المحكمة رفضت الإدخال و حرفت الواقع للقول بمسؤولية الطاعنين طبقا للفصل 106 أساس الدعوى و لم تبحث لا في محضر الحادثة و لا في الرسم البياني للتأكد من وقائع الحادثة و ظروفها عن طريق إدخال المسؤول الحقيقي أو المشارك في المسؤولية فكان قضاؤها غير معلل و لا مؤسس مما يعرضه للنقض.

لكن فإن المتضرر بعدما كان له الخيار في تأسيس دعواه على الفصل 88 من قانون العقود و الالتزامات أو الفصل 106 من القانون التجاري و اختار الأساس الثاني لم يبق للناقل أو ضامنته حق في إدخال حارس السيارة المساهمة في الاصطدام لاختلاف أساس الدعويين و لما يترتب عن الإدخال من تأخير البت في الدعوى الأصلية لأن ارتباط الدعويين و عدم تأخير البت في الدعوى الأصلية شرطان في جواز الإدخال.

و المحكمة الابتدائية المؤيد حكمهما بالقرار المطعون فيه ردت طلب الإدخال بعلة اختلاس أساس الدعويين و هي علة كافية في رد أضيف لها بأن للطاعنة الطالبة للإدخال أن تقاضي الحارس المراد إدخاله في دعوى مستقلة و محكمة الاستئناف ذهبت إلى أبعد من ذلك فردت تبرير الطالبة للإدخال بأنه على فرض ثبوت مسؤولية السيارة بوجو المدخل حارسها في الدعوى كليا أو جزئيا عن الحادث فإن ذلك لا يشكل قوة قاهرة لأنها تنتج عن أمر غير متوقع و حادث السير ليس كذلك، و هي علة أخرى كافية في التبرير أيضا حيث تبقى بقية العلل الأخرى المنتقدة غير ذات تأثير. مما يكون معه ما بالوسائل المستدل بها غير جدير بالاعتبار.

لأجل هذه الأسباب

يقرر رفض الطلب و تحميل الطاعنة الصائر.

و به صدر القرار بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى

وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من:

 السيد رئيس الغرفة محمد الأجراوي والسادة المستشارين بن طلحة الحسين الناصري، أبو بكر البودي، بديعة ونيش، جميلة المدور، بحضور المحامي العام السيد فايدي عبدالغني، ومساعدة كاتبة الضبط السيدة نعيمة الإدريسي.

رجل قانون:

قراءة التعليقات (2)

  • يثير القرار الذي نخصه بهذا التعليق موضوع التدخل الجبري في الدعوى الأصلية من طرف الغير الذي لم يكن طرفا فيها وقت إقامتها و الذي يتم بناء على طلب بعض أطرافها الأصليين.
    و الأصل في الدعوى أن تكون محصورة في موضوعها مقصورة على أطرافها بحيث لا يتسع موضوعها و تنحصر آثارها بين أطرافها الأصليين لا يتضرر و لا يستفيد منها إلا هؤلاء.
    لكن – و على سبيل الاستثناء – فقد تظهر في الدعوى اعتبارات موضوعية أو شخصية تفرض أو تبرر توسيع نطاق الخصومة سواء من حيث موضوعها حيث يضاف للطلب الأصلي طلب آخر متصل به أو من حيث أطرافها بإضافة طرف ثالث جديد أو أطراف جدد يتدخلون في الدعوى لعلاقتهم بالموضوع الذي هو معروض على المحكمة لغاية اختصار الطريق و التعجيل بالبت في نزاعهم موضوع التدخل ضمن النظر في النزاع المرتبط به الذي هو موضوع الدعوى الأصلية.
    و التدخل بجميع أقسامه معروف في الفقه إلا أنه لما كانت كتب الفقه تعالج القواعد المسطرية ضمن الأحكام و المقتضيات الموضوعية فإنها تعرضت لكثير من صور التدخل في مواضيع مختلفة و نلاحظ بهذا الشأن أن الشيخ خليل رحمه الله تعرض لصور من التدخل في باب الشهادات منها قوله: و إن قال أبرأني موكلك الغائب انظر ا هـ أي آخر لحضوره و معرفة رأيه في الإقرار بالإبراء أو إنكاره ولا يتم ذلك إلا بتدخل أو إدخال و منها قوله و إن قال هو وقف أو لولدي لم يمنع مدع من إقامة بينة ا هـ و منها قوله: و إن قال هو لفلان فإن حضر ادعى عليه الخ.
    ومن أبرز صور الموضوع مسألة جمع الخصوم المشهورة التي هي موضوع خلاف بين فريقين يتزعم أحدهما الإمام ابن رشد والثاني الفقيه ابن المناصف و هي المشار لها في قول الشيخ عبد الوهاب الزقاق في لاميته: ويلجأ ذو حق لتوكيل واحد أو أن يحضروا وأحكم إن عم فاقبلا و هو خلاف طريف لكل فريق فيه أدلته ومبرراته.
    وإذا كان الفقه لم يبين بكيفية صريحة شروط التدخل كما هو الشأن في قوانين المرافعات الحديثة فإن القواعد الفقهية العامة تقوم مقام تلك الشروط، و من هذه القواعد: منع استغلال الدعاوى و الانتقال من دعوى إلى أخرى و مقابلة خصومة بأخرى إلى غير ذلك من القواعد العامة المعروفة و لا سيما منها القواعد التي تستهدف ضبط و فعالية مسطرة الدعوى.
    و لما كانت قوانين المرافعات أجازت التدخل و هو استثناء فإنها لم توكل أمره إلى الأطراف يمارسونه حسب هواهم و ما توحي به مصالحهم في الدعوى و إنما قيدت ممارسة هذا الإجراء بمجموعة من القيود تستهدف الحفاظ على موضوع الدعوى الأصلي و على سيره العادي و تحول دون أي تعسف أو شطط يتخذه أو يحاول أن يتخذه الخصم تحت ستار هذا الإجراء، كما سوف يتضح عند التعرض لمناقشة شروط التدخل.
    و التدخل في ظاهره ثلاثة أنواع فهو إما تدخل استمراري و يعني المواصلة و الاستمرار في الخصومة على الكيفية التي أنشئت عليها منذ البداية و يتمثل هذا النوع في إحلال الوارث محل الموروث و المشتري محل البائع و النائب القانوني لفاقد الأهلية. أثناء سير الدعوى محل منوبه فيها، و هذا النوع المعبر عنه بمواصلة الدعوى يمكن للطرف الذي يعنيه الأمر مباشرة القيام به تلقائيا إثر وجود سببه كما يصح للقاضي أن يدعو إلى القيام به في أجل يحدده بناء على ما هو مقرر في الفصل 115 من قانون المسطرة المدنية.
    والنوع الثاني هو التدخل الإرادي أو الاختياري و هو يخضع لإرادة المتدخل الذي يقحم نفسه طرفا في الدعوى.
    وقد يكون في مواجهة طرفي الخصومة معا و يستهدف صاحبه اختصاصه بالحق موضوع الخصومة دون طرفيها الأصليين و هو تدخل هجومي لا يرمي غالبا إلا لتحقيق مصلحة صاحبه و قد يكون ضد أحد طرفي الدعوى مساندة للطرف الآخر و يسمى انضماميا غايته تعزيز وجهة نظر الطرف الذي يسانده.
    أما النوع الثالث فهو التدخل الإجباري الذي يجبر طرفا خارجا عن الدعوى للدخول فيها لغاية هي الحكم عليه … و تحميله ما يترتب عن الدعوى من مسؤولية و التزام، و هذا التدخل أو على الأصح الإدخال يتم بطلب ممن يهمه الأمر من أطراف الدعوى أو مدعى عليه، و هو الجانب المرتبط بالقرار المعلق عليه.
    وكما سبقت الإشارة فإن الأصل بمقتضى بقاء الدعوى على الوجه الذي أقيمت عليه سواء من حيث موضوعها فلا يتبع بمطالب إضافية أو من حيث أطرافها فلا يدخل فيها أطراف جدد و لكن قد تظهر في الدعوى عوارض و اعتبارات تقتضي الخروج على هذا الأصل، فإن حدث هذا – و هو استثناء من الأصل –تعين أن يحاط بقيود.و شروط تستهدف في مجموعها الحفاظ على حسن سير العدالة و الحرص على سلامة موضوع الدعوى و الحفاظ على مصالح أطرافها، و قوانين المرافعات المختلفة تقوم غالبيتها على هذا المبدأ إلا أن منها من أبرز هذه الشروط ضمن المقتضيات المتعلقة بالتدخل و منها من تعرض فقط لبعض أحكام التدخل معتمدا في اعتبار شروطه على القواعد العامة الواجب الأخذ بها في عوارض المسطرة التي تستخلص منها تلك الشروط كما هو الشأن في قانون المسطرة المغربي.
    و بالرجوع لهذا القانون يتبين أنه اقتصر على إيراد بعض المقتضيات المتعلقة بالتدخل في الفصول من 111 إلى 118 منه و أفاد في موضوع آخر منه أن التدخل الإنضمامي يمكن ممارسته في جميع مراحل الدعوى بما فيها مرحلة النقض الفصل 337 من قانون المسطرة المدنية كما أفاد أن التدخل في مرحلة الاستئناف لا يجوز إلا بالنسبة لمن يحق له الطعن عن طريق تعرض الخارج عن الخصومة، و هذه الأحكام تهم بالطبع التدخل الاختصاصي بجميع أنواعه أما التدخل الاستمراري فما دامت الغاية منه هي مواصلة الدعوى فإنه يجوز القيام به في جميع مراحل الدعوى متى عرض خلال سيرها ما يفرض به.
    و من الجدير بالذكر هنا أن قانون المسطرة المدنية لسنة 1913 الملغى قد تشدد في الفصل 123 منه، حيث جاء في هذا الفصل: أن كل طلب بإدخال الغير في الدعوى يجب أن يقدم في الجلسة الأولى قبل تقديم كل دفاع في الجوهر.
    و التدخل بجميع أنواعه حق للأطراف و للأغيار الذين يعنيهم الأمر كل حسب وضعه في الدعوى و ليس من حق المحكمة إدخال طرف في الدعوى غير أطرافها و هذا الموضوع قام بشأنه في فرنسا خلاف حاد بين المحاكم و بين الفقهاء شراح قوانين المرافعات فظهر بشأنه اختلاف و جهات النظر في القرارات و النظريات المختلفة، و قد اختارت قوانين المرافعات في مصر و سوريا و لبنان و العراق الأخذ بوجهة النظر القائلة بأحقية المحكمة في إدخال الغير في الدعوى طبق شروط محددة. و هي وجهة النظر الإيطالية التي اعتبرت أن إدخال المحكمة للغير في الدعوى يتم في إطار إجراءات التحقيق الموكولة إليها.
    و كما سبقت الإشارة فإن المشرع المغربي أخذ بهذا الرأي في التدخل الاستمراري طبق ما قرر في الفصل 115، و قد اهتم شراح قوانين المرافعات بتفصيل شروط التدخل اللازمة لقبوله فتطرق لهذا الشراح الثمانية في الجزء الأول من كتابهم: التعليق على قانون المسطرة المدنية المغربي على ضوء الفقه و القضاء في الصفحات من 511 إلى 521 منه، و من لطيف الصدف أن هؤلاء الشراح التقت وجهة نظرهم حول تلك الشروط مع وجهة نظر الشراح المصريين بسبب اتخاذ المنبع التشريعي للبلدين الشقيقين، و يمكن التأكد من هذا التقارب في وجهتي النظر مما كتبه الأستاذ أبو الوفا و مما أورد الإخوان في كتابهما القيم: قواعد المرافعات في التشريع المصري و المقارن في الباب الرابع من الجزء الأول في الصفحات من 308 إلى 360 بتفصيل أوسع و أشمل كما تصدى لها غير هؤلاء من الشراح الذين أعربوا بشأنها عن وجهات نظر مماثلة أو متقاربة. و يمكن اختصار الشروط اللازمة لقبول التدخل فيما يلي:
    1) يجب أن يتم التدخل ضمن مقال مستوف للشروط الواجب توافرها في مقالات الدعوى الأصلية.
    2) وأن يكون موضوع التدخل داخلا في اختصاص المحكمة التي تنظر في الدعوى الأصلية.
    3) وأن يكون المتدخل طرفا أو ممثلا في الدعوى الأصلية.
    4) وأن يتم التدخل في الدعوى أثناء جريانها في المرحلة الابتدائية و قبل أن تصبح جاهزة فإذا كانت جاهزة للحكم فيها فيتعين حينئذ رد التدخل، و قد توسع الشراح في هذا الشرط فلاحظوا أنه لا يقبل التدخل إذا كان من شأنه تأخير البت في الدعوى الأصلية كما سيأتي و يظهر أن هذا القيد لا يفرض على التدخل الإنضمامي.
    5) أن تراعى في التدخل شروط الصفة و الأهلية و المصلحة.
    6) أن يكون لطلب التدخل صلة مباشرة و ارتباط وثيق بموضوع الدعوى الأصلية و هذا الشرط هو الأكثر ارتباطا بالقرار موضوع التعليق و هو شرط ضروري لجواز التدخل. و تؤكد وجوب اشتراطه مجموعة من القواعد العامة المسطرية
    والموضوعية، و قد اجمع الشراح و المتهمون بقواعد المرافعات على وجوب اشتراطه.
    وهذه الشروط من القوانين ما اشترطها صراحة عند التطرق للمقتضيات المتعلقة بالتدخل أو الطلبات العارضة و منها ما استخلص اشتراطها في القواعد العامة و غالبية الشراح أبرزت هذه الشروط و اعتبرتها لازمة لقبول التدخل.
    وعلى أساس ما سبق يتبين من الرجوع لوقائع القرار المعلق عليه أن الطاعنة كانت تؤمن مسؤولية حارس الناقلة الطاكسي التي اصطدمت أثناء السير مع سيارة عادية وجرح في الحادثة المدعي الذي كان منقولا على متن سيارة الأجرة، فاختار توجيه الدعوى الرامية إلى تعويض أضراره على الناقل و مؤمنته على أساس الفصل 106 من القانون التجاري الذي يجعل مسؤولية الناقل مفترضة لا يدرأها عنه إلا أحد أمرين القوة القاهرة أو خطأ المنقول المتضرر و هذا ما لم يثبت في الدعوى.
    ومؤمنة الناقل – الطاعنة أدخلت في هذه الدعوى حارس السيارة العادية التي ساهمت في الاصطدام على أساس الفصل 88 من قانون الالتزامات و العقود، و هذا الإدخال مردود لا يمكن قبوله لأمرين أولهما: أن هذا الإدخال من شأنه أن يؤدى حتما إلى تأخير الفصل في الدعوى الأصلية و في ذلك إخلال بما يقتضيه الشرط الرابع من شروط قبول الإدخال المشار لها أعلاه. و كما سبق فقد أكد الشراح على أنه كما لا يجوز الإدخال إذا كانت الدعوى جاهزة للحكم فيها، لا يجوز كذلك إذا كان من شأنه أن يؤدى إلى تأخير الفصل في الدعوى الأصلية أو يعرقل سيرها العادي فقد جاء في الصفحة 353 من الجزء الأول من قواعد المرافعات تحت البند رقم 825 ما مؤداه:
    و مصلحة العدالة تقتضي عدم قبول التدخل إذا كان يترتب عليه تأخير الفصل في الدعوى الأصلية، فإذا ترتب عليه تأخير الفصل فيها و عارض الخصم في ذلك وجب على المحكمة أن تقضى بعدم قبول طلب الإدخال و عند ذاك يصح لمن له مصلحة في الخصومة أن يقاضى ذلك الشخص المراد إدخاله في الخصومة في دعوى على حدتها.
    و الأمر الثاني الإخلال بالشرط السادس من شروط قبول التدخل الذي يوجب وجود علاقة مباشرة و ارتباط وثيق بين طلب التدخل و الطلب الأصلي للدعوى الجارية سواء في الموضوع أو في الأساس.
    و هذا الشرط يكاد يكون محل اتفاق بين الشراح فقد جاء في الصفحة 512 من الجزء الأول من كتاب التعليق على قانون المسطرة المدنية المغربي و يجب أن يكون للتدخل بنوعيه صلة مباشرة بموضوع الدعوى الأصلية ا هـ.
    كما جاء في الصفحة 317 من الجزء الأول من قواعد المرافعات: أنه يجب أن يكون الطلب العارض – و هو شامل للتدخل – مرتبطا بموضوع الدعوى الأصلي من حيث الأساس.
    و جاء في الصفحة 336 من نفس المصدر تحت بند 815 أنه يتعين أن يكون للتدخل صلة مباشرة بالموضوع الأصلي اهـ.
    كما جاء تحت البند 816 الموالي: أن الشرط الأول لقبول التدخل يتمثل في ضرورة وجود ارتباط مباشر بين موضوع التدخل و موضوع الدعوى الأصلي و هو شرط ضروري و لازم إذ قيام الارتباط بين الطلبين هو الذي يبرر قبول التدخل.
    كما أكد هذا دالوز في الجزء 7 من مجموعته في البند 6 و ما يليه. و هكذا يتأكد أن شرط ارتباط موضوع الدعويين ضروري لقبول التدخل، و أن طلب الإدخال الذي تقدمت به الطاعنة لم يكن مستوفيا لهذا الشرط لاختلاف أساس الدعويين و أن المحكمة حين ردته فإنها سارت في الاتجاه السليم.
    و من الطريف أن الطاعنة بررت إدخالها لحارس السيارة المساهمة في الاصطدام بأنها ترمي من وراء هذا الإدخال إلى التصريح بمسؤوليته الكاملة عن الحادث و لو حدث هذا فإنه يشكل بالنسبة إليها قوة قاهرة.
    الإدخال في نظرها كان وسيلة للوصول إلى وسيلة أخرى تحقق الغاية و هو بالتالي يسخر المحكمة لمساعدة الطاعنة في إثبات القوة القاهرة التي تعفيها من المسؤولية و كما قالت المحكمة فإن من عناصر القوة القاهرة أن تنجم عن أمر غير متوقع. و حادث السير أمر متوقع بالنسبة لكل راكب ناقلة خصوصا إذا كان سائقها لا يحترم قوانين السير.
    و بعد فإن موضوع التدخل واسع متشعب الجوانب و قد تناولت منه في هذا التعليق ما يتصل بوقائع القرار المعلق عليه مع ما هو ضروري لتصوره و الإعلام بقواعده و شروط قبوله لأن المقام لا يتسع لأكثر من ذلك، و بالله التوفيق.

    محمد الأجراوي
    رئيس غرفة بالمجلس الأعلى

  • يثير القرار الذي نخصه بهذا التعليق موضوع التدخل الجبري في الدعوى الأصلية من طرف الغير الذي لم يكن طرفا فيها وقت إقامتها و الذي يتم بناء على طلب بعض أطرافها الأصليين.
    و الأصل في الدعوى أن تكون محصورة في موضوعها مقصورة على أطرافها بحيث لا يتسع موضوعها و تنحصر آثارها بين أطرافها الأصليين لا يتضرر و لا يستفيد منها إلا هؤلاء.
    لكن – و على سبيل الاستثناء – فقد تظهر في الدعوى اعتبارات موضوعية أو شخصية تفرض أو تبرر توسيع نطاق الخصومة سواء من حيث موضوعها حيث يضاف للطلب الأصلي طلب آخر متصل به أو من حيث أطرافها بإضافة طرف ثالث جديد أو أطراف جدد يتدخلون في الدعوى لعلاقتهم بالموضوع الذي هو معروض على المحكمة لغاية اختصار الطريق و التعجيل بالبت في نزاعهم موضوع التدخل ضمن النظر في النزاع المرتبط به الذي هو موضوع الدعوى الأصلية.
    و التدخل بجميع أقسامه معروف في الفقه إلا أنه لما كانت كتب الفقه تعالج القواعد المسطرية ضمن الأحكام و المقتضيات الموضوعية فإنها تعرضت لكثير من صور التدخل في مواضيع مختلفة و نلاحظ بهذا الشأن أن الشيخ خليل رحمه الله تعرض لصور من التدخل في باب الشهادات منها قوله: و إن قال أبرأني موكلك الغائب انظر ا هـ أي آخر لحضوره و معرفة رأيه في الإقرار بالإبراء أو إنكاره ولا يتم ذلك إلا بتدخل أو إدخال و منها قوله و إن قال هو وقف أو لولدي لم يمنع مدع من إقامة بينة ا هـ و منها قوله: و إن قال هو لفلان فإن حضر ادعى عليه الخ.
    ومن أبرز صور الموضوع مسألة جمع الخصوم المشهورة التي هي موضوع خلاف بين فريقين يتزعم أحدهما الإمام ابن رشد والثاني الفقيه ابن المناصف و هي المشار لها في قول الشيخ عبد الوهاب الزقاق في لاميته: ويلجأ ذو حق لتوكيل واحد أو أن يحضروا وأحكم إن عم فاقبلا و هو خلاف طريف لكل فريق فيه أدلته ومبرراته.
    وإذا كان الفقه لم يبين بكيفية صريحة شروط التدخل كما هو الشأن في قوانين المرافعات الحديثة فإن القواعد الفقهية العامة تقوم مقام تلك الشروط، و من هذه القواعد: منع استغلال الدعاوى و الانتقال من دعوى إلى أخرى و مقابلة خصومة بأخرى إلى غير ذلك من القواعد العامة المعروفة و لا سيما منها القواعد التي تستهدف ضبط و فعالية مسطرة الدعوى.
    و لما كانت قوانين المرافعات أجازت التدخل و هو استثناء فإنها لم توكل أمره إلى الأطراف يمارسونه حسب هواهم و ما توحي به مصالحهم في الدعوى و إنما قيدت ممارسة هذا الإجراء بمجموعة من القيود تستهدف الحفاظ على موضوع الدعوى الأصلي و على سيره العادي و تحول دون أي تعسف أو شطط يتخذه أو يحاول أن يتخذه الخصم تحت ستار هذا الإجراء، كما سوف يتضح عند التعرض لمناقشة شروط التدخل.
    و التدخل في ظاهره ثلاثة أنواع فهو إما تدخل استمراري و يعني المواصلة و الاستمرار في الخصومة على الكيفية التي أنشئت عليها منذ البداية و يتمثل هذا النوع في إحلال الوارث محل الموروث و المشتري محل البائع و النائب القانوني لفاقد الأهلية. أثناء سير الدعوى محل منوبه فيها، و هذا النوع المعبر عنه بمواصلة الدعوى يمكن للطرف الذي يعنيه الأمر مباشرة القيام به تلقائيا إثر وجود سببه كما يصح للقاضي أن يدعو إلى القيام به في أجل يحدده بناء على ما هو مقرر في الفصل 115 من قانون المسطرة المدنية.
    والنوع الثاني هو التدخل الإرادي أو الاختياري و هو يخضع لإرادة المتدخل الذي يقحم نفسه طرفا في الدعوى.
    وقد يكون في مواجهة طرفي الخصومة معا و يستهدف صاحبه اختصاصه بالحق موضوع الخصومة دون طرفيها الأصليين و هو تدخل هجومي لا يرمي غالبا إلا لتحقيق مصلحة صاحبه و قد يكون ضد أحد طرفي الدعوى مساندة للطرف الآخر و يسمى انضماميا غايته تعزيز وجهة نظر الطرف الذي يسانده.
    أما النوع الثالث فهو التدخل الإجباري الذي يجبر طرفا خارجا عن الدعوى للدخول فيها لغاية هي الحكم عليه … و تحميله ما يترتب عن الدعوى من مسؤولية و التزام، و هذا التدخل أو على الأصح الإدخال يتم بطلب ممن يهمه الأمر من أطراف الدعوى أو مدعى عليه، و هو الجانب المرتبط بالقرار المعلق عليه.
    وكما سبقت الإشارة فإن الأصل بمقتضى بقاء الدعوى على الوجه الذي أقيمت عليه سواء من حيث موضوعها فلا يتبع بمطالب إضافية أو من حيث أطرافها فلا يدخل فيها أطراف جدد و لكن قد تظهر في الدعوى عوارض و اعتبارات تقتضي الخروج على هذا الأصل، فإن حدث هذا – و هو استثناء من الأصل –تعين أن يحاط بقيود.و شروط تستهدف في مجموعها الحفاظ على حسن سير العدالة و الحرص على سلامة موضوع الدعوى و الحفاظ على مصالح أطرافها، و قوانين المرافعات المختلفة تقوم غالبيتها على هذا المبدأ إلا أن منها من أبرز هذه الشروط ضمن المقتضيات المتعلقة بالتدخل و منها من تعرض فقط لبعض أحكام التدخل معتمدا في اعتبار شروطه على القواعد العامة الواجب الأخذ بها في عوارض المسطرة التي تستخلص منها تلك الشروط كما هو الشأن في قانون المسطرة المغربي.
    و بالرجوع لهذا القانون يتبين أنه اقتصر على إيراد بعض المقتضيات المتعلقة بالتدخل في الفصول من 111 إلى 118 منه و أفاد في موضوع آخر منه أن التدخل الإنضمامي يمكن ممارسته في جميع مراحل الدعوى بما فيها مرحلة النقض الفصل 337 من قانون المسطرة المدنية كما أفاد أن التدخل في مرحلة الاستئناف لا يجوز إلا بالنسبة لمن يحق له الطعن عن طريق تعرض الخارج عن الخصومة، و هذه الأحكام تهم بالطبع التدخل الاختصاصي بجميع أنواعه أما التدخل الاستمراري فما دامت الغاية منه هي مواصلة الدعوى فإنه يجوز القيام به في جميع مراحل الدعوى متى عرض خلال سيرها ما يفرض به.
    و من الجدير بالذكر هنا أن قانون المسطرة المدنية لسنة 1913 الملغى قد تشدد في الفصل 123 منه، حيث جاء في هذا الفصل: أن كل طلب بإدخال الغير في الدعوى يجب أن يقدم في الجلسة الأولى قبل تقديم كل دفاع في الجوهر.
    و التدخل بجميع أنواعه حق للأطراف و للأغيار الذين يعنيهم الأمر كل حسب وضعه في الدعوى و ليس من حق المحكمة إدخال طرف في الدعوى غير أطرافها و هذا الموضوع قام بشأنه في فرنسا خلاف حاد بين المحاكم و بين الفقهاء شراح قوانين المرافعات فظهر بشأنه اختلاف و جهات النظر في القرارات و النظريات المختلفة، و قد اختارت قوانين المرافعات في مصر و سوريا و لبنان و العراق الأخذ بوجهة النظر القائلة بأحقية المحكمة في إدخال الغير في الدعوى طبق شروط محددة. و هي وجهة النظر الإيطالية التي اعتبرت أن إدخال المحكمة للغير في الدعوى يتم في إطار إجراءات التحقيق الموكولة إليها.
    و كما سبقت الإشارة فإن المشرع المغربي أخذ بهذا الرأي في التدخل الاستمراري طبق ما قرر في الفصل 115، و قد اهتم شراح قوانين المرافعات بتفصيل شروط التدخل اللازمة لقبوله فتطرق لهذا الشراح الثمانية في الجزء الأول من كتابهم: التعليق على قانون المسطرة المدنية المغربي على ضوء الفقه و القضاء في الصفحات من 511 إلى 521 منه، و من لطيف الصدف أن هؤلاء الشراح التقت وجهة نظرهم حول تلك الشروط مع وجهة نظر الشراح المصريين بسبب اتخاذ المنبع التشريعي للبلدين الشقيقين، و يمكن التأكد من هذا التقارب في وجهتي النظر مما كتبه الأستاذ أبو الوفا و مما أورد الإخوان في كتابهما القيم: قواعد المرافعات في التشريع المصري و المقارن في الباب الرابع من الجزء الأول في الصفحات من 308 إلى 360 بتفصيل أوسع و أشمل كما تصدى لها غير هؤلاء من الشراح الذين أعربوا بشأنها عن وجهات نظر مماثلة أو متقاربة. و يمكن اختصار الشروط اللازمة لقبول التدخل فيما يلي:
    1) يجب أن يتم التدخل ضمن مقال مستوف للشروط الواجب توافرها في مقالات الدعوى الأصلية.
    2) وأن يكون موضوع التدخل داخلا في اختصاص المحكمة التي تنظر في الدعوى الأصلية.
    3) وأن يكون المتدخل طرفا أو ممثلا في الدعوى الأصلية.
    4) وأن يتم التدخل في الدعوى أثناء جريانها في المرحلة الابتدائية و قبل أن تصبح جاهزة فإذا كانت جاهزة للحكم فيها فيتعين حينئذ رد التدخل، و قد توسع الشراح في هذا الشرط فلاحظوا أنه لا يقبل التدخل إذا كان من شأنه تأخير البت في الدعوى الأصلية كما سيأتي و يظهر أن هذا القيد لا يفرض على التدخل الإنضمامي.
    5) أن تراعى في التدخل شروط الصفة و الأهلية و المصلحة.
    6) أن يكون لطلب التدخل صلة مباشرة و ارتباط وثيق بموضوع الدعوى الأصلية و هذا الشرط هو الأكثر ارتباطا بالقرار موضوع التعليق و هو شرط ضروري لجواز التدخل. و تؤكد وجوب اشتراطه مجموعة من القواعد العامة المسطرية
    والموضوعية، و قد اجمع الشراح و المتهمون بقواعد المرافعات على وجوب اشتراطه.
    وهذه الشروط من القوانين ما اشترطها صراحة عند التطرق للمقتضيات المتعلقة بالتدخل أو الطلبات العارضة و منها ما استخلص اشتراطها في القواعد العامة و غالبية الشراح أبرزت هذه الشروط و اعتبرتها لازمة لقبول التدخل.
    وعلى أساس ما سبق يتبين من الرجوع لوقائع القرار المعلق عليه أن الطاعنة كانت تؤمن مسؤولية حارس الناقلة الطاكسي التي اصطدمت أثناء السير مع سيارة عادية وجرح في الحادثة المدعي الذي كان منقولا على متن سيارة الأجرة، فاختار توجيه الدعوى الرامية إلى تعويض أضراره على الناقل و مؤمنته على أساس الفصل 106 من القانون التجاري الذي يجعل مسؤولية الناقل مفترضة لا يدرأها عنه إلا أحد أمرين القوة القاهرة أو خطأ المنقول المتضرر و هذا ما لم يثبت في الدعوى.
    ومؤمنة الناقل – الطاعنة أدخلت في هذه الدعوى حارس السيارة العادية التي ساهمت في الاصطدام على أساس الفصل 88 من قانون الالتزامات و العقود، و هذا الإدخال مردود لا يمكن قبوله لأمرين أولهما: أن هذا الإدخال من شأنه أن يؤدى حتما إلى تأخير الفصل في الدعوى الأصلية و في ذلك إخلال بما يقتضيه الشرط الرابع من شروط قبول الإدخال المشار لها أعلاه. و كما سبق فقد أكد الشراح على أنه كما لا يجوز الإدخال إذا كانت الدعوى جاهزة للحكم فيها، لا يجوز كذلك إذا كان من شأنه أن يؤدى إلى تأخير الفصل في الدعوى الأصلية أو يعرقل سيرها العادي فقد جاء في الصفحة 353 من الجزء الأول من قواعد المرافعات تحت البند رقم 825 ما مؤداه:
    و مصلحة العدالة تقتضي عدم قبول التدخل إذا كان يترتب عليه تأخير الفصل في الدعوى الأصلية، فإذا ترتب عليه تأخير الفصل فيها و عارض الخصم في ذلك وجب على المحكمة أن تقضى بعدم قبول طلب الإدخال و عند ذاك يصح لمن له مصلحة في الخصومة أن يقاضى ذلك الشخص المراد إدخاله في الخصومة في دعوى على حدتها.
    و الأمر الثاني الإخلال بالشرط السادس من شروط قبول التدخل الذي يوجب وجود علاقة مباشرة و ارتباط وثيق بين طلب التدخل و الطلب الأصلي للدعوى الجارية سواء في الموضوع أو في الأساس.
    و هذا الشرط يكاد يكون محل اتفاق بين الشراح فقد جاء في الصفحة 512 من الجزء الأول من كتاب التعليق على قانون المسطرة المدنية المغربي و يجب أن يكون للتدخل بنوعيه صلة مباشرة بموضوع الدعوى الأصلية ا هـ.
    كما جاء في الصفحة 317 من الجزء الأول من قواعد المرافعات: أنه يجب أن يكون الطلب العارض – و هو شامل للتدخل – مرتبطا بموضوع الدعوى الأصلي من حيث الأساس.
    و جاء في الصفحة 336 من نفس المصدر تحت بند 815 أنه يتعين أن يكون للتدخل صلة مباشرة بالموضوع الأصلي اهـ.
    كما جاء تحت البند 816 الموالي: أن الشرط الأول لقبول التدخل يتمثل في ضرورة وجود ارتباط مباشر بين موضوع التدخل و موضوع الدعوى الأصلي و هو شرط ضروري و لازم إذ قيام الارتباط بين الطلبين هو الذي يبرر قبول التدخل.
    كما أكد هذا دالوز في الجزء 7 من مجموعته في البند 6 و ما يليه. و هكذا يتأكد أن شرط ارتباط موضوع الدعويين ضروري لقبول التدخل، و أن طلب الإدخال الذي تقدمت به الطاعنة لم يكن مستوفيا لهذا الشرط لاختلاف أساس الدعويين و أن المحكمة حين ردته فإنها سارت في الاتجاه السليم.
    و من الطريف أن الطاعنة بررت إدخالها لحارس السيارة المساهمة في الاصطدام بأنها ترمي من وراء هذا الإدخال إلى التصريح بمسؤوليته الكاملة عن الحادث و لو حدث هذا فإنه يشكل بالنسبة إليها قوة قاهرة.
    الإدخال في نظرها كان وسيلة للوصول إلى وسيلة أخرى تحقق الغاية و هو بالتالي يسخر المحكمة لمساعدة الطاعنة في إثبات القوة القاهرة التي تعفيها من المسؤولية و كما قالت المحكمة فإن من عناصر القوة القاهرة أن تنجم عن أمر غير متوقع. و حادث السير أمر متوقع بالنسبة لكل راكب ناقلة خصوصا إذا كان سائقها لا يحترم قوانين السير.
    و بعد فإن موضوع التدخل واسع متشعب الجوانب و قد تناولت منه في هذا التعليق ما يتصل بوقائع القرار المعلق عليه مع ما هو ضروري لتصوره و الإعلام بقواعده و شروط قبوله لأن المقام لا يتسع لأكثر من ذلك، و بالله التوفيق.

    محمد الأجراوي
    رئيس غرفة بالمجلس الأعلى

مواضيع متعلقة