القرار رقم 3379
الصادر بتاريخ 7 دجنبر 1988
ملف مدني رقم 3818/85
القاعدة
تتقادم الدعوى الصرفية ضد المسحوب عليه القابل بثلاث سنوات.
إن هذا التقادم مبني على قرينة الوفاء ولهذا فلا يقبل الدفع به في حالة ادعاء الوفاء الجزئي.
ما ورد في الفصل 152 من ق. ت ليس الوسيلة الوحيدة لإثبات الوفاء الجزئي بل يمكن إثباته بكل الوسائل الأخرى طبقا للقواعد العامة في الإثبات
باسم جلالة الملك
إن المجلس الأعلى،
وبعد المداولة طبقا للقانون،
في الوسيلة الأولى،
حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر من محكمة الاستئناف بفاس ( غرفة تازة ) بتاريخ 8/5/1985 تحت عدد 368/85 في الملف عدد 149/85 أن المدعي أبوعبدالله الحاج الطيب تقدم بمقال من أجل الأداء إلى رئيس المحكمة الابتدائية تثبتها الكمبيالات المؤرخة في 19/9/1979 والحاملة للأرقام من 6 إلى 12 وإن المدين لم يؤد الدين المذكور رغم حلول الأجل بتاريخ آخر كمبيالة الذي هوفاتح يوليوز 1983، وأنه يلتمس طبقا للفصل 158 من قانون المسطرة المدنية الحكم على المدين بأن يؤدي له المبلغ المذكور بما في ذلك أصل الدين والفوائد والمصاريف فأصدر قاضي الدرجة الأولى أمرا بأداء المدعى عليه للمدعي مبلغ 13.560 درهم بما فيه أصل الدين والمصاريف استأنفه المدعى عليه فأيدته محكمة الاستئناف.
حيث يعيب الطاعن على المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه خرق قاعدة مسطرية أضر بحقوقه وخرق الفصل 335 من قانون المسطرة المدنية ذلك أن المستشار المقرر اكتفى بجواب المطلوب في النقض عن مقال الاستئناف وعين القضية بالجلسة دون أن يصدر أمرا بالتخلي فأحرى أن يبلغه للأطراف، وأنه لوبلغه مذكرة المطلوب في النقض لأبدى دفوعات لها مفعولها على الحكم ولأدلى بحجج لازالت بحوزته لإثبات المعاملة التجارية الأخرى.
لكن حيث إن الخصوم مدعوين تلقائيا للإدلاء بما لديهم من حجج وما على المحكمة إلا مراقبة صحة الإجراءات ثم الحكم، وإنها بعدما قدم المطلوب في النقض مستنتجاته اعتبرت طبقا للفقرة الثانية من الفصل 333 من قانون المسطرة المدنية أن القضية جاهزة للحكم فأدرجتها بالمداولة بجلسة الأحكام المنعقدة بتاريخ 24/4/1985، وإن الفصل 335 من قانون المسطرة المدنية لا يوجب إصدار أمر بالتخلي إلا إذا أحيلت القضية على المستشار المقرر لإجراء تحقيق فيها الأمر الذي ينتفي في النازلة.
في الوسيلة الثانية:
حيث يعيب الطاعن على المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه خرق الفصل 345 من قانون المسطرة المدنية وضعف التعليل الموازي لانعدامه ذلك أنه دفع بالتقادم وبأنه أدى مبلغا من المبالغ موضوع الكمبيالات، وأدلى بوصلين مؤرخين على التوالي في 4/7/1981 و2/2/1982 موقعين من طرف المطلوب في النقض وذلك كحجة على هذا الأداء وأن المحكمة أجابت عن ذلك بأن الدفع غير جدي مادام المستأنف عليه أنكر توصله بالمبلغ المذكور مع أن المطلوب في النقض لم ينكر توصله بمبلغ 1960 درهم بل أقر بذلك مدعيا أنه من معاملة أخرى، وأنه كان عليه إثبات هذه المعاملة.
لكن فيما يتعلق بالدفع بالتقادم فإن الأمر يتعلق بدعوى أداء قيمة كمبيالات رفعت ضد المسحوب عليه القابل ولهذا فإن النص الواجب التطبيق هوالفصل 189 من القانون التجاري الذي يجعل جميع الدعاوى الناتجة عن الكمبيالة ضد المسحوب عليه القابل تتقادم بمضي ثلاث سنوات علاوة على أن المسحوب عليه بادعائه الوفاء الجزئي يكون قد اعترف صراحة بعدم الوفاء مما يمنعه من الدفع بتقادم الدعوى الصرفية هذه القائمة على قرينة الوفاء، وأن هذه العلة القانونية تحل محل العلة المنتقدة التي ردت بها المحكمة الدفع بالتقادم.
وفيما يتعلق بالوفاء الجزئي فأنه وإن كان الفصل 152 من القانون التجاري ينص على كيفية إثبات الوفاء الجزئي فإن الصيغة التي حرر بها النص لا تفيد أن هذا الإثبات لا يتم إلا وفق ما جاء في الفصل المذكور ولهذا فإن المحكمة تكون قد تجنبت الصواب لما رفضت الدفع بالوفاء الجزئي بمجرد أن المدعى ينكره دون أن تناقش وصولات الأداء التي أدلى بها في هذا الشأن مما يجعل قرارها ناقص التعليل الموزاي لانعدامه.
لهذه الأسباب
قضى بالنقض الجزئي وبالإحالة
الرئيس: السيد محمد عمــور
المستشار المقرر: السيد بنكران
المحامي العام: السيد سهيل
الدفاع: الأستاذ السلمي/ الأستاذ ازكرار.
قراءة التعليقات (1)
يتناول هذا القرار مسألتين هامتين على الصعيد العملي كثيرا ما يتشعب الجدل حولهما أمام قضاة الموضوع هما:
معنى التقادم المبني على قرينة الوفـاء
كيف يثبت الوفاء الجزئي بقيمة الكمبيالة
1) التقـادم
فالتقادم المبني على قرينة الوفاء سواء منه الوارد في الفصلين 388 و389 من ق.ل.ع أم في الفصل 189 من القانون التجاري هذا التقادم يكفي أن يدفع به المدين لتقوم إلى جانبه القرينة ولا يشترط أن يدعي الوفاء كما ذهبت إلى ذلك بعض المحاكم غير أن هذه القرينة يمكن أن يثبت عكسها بإحدى الوسيلتين:
أ) أن يصدر عن المدين تصريح يفيد أنه لم يؤد الدين قط أوأنه إنما أدى بعضه دون البعض الآخر ومثل الحالة الأولى إذا أنكر المديونية بالمرة فإنكار المديونية يتضمن نتيجتين اثنتين إحداهما لازمة للأخرى:
فإنكار المديونية الذي يثبت عكسه أمام المحكمة وأن المدعى عليه مدين بالفعل يستلزم أن المدين لم يؤد الدين المدعى به عليه وبالتالي فلا يجوز له أن يدفع في هذه الحالة بالتقادم المبني على قرينة الوفاء لأن تصريحه بإنكار المديونية يفيد عكس هذه القرينة وهوأنه لم يؤد الدين ومثال إنكار المديونية الذي يستلزم عدم وقوع الوفاء ادعاء الأداء الجزئي فالمدين الذي يدعي أنه أدى بعض الدين لا يجوز له أن يدفع بالتقادم للأن تصريحه يتضمن أنه لم يف بالدين كله وإنما أدى بعضه فقط فلا يقبل منه ادعاء التقادم المبني على قرينة الوفاء.
ب) أن بنكل المدعى عليه عن آداء اليمين التي توجه إليه من طرف المدعىعملا بالفصل 390 من ق.ز.ع الفصل 189 من ق.ت.
2) الوفاء الجزئي
أما الوفاء الجزئي بالكمبيالات فإن الفصل 152 من ق.ز.ع الذي يقرر جوازه وعدم السماح للحامل الشرعي للكمبيالة بأن يرفضه يقرر في نفس الوقت كيفية إثباته حيث أعطى للمسحوب عليه ' أولأي مدين آخر اختاره الحامل " أن يطلب من الدائن أن يسجل على ظهر الكمبيالة هذا الوفاء ويسلمه وصلا به.
ومن هنا ثار الجدل حول ما إذا كان يمكن إثبات الوفاء بغير ما ورد في هذا الفصل وكان من السهل أن يقال بأن المشرع الذي حرص على التشبت من الوفاء الجزئي على هذا النحويفيد أنه لا يسمح بإثباته بغير ذلك.
غير أن المجلس قرر جواز إثبات الوفاء الجزئي حتى بالوسائل الأخرى الغير الواردة في الفصل كالإدلاء بأدلة كتابية مستقلة وقرر في قرار آخر سبق نشره بأن المدعى الذي يدعي أن الوفاء المستدل عليه يتعلق بدين آخر يقع عليه عبأ إثبات أن هناك بالفعل دين آخر قد ينصرف إليه هذا الوفاء الجزئي كما سمح بإثبات الوفاء الكلي رغم بقاء الكمبيالة في يد الحامل خلال ما ورد في نفس الفصل الفقرة الأولى منه من أنه يجوز للمسحوب عليه " ولأي مدين آخر يختاره الحامل " أن يطلب تسليمها له وعليها إشارة بالوفاء.
أحمد عاصم