X

المصلحة من الطعن بالنقض – موضوع النزاع لا يقبل القسمة

القرار رقم 1474

المؤرخ في99/03/24

الملف المدني رقم 95/1512

القاعدة

– إذا كان موضوع  النزاع غير قابل للقسمة، وجب على الطاعن أن يوجه طعنه ضد جميع من استفاد من الحكم المطعون فيه ويجب أن يقدم الطعن صحيحا ضد الجميع، وإلا كان غير مقبول شكلا لانعدام المصلحة.

 

باسم جلالة الملك

إن المجلس الأعلى

وبعد المداولة طبقا للقانون.

فيما يخص قبول الطلب.

بناء على الفصل الاول من قانون المسطرة المدنية.

وحيث إنه بمقتضى هذا الفصل لا يصح التقاضي إلا ممن كان شخصا موجودا يتمتع بالأهلية لإثبات حقوقه.

وحيث أن الثابت من عريضة النقض المقدمة من طرف الأستاذ جلال بيار ومن تنصيصات القرار المطعون فيه الصادر عن استئنافية الدار البيضاء بتاريخ 82/5/27 في الملف رقم 81/87 أن المطلوبين في النقض المعطي بن عاشور وصالح بن عاشور قد توفيا قبل صدور القرار المطعون فيه.

وحيث إن الطالب عندما تقدم بمقال النقض في مواجهتهما شخصيا رغم ثبوت وفاتهما وعلمه بذلك، يكون قد خالف مقتضيات الفصل المذكور، مما يجعل طلبه غير مقبول في مواجهتهما.

وحيث إنه ما دام أن الطاعنين قد وجهوا دعواهم الرامية إلى الحكم على المطلوبين في النقض متضامنين بتخليهم عن أرض النزاع، وأن موضوع الدعوى لا يقبل التجزئة، فإن عدم قبول الطعن في مواجهة من ثبتت وفاته يؤدي بالتبعية إلى عدم قبوله في مواجهة الطرف الثالث في الدعوى، المطلوب في النقض الكبير محمد بن عاشور، لانتفاء المصلحة.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى بعدم قبول الطلب وتحميل الطالبين الصائر.

وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله بالمجلس الأعلى بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة رئيس الغرفة محمد سعيد بناني والمستشارين مصطفى أزمو مقررا ومحمد بلعياشي والحسين العتيقي ومحمد الحبيب بنعطية وبمحضر المحامي العام السيد الحسن البوعزاوي بمساعدة كاتبة الضبط السيدة ليلى مجدول.

رجل قانون:

قراءة التعليقات (1)

  • يعالج هذا القرار نقطة جديرة بالاهتمام، إذ يتعلق الأمر بأطراف دعوى النقض، وعلى الخصوص فيما يهم جانب الطرف المطلوب ضده النقض، وتأتي هذه الأهمية إذا علمنا بالخصوص أن قانون المسطرة المدنية لا يتضمن نصوصا تفصيلية في الموضوع، ويبقى على العمل القضائي استنباط القواعد الضرورية بالاعتماد أساسا على روح هذا القانون، واحتياطيا على المبادئ العامة للقانون.
    من المعروف أن الطعن بالنقض يعد دعوى جديدة، وليس تتمة للإجراءات التي سبقتها أمام محاكم الموضوع(1) بذلك يخضع كسائر الطلبات المقدمة إلى القضاء للقاعدة التقليدية "لا دعوى بدون مصلحة"، وهي القاعدة التي كرسها قانون المسطرة المدنية في فصله الأول : " لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية، والمصلحة، لإثبات حقوقه". وتهدف هذه القاعدة إلى تفادي تكديس رفوف المحاكم بدعاوى لا طائل منها. وهكذا يتعرض القرار المذكور إلى نقطتين مهمتين، الأولى تتعلق بالأهلية. والثانية بالمصلحة، وذلك بالنسبة للمطلوب ضده النقض.

    أولا : الأهلية
    من المفروض أن توجه الدعوى إلى شخص كامل الأهلية، فالمطلوب ضده النقض يجب أن يكون متمتعا بكامل أهليته، أي يكون له وجود قانوني : سواء كان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا، وبالتالي يكون طلب النقض غير مقبول إذا وجه ضد شخص تبين أنه توفي قبل تقديمه، وهذا ما أكده القرار المذكور في جزئه الأول، إذ باعتماده على الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية، صرح بأنه لا يصح التقاضي إلا ممن كان موجودا يتمتع بالأهلية لإثبات حقوقه، وأن الطاعن عندما تقدم بمقال النقض في مواجهة شخصين رغم ثبوت وفاتهما وعلمه بذلك، يكون قد خالف مقتضيات الفصل المذكور مما يجعل طلبه غير مقبول في مواجهتهما.
    وحيث إذا كانت هذه النقطة بديهية، ولا تثير أي إشكال، فإن النقطة الثانية خلاف ذلك، وهي مدار هذه الملاحظات.
    ثانيا : المصلحة
    يجب لكي يكون الطعن بالنقض مقبولا توفر المصلحة لطالبه، أي أن تكون لهذا الأخير منفعة مادية ومعنوية ينتظرها من هذا الإجراء، فإذا تبين للمحكمة أن الطاعن لا يرمي إلى مصلحة من طعنه، أو أن هذا الطعن ستكون نتيجته عقيمة وجب عليها أن تصرح بعدم قبوله. وعلى هذا الأساس يتعين على الطاعن أن يوجه الطعن ضد كل شخص له فائدة في الدعوى، وأنه إذا كان يحق له مبدئيا أن يقصر طعنه على أشخاص معينين ما دام أنه لا يوجد هناك نص قانوني يفرض على الطاعن تحت طائلة عدم القبول أن يدخل كل أطراف الحكم المطعون فيه، فإن إغفال أو عدم إدخال أحدهم، لا يمكن إلا أن يجعل النقض عديم الأثر اتجاهه(2) ويستثني من هذه القاعدة ضرورة الطعن ضد جميع المطعون ضدهم الذين لهم مصلحة موحدة لا تقبل القسمة، ففي هذه الحالة يعد موضوع النزاع غير قابل للتجزئة، ومن ثم وجب على الطاعن أن يوجه طعنه ضد جميع من استفاد من الحكم(3) ويرى الأستاذ فاي أنه لا مصلحة للطاعن في أن يطلب بالنسبة لبعض الخصوم نقض حكم لا يقبل التجزئة في تنفيذه، وقد اكتسب هذا الحكم قوة الأمر المقضى به في مواجهة الخصوم الآخرين إذ لا جدوى من الطعن في هذه الحالة(4) ومن هذه الملاحظات نصل إلى أهم نقطة عالجها القرار المذكور، ذلك أنه إذا ترقم المحكوم لهم في دعوى لا تقبل التجزئة، وجب أن يقدم الطعن صحيحا ضدهم جميعا، وبطلان الطعن بالنسبة إلى بعضهم يترتب عليه عدم قبوله شكلا بالنسبة لجميع الخصوم(5) وعلى هذا الأساس صدر هذا القرار، إذ أنه حينما تبين له أن الطعن وجه ضد ثلاثة أشخاص اثنين منهم توفيا قبل تقديم مقال النقض، صرح بعدم قبول الطعن في مواجهتهما، كما صرح بعدم قبول الطعن في مواجهة الشخص الثالث الذي لا يزال على قيد الحياة. لماذا ؟ لأنه لم تعد هناك مصلحة للطاعن ولا جدوى له من طعنه، ما دام النزاع لا يقبل التجزئة، واكتسب القرار المطعون فيه قوة الشيء المقضي به بالنسبة لذوي حقوق الهالكين، ولأنه ولو حتى افترضنا جدلا أن الطاعن حصل على قرار بالنقض، وقضت محكمة الاستئناف لصالحه بعد الإحالة، فلا يمكن له أن يحصل على شيء لأن هناك قرارا اكتسب قوة الشيء المقضي به لفائدة ورثة الهالكين.

    محمد بلعياشي
    مستشار بالمجلس الأعلى

    (1) قرار المجلس الأعلى رقم 2021 بتاريخ 1960/3/8، مجموعة قرارات المجلس الأعلى لسنوات 62-57 صفحة 154 - الجزء الأول الغرفة المدنية .
    (2) قرار المجلس الأعلى رقم 129 بتاريخ 1970/2/4، مجموعة قرارات المجلس الأعلى المادة المدنية 1982-1966 صفحة 58.
    (3) قرار المجلس الأعلى رقم 3210 بتاريخ 25 يوليوز 1991، مجلة قضاء المجلس الأعلى رقم 46 صفحة 30، وقرار آخر رقم 3221 بتاريخ 90/11/14 شرح قانون المسطرة المدنية للأستاذ توفيق عبد العزيز الجزء الثاني صفحة 122 مصطفى كيرة النقض المدني، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1992 صفحة 209.
    - En matière civile, Dalloz 1997, P184 Jaques Boré la cassassion.
    (4) الفصل 2/615 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي، نقض فرنسي، الغرفة التجارية 3 نونبر 1964.
    (5) مصطفى كيرة المرجع السابق صفحة 258.

مواضيع متعلقة