الشفعة – إقرار المشتري بالشراء – تكليف الشفيع بإثبات البيع – لا
القرار رقم 34
الصادر بتاريخ 27 يناير1981
في الملف الشرعي رقم 49458
قاعدة:
المبدأ القائل: لا يحكم بين اثنين في مال ثالث قبل سماع ما عنده يصبح مضمونه غير وارد إذا أقر المطالب بالشفعة بالشراء وجب أن يؤاخذ بإقراره لتترتب آثار هذا الإقرار فيما بينه وبين طالب الشفعة وتكون المحكمة قد تجنبت الصواب لما لم تأخذ بإقرار المطلوب في النقض بالشراء ورفضت دعوى الشفعة لعدم إثبات الشراء.
باسم جلالة الملك
بناء على طلب النقض المرفوع بتاريخ 11/10/1974 والمؤدى عنه الواجبات القضائية من طرف الخمار ابن التهامي بواسطة نائبه الأستاذ الحاج ادريس سليمان ضد حكم المحكمة الإقليمية بفاس الصادر بتاريخ 25/6/1974 في القضية الشرعية عدد: 34896.
وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 14/4/1975 بإمضاء الأستاذ محمد بن الحاج المكي بنيس النائب عن المطلوب ضده النقض المذكور حوله والرامية إلى رفض الطلب.
وبناء على مقتضيات قانون المسطرة المدنية منها الفصل 353 وما بعده من الفصول المتعلقة بالمجلس الأعلى.
وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 27/5/1980.
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 13/1/1981.
وبعد الاستماع بهذه الجلسة إلى تقرير المستشار المقرر السيد عبد الله بنخضراء والى ملاحظات المحامي العام السيد محمد حكم.
وبعد المناداة على نائبي الطرفين وعدم حضورهما.
وبعد المداولة طبقا للقانون:
من حيث الشكل:
حيث إن طلب النقض قدم على الصفة وداخل أجله القانوني فهومقبول شكلا. *
ومن حيث الموضوع:
حيث يستفاد من وثائق الملف ومن الحكم المطعون فيه (الصادر من إقليمية فاس في 25 يونيه 1974 عدد: 19799 في الملف عدد 34896 ) أنه بتاريخ 27/7/1972 تقدم المدعون الخمار بن التهامي ابن الجيلالي العيساوي – وعبد الكريم بن الحسين بن عمر النسب – وبوشتى بن الجيلالي بن المقدم على النسب وميلود بن عبد السلام شنشان بمقال لسددية القرية سجل تحت عدد 1627 جاء فيه بان المدعى عليه ميمون بن البشير البركاني اشترى من شركائهم واجبهم على الشياع في بلاد غريب العوامر للشرفاء الوزانيين الذين كانوا اشتروا فيه حصصا بعد إخراج الثمن على الشياع في القطع المبنية بأسمائها وحدودها بالمقال وأن المدعى عليه تعامل مع الحاج التهامي الوزاني في واجبه في العزيب المذكور وحاز الواجب منه يتصرف فيه ولا يدرون وجه المعاملة طالبين من المدعى عليه إحضار رسوم اشتريته ليعلم منها المبيع من شركائهم، ومن الحاج التهامي ليعلم منه حقيقة المعاملة ويأخذون بالشفعة بشرط اليمين على صحة المعاملة، وأجاب المدعى عليه عن الشراء بالإقرار وعن الشركة بالإنكار وأنه اشترى بالهكتار خمسة عشر هكتارا تقريبا تعرض جوابه على المدعيين فتمسكوا بما في مقالهم، فكلفوا بإثبات الشركة كما كلف المدعى عليه بإحضار رسم شرائه.
واعتمادا على تخلف المدعى عليه عن الحضور رغم استدعائه وتوصله حكم عليه غيابيا بما في المقال، وتعرض عليه المدعى عليه.
وقالت المحكمة حيث بنى وكيل المتعرض قاسم الصافي تعرضه على إقرار الشراء وإنكار الشركة والشياع، وحيث كلف محامي المتعرض ضده الأستاذ القادري بإحضار ثبوت الشركة فأدلى بنسخة شراء، وحيث عرض على وكيل المتعرض فلاحظ بأنه لا يفيد ما دام منوبه ينكر الشركة والشياع وهومجرد والتمس البت في القضية، وحيث كلف محامي المتعرض عليه بإحضار ثبوت الشركة، فلم يدل بشيء واسند النظر وحيث أن الشفعة لا يستحقها طالبها إلا عند توفر المقتضى وانتفاء المانع ومن مشمولات المقتضى ثبوت الشركة والشياع والشراء، وحيث أن الشراء ثبت ولم تثبت الشركة الأمر الذي يجعل الحكم الغيابي غير مبني على أساس قانوني ويتعين إلغاؤه.
أصدرت المحكمة حكمها أولا فيما يخص الشكل تصرح بقبول التعرض ثانيا في الجوهر تحكم بقبول التعرض وإلغاء الحكم الغيابي.
وطلب المدعون استئنافه وأدلى الأستاذ ابن جلون التويمي والأستاذ الحسن الجاي بعريضة منوبيهم ضمنوها أن منوبيهم طلبوا أجلا لإحضار الشركة لكن المحكمة أصدرت حكمها دون تعليل فرفض طلبهم، وأدلى بلفيف عدد: 341 مستفسر بعدد 486 تضمن معرفة الشريفين سيدي التهامي ابن الطيب الوزاني وشقيقه سيدي محمد معرفة تامة ويشهدون بتملكهما لجميع واجبهما وقدره لكل واحد جزءان من أجزاء تسعة بعد إخراج نصف الثمن في العزيب المعروف بعزيب العوامر المشتمل على قطعة مذكورة ومحدودة بها مساحة الواجبين ثلاثون هكتارا تقريبا إرثا لهما من والدهما على الشركة الشائعة بينهما بشروط الملك إلى أن فوت سيدي محمد واجبه للسيدة رحمة بنت مولاي علي الوزاني المعروفة لديهم وبقيت تتصرف مع سيدي التهامي المذكور على وجه الشركة المشاعة بينهم إلى أن فوتت رحمة واجبها لجماعة دوار العوامر الذين منهم طالب الشهادة ومنوبوه وبقي المشترون يتصرفون مع الحاج التهامي على الشياع إلى أن فوت واجبه الباقي على ملكه بالبيع للسيد ميمون بن البشير ولا يعلمون أن قسمة وقعت بينهم في القطع المذكورة بسند المخالطة والمجاورة ومعاينة التصرف على الوجه المذكور.
وأجاب وكيل المستأنف عليه الأستاذ بنيس بأن المستأنفين صرحوا في مذكرتهم بأنهم رفعوا دعوى بسددية تيسة يطلبون فيها استحقاقهم للشفعة وبما أن منوبه لا يسكن بتيسة ولا بلاد له بها وأن استئنافهم لا علاقة له بالمنوب عنه طالبا إلغاء استئنافهم، وعقب عليه الأستاذ الجاي بأن ذكر تيسة بدل القرية خطأ مادي فقط سيما وأن مذكرة بيان وجه الاستئناف ورد فيها تحت عنوان موضوع الاستئناف للحكم الصادر من سددية القرية طالبا الحكم لمنوبيه بأقصى ما في مذكرة استئنافهم ورد عليه وكيل المستأنف عليه بأن الحكم الصادر من سددية القرية يجب إلغاؤه شكلا وجوهرا لأسباب خمسة: أولا أن المدعين خمسة والمستأنفون أربعة ينقصهم عبد الله بن محمد شنشان وأيضا فإن الثالث منهم عبد الكريم بن الحسين سمى نفسه بهذا الاسم في الادعاء وفي الرسم 341 يسمي نفسه بعبد الكريم بن الحسين بن احمد، ثانيا أن المدعين صرحوا بأن المدعى عليه اشترى من شركائهم ولم يبين الإشراك ثالثا: صرحوا بأن المدعى عليه تعامل مع الحاج التهامي ولم يبينوا وجه المعاملة، رابعا: أن الرسم المدلى به لثبوت الشركة لا ذكر فيه لعبد الله شنشان كمشتر وهوتناقض بين المقال والحجة، خامسا: الرسم عدد 341 لم يبين جميع المدعين على ادعائهم إلى أن فوتوا، ورد عليه وكيل المستأنفين ولخص رده في نقط خمسة أولا بأنه وقع غلط مادي في بيان اسم عبد الله بن محمد في الورقة التي طلب فيها منوبوه الاستئناف ووقع تداركه في بيان وجه الاستئناف ولا يتصور بأن نسيان اسم عبدالله يجعل الاستئناف غير مقبول شكلا سيما وأن الحكم لم يبلغ لمنوبيه مما يجعل الاستئناف مفتوحا أمامهم وأن اسم عبد الكريم بن الحسين بن عمر هونفسه عبد الكريم بن الحسين بن احمد بن عمر وأن العبرة بالاسم الشخصي ووالده ونسبه، ثانيا أن مقال منوبيه واضح ولا جهل فيه لأنه يتعلق بطلب الشفعة في الشياع ثالثا: أنه لا يوجد احتمال في دعواهم، رابعا: أن المدلى به أثبت ما أنكره المدعى عليه من وجود الشياع، خامسا: أن الرسم أثبت شراء المدعى عليه، وعارضه وكيل المستأنف عليه بعدم تسليم ما ذكره الرسم المدلى به عدد: 341 يعتبر تاما ومستوفيا لشروط الإثبات ويبدون استعدادهم لرفع أي إجمال فيه إذا ارتأت المحكمة ذلك وتمسك بدفوعاته السابقة طالبا الحكم لفائدتهم بأقصى ما في عريضتهم الاستئنافية.
وبعد إسناد وكيل المستأنف عليه النظر للمحكمة وتخلف نائب المستأنفين رغم استدعائه وتوصله وصدور قرار بالتخلي وإحالة القضية على المداولة.
قالت المحكمة حيث كلف نائب المستأنفين بإحضار الشراء المطلوب شفعته وبعد انصرام الأجل لم يحضر شيئا وأجاب بأن اللفيف المدلى به فيه ما يكفي عن كل إثبات وحيث أن ما شهد به اللفيف من تصرف الحاج التهامي الوزاني مع المدعين إلى أن باع واجبه للمدعى عليه المطلوب منه الشفعة لا يكفي لما نقله العلامة الوزاني في حاشيته على التاودى شارح التحفة عن ابن فرحون أن الشفيع إذا طلب المتاع بالشفعة لم يقض له حتى يثبت عنده البيع والشركة ويعتبر المبتاع بالابتياع على الإشاعة ولا يحكم بإقرار المشتري والبائع حتى يثبت عنده البيع وحيث ثبتت الشركة ولم يحضر المدعون رسم شراء المطلوب شفعته وحيث أن حيثيات القاضي تفيد عدم استحقاق الشفعة وإن لم يصرح بها في حكمه.
أصدرت المحكمة حكمها بعدم استحقاق المدعين للشفعة التي يطلبونها من المدعى عليه في المدعى فيه تصحيحا لحكم القاضي.
وعاب الطالبون على الحكم المذكور بواسطة وكيلهم العدلي الحاج ادريس بن سليمان بفاس للأسباب الآتية المبينة بعريضته المؤرخة ب 11 أكتوبر1974 والتي أجاب عنها المطلوب في النقض بواسطة وكيله العدلي الحاج محمد بن الحاج المكي بنيس بفاس بمذكرة جوابه المؤرخة في 14 أبريل 1975 ملتمسا فيها رفض الطلب.
السبب الأول أن الحكم المطلوب نقضه سلم أن الحجة عدد:341 المستفسرة بعدد 486 كافية في ثبوت شركة المدعين في المطلوب شفعته ولم يعتبرها كافية في ثبوت الشراء فقط.
السبب الثاني لما وقع الحكم على وكيل المستأنفين بإحضار رسم الشراء أجلب بأن الحجة التي أدلى بها تعتبر كافية في كل إثبات وبأن المستأنفين يبدون استعدادهم لرفع أي احتمال في تلك الحجة إذا ارتأت المحكمة ذلك وهنا كان يجب على القاضي المقرر أن يبين لوكيل المستأنفين وجه عدم حجية الموجب عدد 341 في إثبات الشراء وما عسى أن يكون فيه من إجمال ليرفعه المستأنفون سيما وقد طلب وكيلهم صراحة ذلك من القاضي فلم يجبه إليه الشيء الذي أخل بسببه بأبسط قواعد المرافعات.
السبب الثالث أن المدعى عليه لما أقر بالشراء وثبتت شركة المدعى صار المطالب شرعا لإثبات الشراء هوالمشتري ففي تبصره أبى فرحون من الجزء الأول باللفظ إذا قام الشفيع بطلب الأخذ بالشفعة ورفع ذلك للحاكم حكم له بالحكم من المستشفع منه بعد ثبوت ملكيتهما وثبوت الشراء وثبوت غيبة المبتاع إن كان غائبا وترجى الحجة له وقوله بعد ثبوت ملكيتهما يعني أن القائم بالشفعة يلزمه أن يثبت ملكيته للحصة التي يريد أخذها بالشفعة ويثبت المبتاع الشراء من شريك القائم بالشفعة انتهى فانظر قوله ويثبت المبتاع الشراء فهوصريح في بطلان حكم القاضي بإثبات الشراء على طالبي الشفعة.
لكن ففيما يتعلق بما استدل به الطاعن في السببين الثاني والثالث:
بناء على مقتضيات الفصل 359 من قانون المسطرة المدنية.
حيث إن ما أثاره الطاعنون في السببين المذكورين وجيه، ذلك أن إقرار المشترى بالشراء وعدم إدلائه برسمه غير موجب لإلغاء دعوى المدعين طالبي الشفعة اعتمادا على ما نص عليه قانون المسطرة المدنية من أن من مست حقوقه له الحق في الدفاع عن مصالحه بتقديم دعوى تعرض الخارج عن الخصومة أوبدعوى التدخل الاختياري اعتبارا للمبدأ القانوني من أن حجية الأحكام هي بالنسبة للطرفين المتنازعين دون من لم يكن طرفا فيها، وبذلك تنتفي العلة التي انبنى عليها القول بأنه لا يحكم بين اثنين في مال ثالث قبل سماع ما عنده، أما المدعى عليه المعترف بالشراء فيؤاخذ باعترافه وتترتب الآثار فيما بينه وبين المعترف له بفتح الراء، الأمر الذي اتضح معه أن الحكم ناقص التعليل ومعرضا للنقض.
لذلك ومن أجله
قضى المجلس الأعلى بنقض الحكم الصادر عن إقليمية فاس في 25 يونيه 1974 تحت عدد 19799 في الملف عدد 34896 وإحالة القضية وطرفيها على نفس المحكمة للبت فيها طبق القانون وتحمل المطلوب في النقض بالصائر.
كما قرر إثبات حكمه هذا في سجلات المحكمة المصدرة له إثر الحكم المطعون فيه أوبطرته.
وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بساحة الجولان بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس السيد محمد بنونة، والمستشارين السادة: عبد الله بنخضراء – مقررا – محمد حجي، الزبير الحسني، محمد عجرود، وبمحضر المحامي العام السيد محمد حكم وكاتب الضبط السيد عبد الرحيم اليوسفي.