قراءة في قرار المجلس الدستوري حول حق المحامي في الحصول على نسخ من محاضر و إجراءات التحقيق – عبد الرحمان اللمتوني دكتور في الحقوق

قراءة في قرار المجلس الدستوري حول حق المحامي في الحصول على نسخ من محاضر و إجراءات التحقيق – عبد الرحمان اللمتوني دكتور في الحقوق

المجلس الدستوري

قراءة في قرار المجلس الدستوري حول  حق المحامي في الحصول على نسخ من محاضر و إجراءات التحقيق –

 عبد الرحمان اللمتوني  دكتور في الحقوق

ينظم القانون رقم 129.01 القاضي بتغيير المادة 139 من قانون المسطرة الجنائية حق الدفاع في الحصول
على نسخ من وثائق ملف التحقيق، وهو بذلك يندرج في سياق التطور الحقوقي الذي تعرفه بلادنا
سيما بعد صدور دستور المملكة لسنة 2011.

من أجل الإحاطة بالغاية من سن هذا القانون والمستجدات التي جاء بها ومدى ملاءمتها للدستور خاصة في الشق المتعلق بحقوق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة، يتعين تحليل أحكام المادة 139 من قانون المسطرة الجنائية في صيغتها الحالية، وما واكبها من تفسيرات قضائية، مروراً بالتعديل الذي جاء به القانون رقم 129.01، وانتهاء بقراءة في قرار المجلس الدستوري الصادر في الموضوع.

أولا : حق المحامي في الحصول على نسخ من وثائق ملف التحقيق في ظل الصيغة الحالية للمادة 139 من قانون المسطرة الجنائية :

تنص المادة 139 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الثالثة على أنه : (يجب أن يوضع ملف القضية رهن إشارة محامي المتهم قبل كل استنطاق بيوم واحد على الأقل).
والملاحظ أن الصيغة الحالية  لنص المادة 139 المذكورة، تقيد حقوق الدفاع وتحول دون ممارستها بكيفية سليمة تحقق الغاية المرجوة منها وذلك من جانبين :
فمن جهة تنص على وضع الملف رهن إشارة المحامي، وهو ما يعني حقه في الاطلاع فقط دون تسلم نسخ من وثائق الملف خلال فترة التحقيق بكاملها وبالنسبة إلى جميع القضايا بدون استثناء.
ومن جهة أخرى فإن المدة الفاصلة بين تاريخي الاطلاع على الملف واستنطاق المتهم، قد تتقلص لتصبح يوماً واحداً، وهي بذلك مدة غير كافية لإعداد الدفاع.
وإذا كان ما جرى عليه العمل بالمحاكم هو عدم التقيد بهذه المقتضيات، إلا أنه في بعض قضايا الإرهاب وجرائم الأموال بكل من محكمتي الاستئناف بالرباط والدار البيضاء، تم الأخذ بحرفية النص، بحيث حصر حق الدفاع في الاطلاع على ملف القضية دون أخد صور لوثائقه، وهو ما زكاه قضاء محكمة النقض : (قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ 11 يوليوز 2007 تحت عدد 1817/3 في الملف الجنحي عدد 6638/6/3/07 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 68 صفحة 355.
ثانياً : حق المحامي في الحصول على نسخ من وثائق ملف التحقيق في ظل القانون رقم 129.01:
بالنظر إلى ما أثاره هذا التفسير من نقاش قانوني وحقوقي، سيما في الشق المتعلق باحترام حقوق الدفاع وتعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة، التي من ضمنها تمتيع كل شخص بالحق في العلم بجميع أدلة الإثبات القائمة ضده ومناقشتها، تقدم فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب بمقترح قانون يقضي بتغيير المادة 139 المذكورة، وذلك بالتنصيص على حق الدفاع في الحصول على نسخ ووثائق ملف التحقيق. وإثر ذلك تقدمت الحكومة بتعديل على المقترح المذكور بغية خلق نوع من التوازن بين حقوق الدفاع وحسن سير إجراءات التحقيق، وفق التفصيل التالي :
مقترح فريق العدالة و التنمية :
تقدم فريق العدالة والتنمية بمقترح لتعديل المادة 139 وفق الصيغة التالية : “لا يجوز سماع المتهم والطرف المدني … وأثبت ذلك في المحضر.
يحق لكل من محامي المتهم والطرف المدني أن يطلعا على جميع محتويات الملف والحصول على نسخ من وثائقه على نفقتهما.
يمكن للنيابة العامة أن تقدم ما تراه ملائما من ملتمسات.
(الباقي بدون تعديل).”
والملاحظ أن هذه الصيغة، توفر ضمانات كافية لممارسة حقوق الدفاع على الوجه المطلوب، بتمكين الدفاع من الاطلاع على ملف التحقيق وأخذ نسخ من وثائقه، غير أنها لا توفر ما يقتضيه حسن سير التحقيق وضمان كشف الجريمة والمجرمين وتحقيق الأمن، سيما في الجرائم الخطيرة.
التعديل الذي تقدمت به الحكومة على مقترح القانون :
تقدمت الحكومة بتعديل للمادة 139 يروم من جهة صون حقوق الدفاع ومن جهة أخرى يضمن حسن سير إجراءات التحقيق وتوفير الأمن، وذلك وفق الصيغة التالية :
‘’لا يجوز سماع … مؤازرة الدفاع.
يستدعى المحامي قبل كل استنطاق بعشرة أيام على الأقل إما برسالة مضمونة أو بإشعار يسلم إليه مقابل وصل، ما لم يكن قد تم إشعاره في جلسة سابقة للتحقيق وأثبت ذلك في المحضر.
يجب أن يوضع ملف القضية رهن إشارة محامي المتهم ومحامي الطرف المدني، قبل كل استنطاق.
يمكن للنيابة العامة … ملائماً من ملتمسات.
يمكن لكل من محامي المتهم و محامي الطرف المدني الحصول على نفقتهما على نسخة من محضر الشرطة القضائية وباقي وثائق الملف. غير أنه يمكن لقاضي التحقيق تلقائياً أو بناءً على ملتمسات النيابة العامة، أن يأمر بعدم تسليم نسخة من المحضر أو باقي وثائق الملف كلياً أو جزئياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك، متى تعلق الأمر بالجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من هذا القانون أو بجرائم الرشوة أو استغلال النفوذ أو الاختلاس أو التبديد أو الغدر أو غسيل الأموال.

بقلم:   عبد الرحمان اللمتوني, دكتور في الحقوق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *