( الغرفة التجارية – القسم الأول بالمجلس الأعلى – ملف تجاري عدد 2064/1/4/1996)
القاعدة
المطبوع الذي يهيئه البنك ويكون ملحقا بعقد فتح الحساب الجاري إذا لم يكن موقعا من طرفيه فلا يصلح أساس لاستخراج اتفاق الطرفين على التحكيم، ولا يعتبر إيجابا من البنك يسمح للزبون باللجوء إلى التحكيم وبالتالي فإن العقد الموقع من الطرفين هو وحد الذي يصلح لاستخراج ما اتفق عليه الطرفين من إجراءات في حال نشوب نزاع بينهما حول العقد.
باسم جلالة الملك
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من وثائق الملف و من القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالبيضاء بتاريخ 18/1/1996 في الملف عدد 1177/95 أن المطلوب… تقدم بمقال مفاده أنه كان يتوفر على حساب لدى الطالب بنك …. وكالة 11 يناير بالبيضاء إلى أن قرر إقفاله بموجب رسالة مضمونة بعث بها إلى المؤسسة البنكية المذكورة بتاريخ 8/8/1994 بسبب عدم إدماج قيمة شيكين دفعهما للاستخلاص بتاريخ 16/3/1994 الأول يحمل مبلغ 81.100 فرنك سويسري و الثاني يحمل مبلغ 2.060.000 درهم أقر البنك فيما بعد أنهما مفقودان، و استنادا الى الفصل 9 من اتفاقية الحساب الجاري التي يتعامل بها بنك … مع زبنائه لجأ العارض إلى مسطرة التحكيم حيث عين بموجب نفس الرسالة المضمونة الحاملة لتاريخ 8/8/1994 حكمه في شخص الخبير ….، و بعد مراسلة هذا الأخير للمدعى عليه أجابه بأن الشيكين يعتبران كمفقودين و أنه في نظره لم يعد أي مبرر لتعيين الحكم الذي ينوب عنه و بذلك يكون البنك قد رفض التحكيم، و أمام هذا الرفض التجأ العارض إلى السيد رئيس المحكمة الابتدائية بالبيضاء في إطار ما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية من الفصل التاسع من شرط التحكيم التمس منه تعيين حكم لينوب عن بنك … فعين السيد رئيس المحكمة الابتدائية بتاريخ 21/11/1994 الأستاذ النقيب … ليقوم بمهمة التحكيم إلى جانب … و بعد مناقشة القضية أمام هيئة التحكيم في عدة جلسات أصدرت حكمها بتاريخ 21/2/1995 و التمس إعطاء الصيغة التنفيذية للحكم التحكمي المذكور فأصدر السيد رئيس المحكمة الابتدائية أمرا وفق الطلب أيدته محكمة الاستئناف.
حيث ينعي الطاعن على القرار المطعون فيه خرق الفصول 230-461 من ق.ل.ع. و 345 من ق.م.م. و انعدام التعليل و عدم الارتكاز على أساس قانوني ذلك أن محكمة الاستئناف اعتبرت أنه يجوز للأستاذ … سلوك طريقة التحكيم و الحال أن عقد فتح الحساب الجاري الموقع من طرفه بتاريخ 22/1/1980 يتضمن شرطا تعاقديا صريحا يفيد اتفاق الطرفين على تخويل الاختصاص لمحاكم الدار البيضاء و حدها للبت في أي نزاع و هو شرط يلزمهما طبقا للفصل 230 من ق.ل.ع كما أن الفصل 461 من نفس القانون صريح في أنه كلما تكون ألفاظ العقد صريحة امتنع البحث عن قصد صاحبها و يمنع تأويل الشرط التعاقدي لما يكون صريحا، و العارض و المطلوب اتفقا على تخويل الاختصاص في البت في أي نزاع ينشب بينهما بخصوص الحساب الجاري للمحاكم الموجودة بالدار البيضاء و استبعد إمكانية اللجوء إلى طريق آخر كالتحكيم، و من ثم لا يجوز للمطلوب أن يبتكر بصفة انفرادية لما سبق أن تعهد في العقد منذ 22/1/1980 ، و هذا الشرط التعاقدي جاء صريحا ، و محكمة الاستئناف أولته و اعتبرت مطبوع النموذج المدلى به من طرف المطلوب يخوله حق اللجوء إلى التحكيم و يعتبر بمثابة إيجاب صادر عن بنك … و الحال أن الفصل 461 من قانون الالتزامات و العقود يعتبر أنه إذا كانت ألفاظ العقد صريحة امتنع البحث عن قصد صاحبها و الطاعن أثار هذه الدفوع في الطور الاستئنافي دون أن يجيب عنها القرار المطعون فيه كما أنه يشكل خرقا للفصلين 230 و 461 من ق.ل.ع. و مشوبا بانعدام التعليل و عدم كفايته الموازي لانعدامه و معرضا للنقض.
حيث أنه بمقتضى الفصل 230 من ق.ل.ع. “فان الالتزامات المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها و لا يجوز إلغاؤها أو تعديلها إلا برضاهما المشترك أو بالطريقة التي يحددها القانون” و المطلوب لا ينازع في العقد المؤرخ في 22/1/1980 الموقع من طرفه يثبت فتح حساب جار لدى الطالب، و هذا العقد تضمن في فقرته ما قبل الأخيرة بندا فاده موافقة طرفيه على إسناد الاختصاص لمحاكم الدار البيضاء و الطاعن تمسك بهذا الدفع أمام محكمة الاستئناف إلا أنها ردته بعلة ” أن بنك … بإعداده للمطبوع ووضعه رهن إشارة زبائنه كانت رغبته منصرفة إلى التقاضي في حالة نشوب نزاع مع زبائنه بواسطة التحكيم، و أن المطبوعات الصادرة عن البنك تعتبر إيجابا منه للزبناء متى تضمنت عناصر التعاقد تفصيلا و يكون رضا الزبون غالبا بمجرد الموافقة على النموذج الذي يحرره البنك، و أن المستأنف عليه بسلوكه مسطرة التحكيم يكون قد استجاب لإرادة البنك و عبر عن قبوله الصريح بما جاء في المطبوع ” مع أن المطبوع المعتمد من القرار ذو طابع عام و غير موقع عليه من الطرفين، ولا يصمد في الإثبات أمام العقد الخاص المؤرخ في 22/1/1980 المبرم بين الطالب و المطلوب و غير المنازع فيه بمقبول و الذي أسند الاختصاص فيما ينشب بين طرفيه لمحاكم الدار البيضاء، و لم تتحدث مقتضياته على التحكيم المعتبر شريعة المتعاقدين، و هي بمنحاها تكون قد أولت العقد صريح العبارة الذي يمنع الفصل 461 من ق.ل.ع. تأويله فخرقت مقتضيات الفصلين 231 و 461 من ق.ل.ع. و بنت قرارها على أساس غير سليم و عرضة للنقض.