عقد البيع أثره في مواجهة الغير – التسجيل في القانون المدني – معناه

عقد البيع أثره في مواجهة الغير – التسجيل في القانون المدني – معناه

قضاء

 عدد 8/11 الصادر بتاريخ 2014/01/07

في الملف رقم 2013/8/1/3440

القاعدة:

أثر التسجيل المنصوص عليه في الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود ينصرف إلى إضفاء الحجية على تاريخ التصرف وهو ما يؤكده الفصل 126 من المدونة العامة للضرائب الذي يرتب على القيام به فقط اكتساب الاتفاقات العرفية تاريخا ثابتا، وهو المقتضى الذي يرتبه أيضا الفصل 425 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن المحررات العرفية تعتبر دليلا على تاريخها في مواجهة الغير من يوم التأشير أو المصادقة على الورقة من طرف موظف مأذون له بذلك.

في حال توالي البيوع من نفس البائع فإن العبرة تكون للبيع الأسبق تاريخا.

الأساس القانوني

الفصل 489

إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا، وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ. ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون.

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

بناء على المقال المرفوع بتاريخ 19/06/2013 من الطالب أعلاه بواسطة نائبه المذكور والرامي إلى نقض القرار عدد 54 الصادر عن محكمة الاستئناف بتطوان بتاريخ 25/03/2013 في الملف رقم 212/1403/2012، والمرفق بمحضر استجواب وبالحكم الابتدائي عدد 758 مكرر في الملف رقم 323/08/7

وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها من المطلوب بتاريخ 25/10/2013 بواسطة نائبه المذكور والرامية إلى رفض الطلب؛

وبناء على المستندات المدلى بها في الملف؛

وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 02/12/2013 وتبليغه؛

وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 07/01/2014؛

وبناء على المناداة على الطرفين و من ينوب عنهما وعدم حضورهم؛

وبعد تلاوة المستشار المقرر السيد جمال السنوسي لتقريره والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد رشيد صدوق؛

وبعد المداولة طبقا للقانون

حيث يستفاد من مستندات الملف، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بتاريخ 09/05/2007 بالمحافظة العقارية بتطوان تحت عدد 21371/19 طلب زهير العلمي اخريف تحفيظ الملك المسمى ”العلمي” وهو عبارة عن أرض عارية تقع بشارع 9 أبريل تطوان بالمحل المدعو تجزئة بن عزيز المصلى، والمحددة مساحته في آراين اثنين و34 سنتيارا، بصفته مالكا له بالشراء عدد 207 المؤرخ في 25/12/2006 من البائع له الحاج عبد الواحد عبد السلام بن عزيز والذي أشير فيه إلى أنه كان يتملكه بالشراء المؤرخ في 01/06/1990 من البائع له عبد السلام بن الحاج محمد بركة أصالة عن نفسه ونيابة عن أشقائه خالد وعبد اللطيف ونزعة وسلامة حسب رفع الرسم على شكل المضمن بعدد 190 بتاريخ 05/09/2006.

وبتاريخ 16/01/2008 سجل المحافظ بالكناش 13 تحت عدد 1199 التعرض الصادر عن نعيمة الحرش والذي أصبح  حسب التقييد الهامشي المسجل بتاريخ 14/05/2008 كناش 14 عدد 189 تعرضا كليا قصد المطالبة بكافة الملك المذكور لتملكها له بالشراء العرفي من نفس البائع لطالب التحفيظ المصادق على صحة إمضائه من البائع بتاريخ 23/09/2002 ومنها بتاريخ 01/10/2002.

وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بتطوان وإجرائها خبرة بواسطة الخبير بناصر التاغي أسفرت عن انطباق رسمي شراء الطرفين معا مع اختلاف في المساحة بالنسبة لشراء المتعرضة، وبعد إدلاء هذه الأخيرة بنسخة من عقد شرائها مؤداة عنه رسوم التسجيل بتاريخ 24/03/2009، وإدلاء طالب التحفيظ بإشهاد من البائع مصادق عليه بتاريخ 19/07/2009 يفيد عدم سبقه بيع العقار لأحد بعد البيع الذي أجراه لطالب التحفيظ، أصدرت المحكمة بتاريخ 01/12/2010 حكمها عدد 217 في الملف رقم 14/08/10 بعدم صحة التعرض المذكور. فاستأنفته المتعرضة ، وبعد إدلاء المستأنف عليه بنسخة لمقال طلب الزور الفرعي مقدم من البائع للمستأنفة في الملف رقم 323/08/7 ومحضر إثبات حال للعقار المدعى فيه، وإدلاء المستأنفة برسم ثبوت الحيازة والتصرف عدد 332 المؤرخ في 31/01/2011 يشهد شهوده بثبوت حيازتها وتصرفها في المدعى فيه منذ تسع سنوات مضت عن تاريخه ومحضر إثبات حال عدد 168/09/21 يفيد أن البائع لها لم يوقع في سجل تصحيح الإمضاءات لكونه يتوفر على بطاقة التوقيع مودعة لدى المصلحة المختصة تعفيه من الحضور لديها، قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف وذلك بمقتضى قرارها عدد 86 الصادر بتاريخ 05/12/2011 في الملف رقم 22/1403/2011 والذي نقضته محكمة النقض بسبب أثير تلقائيا من طرفها يتعلق بخرق القرار لمقتضيات الفصل 345 من قانون المسطرة المدنية لكونه صدر عن هيئة مشكلة من عضوين فقط، وأحالت الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى، وذلك بقرارها عدد 4008 الصادر بتاريخ 18/09/2012 في الملف رقم 813/1/1/2012.

وبعد الإحالة، قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعد التصدي حكمت بصحة التعرض   وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنف عليه بوسيلتين.

حيث يعيب الطاعن القرار في الوسيلة الأولى بخرق القانون، ذلك أن الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود ينص على أنه إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون. إلا أن القرار اعتمد العقد العرفي المدلى به من المطلوبة المصادق عليه حسب ادعائها، إلا أن المصادقة عليه لم تتم بطريقة قانونية ، فالبائع المزعوم لها عند تقديم المطلوبة دعوى في مواجهته تقدم بطلب إثبات حال للاطلاع على الكناش المعد لتسجيل المصادقة على الإمضاءات، وقد أكد المفوض القضائي في محضره أنه لا وجدود لتوقيع العقد العرفي، وبالتالي فالمصادقة تمت بصفة غير قانونية لأن كل العقود المصادق عليها لا بد من تضمينها في سجل الإمضاءات، وأنه قد أشير في القرار المطعون فيه أن العبرة بتاريخ المصادقة على العقد وليس بتاريخ تسجيله والحال أن العكس هو الصحيح لأن العقد العرفي المتعلق ببيع العقار غير المحفظ لا يكون له أثر إلا بعد تسجيله لدى مصلحة التسجيل والتمبر وبالنسبة للعقار المحفظ لا يكون له أثر إلا بعد تسجيله في الرسم العقاري، وأنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه، فإن المطلوبة تتشبث بالحيازة، والحال أن السياج الذي أقامته شرع العمل فيه بعد عرض القضية على المحكمة وقد أدلى الطالب بمحضر إثبات الحال، كما قامت بحفر بئر، وعند شروعها في ذلك تقدم أيضا بطلب إثبات حال وأدلى بمحضر في الموضوع، كما حاولت إثبات الحيازة بغرس أشجار كانت هي الأخرى محل إثبات حال، وأن هذه الأخيرة سبق لها أن تقدمت بدعوى في مواجهة البائع المزعوم السيد عبد الواحد بن عزيز بتاريخ 31/03/2009 التمست فيها الحكم عليه بأن يسلمها القطعتين الأرضيتين إحداهما هي القطعة الأرضية محل النزاع الشيء الذي يدل على عدم حيازتها للقطعة المدعى فيها وقضت المحكمة برفض الدعوى.

ويعيبه في الوسيلة الثانية بنقصان التعليل، ذلك أنه أدلى بإشهاد مصادق عليه محرر من طرف البائع له شهد فيه بأنه لم يسبق له أن باع القطعة الأرضية للمطلوبة، غير أن المحكمة لم تشر إلى هذه الوثيقة لا سلبا ولا إيجابا، وأنه طلب من المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه الوقوف على عين المكان والإطلاع على الحجج وإجراء بحث بمكتب المستشار المقرر إلا أنها لم ترد عليه، وأن نفس الملتمس تقدم به دفاع المطلوبة غير أن المحكمة لم تشر إليه كذلك، كما أن القرار خالف قاعدة الترجيح بين الحجج إذ اعتبر أن العقد العرفي المدلى به من المطلوبة مرجح على الرسم العدلي المدلى به من طرفه، والحال أن حجته محررة من طرف عدلين ومؤدى عنه رسوم التسجيل بينما العقد العرفي المدلى به من المطلوبة لم يسجل أثناء التحرير وتسجيله لم يتم إلا أثناء عرض النزاع على المحكمة ، إضافة إلى أن البائع شهد بعدم البيع لها، وأنها زعمت أنها حائزة إلا أن وضع يدها لم يتم إلا بعد عرض النزاع على المحكمة إذ سبق أن تقدمت بدعوى ضد البائع لها من أجل تسليمها المبيع فانتهت برفض الطلب.

 لكن؛ ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما، وخلافا لما جاء فيهما، فإن شراء المطلوبة موقع من البائع لها ومصادق عليه أمام المصلحة المختصة، إذ يتجلى من محضر إثبات حال المنجز في الملف رقم 168/09/21 أن عدم توقيع البائع المذكور في سجل تصحيح الإمضاءات مرده إعفاؤه من الحضور لدى المصلحة التي تمسك السجل المذكور بحكم توفره على بطاقة التوقيع المودعة من طرفه لديها، وبالتالي فإن الإشهاد الصادر منه للطاعن، فضلا عن تعلقه  بالفترة ما بعد البيع له، فإنه لا أثر له على صحة البيع الصادر أولا للمطلوبة، وأنه طبقا للفصل 424 من قانون الالتزامات والعقود فإن الورقة العرفية المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها، وأن أثر التسجيل المنصوص عليه في الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود المحتج بخرقه، إنما ينصرف إلى إضفاء الحجية على تاريخ التصرف وهو ما يؤكده الفصل 126 من المدونة العامة للضرائب الذي يرتب على القيام به فقط اكتساب الاتفاقات العرفية تاريخا ثابتا، وهو المقتضى الذي يرتبه أيضا الفصل 425 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن المحررات العرفية تعتبر دليلا على تاريخها في مواجهة الغير من يوم التأشير أو المصادقة على الورقة من طرف موظف مأذون له بذلك ، وهو ما تم بالنسبة لشراء المطلوبة إذ صادق عليه الطرفان على التوالي بتاريخ 23/09/2002 بالنسبة للبائع وبتاريخ 01/10/2002 بالنسبة للمشترية. وأن إجراء المحكمة معاينة أو بحثا لا تقوم به إلا إذا كان ضروريا للفصل في النزاع، وأنه في حال توالي البيوع من نفس البائع فإن العبرة إنما تكون فقط للتصرف الأسبق تاريخا، وأن المحكمة غير ملزمة بتتبع الأطراف في جميع مناحي أقوالهم التي لا تأثير لها على قضائها، ولذلك ولما لها من سلطة في تقييم الأدلة واستخلاص قضائها منها فإنها حين عللت قرارها بأن المستأنفة أسست تعرضها على عقد شراء عرفي موقع من طرفيه ومصادق على صحة التوقيع لدى المصالح المختصة مما يعد عقدا صحيحا مثله مثل العقد الرسمي ولا تقتصر حجيته على  طرفي العقد فقط وإنما تمتد إلى الغير بخصوص تاريخ إنشائه ما دام قد تمت المصادقة والتأشير على صحة التوقيع من طرف موظف مأذون له بذلك طبقا للفقرة الرابعة من الفصل 425 من قانون الالتزامات والعقود، ومن ثم يكون تاريخ إبرام العقد العرفي المصادق على صحة توقيعه والمتمسك به من المستأنفة مؤرخا سنة 2002 وبالتالي حجة في مواجهة المستأنف عليه الذي أبرم العقد مع نفس البائع للمستأنفة سنة 2007، وأن الثابت من تقرير الخبرة المنجزة بالمرحلة الابتدائية أن رسم شراء المستأنفة والمستأنف عليه موضوعهما نفس القطعة المتنازع عليها موضوع مطلب التحفيظ 21371/19 مما يبقى معه شراء طالب التحفيظ والذي أبرم بعد شراء المستأنفة محله شراء ما لا يملكه البائع”. فإنه نتيجة لكل ذلك يكون القرار معللا وغير خارق للمقتضى المحتج به وباقي تعليلاته تعتبر زائدة يستقيم القرار بدونها والوسيلتان بالتالي غير جديرتين بالاعتبار.

لهذه الأسباب؛

قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطاعن الصائر.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: جمال السنوسي ـ مقررا. ومحمد دغبر ومحمد أمولود وأحمد دحمان أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد رشيد صدوق وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة كنزة البهجة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *