القرار عدد 2411
المؤرخ في : 25-06-2008
ملف مدني عدد 3089-1-1-2007
القاعــدة :
يعتبر التدليس واقعة مادية يمكن إثباته بجميع وسائل الإثبات لإقرار مسؤولية طالب التحفيظ في إطار الفصل 64 من ظهير التحفيظ العقاري.
إن إقرار مسؤولية المحافظ عن عدم القيام بالإجراءات الضرورية بعد التحديد لا يمنع من إقرار مسؤولية طالب التحفيظ إن ثبت تدليسهم.
إن تحفيظ عقار في ملك الغير بسوء نية على أساس أنها أرض عارية و الحال أن بها مسكن و بئر و إسطبل، و لم تقع الإشارة إليه في الرسم العقاري، يفيد قيام التدليس و موجب للتعويض، لأن طالب التحفيظ غنم أرضا ليست له.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، أن بوطاهر الحجوي تقدم نيابة عن المدعين الحجاوي شعيب والحجاوي شعيب مرزوق والحجاوي سعيد بمقال أمام المحكمة الابتدائية بطنجة بتاريخ 04-11-2003 عرض فيه أن اشترى لموكليه قطعة أرضية مساحتها 1400 م2 من البائع مولاي أحمد العلمي الريسوني موضوع الرسم الخليفي عدد 182 ومطلب التحفيظ عدد 16690/ط وأن المدعى عليهم محمد بوهريز، ومحمد العربي أحمدي، والشريف العلوي سيدي عمي اشتروا قطعة أرضية مساحتها سبعة هكتارات من البائع لهم الحسن النائب عن أحمد الريسوني، وأنهم باتفاق مع البائع لهم أنشأوا رسم إصلاح أضافوا فيه إلى القطعة المبيعة لهعم مساحة 14.000 م2 وضموا إليهم قطعة المدعين وقاموا بتحفيظها غفلة منهم وأصبحت الآن ذات الرسم العقاري عدد 61194/06، وأنه لكون عملية التحفيظ شابها تدليس لعدم استدعاء الجيران والمدعين منهم ولرسم إصلاح المساحة دون مبرر طالبين لذلك في إطار الفصل 64 من قانون التحفيظ العقاري الحكم اساسا بوجود تدليس، وانتداب خبير لتقويم قيمة الأرض وحفظ حقهم في الإدلاء بمستنتجاتهم بعد الخبرة.
وأجاب المدعى عليهم بأن الدعوى مقدمة ضد غير ذي صفة لأنه حتى على فرض وجود تدليس فإن مرتكبه يكون هو البائع لهم، وأنهم مشترون عن حسن نية، وأن المدعين سبق لهم أن تقدموا بتعرض ضد مطلب التحفيظ عدد 11690/06 وقضت المحكمة بعدم صحة تعرضهم ولازال هذا النزاع معروضا على محكمة الاستيناف، وبعد إجراء خبرة بواسطة الخبير العربي الشتوف بتاريخ 27-09-2004 أصدرت المحكمة بتاريخ 26-10-2004 حكمها تحت عدد 70 في الملف عدد 1373/03 قضت فيه بالتصريح بوجود تدليس في عملية التحفيظ بخصوص القطعة الأرضية ذات الرسم العقاري عدد 61194/06 والحكم على المدعى عليهم بأدائهم للمدعين مبلغ 00ر1.433.000 درهم مقابل تخليهم عن القطعة الأرضية موضوع النزاع. فاستانفه المدعى عليهم، وأيدته محكمة الاستيناف المذكورة بقرارها المطعون فيه بالنقض بوسيلتين.
فيما يتعلق بالوسيلة الأولى.
حيث يعيب الطاعنون القرار فيها بخرق الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية وذلك في أربعة فروع.
ففي الفرع الأول. فقد أثاروا أمام محكمة الموضوع بأن المطلوب ضده لا صفة له في الدعوى لكونه يتقاضى نيابة عن السادة الحجاوي شعيب والحجاوي شعيب مرزوق والحجاوي سعيد دون إدلائه بأية وكالة عنهم، وأن القرار رد هذا الدفع بكون المطلوب ضده النقض يستمد صفته من عقد الشراء المؤرخ في 30-09-1986 وأن لا مصلحة له في النازلة إلا ما هو لصالح موكليه. مع أن وكالة التقاضي هي وكالة خاصة والوكالات التي يتوفر عليها المطلوب تتعلق فقط بالبيع والشراء والدفع والقبض والإبراء والتوقيع على العقود.
وفي الفرع الثاني. فقد التمس الطاعنون عدم قبول الدعوى على أساس أن المرحوم أحمد الريسوني الذي باع للمطلوب ضده النقض القطعة الأرضية ذات المساحة 1700 م2 تبين أنه ليس هو المالك للعقار موضوع المطلب عدد 11690/ط والمستخرجة منه هذه القطعة. وأن المالكة هي السيدة ذرة الريسوني زوجة أحمد الريسوني والتي قامت بإلغاء الوكالة وعزلت هذا الأخير بتاريخ 21-03-1970 كما هو ثابت من الحكم الابتدائي عدد 18 الصادر في ملف التحفيظ العقاري عدد 10/99/16 وأن الطاعنين طلبوا من المحكمة إجراء بحث في الموضوع إلا أنها لم تستجب لذلك ولم ترد على هذا الدفع.
وفي الفرع الثالث. فإن الطاعنين التمسوا أيضا عدم قبول الدعوى لعدم أداء الرسوم القضائية عن المستنتجات بعد الخبرة، إلا أن المحكمة اعتبرت أن عدم أداء الرسوم كاملة، لا يجعل الدعوى غير مقبولة مخالفة بذلك الاجتهاد القضائي.
وفي الفرع الرابع. فإن الطاعنين التمسوا الحكم بعدم قبول الدعوى لاعتبارها سابقة لأوانها لكون المطلوب ضده النقض يعتبر متعرضا على مطلب التحفيظ، وأن النزاع لازال معروضا على محكمة الاستيناف موضوع الملف عدد 157/03/8، إلا أن القرار المطعون فيه اعتبر أن المطلوب ضده النقض لم يبق له الحق في مسايرة الحكم الابتدائي عدد 18 الصادر بتاريخ 29-04-2003 في الملف عدد 10/99/16، مع أن المطلوب ضده النقض لم يتنازل عن استينافه ولا عن تعرضه.
لكن ردا على الوسيلة أعلاه بجميع فروعها، فإنه يتجلى من مستندات الملف أن المطلوبين في النقض شعيب الحجاوي وشعيب مرزوق الحجاوي، وسعيد الحجاوي وكلوا بوطاهر الحجوي الذي ناب عنهم في عقد الشراء، للدفاع على مصالحهم أينما كانت ووجدت أمام جميع المحاكم بكل درجاتها حسب الوكالة المفوضة الموقعة من طرفهم بتاريخ 08-08-1999، والمدرجة ضمن المستندات المرفقة بتقرير الخبرة المنجزة من طرف الخبير العربي الشتوف، وأن الوكيل المذكور وكل عنه محاميا للدفاع عن مصالح موكليه أمام القضاء. وأن الطاعنين لم يسبق لهم أن أثاروا أمام محكمة الموضوع بأن المرحوم أحمد الريسوني البائع للمطلوبين في النقض ليس هو المالك الحقيقي للمبيع وأن المحكمة ردت وعن صواب على الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم أداء الرسوم القضائية كاملة، وعلى الدفع بكون هذه الدعوى سابقة لأوانها لتقديم تعرض على مطلب التحفيظ من طرف المطلوبين بالقول بأنه بالرجوع للمقال الافتتاحي ثبت منه أن الطرف المدعي أدى عليه الوجيبة القضائية وأن عدم أداء المصاريف الكاملة لا يجعل الدعوى غير مقبولة، وأن جهة المصالح المالية هي المكلفة بمراجعة المصاريف واستخلاص ما تبقى منها. وأن مطلب التحفيظ عدد 11690/06 جزء إلى قسمين بناء على طلب المستانفين بتاريخ 15-10-1997، حيث أصبح القسم الأول يحمل إسم نزهة وأصبح له رسم عقاري تحت عدد 61194/06. وأما الجزء الثاني فيحمل اسم الحسنية والذي بقي يحمل رقم المطلب الأم 11690/06 وأن الأرض محل النزاع تتعلق بالأرض موضوع الرسم العقاري المذكور الأمر الذي يكون معه القرار غير خارق للفصل المحتج به. والوسيلة بالتالي بجميع فروعها غير جديرة بالاعتبار.
وفيما يتعلق بالوسيلة الثانية.
حيث يعيب الطاعنون القرار فيها بتناقض التعليل وفساده ذلك أنه جاء فيه بأن البائع مولاي أحمد الريسوني قد باع للمطلوب ضده النقض بتاريخ 30-09-1986 أولا ثم باع للطاعنين ثانيا وبالتالي يكون البائع قد باع لهم أرضا لم تعد في ملكه، وأن البيع الثاني لا يكون صحيحا إلا إذا أجازه المالك الحقيقي، وأن المحكمة بهذا التعليل لم تتمعن في وثائق الملف جيدا، فالبائع مولاي أحمد الريسوني بتاريخ 21-03-1970، وبذلك يكون شراء المطلوب في النقض باطلا، وأنه جاء في تعليل القرار بأن المسؤولية تقع على المحافظ على الأملاك العقارية لعدم قيامه بالإجراءات الضرورية بعد عملية التقسيم للمطلب الأم بإعادة تحديد كل قسم على حدة ومع ذلك اعتبرت المحكمة أن الطاعنين هم المطالبون بأداء التعويض رغم عدم ثبوت التدليس من طرفهم على اعتبار أن المحافظ هو من قام بجميع المساطر، وهذا يعني أن الطاعنين اشتروا العقار وحفظوه بحسن نية، ولم يقوموا بأي تدليس.
لكن حيث إن التدليس باعتباره فعلا ماديا يمكن إثباته بجميع الوسائل القانونية، ويخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وأن ما ورد في تعليل القرار من كون المسؤولية يتحملها المحافظ لعدم قيامه بالإجراءات الضرورية بعد عملية التقييم لا يبعد عن الطاعنين مسؤوليتهم بسبب التدليس من طرفهم ولذلك فإن القرار حين علل بأن “الملك محل المطالبة بالتعويض محدد المعالم إذ يحتوي على سكن وبئرين وإسطبل وأن المشتري لما يشتري أرضا يطوف بها ويعرف حدودها ومصالحها ومساحتها، ولما يطلب مباشرة تحفيظ أرضه ويودع مستنداته على المطلب الأصلي الذي كان في إسم البائع لكلا الطرفين أن يتحرى الأمر، ولا يطلب تحفيظ إلا ما هو ملك له ولا يتعدى تحفيظه إلى ملك الغير، وأن المستانفين حفظوا الأرض بكاملها باسمهم وهذا هو عين التدليس، وأنه لا يعقل أن تحفظ أرض عارية وبها مسكن وبئرين وإسطبل، ولم يتضمن الرسم العقاري هذه المصالح فيكون التدليس قائما بعينه. وأن المحكمة وقفت على عين المكان بتاريخ 04-07-2000 وثبت لديها أن ما اشتراه المستانف عليهم لازال قائم المعالم ولازال تحت حيازتهم وتصرفهم وبه مسكنهم وهو الموجود ضمن حدود الملك المسمى نزهة موضوع الرسم العقاري عدد 61194/06 وهذا كاف للقول بأن المستانفين أصحاب الملك المسمى نزهة لهم علم بمحل النزاع. وأن الذي يتحمل التعويض هو صاحب الملك المحفظ لكونه غنم أٍرضا ليست له”. فإنه نتيجة لما ذكر، يكون القرار معللا تعليلا سليما وليس فيه أي تناقض والوسيلة بالتالي غير جديرة بالاعتبار.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وبتحميل أصحابه الصائر.