خطاب الضمان – طبيعته – شروط قيامه وآثاره – الكفالة البنكية.

خطاب الضمان – طبيعته – شروط قيامه وآثاره – الكفالة البنكية.

13686714_996636697111197_560362558370265975_n

القرار عدد  231

الصادر بتاريخ  31/1/01

ملف تجاري عدد 369/99

القاعدة

إن خطاب الضمان يعد من الضمانات البنكية المستقلة التي توفر بطبيعتها للمستفيد ضمان السيولة عند أول طلب وضمان عدم الاعتراض على الأداء لأي سبب كان، فهو ينشئ للمستفيد حقا مباشرا ونهائيا ومستقلا عن كل علاقة أخرى، ومن ثم فإن خطاب الضمان يختلف عن الكفالة البنكية من حيث الآثار التي يرتبها على أطرافه.

وإن قضاة الاستئناف قد طبقوا عن صواب نص الفصل 466 من ق.ل.ع تطبيقا سليما بإعطائهم للعقد معناه الحقيقي حسب اصطلاح الألفاظ المستعملة فيه ومدلولها المعتاد ملزمين البنك الطاعن بأداء ما التزم به طبقا للفصل 230 من ق.ل.ع.

باسم جلالة الملك

إن المجلس الأعلى

وبعد المداولة طبقا للقانون

حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 13/11/98 في الملف 4336/97 تحت عدد 4278 أن المطلوبة في النقض الشركة العامة العقارية فرع عن صندوق الإيداع والتدبير تقدمت بمقال عرضت فيه أن بنك الوفاء كفل الشركة الجديدة للأشغال والمقاولة كفالة شخصية ومتضامنة لأدائه للمدعية مبلغ 2.653.040,47 درهم تتمثل في – كفالة اقتطاع الضمان تتعلق بالأشغال الخاصة بمشروع أروقة شرف بمدينة أكادير محررة ببنك الوفاء وكالة صومعة حسان في 4/12/90 مبلغها 961.994,74 درهما – كفالة استرجاع التسبيق تتعلق بالأشغال الخاصة بتجزئة الفتح المنتزه محررة بالبنك في 7/11/91 مبلغها 6000.000,00 درهم وقد وقع رفع اليد عن مبلغ  400.000,00 والباقي المكفول هو 200.000,00 درهم – كفالـة إنهاء الأشغال التي تتعلق بالأشغال الخاصة بمشروع جبل تغات بفاس محررة في 27/8/90 مبلغها 515.120,00 درهما – كفالة إنهاء الأشغال تتعلق بالأشغال الخاصة بمشروع المنتزه بالرباط محررة في 5/2/92 مبلغها 199.941,00 درهما وبتاريخ 8/11/93 بعثت المدعية برسالة إلى الكفيل بنك الوفاء تطلب منه أداء مبلغ الكفالات أعلاه لكون الشركة الجديدة أخلت بالتزاماتها فلم تجب وبرسالة ثانية بتاريخ 25/11/93 حددت فيها المدعية للبنك أجل ثمانية أيام للأداء مضيفة في تلك الرسالة بأنها أنذرت المقاولة لتستأنف الأشغال فلم تفعل وتطبيقا لمقتضيات دفتر الشروط و التحملات فقد وقع فسخ تلك الصفقات معها وبلغ لها الفسخ بتاريخ 12/11/93 وعلى اثر ذلك بعث البنك بجواب في 12/12/93 أورد فيه أنه وفي بالتزاماته وهناك سببين للتأخير الأول أن التزاماته الكاملة نحو المدعية لا تتجاوز 2.253.040,00 درهما وليس المبلغ المطالب به والسبب الثاني حصول المسير الجديد للشركة الجديدة على تأكيدات بالتراجع عن رسائل المشتكي من طرف المسؤولين عن المشاريع بأوراش الشركة الجديدة نظرا للاستعداد الذي أظهرته الأخيرة لاستئناف الأشغال وأنه بالرغم من أن المدعية بعثت للبنك بتاريخ 7/12/93 بجواب تؤكد له موافقتها على التزاماته نحوها في نطاق المبلغ السالف الذكر توصل به يوم 8/12/93 لكنه لم يحرك ساكنا مما اضطرها إلى إنذاره بتاريخ 10/3/94 توصل به بتاريخ 16/3/94 فلم يؤد رغم مرور الأجل المحدد له ملتمسة الحكم عليه بأداء مبلغ 2253.040,00 درهما أصل الدين ومبلغ 151.164,00 درهم الذي يمثل الفوائد البنكية 16  %ابتداءا من 8/11/93 إلى 7/4/94 ومبلغ 100.000 درهم كتعويض.

وأجاب البنك بمذكرة مع إدخال الشركة الجديدة للأشغال والمقاولة المدينة الأصلية في الدعوى موضحا بأنه مجرد كفيل غير متضامن والتمس إخراجه من الدعوى.

وبعد انتهاء المناقشة قضت المحكمة الابتدائية على البنك بأداء مبلغ 2253.040,00 درهم الممثل لقيمة الكفالات مع الفوائد القانونية من تاريخ الطلب وبمبلغ 2000 درهما كتعويض وبرفض باقي الطلب وإخراج الشركة الجديدة من الدعوى وذلك بحكم أيدته محكمة الاستئناف بقرارها المطلوب نقضه.

حيث يعيب الطاعن بنك الوفاء على المحكمة في الوسيلة الأولى خرق الفصلين 345 و 3 من ق.م.م وعدم الارتكاز على أساس قانوني لكون قاضي الدرجة الأولى قضى عليه بالأداء على أساس عقد الكفالة العادي الخاضع لأحكام الفصول 1133-1132-166 من ق.ل.ع  في حين أن محكمة الاستئناف أيدته على أساس أن الأمر يتعلق بخطاب الضمان مما يشكل تناقضا في التعليل، وقد كان على المحكمة حينما رأت أن تكيف العقد تكييفا آخر أن تلغي الحكم الابتدائي لا أن تقضي بتأييده.

ويعيب عليها في الوسيلة الثانية انعدام التعليل وعدم الارتكاز على أساس وخرق الفصول 1153-1154-1128 من ق.ل.ع لكون المحكمة حينما أضفت على الكفالة وصفا مخالفا للوصف الذي أضفاه عليها القاضي الابتدائي تكون قد أيدته جملة وتفصيلا في حين أن الكفالة ليست اعترافا بدين وان انقضاء الدين الأصلي يؤدي إلى انقضاء الكفالة وان الخبرة التي أنجزت بحضور الأطراف أثبتت أن الشركة المكفولة هي الدائنة وليس البنك مما يعني انقضاء دين الكفالة، كما أن الكفالة لا تعني التزام الكفيل بالأداء شخصيا فهو لا يلزم إلا إذا لم يؤد المكفول الدين الأصلي.

ويعيب الطاعن على المحكمة في الوسيلة الثالثة خرق الفصل 463 من ق.ل.ع وعدم الارتكاز على أساس لكون الكفالة تعطى في بداية إنجاز المشروع في انتظار أن تحقق المكفولة الأشغال التي تستحق عنها المبلغ، وان الأطراف اتفقوا على تعويض الكفالة بالاقتطاعات الشخصية وهو ما يؤيد الخبرة التي أثبتت أن الاقتطاعات قد غطت جميع الدين المكفول.

ويعيب الطاعن على المحكمة في الوسيلة الأخيرة عدم الارتكاز على أساس وخرق الفصل 461 من ق.ل.ع لكونها حينما اعتبرت عقد الكفالة خطاب ضمان تكون قد أولت عبارات العقد الصريحة في أنه عقد كفالة.

لكن حيث إن الثابت من وثائق الملف التي كانت معروضة أمام قضاة الموضوع ومن القرار المطعون فيه أن الدعوى قدمت على أساس أن الأمر يتعلق بخطاب الضمان لا بعقد الكفالة إذ ورد في الوثيقة أن البنك الطاعن يلتزم بالأداء عند أول طلب وفي حدود المبلغ  المكفول وبدون موافقة مسبقة وبدون أن تدلي المدعية الشركة العامة العقارية بما يؤيد طلبها” ومؤدى ذلك أن الأمر يتعلق بخطاب الضمان الذي يجعل الكفيل مدينا أصليا بدين مستقل عن أية علاقة أخرى بحيث لا يجوز له الامتناع عن الأداء لأي سبب كان سواء يرجع لعلاقة المدين الأصلي بالدائن المستفيد أو لعلاقة هذا الأخير بالبنك الكفيل، ولهذا فإن خطاب الضمان يعد من الضمانات البنكية المستقلة التي توفر للمستفيد ضمان السيولة عند أول طلب وضمان عدم الاعتراض على الأداء لأي سبب كان وان محكمة الاستئناف لما أيدت الحكم الابتدائي القاضي بالأداء بناءا على أسباب أخرى تكون من جهة قد استبعدت ضمنيا أسباب الحكم الابتدائي المذكور كما تكون من جهة أخرى قد استعملت سلطتها كدرجة ثانية للتقاضي في تكييف العقود تكييفا مختلفا عن التكييف الذي كان قاضي الدرجة الأولى قد أضفاه على تلك العقود وأنها بذلك لم تخرق النصوص المستدل بها بشأن الكفالة ولم تقع في أي تناقض، كما أنها فيما يخص التكييف الذي اعتمدته قد اعتبرت عن صواب الألفاظ المطبوعة خصيصا داخل الوثيقة المختومة بطابع وتوقيع البنك الطاعن التي تتضمن التزامه بالأداء عند أول طلب وبدون اعتراض لأي سبب وهما الشرطان الأساسيان لقيام خطاب الضمان مما لم يكن معه أي جدوى للالتفات لعبارة (تصريح بكفالة) التي طبعت مسبقا بهامش الوثيقة وأن المحكمة بذلك طبقت نص الفصل 466 من ق.ل.ع تطبيقا سليما حين أعطت للوثيقة معناها الحقيقي حسب اصطلاح الألفاظ المستعملة فيها ومدلولها المعتاد ملزمة البنك الطاعن بأداء ما التزم به طبقا للفصل 230 من ق ل ع الذي يعتبر العقد شريعة المتعاقدين وكذا الفصل 231 من نفس القانون الذي يقرر “أن كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية ويلزم المتعهد بأداء كل ما يقرره العرف على اعتبار أن هذه الضمانات البنكية المستقلة نشأت عن الأعراف البنكية مما تكون معه جميع الوسائل غير مرتكزة على أساس”.

لـهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وترك الصائر على الطالب.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه، بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد رئيس الغرفة أحمد بنكيران والمستشارين السادة: لطيفة رضا مقررة وجميلة المدور وبودي بوبكر وبنديان مليكة أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد فايدي عبد الغني وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نعيمة الادريسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *