القرار عدد 7/155
الصادر بتاريخ 2013/04/02
في الملف رقم 2011/7/1/1729
القاعدة:
المقصود بما يوجبه الفصل 369 من قانون المسطرة المدنية من تقيد محكمة الإحالة بقرار المجلس الأعلى هو التزامها بالنقطة القانونية التي بت فيها وعدم مخالفتها، ولا يمنعها من النظر في النقط القانونية والواقعية التي لم يسبق للمجلس أن بت فيها
الثابت فقها وقضاء أن مرض الموت هو أن يكون المرض مخوفا أي من الأمراض الخطيرة التي لا يرجى منها أي شفاء من الناحية الطبية وتؤدي بصاحبها غالبا إلى الوفاة.
الأصل أن جميع التصرفات المبنية على المعاوضة من المريض في مرض موته نافذة مادام تام العقل والتمييز ولو بلغت خطورة المرض ما بلغت ما لم تكن تصرفاته مشوبة بالمحاباة أو التوليج.
السلامة العقليةللمريض مرض الموت لا تأثير لها على قيام شروط المرض.
كونالعقود المبرمة من المريض مرض الموت عقود رسمية ولا يمكن الطعن فيها إلا بالزور لا يمنع المحكمة من مناقشتها على ضوء مفهوم التوليج، بمقتضى الفصل 419 من ق ل ع يمكن الطعن في الأوراق الرسمية بسبب الصورية، ويمكن إثبات ذلك بواسطة القرائن القوية المنضبطة المتلائمة دون احتياج إلى القيام بدعوى الزور.
والمحكمة لما ناقشت عناصر التوليج ووسائل إثباته واعتبرته مجرد وصية، وعللت قرارها بأن ” التوليج كما يثبت بالإقرار والبينة يثبت أيضا بما يرتقي إليه من القرائن القوية الدالة عليه. وأن معطيات النازلة تعد صورة من صور التوليج بدليل أن الموثق الشاهد على إبرام العقود لم يعاين دفع الثمن من المشترين للبائع وإنما أقر بقبضه البائع. وأن الإقرار الحاصل في مرض الموت دون بينة أو ثبوت سبب الأداء بمثابة تبرع. وأن التبرع في المرض المخوف يكيف على أنه وصية وأنه لا وصية لوارث إلا بإجازة الورثة. وأن المستأنف عليهما لم يجيزا هذا التبرع الصادر من مورثهما لفائدة باقي ورثته
ورتبت على ذلك بطلان العقود المطعون فيها تكون قد سايرت ما جاء في تحفة ابن عاصم:
وما اشترى المريض أو ما باع = إن هو مات يأبى الإمتناعا فإن يكن حابى به فالأجنبـي = من ثلثـه يأخذ ما به حبـى
وما به الوارث حابى منعـا = وإن يجزه الوارثـون اتبعـا
وعللت بذلك قرارها تعليلا كافيا
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
بناء على عريضة النقض المرفوعة بتاريخ 4/4/2011 من طرف الطالبين المذكورين أعلاه بواسطة نائبهم الأستاذ عبد الغني الكراب، الذين يطعنون بمقتضاها في القرار رقم 61 الصادر عن محكمة الاستئناف بالقنيطرة بتاريخ 18/1/2011 في الملف عدد 622/1201/2010.
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها بتاريخ 19/7/2011 من طرف المطلوبين في النقض بواسطة دفاعهما والرامية إلى رفض الطلب.
وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على قانون المسطرة المدنية.
وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 26/2/2013.
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 2/4/2013.
وبناء على المناداة على الأطراف ومن ينوب عنهم وعدم حضورهم.
وبعد تلاوة المستشار المقرر السيد حميد الوالي لتقريره في هذه الجلسة والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد الحسن البوعزاوي.
وبعد المداولة طبقا للقانون :
حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه بالنقض الصادر عن محكمة الاستئناف بالقنيطرة رقم 61 بتاريخ 18/01/2011 في الملف رقم 622/1201/2010 أن المطلوبين في النقض ……. تقدما بتاريخ 23/8/2004 بمقال إلى المحكمة الابتدائية بالقنيطرة عرضا فيه أن والدهما……… توفي بالرباط بتاريخ 19/10/2003 عن سن يناهز ثلاثة وسبعين سنة بسبب مرض عضال ألزمه الفراش في المدة الأخيرة من حياته لمدة خمس سنوات نتج عن وباء سرطاني استعصت معه مداواته، وأن الطالبين استغلوا عزلته فانفردوا به وجردوه من كل ممتلكاته بهدف حرمان باقي ورثته من الإرث فأجبروه على إبرام عقود وهمية لفائدتهم تحت ستار البيع، وهكذا فوت لهم الفيلا الكائنة بشارع …….. موضوع الرسم العقاري عدد ….. والعمارة الواقعة بشارع …..القنيطرة موضوع الرسم العقاري عدد والأصل التجاري لمقهى ….. بكل مرافقه والمقيد بالسجل التجاري عدد …. وعدد ….. بتاريخ 3/7/1982، وأن هذه التفويتات انطوت على محاباة بعين المبيع وثمنه الذي لم يؤد، وتم الإقرار بأدائه من طرف المريض، والتمسا الحكم ببطلان هذه التصرفات، لانعدام أساسها الشرعي والقانوني، وأمر السيد المحافظ على الأملاك العقارية بالتشطيب عليها من الرسم العقاري، وتسجيلها من جديد في إسم جميع الورثة، وأمر رئيس كتابة الضبط فيما يخص بيع وتسجيل المحل التجاري، وتوجيه اليمين إذا كان الهالك ترك مخلفا آخر غير ما ذكر. وبعد الجواب والتعقيب أصدرت المحكمة الابتدائية حكما تحت عدد 107 بتاريخ 21/3/2005 في الملف رقم 249/04 قضى بالحكم بإبطال عقود البيع المذكورة. استأنفه المدعى عليهم وبعد الجواب وإجراء الخبرة ألغته محكمة الاستئناف وقضت برفض الطلب بمقتضى قرارها رقم 371 الصادر بتاريخ 19/2/2007 في الملف عدد 649/05. طعن فيه المدعيان بالنقض فأصدر المجلس الأعلى قرارا تحت عدد 1122 بتاريخ 9/3/2010 في الملف المدني عدد 4415/1/2/2008 قضى بنقضه بعلة أن تقرير الخبرة أشار إلى كون الموروث كان مصابا بتحجر الكبد مع تجمع الماء في البطن وهو مرض مخوف وقاتل ويعتبر مرض موت. وبعد الإحالة على محكمة الاستئناف وتقديم المستنتجات أصدرت محكمة الاستئناف قرارها المشار إلى مراجعه أعلاه القاضي بتأييد الحكم المستأنف، وهو القرار المطعون فيه بالنقض بوسيلتين، أجاب عنهما المطلوبان في النقض.
في شأن الوسيلة الأولى :
حيث يعيب الطالبون القرار بخرق قاعدة التقيد بنقطة النقض والإحالة بدعوى أنه لم يتقيد بالنقطة التي من أجلها نقض المجلس الأعلى القرار الاستئنافي الأول وأحال الملف للبت فيه والتأكد من نقطة الحسم المتعلقة بضرورة اعتبار مرض الموت استنادا للتقرير الطبي وتجاوز ذلك لمناقشة مسألة التوليج والمحاباة. وأنه كان على محكمة الاستئناف مصدرة القرار المطعون فيه التقيد بنقطة الحسم المتعلقة بالتأكد من كون تصرفات الهالك موروث العارضين تدخل في تصرفات مريض الموت أم لا من خلال التقرير الطبي الموجود ضمن أوراق الملف. وأن حياد المحكمة عن البت فقط في نقطة النقض والإحالة يعرض قضاءها للنقض من جديد لعدم التقيد بمنطوق قرار المجلس الأعلى.
لكن حيث إن المقصود بما يوجبه الفصل 369 من قانون المسطرة المدنية من تقيد محكمة الإحالة بقرار المجلس الأعلى هو التزامها بالنقطة القانونية التي بت فيها وعدم مخالفتها، ولا يمنعها من النظر في النقط القانونية والواقعية التي لم يسبق للمجلس أن بت فيها. والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما بدأت تعليل قرارها بما جاءت به من أن ” المجلس الأعلى بت في نقطة الحسم المتعلقة بضرورة اعتبار مرض الموت استنادا للتقرير الطبي المرفق بالملف ” واعتمدته تكون قد تقيدت بمقتضيات الفصل 369 من قانون المسطرة المدنية، وانتقالها لمناقشة باقي النقط القانونية والواقعية بما فيها التوليج والمحاباة يدخل في صميم سلطتها للنظر في مختلف جوانب القضية القانونية والواقعية التي لم يبت فيها المجلس الأعلى، ولا يشكل خرقا لقاعدة التقيد بنقطة النقض والإحالة، والوسيلة على غير أساس.
في شأن الوسيلة الثانية :
حيث يعيب الطالبون القرار بنقصان التعليل الموازي لانعدامه بدعوى أنه اعتمد على التقرير الطبي المدرج بالملف والذي مفاده أن الهالك كان يعاني من عدة أمراض إلى حين وفاته بتاريخ 19/10/2003. وأنه كان عليه أن يحدد ما إذا كانت هذه الأمراض تدخل ضمن خانة مرض الموت الذي يؤدي إلى إبطال تصرفات المريض. وأنه غاب عن القرار المطعون فيه ما جاء في تقرير الدكتور الفاسي الفهري من أن الهالك كان يتمتع بعقل سليم قادر على التمييز. وأن التشريع المغربي لم يتضمن تعريفا دقيقا لمرض الموت، وأنه يتعين الرجوع إلى ما ورد في مذهب الإمام مالك، إذ عرفه هذا الأخير بأنه كل مرض يقعد صاحبه من الدخول والخروج. والحال أن الهالك قيد حياته بالرغم من إصابته بالمرض كان يمارس كافة أعماله اليومية ويشرف على مصالحه بالضيعة الفلاحية بصفة شخصية. كما كان يتوفر على رخصة لبيع المشروبات الكحولية. وكان يحضر الاجتماعات المتعلقة بهذه الشركة، ويوقع على كافة المحاضر. بل إن المطلوب في النقض الأول أدلى بتصريح خلال مسطرة جنحية كان متابعا فيها أمام المحكمة الابتدائية بطنجة بأن والده لم يفاتحه في موضوع أي وصية، إلا قبيل شهرين من وفاته وأن والده كان كتوما. وهي كلها مؤشرات تؤكد بأن العقود التي أبرمها الهالك مع العارضين صحيحة ولا تشوبها أية شائبة. وأنه وقتها كان يتمتع بقدرات عقلية سليمة حسب المثبت من التقرير الطبي المؤرخ في 17/10/2006. خصوصا وأن تلك العقود أبرمت بواسطة موثق وهي تدخل في خانة الوثائق الرسمية التي لا يطعن فيها إلا بالزور، وعلاوة على ذلك فإنه تم استبعاد الشهادة الطبية الصادرة عن مستشفى الإدريسي بالقنيطرة المؤرخة في 7/6/2002 والتي طعن فيها العارضون بالزور، وهذه الوثيقة استبعدت عمليا خلال المرحلة الاستئنافية بعد إجراء خبرة طبية ثبت من خلالها عدم صحة ما ادعاه المطلوبان في النقض، وأن هذين الأخيرين لم يثبتا المحاباة، علما بأن أحدهما هو الإبن البكر للهالك وكان من باب أولى أن يقوم بمحاباته هو، كما أن العارضين والمطلوبين في النقض كلهم أولاد للهالك ولم يكن لهذا الأخير أدنى مبرر لمحاباة هذا على حساب ذاك. خاصة وأن العارضين أثبتوا بأنهم لم يكونوا معسرين أثناء إبرام العقود المطلوب بطلانها فالأول يشتغل مسيرا لشركة والثاني مساعد تاجر، ويتوفران على ضيعة فلاحية بمنطقة الغرب مساحتها حوالي 45 هكتارا تشتغل في إنتاج فاكهة الأفوكا التي تدر عليهم مبلغا لا يقل عن 1000000 درهم سنويا، بالإضافة إلى أرض فلاحية مساحتها 10 هكتارات وهو خلاف ما ادعاه المطلوبان في النقض من أن العارضين عاطلون عن العمل. كما أن القرار المطعون فيه استبعد الأثمنة المشهود بها بمقتضى الموجب العدلي المؤرخ في 9/4/2001 عدد 1176 كونها حسب القرار أتت على الظاهر فقط بينما الباطن أن البائع ( الهالك ) كان منهوكا بالوباء والمرض الخطير المتسبب في الوفاة، دون اعتبار للتقرير الطبي المؤرخ في 17/10/2006 والذي أكد من خلاله الدكتور الفاسي الفهري بعد استشارة أخصائيين بأن الهالك كان يتمتع بعقل سليم قادر على التمييز، فعلى ماذا اعتمد القرار المطعون فيه لاستبعاد الموجب العدلي رغم وجود رأي تقني في الموضوع الشيء الذي يتضح معه بأن القرار المطعون فيه أعرض عن مجموعة من الحقائق الواقعية والتقنية وبالتالي يتعين نقضه.
لكن حيث إنه من الثابت فقها وقضاء أن مرض الموت هو أن يكون المرض مخوفا أي من الأمراض الخطيرة التي لا يرجى منها أي شفاء من الناحية الطبية وتؤدي بصاحبها غالبا إلى الوفاة. والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما عللت قرارها تقيدا بما جاء في قرار المجلس الأعلى الذي بت في النقطة المتعلقة بضرورة اعتبار مرض الموت استنادا للتقرير الطبي طي الملف وعللت قرارها بما جاءت به من أنه ” ثبت من وثائق الملف لاسيما الشواهد الطبية والتقرير الطبي المدرج بالملف أن البائع كان يعاني من عطب في عرق بالمخ وتشمع كبدي وتجمع الماء في البطن واصفرار في الجسم وانتفاخ بعروق الحنجرة وقصور الكلى بصفة متطورة لحين وفاته بتاريخ 19/10/2003، وأن الأصل أن جميع التصرفات المبنية على المعاوضة من المريض في مرض موته نافذة مادام تام العقل والميز ولو بلغت خطورة المرض ما بلغت إلى أن بلغ حد السياف ما لم تكن تصرفاته مشوبة بالمحاباة أو التوليج ” تكون قد اعتبرت عن صواب أن مرض الموت قائم، وأن السلامة العقلية للهالك لا تأثير لها على قيام شروط مرض الموت، فانتقلت بذلك لمناقشة التصرفات المطعون فيها التي أبرمها الهالك أثناء مرض موته على ضوء مفهوم التوليج، ولا يمنعها من ذلك كون تلك العقود رسمية ولا يمكن الطعن فيها إلا بالزور كما جاء في الوسيلة لأنه بمقتضى الفصل 419 من ق ل ع يمكن الطعن في الأوراق الرسمية بسبب الصورية، ويمكن إثبات ذلك بواسطة القرائن القوية المنضبطة المتلائمة دون احتياج إلى القيام بدعوى الزور. والمحكمة لما ناقشت بناء على ذلك عناصر التوليج ووسائل إثباته واعتبرته مجرد وصية، وعللت قرارها بما جاءت به من أن ” التوليج كما يثبت بالإقرار والبينة يثبت أيضا بما يرتقي إليه من القرائن القوية الدالة عليه. وأن معطيات النازلة تعد صورة من صور التوليج بدليل أن الموثق الشاهد على إبرام العقود لم يعاين دفع الثمن من المشترين للبائع وإنما أقر بقبضه البائع. وأن الإقرار الحاصل في مرض الموت دون بينة أو ثبوت سبب الأداء بمثابة تبرع. وأن التبرع في المرض المخوف يكيف على أنه وصية وأنه لا وصية لوارث إلا بإجازة الورثة. وأن المستأنف عليهما لم يجيزا هذا التبرع الصادر من مورثهما لفائدة باقي ورثته “. ورتبت على ذلك بطلان العقود المطعون فيها تكون قد سايرت ما جاء في تحفة ابن عاصم:
وما اشترى المريض أو ما باع = إن هو مات يأبى الإمتناعا
فإن يكن حابى به فالأجنبـي = من ثلثـه يأخذ ما به حبـى
وما به الوارث حابى منعـا = وإن يجزه الوارثـون اتبعـا
وعللت بذلك قرارها تعليلا كافيا والوسيلة على غير أساس.
لهـذه الأسبـاب
قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطالب الصائر.
كما قررت إثبات قرارها هذا بسجلات المحكمة المذكورة إثر القرار المطعون فيه أو بطرته.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية محكمة النقض بالــربـاط وكـانـت الـهـيـئــة الحـاكـمــة مـتـركـبــة مـن رئـيسة الـغـرفــة السيدة زبيدة التكلانتي رئيسا والمستشارين السادة : حميد الوالي مقررا، أحمد ملجاوي، الحسن بومريم، لطيفة أيدي أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد الحسن البوعزاوي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة عتيقة سودو.