الاحكام النهائية – مفهومها – قسمة الاستغلال – أداء اليمين

الاحكام النهائية – مفهومها – قسمة الاستغلال – أداء اليمين

stock-figure-of-justice-app

القرار رقم 1440

المؤرخ في1998/3/4

الملف المدني رقم 93/552

 القاعدة

– الأحكام التي تحوز قوة الشىء المقضي به هي الأحكام النهائية أي التي لا تكون قابلة للطعن بإحدى الطرق العادية وهي التعرض والاستئناف.

– ومن المقرر فقها أن اليمين لا يحكم بها إلا في حالة الاتفاق على القسم والاختلاف في وجهه، فمن ادعى قسمة البتات ولم يثبتها فلا شيء له إلا اليمين على مدعي الإستغلال.

أما في حالة الإختلاف في أصل القسم كما في هذه النازلة فإن القول لمنكر القسم اتفاقا وبدون يمين، وأن المحكمة بالتالي كانت على صواب عندما لم تحكم باليمين على منكر القسم.

 

باسم جلالة الملك

إن المجلس الأعلى

وبعد المداولة طبقا للقانون.

حيث يؤخذ من عناصر الملف والقرار رقم 88 الصادر عن استئنافية الجديدة بتاريخ 88/10/10 في الملف رقم 87/568/5 أن السادة العربي بن بوشعيب بن امحمد بن الحسين وابراهيم ومحمد وفاطمة ورحمة وعائشة أبناء العربي بن الحسين وزهرة بنت عبد الله التي توفيت عن ورثتها وهم عائشة ورحمة وفاطمة والعربي وابراهيم ومحمد ابناء بوشعيب وامباركة بنت ميلود. وكذلك السيد بوشعيب بن العربي بن بوشعيب تقدموا أمام السيد المحافظ على الأملاك العقارية بالجديدة بتاريخ 1975/2/14 بطلب   من أجل تحفيظ الملك المسمى “الشيطة” الكائن بمنطقة ضم الأراضي المدعو أولاد عمور 3 و 4 المتضمن قبل عملية الضم على 3 قطع رقمها الاستدلالي 15848 البالغة مساحتها 5 هكتارات، ثم فتح له مطلب تحت رقم 42261. تعرض عليه السيد      بخليجة العياشي وخديجة بنت محمد مطالبين بحقوق مشاعة في الملك المذكور. كما تعرضت عليه السيدة عائشة بنت بوشعيب أصالة عن نفسها ونيابة عن أختيها رحمة وفاطمة مطالبة بالتشطيب على اسم السيد بوشعيب بن العربي بن بوشعيب من لائحة طالبي التحفيظ لعدم استحقاقه في الملك المذكور.

وبعد إحالة الملف على المحكمة الابتدائية وبعد وقوفها على عين المكان وتقديم الاطراف لمستنتجاتهم قضت بعدم صحة التعرضات المذكورة أعلاه وذلك بحكم استأنفه السيد بخليجة العياشي بن محمد والسيدة خديجة بنت محمد بن بوشعيب.وبعد إجراء بحث والاستماع إلى الأطراف، قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم صحة تعرض خديجة بنت محمد وبخليجة العياشي. وبعد التصدي الحكم بصحة تعرضهما وذلك في قرارها المطعون فيه.

حيث يعب الطاعنون على القرار في وسيلتهم الأولى انعدام التعليل.

ذلك أنهم أثاروا أمام المحكمة بأن مقال استئناف المتعرضين غير مقبوللعدم احترامه للفصل 142 من ق.م.م. إلا أن المحكمة لم تجب على هذا الدفع فجاء قرارها منعدم التعليل مما يعرضه للنقض.

لكن الطاعنين لم يبينوا نوع الخرق الذي شاب المقال الاستئنافي فكانت الوسيلة مبهمة وغير مقبولة.

ويعيبون على القرار في وسائلهم الثانية والثالثة والرابعة مجتمعة مخالفة قواعد الفقه وعدم الارتكاز على أساس.

ذلك أن المحكمة استندت في تعليلها على قرار استئنافي صادر تحت رقم 86/25    غير حائز لقوة الشيء المقضي به، لأن المجلس الأعلى لازال لم يبت بعد في طلب نقضه الذي بناه الطاعنون على عدة أسباب من بينها اعتراف المتعرضين بوقوع القسمة في متخلف بوشعيب بن احمد. واختصاصهما بما خرج لهما منه وقدم كل واحد من الطرفين مطلبا خاصا به. وهذا يدحض ما صرحت به المحكمة من أن الطاعنين لم يثبتوا وقوع القسمة.

ومن جهة، فإن المتعرضين لم ينكروا ما وقع به التصريح من أن القسمة وقعت لاكثر من 50 سنة، وهي مدة كافية ليسقط معها كل حق بالتقادم.

ومن جهة أخرى فالمحكمة حينما حملت عبء إثبات القسمة على طالبي التحفيظ كانت ملزمة بتوجيه اليمين على منكرها لرد الدعوى. إلا انها لم تفعل وبذلك خالفت قواعد الفقه، وصدور القرار بكل هذه الخروق يعرضه للنقض.

لكن حيث، إن الأحكام التي تحوز قوة الأمر المقضي به هي الأحكام النهائية أي التي لا تكون قابلة للطعن بإحدى الطرق العادية وهي التعرض والاستئناف ولذلك فإن القرار الاستئنافي رقم 25 الذي اعتمدت عليه المحكمة للقول بصحة المطلوبين قد حاز خلافا لما يدعيه الطاعنون قوة الشيء المقضى به.

وإنه من المقرر فقها، أن اليمين لا يحكم بها إلا في حالة الاتفاق على القسم والاختلاف في وجهه، حيث إذا لم يثبت مدعي قسمة البتات ما يدعيه فلا شيء له الا اليمين على مدعي الاستغلال.

أما في حالة الاختلاف في أصل القسم كما في هذه النازلة فإن القول لمنكر القسم اتفاقا وبدون يمين.

وبالنسبة للدفع باكتساب المدعى فيه بالحيازة فالطاعنون لم يدلوا بما يثبتوا ذلك أمام قضاة الموضوع. والمحكمة لم تكن ملزمة بالرد إلا على الدفوع المؤيدة بالحجة ولذلك فقد جاء قرار المحكمة معللا بما فيه الكفاية مرتكزا على أساس وكان ما بالوسائل الثلاث غير جدير بالاعتبار.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وتحميل الطاعنين الصائر.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية وبالمجلس الأعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد        رئيس الغرفة أحمد بنكيران والمستشارين السادة : مليكة بنديان مقررة وبديعة ونيش وجميلة المدور وأبو بكر بودي وبمحضر المحامي العام السيد فايدي عبد الغني وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نعيمة الإدريسي.

One Reply to “الاحكام النهائية – مفهومها – قسمة الاستغلال – أداء اليمين”

  1. إن القرار موضوع هذا التعليق يتعلق بكيفية إثبات القسمة البتية أو الاستغلالية
    في عقار مشاع بين الخصوم ومن يتحمل عبء الإثبات منهم عند الادعاء بإحدى الحالتين. ومما
    لا شك فيه وبصفة عامة – فإن طرق الاثبات سواء في الفقه أو القانون الوضعي تكتسي أهمية
    قصوى، إذ من جهة فانها الأداة الضرورية للقاضي للوصول إلى تحقيق الوقائع المعروضة عليه
    والحكم في الدعوى، ومن جهة أخرى، فإنها الوسيلة العملية التي يعتمد عليها المتقاضون
    في صيانة حقوقهم من الضياع، فالواقعة المدعى بها أمام القضاء تتجرد من كل قيمة إذا
    لم يقم الدليل على ثبوتها، وكثيرا ما يخسر المتقاضون دعاواهم لأنهم فقط لا يتوفرون
    على دليل يسند ادعاءاتهم، وقد اهتم الفقه الاسلامي على اختلاف مذاهبه أيما اهتمام بقواعد
    الاثبات سواء منها القواعد الموضوعية أو قواعد الاجراءات في كل مجالات العقود والمعاملات
    كما عنى عناية دقيقة بكيفية إقامة الدليل أمام القضاء، وشروط الواقعة المراد إثباتها
    بالدعوى ومن يتحمل عبء الإثبات من الخصوم باعتبار ما هو ثابت أصلا أو عرضا أو ظاهرا،
    وأن الفقه المالكي على الخصوص لغزير جدا في هذا المجال ويتضمن الكثير من الحلول العملية
    لما لم يقع التنصيص عليه لحد الآن في القانون الوضعي، وأود في هذه العجالة أن أبرز جانبا
    من هذا الفقه الذي اعتمده القرار موضوع التعليق لإسناد قضائه، والأمر يتعلق هنا بادعاء
    أحد الخصوم لقسمة عقار متنازع فيه وإنكار الطرف الآخر لهذه القسمة، ومن يتحمل عبء الاثبات
    في هذا المجال وماهي الوسيلة القانونية لإثبات القسمة ومتى توجه اليمين لمنكرها ؟

    إن مجمل القول في هذا الصدد كما أورده الفقهاء، عند قول التحفة : والمدعي
    لقسمة البتات يؤمر في الاصح بالإثبات.

    إن الشريكين في العقار المشاع
    إما أن يتفقا على وقوع القسم بينهما ويختلفان في وجهه وذلك بأن يدعي طرف قسمة البت
    ويدعي الطرف الآخر قسمة المنفعة والاستغلال وإما أن يختلفا في أصل القسم فيدعيه أحدهما
    وينفيه الآخر قائلا : إنما اقتطع كل واحد منا أرضا يعمرها من غير قسم.

    أولا : حالة الاتفاق على القسم والاختلاف في وجهه.

    في هذه الحالة يكون القول لمدعى الاستغلال بينما يقع عبء اثبات قسمة البتات على عاتق مدعيها طبقا لقاعدة من ادعى خلاف الأصل فعليه اثباته فإن اثبت البتات فذاك، و إلا فليس له إلا اليمين على مدعي الاستغلال وعلة ذاك ان القسمة بيع وعلى مدعيه اثباته وهو القول الاصح فقها وعملا ومقابله ان بعض الفقهاء ذهبوا إلى أن القول لمدعى البتات معللين ذلك بأن اختلاف الطرفين في البت أو الاستغلال ينزل منزلة اختلافهما في البيع على البت أوالخيار ومعلوم ان القول لمدعى البت فيه لا لمدعى الخيار ؛ غير أن الظاهر أن هذه العلة لا تصمد أمام العلة التي علل جمهور الفقهاء القول الأول الأصح والمعمول به إذ أن الاختلاف في كون البيع على البت أو الخيار لا يرد بالضرورة إلا على بيع ثابت ومن تم فإن إثباته يبقى بداهة على عاتق مدعيه في حالة النزاع.

    ثانيا : حالة الاختلاف في أصل القسم.

    في هذه الحالة فإن القول لمنكر القسم اتفاقا لأن ذلك كاختلافهما في وقوع البيع ومعلوم أن القول لمنكره اتفاقا بل إجماعا ما دام مدعيه لم يثبته.غير أن ما ذكر في هاتين الحالتين بشأن من يتحمل عبء الاثبات مشروط بما إذا لم تمض مدة الحيازة المتوفرة على شروطها المعروفة فقها على التفصيل الوارد بشأن حيازة الشريك قريب أو أجنبي وإلا كان القول حينئذ لمدعي البت في الحالتين معا وقد علل الفقهاء ذلك بأنه إذا مضت مدة الحيازة صار مدعى البت بمثابة من حاز شيئا مدة الحيازة المعتبرة شرعا وقال : اشتريته من القائم فإنه يصدق في ذلك ولا يكلف بإثبات الشراء وهو ما أشار إليه صاحب التحفة بقوله : أو يحلف القائم واليمين له : إن ادعى الشراء منه معمله، هذا من حيث من يتحمل عبء إثبات القسمة أما الوسيلة القانونية أو الفقهية التي يجب الاعتماد عليها لإثباتها باعتبار أنها بيع كما أشرنا سابقا فإنه يجب إثباتها بما تثبت به سائر البيوعات أي إما بمحرر كتابي طبقا لقواعد التوثيق المعمول بها فقها وقانونا عملا بالظهير الشريف المنظم لخطة العدالة وقانون التوثيق وإما بحجة عرفية متوفرة على الشروط القانونية وذلك سعيا وراء استقرار المعاملات العقارية وقطعا لدابر المنازعات التي ليس من شأنها إلا أن تعرقل تنمية الملكية العقارية واستثمارها على أحسن وجه ولذلك فإن بيع الأصول لا يمكن أن يثبت إلا بإحدى الطريقتين المذكورتين، أما شهادة اللفيف فإنه وان جرى العمل
    بالمغرب على الأخذ بها في بعض الحالات فإن المجلس الاعلى استقر في عدة قرارات على أن الأخذ بها – خصوصا في المعاملات – مقيد بأمرين :

    أولا : أن تكون هناك ضرورة تقتضي ذلك مع وجوب توضيح هذه الضرورة.

    ثانيا : أن يتضمن اللفيف السند الخاص لشهوده أي حضورهم للنازلة أو سماعهم
    من المشهود عليه. » شرح الشيخ التسولي على التحفة عند قولها : ويشهد الشاهد بالإقرار…« وقد جاء في قول الشيخ ميارة بشأن الضرورة التي تفرض الأخذ بشهادة اللفيف ما يلي : » لا شك أن شهادة اللفيف كثيرا ما يحتاج إليه فيما يتفق حدوثه حيث لم يحضر العدول ولا قصد إحضارهم ثم تدعو الضرورة إلى شهادة من حضر من غيرهم أو في أمور لا يقصد الناس تحصينها عادة بالشهادة عليها ثم يحدث ما يحوج إلى الشهادة فلا توجد إلا عند غير العدول ممن اتفق مباشرته لأسبابها،« ويخلص مما ذكر أن القسمة لا تثبت إلا بما يثبت به البيع كما يتضح من قرار المجلس موضوع التعليق لما أقر قاعدة : أنه لا يحكم باليمين إلا في حالة الاتفاق على القسم والاختلاف في وجهه فكان مؤسسا بالتالي على القواعد الفقهية المفصلة أعلاه.

    ذ أحمد بنكيران

    رئيس الغرفة التجارية »القسم الثاني«

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *