X

مسؤولية مالك الحمام – أساسها

القرار رقم 23

 الملف المدني رقم 90/2049

بتاريخ 2 يناير  1996

القاعدة

إن مسؤولية صاحب الحمام تندرج ضمن مقتضيات المسؤولية التعاقدية وليس التقصيرية، فهو ملزم تجاه الزبناء في نطاق العقد الرابط بينهما باتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان سلامتهم ولا يمكن مساءلته إلا إذا ثبت خطأ أو تقصير من جانبه

 

باسم جلالة الملك

إن المجلس الأعلى

وبعد المداولة طبقا للقانون.

حيث تفيد وثائق الملف والقرار المطعون فيه، أن المطلوب في النقض لشكر محمد تقدم أمام المحكمة الابتدائية بالبيضاء بتاريخ 88/1/24، بمقال عرض فيه أنه في 82/08/11 توجه إلى الحمام الكائن بالحي المحمدي بلوك كاستور رقم555 من أجل الاستحمام، وأنه نتيجة تعفن أرضية الحمام انزلق ونتج عن ذلك عدة كسور اقتضت ملازمته المستشفى 45 يوما، وأن مادية الحادثة ثابتة بمحضر الضابطة القضائية المحرر في الموضوع، وأن الحمام في ملك السيد بركاش ابراهيم الذي يؤمن المسؤولية المدنية لدى شركة التأمين الوفاق طالبا التصريح بأن المسؤولية تقع على عاتق صاحب الحمام بكاملها طبقا للفصل 88 ق.ل.ع. والحكم له ب 3000 درهم كتعويض مسبق وإحالته على الخبرة الطبية لتحديد العجز الجزئي الدائم والكلي المؤقت.

وبعدما أجابت شركة التأمين وصاحب الحمام بأن المسؤولية هنا عقدية وليست تقصيرية، واحتياطيا لا علاقة لصاحب الحمام بالانزلاق الذي يرجع على الشخص.

تقدم المدعي من جديد بمقال إصلاحي يغير بمقتضاه أساس الدعوى من المسؤولية التقصيرية إلى المسؤولية العقدية، أصدرت المحكمة بتاريخ 85/12/16 حكمها في نطاق المسؤولية التقصيرية بتحميل كامل مسؤولية الحادثة للسيد ابراهيم بركاش بصفته حارسا للحمام ورفض طلب التعويض المؤقت وإحالة الضحية على الخبرة لتحديد العجز الكلي والمؤقت والجزئي.

وقد أنجز الدكتور ” دادي فاروق” مهمته وحدد العجز الجزئي الدائم في %15 والمؤقت في 3 أشهر وحدد المدعي طلبه في 52020 درهما  وعلى إثر ذلك صدر الحكم بتاريخ 88/07/1 بالمصادقة على الخبرة المذكورة ومنح المدعي تعويضا إجماليا قدره 27000 درهما مع النفاذ المعجل في حدود الثلث وإحلال شركة التأمين محمل مؤمنها في الأداء.

استأنف المدعي الحكم المذكور بتاريخ 89/2/2 طالبا رفع التعويض إلى المبلغ المطلوب كما استأنفت شركة التأمين وصاحب الحمام نفس الحكم بتاريخ 89/09/26، مثيرين عدم قبول الاستئناف الأصلي لكون المدعي طلب تنفيذ الحكم الذي استأنفه حاليا دون أي تحفظ وأن الفصل 88 ق.ل.ع لا ينطبق على النازلة، لأن الانزلاق داخل الحمام فعل شخصي ناتج عن فعل الإنسان لا عن

فعل الشيء وكان على المستأنف أن يأخذ حذره منه لأن الحمام تكون أرضيته مبللة وقابلة للانزلاق، ولا علاقة لصاحب الحمام بمثل هذه الأحداث، إن أرضية الحمام لم تلعب إلا دورا سلبيا في وقوع الضرر أي أن صاحب الحمام لا يكون مسؤولا إلا إذا كان الحمام به عيوب ولا يجب عليه سوى أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع ما من شأنه أن يخل بسلامة الزبناء، ولذلك يطلب التصريح بعدم قبول الاستئناف الأصلي، وإلغاء الحكمين المستأنفين والحكم بعدم القبول ورفض الطلب بالنسبة للاستئناف الفرعي.

وبعد استيفاء كافة الاجراءات القانونية قضت محكمة الاستئناف بالبيضاء بتاريخ 89/10/25 برد الاستئناف الفرعي وتأييد الحكم الابتدائي مع تعديله برفع التعويض الإجمالي المستحق للضحية لشكر محمد إلى مبلغ 48500 درهم والفوائد القانونية والصائر بعلة أن مطالبة المستأنف بتنفيذ الحكم الابتدائي لا تمنع من استئناف هذا الحكم، إذ لا يعتبر ذلك تنازلا عن الحكم حقه في الاستئناف وأن مسؤولية صاحب الحمام عن الأضرار التي تلحق المستحمين ومن بينها الانزلاق هي مسؤولية مبنية على ف 88 من ق.ل.ع وليست مسؤولية عقدية وقد أكد المجلس الأعلى في قراره رقم397 بتاريخ 79/12/28 ذلك.

واستنادا إلى الفصل المذكور وبعد مراجعة محضر الضابطة القضائية نجد أن الضحية لشكر محمد انزلق عندما كان يجر سطلين من الماء فتكسرت رجله الشيء الذي لا يشكل خطأ منه أو مساهمته في وقوع الحادثة، وأن صاحب الحمام لم يدل بما يثبت دحضة لقرينتي ف. 88 من ق.ل.ع الشيء الذي يجعله يتحمل مسؤولية الحادثة كاملة وأن الخبرة المنجزة من طرف الدكتور دادي فاروق حددت الأضرار الناتجة في %15 كعجز جزئي دائم، و3 أشهر كعجز جزئي مؤقت وارتأت المحكمة بمالها من سلطة تقديرية في هذا الشأن بالنظر إلى الأضرار اللاحقة بالضحية، وبعد الاستئناس بالاجتهادالقضائي المعمول به ارتأت تحديد تعويض الضحية في مبلغ 48500 درهم معتبرة ما حكم به من لدن القاضي الابتدائي غير كاف لتغطية ما ذكر من أضرار.

فيما يتعلق بالوسيلة الثالثة :

حيث يعيب الطاعنان على القرار خرق الفصلين 359 و345 من ق.م.م  والفصلين 88 و 230 من ق.ل.ع بسبب انعدام التعليل والسند القانوني وخرق القانون، ذلك أن محكمة الاستئناف اعتبرت أن ف 88 قابل للتطبيق في هذه النازلة، مع أن الأمر يتعلق برابطة عقدية قائمة بين الطرفين، وأن ف. 88 المذكور لا يطبق إلا على الأغيار الذين لا تربطهم بالطرف المدعي علاقة عقدية وأنه يفترض وجود شيء يتحرك وتكون له قوة ذاتية ويمكن أن يتسبب في ضرر وأن انزلاق شخص على أرض يحول دون تطبيق مثل هذا الأساس القانوني، وأن الحمام لا يمكن اعتباره بمثابة شيء وأن القرار المطعون فيه بسبب عدم مراعاته للمبادئ السالفة الذكر يتعرض للنقض.

حقا، حيث تبين صحة ما عابته الوسيلة على القرار ذلك أن نازلة الحال تندرج ضمن مقتضيات المسؤولية التعاقدية وليس التقصيرية كما ورد في القرار، ذلك أن صاحب الحمام ملزم تجاه الزبناء في نطاق العقد الرابط بينهما باتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان سلامتهم ولا يمكن مساءلته إلا إذا ثبت خطأ أو تقصير من جانبه، وهذا الجانب هو الذي كان يجب البحث فيه ولكن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه أغفلته وطبقت عن خطإ مقتضيات المسؤولية التقصيرية »مما جعل قرارها« ناقص التعليل الذي يوازي عدمه ويعرضه بالتالي للنقض.

وحيث إن مصلحة الطرفين تقتضي الإحالة على نفس المحكمة للبت في القضية طبقا للقانون.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى بنقض القرار وإحالة القضية وأطرافها على نفس المحكمة للبت فيها طبقا للقانون وعلى المطلوب الصائر.

كما قرر إثبات حكمه هذا في سجلات محكمة الاستئناف بالبيضاء إثر الحكم المطعون فيه أو بطرته.

وبه صدر القرار بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد رئيس الغرفة عبد الخالق البارودي والمستشارين السادة : عمر ايت القاضي مقررا وعبد الحق خالص ومحمد واعزير ومحمد الفيلالي وبمحضر المحامي العام السيدة فتحي الادريسي وبمساعدة كاتب الضبط السيد محمد بولعجول.

رجل قانون:

قراءة التعليقات (1)

  • تقدم السيد لشكر محمد أمام المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ
    24 يناير 1983 بمقال عرض فيه أنه بتاريخ 1982/8/11 توجه إلى حمام بالحي المحمدي يملكه
    المدعى عليه بركاش ابراهيم، وبسبب تعفن أرضية الحمام انزلق وتعرض لكسر أصيب بأضرار
    والتمس الحكم له بتعويض في إطار الفصل 88 من ق.ل.ع. على المدعى عليه وإحلال شركة التأمين
    الوفاق محله في الأداء، ودفعت شركة التأمين والمدعى عليه بأن المسؤولية عقدية وليست
    تقصيرية واحتياطيا فإن صاحب الحمام لا علاقة له بالانزلاق الذي يرجع للمدعى، ثم تقدم
    المدعى بمقال إصلاحي يغير فيه أساس الدعوى من المسؤولية التقصيرية إلى المسؤولية العقدية.

    وبتاريخ 1985/12/16 أصدرت المحكمة حكمها في إطار المسؤولية التقصيرية
    برفض منح التعويض المؤقت وإحالة الضحية على خبير.

    وقد حدد الخبير العجز الدائم في %15 والعجز المؤقت في ثلاثة أشهر، وحدد
    المدعي طلباته وصدر الحكم في 1988/7/1 بالمصادقة على الخبرة والحكم بأداء 2700,00 درهما
    تعويضا للمدعي مع النفاذ المعجل في حدود الثلث وإحلال شركة التأمين محل المؤمن له في
    الأداء، واستأنفه المدعي في 1989/2/2والمدعى عليها في 1989/9/26 مثيرين عدم قبول الاستئناف
    الأصلي بأن المدعي طلب تنفيذ الحكم دون تحفظ وأن الفصل 88 لا ينطبق على النازلة ولأن
    صاحب الحمام لا مسؤولية له في الحادث. وقضت محكمة الاستئناف بتاريخ 1989/10/5 برد الاستئناف الفرعي وتأييد الحكم المستأنف
    ورفع التعويض الى 48500 درهما. والفوائد القانونية والصائر وقالت محكمة الاستئناف إن
    طلب التنفيذ لا يعتبر تنازلا عن الاستئناف وأن المسؤولية تقصيرية وليست عقدية كما أكد
    ذلك المجلس الأعلى في قرار 397-6 في 1979/12/28 وطلبت المحكوم عليها نقضه لأن القرار
    الاستئنافي خرق الفصلين 345 و 359 من ق.م.م والفصلين 88 و230 من ق.ل.ع لأن النزاع يتعلق
    برابطة عقدية ولأن الفصل 88 لا يطبق إلا على الاغيار الذين لا تربطهم بالمدعى عليه
    علاقة عقدية، وقد أخذ المجلس الأعلى بهذه الوسيلة وقرر بأن صاحب الحمام ملزم تجاه الزبناء
    في نطاق العقد الرابط بينهما باتخاذ الاحتياطات لضمان سلامتهم ولا يمكن مساءلته إلا
    إذا ثبت خطأ أو تقصير من جانبه، وهذا الجانب هو الذي يجب البحث فيه ولكن المحكمة المصدرة
    للقرار أغفلته وطبقت عن خطأ مقتضيات المسؤولية التقصيرية فجاء قرارها ناقص التعليل
    الذي يوازي انعدامه ومعرضا للنقض.

    الاشكالات التي يطرحها القرار.

    1 - علاقة حارس الحمام بكل من
    المسؤولية التقصيرية والعقدية.

    2 - ت شروط تحقق مسؤولية حارس الحمام العقدية.

    1 - فيما يتعلق بإشكال : علاقة
    حارس الحمام بكل من المسؤولية التقصيرية والعقدية :

    فإن المجلس الأعلى قد قرر بوضوح بأن مسؤولية حارس الحمام تجاه زبنائه
    هي مسؤولية عقدية وليست تقصيرية، وقد سكت المجلس الأعلى عن قراره السابق رقم397 الصادر في 1979/12/28 في الملف المدني 55218 عن الغرفة الادارية الذي اعتمدته محكمة الاستئناف
    في قرارها المطعون فيه،وكانت وقائع هذا القرار تتلخص في أن امرأة ذهبت الى حمام بسيدي
    البرنوصي صحبة طفلتها وقد تركتها قرب إناء مملوء بالماء الساخن وأوصت عليها إحدى النساء،
    وذهبت لتأتي بالماء، ولما رجعت وجدت ابنتها مصابة بحروق وهي تبكي فحملتها الى المستشفى
    وتوفيت بعد يوم من جراء الحروق التي أصابتها من أثر الماء الساخن، وطلب والدا الضحية
    وإخوانها من المحكمة منحهم تعويضات مؤسسين دعواهم على الفصل 88 من ق.ل.ع وأجاب المدعى
    عليه بأن الأم هي التي قصرت في حراسة ابنتها فحكمت المحكمة على صاحب الحمام بتحمل نصف
    المسؤولية بناء على أن العقد الشفوي المبرم بين المستحمين وصاحب الحمام يتضمن التزاما
    بكفالة السلامة داخل الحمام وبأن صاحب الحمام مسؤول عن رفع درجة حرارة الماء إلى مستوى
    حرارة أضرت بالضحية، وأن والدة الضحية ساهمت في وقوع الضرر عندما تركت ابنتها بدون
    حراسة بناء على مقتضيات الفصل 88 من ق.ل.ع وقد أيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم وتبنت
    تعليله، وبذلك تكون المحكمة قد طبقت على النازلة المسؤوليتين معا، فقد طبقت المسؤولية
    العقدية على صاحب الحمام، وطبقت المسؤولية التقصيرية على أم الضحية التي قصرت في حراسة
    ابنتها كما أثبتت ذلك المحكمة رغم أن مسؤولية أم الضحية في هذه النازلة لا ينطبق عليها
    الفصل 88 من ق.ل.ع.

    غير أن المجلس الأعلى نقض هذا الحكم وقال بأنه لا يوجد أي نص قانوني يلزم
    صاحب الحمام بكفالة السلامة داخل الحمام وأن كل ما يلتزم به هو اتخاذ الاحتياطات اللازمة
    لمنع ما من شأنه أن يخل بسلامة الزبناء ولهذا فلا يمكن التصريح بمسؤوليته إلا إذا ثبت
    خطأ أو تقصير من جانبه الأمر الذي لم تلاحظه المحكمة لا سيما وأن رفع درجة حرارة الماء
    في الحمام لا يمكن اعتباره خطأ، وتجدر الملاحظة الى أنه ورد في ديباجة هذا القرار بناء
    الفصل 231 من ق.ل.ع.

    وحيث إن التزام صاحب الحمام إزاء زبنائه يتضمن التزاما ببذل عناية وباتخاذ
    الاحتياطات الضرورية لسلامة زبنائه، ولايلتزم بضمان هذه السلامة،وبذلك يتضح أن المجلس
    الأعلى في هذا القرار الذي اعتمدته محكمة الاستئناف يتجه إلى جعل مسؤولية صاحب الحمام
    مسؤولية عقدية وليست تقصيرية كما ذهبت إليه محكمة الاستئناف في قرارها المطعون فيه
    عن خطإ إذ ورد فيه أنها »مسؤولية مبنية على الفصل 88 من ق.ل.ع. وليست مسؤولية عقدية
    وقد سبق للمجلس الأعلى أن اعتمد مبدأ تشريك المسؤولية Socialisation
    de la Résponsabilité، واعتبر المسؤولية التقصيرية مستغرقة للمسؤولية
    العقدية كما اعتبر تطبيق الفصل 88 من ق.ل.ع شاملا لهما معا وذلك في قراره رقم 278 الصادر
    في 1969/6/11 مجلة قضاء المجس الأعلى رقم 22 ص 18 فقد جاء فيه »سواء كان النقل مجانا
    أو بعوض فإن صاحب السيارة يبقى مسؤولا طبقا للفصل 88 ما دام لم يثبت إعفاءه من المسؤولية«.

    وتتلخص وقائع هذا القرار في أن أشخاصا كانوا يركبون شاحنة في ملك المسمى
    حمادي بن الجلالي، وقد انفصل جزؤها الحامل للأثقال فسقطوا وأصيبوا بجروح وتبين أن سبب
    الحادث يرجع إلى تكسر أعمدة الدوالب المزدوجة في مؤخرة الشاحنة فتقدم المحمولون بدعوى
    في إطار الفصل 88 من ق.ل.ع للمطالبة بالتعويض، فحكمت المحكمة الابتدائية في
    1961/1/6 برفض الطلب لعلة أنه لم يثبت أن النقل كان بعوض ولم يثبت خطأ السائق أو المالك
    وصححته محكمة الاستئناف وقالت بأن الضحية لا يمكن أن يعوض عما لحق به إلا إذا أثبت
    خطأ حارس الشاحنة أو السائق حسب مقتضيات الفصلين 77 و 78 من ق.ل.ع.(1) وأن هذا الخطأ
    لم يثبت، ولكن المجلس الأعلى نقضه، وقال بأن هذه العلل ليس من شأنها تبرير ما قضت به
    المحكمة، إذا أن الطالب قد ارتكز على الفصل 88 وسواء كان النقل مجانا أو بعوض فإن صاحب
    السيارة يبقى مسؤولا طبقا للفصل 88 المذكور ما دام لم يثبت إعفاءه من المسؤولية.

    (1) يظهر أن القضاء المغربي كان يسير في اتجاه القضاء الفرنسي في هذه
    الفترة إذا كان القضاء الفرنسي يرفض أن يستفيد الضحية من فكرة افتراض المسؤولية والخطأ
    المنصوص عليها في المادة 1384 من القانون المدني الفرنسي المقابلة للمادة 88 من ق.ل.ع
    ولكن المجلس الأعلى رفض هذا الاتجاه وأخذ بفكرة الخطأ المفترض في إطار تطبيق الفصل
    88 انظر المجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد والرقم 13 و 1983/14 ص39 . مقال
    للدكتور أحمد شكري السباعي.

    وقد أقر المجلس الأعلى هذا الاتجاه رغم الاشكال الذي يثار إذ أثبت أن
    النقل بعوض بالنسبة للدفع بانعدام التأمين.

    ويستخلص من هذا كله أنه فيما يتعلق بمسؤولية حارس الحمام فإن القضاء يميل
    إلى جعلها مسؤولية عقدية، وقد ذهب الاستاذ محمد عطاف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف
    بورززات في تعليق له على القرار 397 المنشور بمجلة المحاكم المغربية رقم 63 ص 92 إلى
    اعتبار هذه المسؤولية مندرجة تحت مسؤولية مالك البناء باعتبار الحمام بناء وهو بذلك
    شيء لأن مفهوم الشيء في الفقه والقضاء قد يكون عقارا بطبيعته كالاشجار والأرض إذا انخسفت
    والمباني إذا نجم الضرر لا عن تهدمها لأنها إذا تهدمت تندرج تحت طائلة الفصل 89 من
    ق.ل.ع.

    كما أنه يمكن جعلها مسؤولية تعاقدية مع مالك الحمام على الاستحمام في
    ظروف تأمينية ملائمة ويتعين على المالك بذلك ضمان سلامة زبونه وقد عززها الرأي بما
    ذهب إليه الدكتور السنهوري في كتابه الوجيز في شرح القانون المدني ص 404 وما أثبته
    الاساتذة هنري وليون وجون مازوفي شرح الفصل 1384 من القانون المدني الفرنسي.

    وأما ما ذهب إليه المجلس الأعلـى في قـراره رقـم 278 الصـادر في
    1969/6/11 وهو أن الفصل 88 يطبق سواء كان النقل مجانا أو بعوض، فإنه يسهل مأمورية الضحية
    في توجيه دعواه في الاطار الذي يناسبه، وإن كانت هناك حالات لا يستطيع الضحية فيها
    اختيار إحدى المسؤوليتين لرفع دعواه في إطارها وإنما يجب عليه أن يرفع دعواه في إطار
    إحداهما دون الأخرى، كما أنه لا يمكنه الجمع بين المسؤوليتين بحيث يستفيد مثلا من قواعد
    الإثبات في المسؤولية التقصيرية ومن التقادم في المسؤولية العقدية، أو يرفع دعواه في
    إطار إحداها فإذا فشل في رفع دعواه عن الأخرى، لأن ذلك مخالف لحجيةالأمر المقضي أو
    الشيء المقضي(1) ثم إن القـرار 278 الصادر
    في 1969/6/11 رغم أنه يتعلق بعقد النقل إلا أن الذي يهمنا منه بالنسبة لمسؤولية مالك
    الحمام هو أنه خلص إلى أن المسؤولية قائمة سواء كان النقل بعوض أو مجانا، ونعتقد أنه
    يمكن القول كذلك بأن مسؤولية مالك الحمام قائمة سواء كان الاستحمام بمقابل أو بدونه
    ما دام لم يثبت إعفاءه من المسؤولية.

    وجاء في تعليق على قرار صادر عن المجلس الأعلى الجزائري في هذا الاطار
    بتاريخ 84/4/14 عن الغرفة المدنية في شأن مسؤولية
    الناقل وتطبيق المادة 138 من القانون المدني المطابقة للفصل 88 من ق.ل.ع ما يلي(2)
    :

    »إن الحل الذي يأخذ بالمسؤولية التقصيرية للناقل عن الحوادث التي تقع
    خارج واسطة النقل، ولو كانت هذه الواسطة ماهي إلا سببا غير مباشر للحادث، يستحق التأييد
    سواء من حيث أساسه القانوني أو من حيث آثاره العملية، فالمسؤولية التقصيرية تشكل القانون
    العام بالنسبة للمسؤولية العقدية، لذا فإنها مؤهلة لكي تطبق في كل الحالات التي يكون
    فيها الضرر واقعا خارج الدائرة العقدية، إنها ذات طابع عام، ويمكن للمحاكم في حالات
    معينة أن تأخذ بها تلقائيا إذا اقتضت الحاجة ذلك، وهي بالاضافة إلى ذلك تحمي مصالح
    المتضرر بصورة أكبر دون أن تضحي بمصالح الناقلين الذين تكون مسؤوليتهم محمية عادة بوثيقة
    التأمين، زيادة على ذلك فإن نفقات التأمين داخلة في المصاريف في قيمة التذكرة التي
    يدفعها المسافر الذي ينبغي أن يكون المستفيد النهائي من هذا التأمين وأن يحصل على تعويض
    عن الأضرار التي تلحق به من جراء عملية النقل يمكننا أيضا أن نبرر هذا الحل بالرجوع
    إلى نظرية المخاطر أو الضمان التي يمكن للقاضي أن يعتنقها في إطار ملائم يهيمن عليه
    مبدأ تشريك المسؤولية والذي يهمنا في هذا التعليق بالنسبة لمسؤولية حارس الحمام هو
    أن المسؤولية التقصيرية تشكل القانون العام بالنسبة للمسؤولية العقدية لذا فإنها تؤهله
    لكي تطبق في كل الحالات التي يكون فيها الضرر واقعا خارج الدائرة العقدية وعليه فإذا
    ثبت أن هناك عقدا، فإن مسؤولية مالك الحمام تبقى عقدية وأما إذا لم يثبت أن هناك عقدا
    فإنه يمكن رفع دعوى التعويض عن الأضرار التي تصيب المستحم بالحمام في إطار المسؤولية
    التقصيرية باعتبارها تشكل القانون العام، ثم إنه في إطار المسؤولية العقدية فإن المستحم
    يكفيه أن يثبت أن هناك عقدا مع صاحب الحمام من أجل الاستحمام، وأنه قد أصيب بضرر في
    الحمام أثناء الاستحمام أو بمناسبة الاستحمام وأن ذلك الضرر ناتج عن استعمال مرافق
    الحمام وبعد ذلك يبقى على صاحب الحمام إثبات أنه قام بالعناية المطلوبة ليتم استحمام
    الزبون في أحسن الظروف، وما دام لم يثبت ذلك فإنه يبقى مسؤولا ما دام التزامه بتنفيذ
    العقد هو التزام ببذل عناية الرجل المعتاد وفي الالتزام ببذل عناية يكفي المدعي أن
    يثبت وجود الالتزام، وعن ذلك ينتقل عبء الاثبات إلى المدعي ليثبت تنفيذ الالتزام وإذا
    لم يفعل ثبت خطأه، وتحققت مسؤوليته العقدية، ووجب عليه تعويض المستحم عما لحقه من ضرر
    بسبب استعمال مرافق الحمام (1).

    2 - شروط تحقق المسؤولية العقدية لحارس الحمام.

    إن قرار المجلس الأعلى رقم 90/2049 موضوع التعليق لم يكتف بتحديد الخطأ
    العقدي في المسؤولية العقدية لحارس الحمام في جعل التزامه التزاما بتحقيق غاية، وإنما
    جعل التزام حارس الحمام في العقد مع المستحمين التزاما ببذل عناية، ويتضح ذلك من التعليل
    الذي استعمله المجلس الأعلى لنقض القرار، وهو قوله »فصاحب الحمام ملزم تجاه الزبناء
    في نطاق العقد الرابط بينهما باتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان سلامتهم ولا يمكن مساءلته
    إلا إذا ثبت خطأ أو تقصير من جانبه، وهذا الجانب هو الذي كان يجب أن تبحث فيه المحكمة،
    ولما اغفلته فقد عرضت قرارها للنقض«.

    (1) ينظر الوسيط ج 1 السنهوري ص 660 فيما يخص اثبات الخطأ العقدي.

    ورغم أن المجلس لم يبين بوضوح الاحتياطات التي يتعين على صاحب الحمام
    اتخاذها، فإن تقديرها بقي خاضعا لسلطة قضاة الموضوع وتبيانها من عمل الفقه ويمكن القول
    بأن صاحب الحمام يلتزم تجاه المستحمين بجعل الحمام متوفرا على جميع وسائل الاستحمام
    بما فيها الأماكن النظيفة والمياه المناسبة والأدوات الصالحة للاستعمال من كراسي وأواني
    ووسائل النظافة والإنارة المناسبة، وحراسة أمتعة المستحمين.

    ولا يلتزم إلا بتعويض الأضرار الناتجة عن تقصيره في توفير ما يتعلق بالتزامه،
    أما الأمور الخارجة عن التزامه والتي تسبب أضرارا للمستحمين فالظاهر من القرار أنه
    لا يلتزم بالتعويض عنها لأنه غير مسؤول عنها، ومن ذلك ما لو جاء شخص إلى الحمام وأخذ
    يمارس فيه تمارين رياضية فسقط وأصيب بأضرار، فإنه لا يمكنه متابعة صاحب الحمام لمجرد
    أنه أصيب بأضرار في الحمام وإنما يجب عليه أن يثبت خطأ أو تقصيرا من جانب صاحب الحمام،
    وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار رقم 397 الصادر في 1979/12/28، الذي أثبتته محكمة
    الاستئناف في قرارها المنقوض بالقرار 90/2049، ويظهر أن محكمة الاستئناف لم تستوعب
    تعليل المجلس الأعلى، واعتقدت عن خطإ أن المجلس الأعلى يميل إلى تطبيق المسؤولية التقصيرية
    على صاحب الحمام، مع أن تعليل المجلس يوضح أن قواعد المسؤولية العقدية هي الواجبة التطبيق،
    وألزم لذلك المتضرر بإثبات خطأ أو تقصير من جانب صاحب الحمام لكي تثبت مسؤوليته.

    ولو اتجه المجلس الأعلى إلى تطبيق قواعد المسؤولية التقصيرية على صاحب
    الحمام باعتباره حارس الشيء على فرض أن البناء شيء، لما ألزم المتضرر بإثبات الخطأ
    أن التقصير من جانب صاحب الحمام، ولما اتجه المجلس إلى النقض في القرارين معا، وإنما
    كان يمكنه أن يقول كما قال في القرار الصادر في 1969/6/11 رقم 278 بأن الفصل 88 من
    ق.ل.ع يطبق سواء كان النقل بعوض أو بالمجان أي سواء كان الاستحمام بالعوض أو المجان
    واعتقدأن المجلس الأعلى لحد الآن لم يبين بوضوح شروط قيام مسؤولية صاحب الحمام تجاه
    المستحمين، وذلك لأنه في القرارين معا إنما اكتفى بالنقض لعدم إثبات خطأ أو تقصير من
    جانب صاحب الحمام وسيبقى على المستحمين المتضررين أن يثبتوا هذا الخطأ أو التقصير وإلا
    ألزموا بإرجاع التعويضات التي حكمت لهم بها المحاكم مع تحمل الأتعاب والمصاريف مما
    يزيد في تفاقم أضرارهم، وكان من الأحسن تطبيق قواعد المسؤولية التقصيرية باعتبارها
    تشكل القانون العام وشاملة لجميع الحالات، وباعتبار عقد الاستحمام الشفوي يكون غير
    محدد لحقوق والتزامات الطرفين بوضوح، ولذلك يمكن القول إن تلك الأضرار تكون غالبا خارجة
    عن إطار العقد، فانزلاق المستحم بالحمام لا يدل على أن صاحب الحمام أخل بالعقد، ولو
    صح ذلك لانزلق كل من دخل إلى الحمام وذلك غير معقول، ونفس الشيء يقال عن تسخين الماء
    فوق المعتاد ما دام يوجد بجانبه ماء بارد، ولذلك ينبغي اللجوء إلى تطبيق قواعد المسؤولية
    التقصيرية كما تبين أن الحادث لا تسعه قواعد المسؤولية العقدية، ويكون إذ ذاك على صاحب
    الحمام إثبات إعفاءه من المسؤولية التقصيرية، كما لو أثبت أن المستحم كان يقوم بحركات
    بهلوانية داخل الحمام، أو أثبت أنه أحضر معه مواد واستعملها وأضرت به.

    أما إذا لم يثبت صاحب الحمام شيئا من ذلك فإنه يكفي المستحم إثبات وجود
    عقد الاستحمام وإصابته بضرر أثناء الاستحمام أو بمناسبة استعمال مرافق الحمام، وبعد
    ذلك ينتقل الإثبات إلى صاحب الحمام ليثبت أنه قام بالعناية المطلوبة وإلا أصبح مسؤولا
    عن تعويض المستحم عما لحقه من ضرر، والعناية المطلوب بذلها هي عناية الرجل المعتاد.

    (1) المجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد مقال الدكتور أحمد شكري
    ص 42 وما يليها.

    (2) هذا التعليق منشور بالمجلة المغربية للفقه والقضاء الرقم 6 أكتوبر
    1987 ص 499 وقد حرر التعليق الأستاذ زرقين رمضان أستاذ بجامعة الجزائر.

    إبراهيم باحماني

مواضيع متعلقة