الشهادة أمام المحكمة – إمكان اعتبارها قذفا خاضعا لقانون الصحافة – لا

الشهادة أمام المحكمة – إمكان اعتبارها قذفا خاضعا لقانون الصحافة – لا

القرار رقم 7705

الصادر بتاريخ 28 يوليوز 1994

ملف جنحي رقم 19954  92

القاعدة:

 لا يمكن اعتبار الأقوال المنسوبة إلى الطاعن، والتي أدلى بها أمام المحكمة ضمن الشهادة التي أداها قذفا، لأن الشاهد ملزم بأداء الشهادة طبقا لمقتضيات الفصل 319 من قانون المسطرة الجنائية، و لذلك فإن ما ينسب إليه في شهادته من قذف، يعد عملا مبررا بوجوب أداء الشهادة طبقا لمقتضيات الفصل 124 من مجموعة القانون الجنائي، إلا إذا كان ذلك خارجا عن صميم القضية و كانت المحكمة قد احتفظت للمطالب بالحق المدني بإقامة هذه الدعوى، طبقا لمقتضيات الفصل 57 من الظهير الشريف المؤرخ في 15 نونبر 1958 بشأن قانون الصحافة

 

باسم جلالة الملك

إن المجلس الأعلى

و بعد المداولة طبقا للقانون

نظر للمذكرة المدلى بها من لدن طالب النقض

في شأن وسيلة النقض الوحيدة المتخذة من انعدام التعليل و عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني، ذلك أن القرار المطعون فيه اعتمد في إدانته للطاعن بجنحة القذف المنصوص عليها في الفصل 444 من القانون الجنائي، و الفصل 44 من ظهير 15 نونبر 1958 بشأن قانون الصحافة، على شهادة أدلى بها الطاعن بإحدى جلسات المحكمة الابتدائية بتاريخ 27/3/1990 مفادها أنه شاهد المطلوب في النقض صحبة فتاة في سيارته مرة في وجدة و مرة في السعيدية، رغم إنكار الطاعن في جميع مراحل البحث و رغم أن هذا الإشهاد لا يتعلق بوقائع الحكم المطعون فيه. و إنما بقضية أخرى موضوع ملف جنحي عدد 4172/89. لازالت معروضة أمام محكمة الاستئناف، الأمر الذي يعرض القرار للنقض و الإبطال، بناء على الفصلين 347 و 352 من قانون المسطرة الجنائية.

حيث إنه بمقتضى الفصل 347 في فقرته السابعة و الفصل 352 في فقرته الثانية المذكورين يجب أن يكون كل حكم معللا من الناحيتين الواقعية و القانونية، و إلا كان باطلا، و إن نقصان التعليل يوازي انعدامه.

و حيث إن القرار المطعون فيه عندما أيد الحكم الابتدائي القاضي بمؤاخذة الطاعن بجنحة القذف المنصوص عليها في الفصل 444 من القانون الجنائي و الفصل 44 من ظهير 15 نونبر 1958 بشأن قانون الصحافة، اقتصر في تعليل ذلك على القول:

” حيث أن جنحة القذف ثابتة في حق المتهم، ذلك أن هذا الأخير و إن أنكرها في سائر المراحل إلا أن إنكاره هذا يدحضه الإشهاد المدلى به و الذي مفاده أن المتهم شهد بإحدى الجلسات 27/3/1990 بأنه شاهد المشتكي صحبة فتاة في سيارته مرة بوجدة ومرة في السعيدية و أنه معها مدة ست سنوات،

و حيث إنه أمام التناقضات الصريحة للمتهم فيما يتعلق بهذه الجنحة تبقى هذه الأخيرة ثابتة في حقه و يتعين التصريح بمؤاخذته و عقابه طبقا للقانون، و حيث إن ما قضى به الحكم المستأنف في هذا الشق مصادف للصواب و يتعين التصريح بتأييده مبدئيا مع خفض مبلغ الغرامة إلى 250 درهما، كما أن الحكم الابتدائي المؤيد به اقتصر من جهته في تعليل ما قضى به على القول: حيث تبين للمحكمة من وقائع القضية، و بعد الإطلاع على وثائق الملف و محتوياته واستنادا إلى ماراج بالجلسة من مناقشات أن الظنين قام فعلا بالمنسوب إليه و ذلك بناء على ما هو مدون بمحضر الجلسة المدرج بالملف عدد 4172/89 حيث إن المتهم صرح بصفة جازمة بأن للمشتكي علاقة غير شرعية مع فتاة تدعى التولمي فوزية، مما يعد قذفا و اتهاما للمشتكي بالخيانة الزوجية، و حيث إن ما يؤكد ثبوت جريمة القذف في حق المتهم كون زوجة المشتكي غادرت بيت الزوجية تاريخ حصول و قائع هذه القضية، و حيث إن محاضر الجلسات لها صفة رسمية و يوثق بها و لا يطعن فيها إلا بالزور، في حين أن الثابت من وثائق الملف أن الأقوال المنسوبة إلى الطاعن، أدلى بها أمام المحكمة ضمن الشهادة التي أداها في القضية ذات العدد 4172/89، و إن الشاهد ملزم بأداء الشهادة طبقا لمقتضيات الفصل 319 من قانون المسطرة الجنائية، و لذلك فإن ما ينسب إليه في شهادته من قذف، يعد عملا مبررا بوجوب أداء الشهادة طبقا لمقتضيات الفصل 124 من مجموعة القانون الجنائي، إلا إذا كان ذلك خارجا عن صميم القضية و كانت المحكمة قد احتفظت للمطالب بالحق المدني بإقامة هذه الدعوى، طبقا لمقتضيات الفصل 57 من الظهير الشريف المؤرخ في 15 نونبر 1958 بشأن قانون الصحافة الأمر الذي لم يبرزه القرار المطعون فيه.

و عليه فإن المحكمة عندما أيدت الحكم الابتدائي و أصدرت قرارها على النحو المذكور، لم تعلله تعليلا كافيا، و لم تجعل لما قضت به أساسا صحيحا من القانون.

و حيث إن حسن سير العدالة، و مصلحة الطرفين يقتضيان، و بصفة استثنائية، إحالة القضية على نفس المحكمة.

من أجله

قضى بنقض القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بوجدة في القضية الجنحية ذات العدد 349/91 بتاريخ 6 يونيو 1991 و بإحالة القضية على نفس المحكمة و هي متركبة من هيئة أخرى لتبت فيها من جديد طبقا للقانون و برد القدر المودع لمودعه و على المطلوب في النقض بالصائر.

كما قرر إثبات قراره هذا في سجلات المحكمة المذكورة إثر القرار المطعون فيه أو بطرته.

و به صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط.

وكانت الهيأة الحاكمة متركبة من:

السادة  أبو مسلم الحطاب رئيسا و المستشارين محمد رجاء ملين و عبدالرحيم صبري و عزيزة الصنهاجي و السعدية الشياظمي بمحضر المحامي العام السيد بوقرعي علال الذي كان يمثل النيابة العامة و بمساعدة كاتبة الضبط السيدة العبدلاوي مباركة. 

One Reply to “الشهادة أمام المحكمة – إمكان اعتبارها قذفا خاضعا لقانون الصحافة – لا”

  1. تعليق

    على القرار السابق عدد 7705

    بتاريخ 28/7/94 بالملف الجنحي
    19954 92

    تعد الحالة التي يدور حـولها القرار رقم 7705 الصادر عن المجلس الأعلى(الغرفة الجنائية) بتاريـخ
    28/7/1994(محل التعليق) إحدى الحالات التي يطلق عليها الفقه الجنائي ” القذف المباح1، ويلحقها بحالة
    ” التبليغ عن الجرائم”. لأن هذا التبليغ حق لكل شخص(الفصل 78 من قانون المسطرة
    الجنائية)، و واجب عليـه، و لا سيمـا الموظفين العمومييـن(الفصل 39 من نفس القانون)،
    و ذلك تحت طائلة العقاب(الفصلان 209 و 299 من مجموعة القانون الجنائي) إذا تعلق الأمر
    بجرائم معينة. و كما أن التبليغ عن الجرائم التي يجوز للنيابة العامة إقامة الدعوى العمومية عنها بغير شكوى أو طلب2 لا يعد جريمة، و لو تضمن قذفا، لأنه يساعد السلطات العمومية على اكتشاف الجرائم و تعقب مرتكبيها مادام موضوعه واقعة صحيحة في الواقع، أو في اعتقاد المبلغ، إذا كان اعتقاده مبنيا على أسباب معقولة.3 فكذلك الإدلاء بالشهادة في دعوى معروضة على المحاكم، و لو اشتملت هاته الشهادة على ما يمكن اعتباره في الأصل ” قذفا ” لا يعد
    جريمة لكن شريطة أن تقتصر الشهادة على موضوع الدعوى الذي دعي الشاهد للإدلاء بشهادته
    فيه، و إلا عوقب الشاهد بعقوبة القذف متى احتفظت المحكمة للمشهود لــه (المقذوف) بحق
    إقامة دعوى ضد الشاهد بشأن ما فاه به في حقه من قذف، و هذا ما علل به المجلس الأعلى
    قراره المومأ إليه:
    و يتجلى واضحامن النصوص التي اعتمد عليها المجلس الأعلى في تعليله، ما يلي:

    1) إن الأصل في القذف الذي تتضمنه الشهادة هو الإباحة، و ذلك لأن الفصل 319 من قانون المسطرة الجنائية
    ينص على أنه ” يتعين على كل شخص استدعي بصفة شاهد أن يحضر و يؤدي اليمين القانونية
    ثم يؤدي شهادته، و إلا فيتعرض للعقوبات المنصوص عليها في القانون … ” و لأن الفصل 124 من مجموعة القانون الجنائي يقول: ” لا جناية و لا جنحة و لا مخالفة في الأحوال الآتية:
    1) إذا كان الفعل قد أوجبه القانون و أمرت به السلطة الشرعية …” و
    إن كان الوجوب هنا ليس على بابه بل المراد به الرخصة – أو الترخيص – القانونية. و معنى ذلك أن وجوب أداء الشهادة يعد سببا مبررا يمحو جريمة القذف الذي تتضمنه الشهادة.
    2) إن إباحة القذف الذي تتضمنه الشهادة أمام القضاء ليس مطلقا، بل هو مقيد بقيدين:
    -القيد الأول:
    ألا تخرج الشهادة عن موضوع الدعوى، و لذلك فإذا استدعي الشاهد لأداء شهادته عن واقعة
    معينة، فلا يجوز له أن يتحدث في شهادته عن وقائع أخرى لا علاقة لها بالدعوى، و إلا
    كان مرتكبا لجريمة القذف بالنسبة لهذه الوقائع الأجنبية.
    – القيد الثاني: أن تحتفظ المحكمة التي أديت الشهادة أمامها للمقذوف بحق إقامة دعوى عمومية، أو مدنية، ضد الشاهد الخارج في شهادته عن موضوع الشهادة. و يستفاد هذان القيدان من الفصل 57 من الظهير الشريف المؤرخ في 15 نونبر 1958 الصادر بشأن قانون الصحافة الذي ينص في فقرته الأخيرة على أنه ” … غير أن ما تضمنه القذف و كان خارجا عن صميم القضية، يمكن أن يفتح مجالا إما لإقامة دعوى عمومية و إما لإقامة دعوى مدنية من لدن الفريقين،
    إذا ما احتفظت لهم المحاكم بحق إقامة هذه الدعاوى.و لذلك فإن معاقبة الشاهد عن القذف الذي يرد في شهادته – خلافا للأصل الذي هو الإباحة – تتطلب من المحكمة إبراز الشرطين المذكورين، و إلا تعرض حكمها للنقض، كما
    وقع في نازلة القرار موضوع التعليق.

    أبو مسلم الحطاب

    رئيس غرفة بالمجلس الأعلى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *