القرار رقم 222
الصادر بتاريخ 9 يبراير 1983
ملف مدني رقم 86548
لا يشكل تحريف الوقائع سببا للنقض إلا إذا ترتب عنه خرق للقانون.
يشترط للتقيد بقاعدة القاضي الجنائي يوقف المدني أن يكون هناك بين الدعوى العمومية والدعوى المدنية وحدة السبب والموضوع.
باسم جلالة الملك
إن المجلس
بعد المداولة طبقا للقانون.
فيما يتعلق بالوسيلتين الأولى والثالثة:
حيث يستفاد من الاطلاع على محتويات الملف والقرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بطنجة بتاريخ 20/5/1980 أن عبدالسلام البخاري استصدر بتاريخ 13/4/1979 أمرا بالأداء ضد شركة صوفاديك يقضي عليها بأداء مبلغ 30.000 درهم قيمة شيكين وأن المحكوم عليها استأنفت الأمر المذكور مدعية أن المستأنف عليه اختلس الشيك الأول وأن المستأنفة سجلت به دعوى جنحية في الموضوع رائجة بجلسة 14/6/1979 وأما الشيك الثاني فقد أدي بواسطة شيك آخر يحمل رقم 505926 فقضت محكمة الاستئناف بتأييد الأمر المستأنف مستبعدة جميع دفوع المستأنفة لكونها غير مرتكزة على أساس.
حيث تعيب الطاعنة على القرار المطعون فيه تحريف الوقائع ونقصان التعليل ذلك أن الطاعنة أثارت قضية اختلاس الشيكات دون اخبار البنك بذلك وأن المحكمة اعتمدت في قرارها على حيثية مهمة كون الطاعنة ادعت إلاختلاس دون إثباته في حين أن الطاعنة أشارت إلى ملف جنحي الشيء الذي يوضح كون حيثيات الحكم ناقصة من حيث تبيان الوقائع هذا النقص الذي يؤدي إلى تأويلها تأويلا يوازي تحريفها.
لكن علاوة على أن تحريف الوقائع لا يشكل سببا للنقض مادام لم يترتب عنه خرق للقانون فإن القرار المطعون فيه بين عن صواب أن دفوعات الطاعنة لا ترتكز على أساس باعتبار أن الطاعنة لم تثبت اختلاس الشيك من طرف المطلوب في النقض ولم تنكر توقيعها على الشيك ولم تشر في الشيك المؤدى أنه صدر عوضا عن الشيك الأول فجاء بذلك معللا تعليلا كافيا وصحيحا مما تكون معه الوسيلتان غير مرتكزتين على أساس.
فيما يتعلق بالوسيلة الثانية.
حيث تعيب الطاعنة على القرار المطعون فيه خرق قاعدة الجنائي يعقل المدني ذلك أنه كان على محكمة الاستئناف أن تقرر ارجاء البت في الملف المعروض عليها إلى غاية صدور حكم نهائي من طرف المحكمة الجنحية.
لكن حيث إنه يشترط للتقيد بقاعدة الجنائي يعقل المدني أي يكون بين الدعوى العمومية وبالدعوى المدنية وحدة السبب والموضوع الشيء الذي لم تثبته الطاعنة علاوة على أن الطاعنة لم تدل بما يثبت أن هناك دعوى جنائية تتعلق بنفس الموضوع فالوسيلة غير مرتكزة
من أجله
قضى برفض الطلب وعلى صاحبته بالصائر.
الرئيس: المستشار المقرر: المحامى العام:
السيد محمد عمور السيد عبابو السيد الشبيهي.
المحامي:
الأستاذ محمد الفلاح.
قراءة التعليقات (1)
ما دفعني للتعليق على هذا القرار أمران اثنان، أولهما متى يعتبر تحريف الوقائع سببا من أسباب النقض والثاني أداء قيمة شيك بواسطة شيك آخر وإثبات هذه المسألة.
فبخصوص الأمر الأول ينص الفصل 359 من قانون المسطرة المدنية على أنه " يجب أن تكون طلبات نقض الأحكام المعروضة على محكمة النقض مبنية على أحد الأسباب الآتية:
1- خرق القانونالداخلي؛
2 - خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف؛
3 - عدمالاختصاص؛
4 - الشطط فياستعمال السلطة؛
5 - عدم ارتكازالحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل.
ومن المعلوم ان محكمة النقض في العديد من قراراتها متشددة في وجوب التقيد بمقتضيات هذا الفصل وتعامل عرائض النقض التي لا تؤطر الأسباب في إطار ما هو مبين في الفصل االمذكور بقسوة وتقضي بدون تردد بعدم قبول هكذا عرائض.
وإن كان المجلس الأعلى فيما سبق حاول التلطيف من غلواء النص إذ اعتبر أن العريضة التي تتبنى سببا للنقض من قبيل فساد التعليل أو نقصان التعليل بالرغم من عدم ورود هذين السببين في النص المذكور هو بمثابة انعدام للتعليل، وهو ما نجده في كثير من قرارتها حيث تقول محكمة النقض والمجلس الأعلى سابقا أن تعليل القرار ناقص أو فاسد وتضيف عبارة الموازي لانعدامه، وهذه الإضافة أملتها ضرورة احترام النص ليس إلا الذي جعل من بين أسباب النقض انعدام التعليل.
ولكن الجديد في القرار محل التعليق أنه تبنى سببا آخر للنقض وهو تحريف الوقائع، وعلى هدي العمل السابق حاول ربطه بأحد الأسباب المنصوص عليها قانونا وهي خرق القانون.
إلا أنه في قرارات أخرى ربط المجلس بين التحريف وبين فساد التعليل أو انعدامه، والسؤال المطروح أيهما أقرب للربط مع التحريف هل نقصان التعليل وفساده الموازي لانعدامه أم خرق القانون.
من المعلوم أن خرق القانون معناه وجود قاعدة قانونية تم خرقها وهذه القاعدة لا بد وأن يكون لها رقم معين ونص معين، إلا ان الملاحظ في العرائض التي تؤطر سبب النقض في تحريف الوقائع لا تربطه صراحة بخرق القانون وإنما بالتعليل بمعنى ان من يدعي ان القرار حرف الوقائع كثيرا ما يخلص إلى أن تعليله لم يكن مطابقا لموضوع النازلة أو ما تثبته وثائقها.
وعليه يمكن القول أن قرار المجلس الأعلى موضوع التعليق مال كثيرا عن الربط الممكن إقامته بين تحريف الثقائق وخرق القانون لأنه لا يمكن أبدا القول بأن قراءة المحكمة لواقعة أو تصريح أو وثيقة بشكل يخالف مضمونها يؤدي إلى خرق القانون وإنما الأكيد أنه سيؤدي إلى تعليل فاسد أو ناقص أو في أضعف الحوال إلى جعل القرار غير مرتكز على أساس قانوني وهو في جميع الأحوال سبب ربطه المشرع بالتعليل.
أما الأمر الثاني فهو إثبات أداء شيك بواسطة شيك آخر.
لقد جاء في تعليل القرار القرار المطعون فيه أن القرار الاستئنافي بين عن صواب أن دفوعات الطاعنة لا ترتكز على أساس باعتبار أنها لم تشر في الشيك المؤدى أنه صدر عوضا عن الشيك الأول.
والإشكال المطروح هو أن هذا التعليل يعيدنا إلى النقاش الدائم والمستمر والمتعلق بإشكالية وظيفة الشيك هل وسلة وفاء أم ائتمان، وهل يمكن البحث في سبب إصدار شيك ما.
لقد اختلفت الاجتهادات القضائية ما بين متساهل ومتشدد، والفريق المتساهل يسمح بالبحث في سبب إصدار شيك ويجيز للمدعي إثبات أن الشيك هو لأداء معين أو تنفيذا لالتزام ما بكل وسائل الإثبات الممكنة، وفريق آخر متشدد لا يستجيب لهكذا طلبات ويمتنع عن البحث في سبب إصدار شيك.
والمجلس الأعلى في قراره هذا فتح المجال للبحث في سبب اصدار الشيك إلا أنه قيده بطريقة معينة وهي وجوب أن يشار فيه إلى سببه، ورب سائل يسأل هل كان على المحكمة ان تستجيب لطلب البحث أو الاستماع للشهود أو الاطلاع على الدفاتر التجارية لإثبات هذه الواقعة.
في رأينا ما دام القرار محل التعليق فتح المجال للبحث في السبب فإنه لم يعد هناك ما يمنع منالبحث في سبب إصدار الشيك