القرار عدد 8/558 الصادر بتاريخ 2013/11/12
في الملف رقم2013/8/1/1633
القاعدة:
لا عبرة بتاريخ حكم المصادرة وإن جاء سابقا على شراء طالب التحفيظ وإنما العبرة هي لتاريخ تملك البائع لطالب التحفيظ الذي سبق له ان تملكه بالشراء قبل حكم المصادرة ،
تصرف المصادرة أملاكه بالبيع قبل صدور الحكم بالمصادرة يلزمه هو وخلفه طبقا للفصل 229 من قانون الالتزامات والعقود،
حكم المصادرة لا يمكنه أن يطال ما سبق التصرف فيه من أملاك قبل صدوره.
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 24/10/2012 من الطالبة أعلاه بواسطة نائبها المذكور، والرامي إلـى نقض القرار عدد 78 الصادر عـن محكمـة الاستئناف بأكادير بتاريـخ 28/02/2012 في الملف رقم 47/2010.
وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 06/06/2013 من المطلوبين بواسطة نائبهما المذكور والرامية إلى رفض الطلب.
وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 30/09/2013 وتبليغه.
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 12/11/2013.
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تلاوة المستشار المقرر السيد جمال السنوسي لتقريره، والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام ابراهيم الرزيوي.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بتاريخ 19/01/2001 بالمحافظة العقارية بتزنيت تحت رقم 8627/31 طلب محمد وعبد القادر المهداوي تحفيظ الملك المسمى” تلعينت 677 ” وهو عبارة عن أرض محاطة بسور، في جزء منها مسكن سفلي وبئران وإسطبل وفي جزء آخر أرض عارية ، الواقع بإقليم وعمالة ودائرة تزنيت قيادة اولاد جرار جماعة الركادة بالمحل المدعو أكومكال، حددت مساحته في 75 آرا و79 سنتيارا لتملكهما له بالأشرية العرفية الأول مؤرخ في 18/02/1992 من البائع لطالب التحفيظ الأول المسمى التجيني محمد بن مبارك والمشار فيه أنه يتملك المبيع إرثا من والده، والثاني مؤرخ في 26/01/1995 من البائع لطالب التحفيظ الثاني المسمى فارسي عمر بن محمد بن فارس المشار فيه إلى أنه يملك البيع بالشراء المؤرخ في 01/07/1992، والثالث مؤرخ في 17/02/2000 من البائعة لطالب التحفيظ الثاني المسماة خدوج بنت الحسين الداهية، والمشار فيه إلى أنها كانت تملك المبيع بمقتضى رسم تسليم عرفي مؤرخ في 17/02/2000، والرابع مؤرخ في 03/07/2000 من البائعين لطالب التحفيظ الثاني المسميين محمد وامبارك ابنا الحسين الداهية، والمشار فيه إلى أنهما كانا يملكان المبيع إرثا من والدهما، والخامس مؤرخ في 12/07/2000 من البائعة لطالب التحفيظ الثاني المسماة فاطمة بنت الحسين الداهية والمشار فيه إلى أنها كانت تملك المبيع بمقتضى نفس عقد التسليم العرفي المشار إليه أعلاه.
وبتاريخ15/01/2002 سجل المحافظ ( كناش 08 عدد 151) التعرض الصادر عن الدولة الملك الخاص، مطالبة بكافة الملك المذكور لتملكها له عن طريق المصادرة من القائد السابق عبد الله بن عياد حسب لائحة الأحكام التي أصدرتها لجنة البحث المحدثة بتاريخ 27/03/1958.
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بتزنيت، وإدلاء طالبي التحفيظ بمذكرة أوضحا فيها أن القائد عبد الله سبق له أن باع ما اشتراه من وارثة الحاج عبد الله الهالكة عائشة بنت عبد الله لموروث سلفهما الهالك الحسين بن الداهية، وبالتالي لم يبق له ما يملك، وأرفقاها بالشراء عدد 930 بتاريخ 19/10/1955 والشراء عدد 931 بتاريخ 20/10/1955، وبعد إجراء المحكمة معاينة بواسطة القاضي المقرر، أصدرت بتاريخ 18/07/2006 حكمها عدد 18 في الملف رقم 54/2005 بعدم صحة التعرض المذكور. فاستأنفته المتعرضة وأيدته محكمة الاستئناف المذكورة ، وذلك بمقتضى قرارها عدد 06 بتاريخ 09/01/2007 في الملف رقم 103/2006 والذي نقضه المجلس الأعلى بقراره عدد 327 بتاريخ 20/01/2010 بطلب من المستأنفة وأحال الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد بعلة أنه “علل قضاءه بأن ما أدلت به المتعرضة من محضر إحصاء وحكم المصادرة يرجع تاريخه إلى سنة 1958 وليس بالملف ما يثبت انطباقه على المدعى فيه واقترانه بالحيازة خاصة وأن البحث المجرى بعين المكان ابتدائيا أكد أن حيازة الملك موضوع المطلب هي بيد المستأنف عليهما ولم يسبق للطاعنة أن تصرفت فيه بأي وجه. في حين أن انطباق الحجة أو عدم انطباقها على محل النزاع هو أمر موكول القيام به للمحكمة نفسها طبقا لمقتضيات الفصل 43 من ظهير التحفيظ العقاري المطبق في النازلة”.
وبعد الإحالة وإجراء المحكمة معاينة بواسطة المستشار المقرر قضت بتأييد الحكم المستأنف وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض حاليا أعلاه من المستأنفة بوسيلتين.
حيث تعيب الطاعنة القرار في الوسيلة الأولى بفساد التعليل الموازي لانعدامه ، ذلك أنه لم يأخذ بعين الاعتبار الدفوع والوسائل التي أثارتها سواء في مقالها الاستئنافي أو في مذكراتها ولم يجب عنها، إذ أوضحت أن ملكية العقارات المصادرة تنتقل إلى الدولة بقوة القانون بمقتضى حكم المصادرة، وأن حيازة المستأنف عليهما المحتج بها غير عاملة في النزاع وغير معتد بها وفق ما جاء في قراري المجلس الأعلى عدد 203 بتاريخ 17/01/2007 و3115 بتاريخ 18/10/2006، وأن قرار المصادرة هو تدبير سيادي غير قابل للطعن فيه، أي أنه وسيلة إثبات لا جدال فيها وفق قرار المجلس الأعلى عدد 227 بتاريخ 25/02/2009، وعلاوة على ذلك فإن المطلوبين يقران في مذكرة جوابهما المدلى بها في المرحلة الابتدائية بجلسة 14/03/2006 بملكية سلف الطاعنة، وأن هذا الإقرار يناقض ما صرحا به أثناء المعاينة بأن المدعى فيه لم يكن مملوكا للقائد عياد ولا لأبنائه، وإضافة لذلك فإن حكم المصادرة الصادر بتاريخ 16/08/1958 وهو تاريخ سابق على تاريخ عقود الشراء العرفية المستدل بها من المطلوبين، لم يكن محل منازعة منهما وبذلك فإن حيازتهما المزعومة غير عاملة وغير معتد بها.
وتعيبه في الوسيلة الثانية بخرق قواعد الفقه الإسلامي، ذلك أنه ورد في تعليله “أن المستأنفة باعتبارها متعرضة هي المدعية الملزمة بالإثبات”، إلا أن تطبيق هذه القاعدة لم يكن سليما باعتبار أنها أثبتت مصدر تملكها للمدعى فيه بإدلائها بحكم المصادرة ومحضر إحصاء أملاك القائد المذكور وتمسكت به، وهو يشير إلى المدعى فيه مما كان معه على المحكمة أن تأخذه بعين الاعتبار وتعمل على تطبيقه على المدعى فيه بعد الوقوف عليه للتأكد من مدى انطباقه من عدمه. كما أنه ورد في تعليل القرار” أن الطاعنة لم تدل بأي وثيقة أخرى تثبت ملكيتها أو حيازتها للعقار موضوع المطلب غير ما ذكر لدحض ما عليه الطرف المستأنف عليه من حيازة فعلية تمت معاينتها خلال مرحلتي التقاضي وشهد بها شاهدا المعاينة والتي تتجلى في البناء والتشييد والغرس والتشجير وحفر البئر مستندين في ذلك على عقود شرائهما”، إلا أن هذا التعليل فاسد من الناحيتين القانونية والواقعية لأن المحكمة لم تعمل على تطبيق حجج الطاعنة على عقار النزاع بل راحت تناقش مسألة الحيازة مشيرة إلى أن الطاعنة باعتبارها متعرضة هي الملزمة بإثبات حيازتها، مع أنه لا يمكن الحديث عن الحيازة إلا بعد تطبيق الرسوم وتساوي الحجج ، أخذا في الاعتبار أنها أدلت بعقد كراء يعود تاريخه إلى سنة 1976 وهو ما يفيد ثبوت حيازة الدولة الفعلية للمدعى فيه قبل شراء المطلوبين، وأنه على فرض وجود الحيازة لدى المطلوبين فهي غير مجدية لأنها لم تكن أبدا هادئة لمنازعة الطاعنة، ذاك أن شراءهما كان خلال سنوات1992 و1995 و2000 وتاريخ إيداع مطلبهما هو 19/01/2001 بينما تعرض الطاعنة كان بتاريخ 15/01/2002 مما يجعل حيازتهما تفتقد لشرط عدم المنازعة فيها؛ وقد جاء في قراري المجلس الأعلى عدد 3453 و 1795 بتاريخ 24/10/2007 و23/05/2007 أن الحيازة غير الهادئة لا يمكن اعتمادها. ومن جهة أخرى ما دام المدعى فيه يدخل ضمن الأملاك المصادرة فإن ملكيته تنتقل إلى الدولة بقوة القانون وتبعا لذلك فإن الحيازة والتمسك بها في مواجهة الدولة لأنها في هذه الحالة تبقى غير مجدية كما جاء في قرار المجلس الأعلى عدد 3004 بتاريخ 19/09/2007 في الملف المدني رقم 4013/1/1/2006 والقرار عدد 1709 بتاريخ 13/04/2010 في الملف المدني رقم 1588/1/1/2008 والقرار رقم 203 بتاريخ 17/01/2007، كما أن الحيازة على فرض ثبوتها لا تنتج أثرا عملا بالمادة 261 من مدونة الحقوق العينية، وقد وقع تكريس هذه القاعدة في العديد من قرارات المجلس الأعلى ومنها القرار عدد 2871 بتاريخ 12/09/2007 والقرار عدد 216 بتاريخ 21/01/2003 . وأن القرار علل أيضا بأن “الحيازة الفعلية بيد طالبي التحفيظ وتتجلى في البناء والتشييد والغرس والتشجير وحفر البئر” إلا أن هذا التعليل لا يستقيم مع القواعد المعمول بها في الفقه المالكي على اعتبار أن الحيازة لا يمكن إعمالها إلا إذا توفرت شروطها المقررة فقها وقضاء ومنها أن يضع الحائز يده على العقار محل الحيازة وأن يستمر في التصرف فيه وأن ينسبه لنفسه وينسبه الناس إليه وألا ينازعه في ذلك أحد وأن يطول الحوز والتصرف على هذه الحال المدة المقررة شرعا، مع الإشارة في هذا المجال إلى أن الحيازة ليست سببا في التملك وإنما دليل عليه فقط وهنا لابد من معرفة وجه المدخل فإذا عرف فلا حيازة كما يقول الفقهاء، وأن الطاعنة باعتبارها متعرضة لما أثبتت ملكيتها للعقار فقد كان على المطلوبين إثبات وجه مدخلهما إليه، ولا يمكن للمحكمة أن تكتفي بحيازتهما بل لابد أن تلزمهما بالإدلاء بما يثبت تملك المدعى فيه في ضوء وثائق الطاعنة وإعمال قواعد الترجيح بينها، وهو ما ذهب إليه المجلس الأعلى في قراره عدد 889 بتاريخ 14/12/1982 وفي القرار عدد 4575 بتاريخ 06/10/1999. وأن المطلوبين إنما يستندان في ادعائهما على مجرد أشرية مجردة عن أصل التملك اعتبرتها المحكمة حجة على الملكية مع أن رسوم الأشرية المجردة من أصل التملك لا تفيد الملك ولا تدل عليه لقول صاحب العمل الفاسي: لا توجب الملك عقود الأشرية * بل ترفع النزاع عند التسوية، وهو ما أكدته محكمة النقض في العديد من قراراتها ومنها القرار عدد 121 بتاريخ 14/01/2004 في الملف رقم 3447/1/1/2002 وفي القرار عدد 3328 بتاريخ 17/10/2007 في الملف رقم 738/1/1/2006، وأن المشرع سار في الاتجاه نفسه مكرسا هذه القاعدة في الفقرة الثانية من المادة 3 من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها ”لا تفيد عقود التفويت ملكية العقارات غير المحفظة إلا إذا استندت على أصل التملك وحاز المفوت له العقار حيازة متوفرة على الشروط القانونية”.
لكن؛ ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما، فإنه لا مجال في النازلة للتمسك لا بحجية حكم المصادرة ولا بقواعد الفقه الإسلامي المتعلقة بالحيازة إذ العبرة إنما هي لتاريخ تملك سلف المطلوبين للمدعى فيه وليس تاريخ شرائهما له الذي جاء لاحقا لتاريخ صدور حكم المصادرة، وأن القرار اعتمد وبالأساس أن القائد المصادرة أملاكه سبق له أن تصرف في المدعى فيه بالبيع سنة 1955 لسلف المطلوبين أي قبل صدور الحكم بالمصادرة سنة 1958، وأن ذلك يلزمه هو وخلفه طبقا للفصل 229 من قانون الالتزامات والعقود، ومن ثم فإن حكم المصادرة لا يمكنه أن يطال ما سبق التصرف فيه من أملاك قبل صدوره، وأن المحكمة غير ملزمة بتتبع الأطراف في جميع مناحي أقوالهم التي لا تأثير لها على قضائها، ولذلك فإنها حين عللت قرارها بأن “ما تمسكت به المستأنفة من كون المستأنف عليهما يقران قضائيا في أجوبتهما بتملك سلفها للعقار موضوع المطلب قد أجاب عنه هذان الأخيران بأن القايد عبد الله بن عياد المصادرة أملاكه، وبموجب الإشهاد العدلي الصادر عنه بتاريخ 20/10/1955 المضمن تحت عدد 566 صحيفة 108 قد أولى البائع لهما الحسين بن محمد الداهي الأسهم التي استولى عليها في العقار موضوع الإشهاد وهو عقد يلزم خلفه طبق مقتضيات الفصول 229 وما بعده من قانون الالتزامات والعقود” وهو تعليل غير منتقد، فإنه نتيجة لذلك يكون القرار معللا تعليلا سليما وغير خارق للقواعد المحتج بها وباقي تعليلاته المنتقدة تعتبر زائدة يستقيم القرار بدونها والوسيلتان بالتالي غير جديرتين بالاعتبار.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطاعنة الصائر.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالربـاط. و كانـت الهيئة الحاكمة متركبة من السـادة: مولاي العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسـا. والمستشارين : جمال السنوسي ـ مقررا. وعلي الهلالي ومحمد دغبر وأحمد دحمان أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد ابراهيم الرزيوي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة العكرود.