حجية الأحكام على الوقائع – قوة الشيء المقضي به – الفرق بينهما

حجية الأحكام على الوقائع – قوة الشيء المقضي به – الفرق بينهما

           قرار بغرفتين المدنية القسم الثامن والغرفة الإدارية القسم الثاني

القــرار عـدد: 212/8

المؤرخ فـي: 2015/03/31

ملف مدني

عــدد : 2014/1/8/2455

القاعدة:

الفقرة الثانية من الفصل 418 تجعل الأحكام حجة على الوقائع التي تثبتها فقط ولا تمتد هذه الحجية إلى التعليل  والمنطوق إذ لا تكون للأحكام قوة الشئ المقضي به إلا بتوفر الشروط المنصوص عليها في الفصل 451 من ق.ل.ع.

 

بناء على المقال المرفوع بتاريخ 14/3/2014 من الطالبين أعلاه بواسطة نائبهما المذكور، والرامي إلى نقض القرار عدد 302 الصادر عن محكمة الاستئناف بالناظور بتاريخ 27/8/2013 في الملف عدد310/1201/12؛

وبناء على مذكرات الجواب المدلى بها من المطلوبين في النقض ورثة فطوش حموش بنت محند والمرابط عمرو وفضمة محند حدو وفظمة تامزيانت بواسطة نوابهم المذكورين أعلاه والرامية إلى رفض الطلب؛

وبناء على قرار السيد الرئيس الأول عدد 1/2015 الصادر بتاريخ 07/01/2015 القاضي بإحالة الحكم في القضية على غرفتين الغرفة المدنية، القسم الثامن والغرفة الإدارية القسم الثاني؛

وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف؛

وبناء على الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 23/02/2015 وتبليغه؛

وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 31/03/2015؛

وبناء على المناداة على الطرفين و من ينوب عنهما وعدم حضورهم.

وبعد تلاوة المستشار المقرر السيد محمد أمولود لتقريره والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد حسن التايب؛

وبعد المداولة طبقا للقانون.

حيث يستفاد من مستندات الملف أن مقراني الحاج علال، وفضمة محند حدو، وفطوش محند حموش وفضمة تمزيانت، وفضمة محمادي حموش، ومن معهم من ورثة اكروج امحمادي، وورثة رحمة محمادي، قدموا أمام المحكمة الابتدائية بالناظور مقالا افتتاحيا بتاريخ 22/11/1994 وطلب إدخال بتاريخ 22/11/1995 وطلبا إصلاحيا بتاريخ 25/8/1995 ضد المرابط عمرو مزيان والمحافظ على الأملاك العقارية والرهون بالناظور وصندوق التامين المحدث بمقتضى الفصل 100 من ظهير التحفيظ العقاري في شخص ممثله القانوني، والمحافظ العام بالرباط، والدولة المغربية في شخص الوزير الأول ووزير الفلاحة والعون القضائي للمملكة، عرضوا فيها أنهم وكلوا المدعى عليه المرابط عمرو لاستخلاص حقوقهم الارثية   حسب الوكالة عدد 155 صحيفة 93 وتاريخ 24/6/1975، إلا انه تعرض باسمه الخاص وحده على مطلب الدولة (الملك الخاص) عدد 5593 بصفته مالكا لعقار مطلبها المذكور بالإرث، وأدلى بملكية موروثهم المؤرخة في أكتوبر 1937 وبإراثته عدد 196 وبالوكالة المذكورة. فحكم بتاريخ 05/01/1987 بصحة تعرضه على المطلب المذكور أصالة عن نفسه ودون نيابة عن غيره من الورثة، بحكم أيد استئنافيا بالقرار المؤرخ في 24/4/1989 في الملف رقم 119/1987، والذي رفض طلب النقض المرفوع ضده من الدولة (الملك الخاص) بقرار المجلس الأعلى عدد 2633 وتاريخ 11/11/1992 في الملف المدني عدد 225/90. وبناء على هذه الأحكام ألغى المحافظ المطلب عدد 5593/ن، وفتح لمطلب المتعرض المقدم طبقا للفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري المطلب عدد13765 لتحفيظ الملك في اسمه وحده، ثم أصدر بتاريخ 4/4/1994 قرار تحفيظه في اسمه كمالك وحيد له، وذلك حسب الرسم العقاري عدد 4427. وبذلك يكون وكيلهم المذكور وكذا المحافظ العقاري المدعى عليهما مسؤولين عن ضياع حقوقهم في الملك المشار أليه أعلاه وملزمين بتعويضهم عن الضرر اللاحق بهم من جراء التحفيظ، طبقا لمقتضيات الفصل 64 من الظهير المنظم للتحفيظ، لأن ملكية العقار الذي أسس له الرسم العقاري كان مشاعا بينهم وبين وكيلهم حسب الإراثة والملكية المدلى بهما، وانه كوكيل عنهم أثرى على حسابهم لما أصبح المالك الوحيد للعقار. كما أن المحافظ العقاري المدعى عليه يعتبر مسؤولا عن خطئه في هذا التحفيظ، وذلك لأنه أهمل ملكيتهم على الشياع مع وكيلهم ووكالتهم التي استدل بها أمامه. فترك بذلك ما كان يجب عليه القيام به لتهيئ  الملف أمامه، واستنادا لذلك كله وطبقا لمقتضيات الفصل 64 و100 من ظهير التحفيظ العقاري والفصل 58 من القرار الوزيري المؤرخ في 12/8/1913 الخاص بالتحفيظ العقاري والفصل 77 وما بعده من قانون الالتزامات والعقود، طلب المدعون إجراء خبرة لتحديد التعويض المستحق لهم عن حظوظهم التي حرموا منها نتيجة تحفيظ العقار أعلاه في اسم المدعى عليه مرابط مزيان وحده، وقدرها 64790,72 مترا مربعا، والحكم على المدعى عليهما المرابط عمرو مزيان والمحافظ على الأملاك العقارية والرهون بالناظور، بأدائهما لهم هذا التعويض تضامنا فيما بينهما، وإحلال صندوق التامين المحدث بمقتضى الفصل 100 من ظهير التحفيظ العقاري في شخص ممثله القانوني محلهما في الأداء.

وأجاب المدعى عليه المرابط عمرو مزيان بأن المدعين أضاعوا حقوقهم لأنهم لم يتعرضوا على مطلبه مع انه كان بإمكانهم ذلك خلال مسطرة تحفيظه، وأدلى بالأحكام الصادرة لفائدته.

وأجاب المدعى عليه المحافظ العقاري بالناظور بأن تعرض المدعى عليه المرابط عمرو على المطلب عدد 5593/ن كان لفائدته وحده، مطالبا بكافة الملك،  وبعد إحالته وحكم القضاء بصحة تعرضه نفذ الأحكام المدلى بها في الملف بإلغاء المطلب محل التعرض، وفتح مطلبا جديدا لفائدة المتعرض وحده طبقا لمقتضيات الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري ولم يتعرض عليه أحد، وانتهت مسطرته بتحفيظه باسمه وحده في الرسم العقاري عدد 4427ن البالغة مساحته 14 هكتارا و78 آرا و39 سنتيارا. ولا مجال لمسؤوليته عن هذا التحفيظ، لأن المسؤول عن الضرر اللاحق بالمدعين هو وكيلهم المرابط عمرو المحفظ العقار في اسمه لأنه لم يقم بما تقتضيه الوكالة منه وذلك بتقديم تعرضهم مع تعرضه فخالف الفصل 903 من قانون الالتزامات والعقود، وبإمكانه تدارك خطئه وتسجيلهم معه في رسمه العقاري المذكور.

وأجاب المحافظ العام بان الفصول 78 و80 من قانون الالتزامات والعقود والفصلين 64 و100 من ظهير التحفيظ العقاري والفصل 60 من القرار الوزيري المؤرخ في 4/6/1915 كلها تلزم المتضرر من قرار التحفيظ بمتابعة المسؤول المباشر شخصيا عن الضرر الذي أحدثه بفعله أو بخطئه وليس الدولة أو صندوق التامين الذي لا يحل محل المحكوم عليه في أداء التعويض المستحق إلا إذا ثبت اعساره، وكان على المدعين توجيه الدعوى ضد المستفيد من التحفيظ والمحافظ الذي اتخذ قرار التحفيظ وهو الداودي الحسين، ولا مجال لمطالبة صندوق التأمين بحلوله محل المسؤولين عن التدليس أو الخطأ إلا إذا ثبت إعسارهم.

وبعد ذلك كله أصدرت المحكمة حكمها عدد 523 بتاريخ 17/3/1997 في الملف رقم 2316/94 بالاشهاد على تنازل المدعين عن الدعوى ، فاستأنفه فريق منهم وهم ورثة رحمة محمادي حموش وحدهم، وبتاريخ 24/3/1998 تدخل أمام محكمة الاستئناف ورثة فضمة ادريوش حموش مطالبين بالحكم لهم بالتعويض فألغته محكمة الاستئناف المذكورة وقضت بإرجاع الملف إلى المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم، وذلك بقرارها عدد63 بتاريخ 26/1/1999 في الملف رقم 1112/97 ، وبعد إرجاعه إليها أجرت خبرة بواسطة الخبير الحسين الصقلي الذي حدد قيمة العقار المطلوب التعويض عنه في مبلغ 1186 درهما للمتر المربع وأدلى ورثة فضمة ادريوش بطلب إضافي بتاريخ 21/7/2003 محددين فيه مقدار التعويض المطلوب لهم في المبالغ الواردة فيه. وأدلى المدعى عليه المرابط عمرو بتنازل مرابط مريم عن الدعوى وبالحكم الابتدائي عدد 1797 الصادر بتاريخ 11/7/2003 في الملف رقم 636/2008 ، وبالقرار الاستئنافي عدد227 الصادر بتاريخ 29/3/2005 في الملف رقم 144/04 ، وبالقرار الاستئنافي عدد 464 وتاريخ 26/6/2007 في الملف رقم 412/5/07 الصادر بعد قرار النقض والإحالة عدد 1921 بتاريخ 7/6 /2006 في الملف 2013/1/1/2005، وبقرار المجلس الأعلى عدد 1463 وتاريخ 30/3/2010 في الملف رقم 2043/1/1/2008 الذي رفض النقض المرفوع من المحافظ ومن معه ضد القرار 464 المذكور.

وأجاب صندوق التامين ممثلا من طرف المحافظ العام بعدم قبول الدعوى لخرقها الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، ولسقوطها بتقديمها بعد اجل السنة المحدد لها في الفصل 64 من القرار الوزيري المؤرخ في 4/6/1915، ولعدم احترام الفصل 60 من القرار الوزاري المذكور بإقامتها ضد المحافظ بصفته الإدارية وليس بصفته الشخصية، وأكد عدم توافر شروط الفصل 64 من ظهير التحفيظ العقاري وذلك لعدم ثبوت أي خطا من المحافظ العام ولا من المحافظ العقاري.

وبعد ذلك كله أصدرت المحكمة حكمها عدد 810 بتاريخ 20/7/2011 في الملف رقم 451/99 بتسجيل تنازل مقراني الحاج علال مزيان ومريم اكروج عن دعواهما، وبعدم قبول طلبات ورثة رحمة محمادي حموش، وبإلزام المحافظ على الأملاك العقارية والرهون بالناظور بأداء تعويض قدره 1916125,32 درهما لفائدة المدعية فضمة محند حدو، وبمبلغ 40877458,76 درهما لفائدة المدعية فطوش محند حموش ، وبمبلغ 10219358,76 درهما للمدعية فضمة تمزيانت محند ، وبمبلغ 8759455,44 درهما لبنعيسى الريفي ، وبمبلغ 4379725,72 درهما لعائشة أخصاصي وذلك عن الأضرار اللاحقة بهم من جراء تحفيظ الأرض موضوع الرسم العقاري عدد 4427/11، على أن تؤدى المبالغ المحكوم بها من طرف صندوق التأمين الخاص بالتحفيظ العقاري في حالة إعسار المحكوم عليه، وبرفض باقي الطلبات

فاستأنفه المدعى عليهما المحافظ العقاري وصندوق التامين المذكورين، وواصل ورثة فطوش محند حموش الدعوى لوفاتها مدلين بإراثتها عدد 133 المؤرخة في 28/4/2011، ثم أدلى المستأنف عليه المرابط عمرو مزيان بقرار المجلس الأعلى عدد 1463 وتاريخ 30/3/2010 والقرارات الاستئنافية التي سبق له الإدلاء بها ابتدائيا ودفع بعدم مسؤوليته، وبعد ذلك كله قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنفين في الفرع الرابع من الوسيلة الأولى والوسيلة الثالثة المدمجتين بخرق القانون، ذلك أن المسطرة التي انتهت بالتحفيظ أنجزت وفق الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري وذلك استنادا إلى القرار الاستئنافي الذي اعتمده المتعرض المرابط عمرو، والذي فحص الرسوم المستدل بها في المطلب عدد 5593/ن واستخلص منها أن التعرض على هذا المطلب كان من المتعرض المذكور وحده دون غيره، مطالبا بكافة الملك، أما بقية المطلوبين في النقض فهم غير متعرضين عليه، وقد اعتمد هذا الأخير على القرار المذكور في فتح مطلبه عدد13765/11 والذي تم إشهاره و تحديده ولم يتعرض عليه احد، وأن المحافظ العقاري ملزم باحترام حق طالب التحفيظ المذكور الذي حققه القضاء، وملزم بما انتهى إليه فيه، وليست له سلطة ملاءمة كما ورد في القرار المطعون فيه، كما خرق القرار المطعون فيه قاعدة نسبية الأحكام، لما اعتمد  في قضائه على قرار المجلس الأعلى الوارد فيه والذي يهم  أطرافا آخرين غير أطراف هذه الدعوى.

حيث صح ما عابه الطاعن على القرار المطعون فيه ذلك انه يتجلى من وثائق الملف أن الطاعن تمسك بانتفاء مسؤوليته لكونه اتخذ قرار التحفيظ تنفيذا لحكم قضائي بت في صحة تعرض المتعرض، وأن المطلب قدم في إطار الفصل 37 من قانون التحفيظ العقاري، إلا أن القرار المطعون فيه اعتبر في تعليله أن “القرار عدد 1463 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 30/03/2010 في الملف المدني عدد 2043/1/1/2008 المدلى به من المستأنف عليه عمرو المرابط  حسم وبصورة  باتة في مبدأ هذه المسؤولية  وجعلها على عاتق المحافظ على الأملاك العقارية بالناظور، ولذلك فهو حجة في الإثبات استنادا لمقتضيات الفصل 418 من ق.ل.ع”. في حين أن الفقرة الثانية من الفصل 418 المعتمد عليه في القرار أعلاه إنما يجعل الأحكام حجة على الوقائع التي تثبتها فقط ولا تمتد هذه الحجية إلى التعليل  والمنطوق إذ لا تكون للأحكام قوة الشئ المقضي به إلا بتوفر الشروط المنصوص عليها في الفصل 451 من ق.ل.ع وهي غير قائمة في نازلة الحال، الأمر الذي كان معه على المحكمة مصدرة القرار أن تناقش الدعوى على ضوء العناصر المتوفرة لديها بصرف النظر عما قضى به القرار المستدل به. ولما لم تفعل يكون قرارها خارقا للمقتضيات المذكورة، مما عرضه للنقض والإبطال.

 

                                                                                                         لهذه الأسباب؛

قضت محكمة النقض بنقض وإبطال القرار المطعون فيه المشار إليه أعلاه وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف بفاس للبت فيها طبقا للقانون وبتحميل المطلوبين في النقض المصاريف.

كما قررت إثبات قرارها هذا بسجلات المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه إثره أو بطرته.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. وعبد السلام الوهابي رئيس الغرفة الإدارية (القسم الثاني) والمستشارين: محمد أمولود ـ مقررا. وأحمد دحمان وجمال السنوسي ومصطفى زروقي وسعد اغزيول برادة وسعاد المديني وسلوى الفاسي الفهري ومحمد بوغالب أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد حسن تايب وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة كنزة البهجة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *