القــرار عـدد: 113/8
المؤرخ فـي: 2015/02/17
ملف مدني
عــدد : 2014/1/8/2012
القاعدة:
كون العقار من أملاك الأحباس لا يمنع قانونا من ترتيب حق المرور عليه بالنسبة لعقار في ملك الخواص إذا كان هذا الأخير محاصرا.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بتاريخ 26/06/2000 بالمحافظة العقارية بتازة تحت رقم 4951/21 طلب ناظر الأوقاف والشؤون الإسلامية بتازة تحفيظ الملك الفلاحي المسمى ”الزالفي 1” الكائن بدوار الشقة الجماعة القروية لباب مرزوقة إقليم تازة حددت مساحته في 15 آرا و11 سنتيارا، لتملك الأوقاف له بالحيازة الطويلة والهادئة.
وبتاريخ 18/06/2004 (كناش 08 عدد 139) تعرض على المطلب المذكور طبيزة محمد بن عزوز مطالبا بممر عرضه ستة أمتار يربط منزله المبني على العقار المحفظ ذي الرسم العقاري 2327/1 بالطريق الثانوية المتجهة من تازة إلى باب بودير وذلك بين العلامتين ب 3 و ب 4.
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بتازة وإجرائها معاينة بمساعدة الخبير عبد القادر بوزيان، وأصدرت بتاريخ 29/04/2010 حكمها عدد 18 في الملف رقم 49/08/24 بصحة التعرض المذكور، فاستأنفه طالب التحفيظ وأيدته محكمة الاستئناف المذكورة وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنف بست وسائل.
فيما يخص الوسيلتين الأولى والثالثة ذات الأولوية لتعلقهما بالشكل
حيث يعيب الطاعن القرار في الوسيلة الأولى بخرق مقتضيات الفصل 342 من قانون المسطرة المدنية، ذلك أن المستشار المقرر لم ينجز أي تقرير بالملف ولم تتم تلاوته ولم يستشر الطاعنان ولا دفاعهما في تلاوته كما أن الرئيس لم يعف المقرر من التلاوة لعدم وجود التقرير أصلا، وهو ما ألحق بهما ضرر بالغا.
ويعيبه في الوسيلة الثالثة بخرق القاعدة المسطرية التي ينص عليها الفصل 45 من ظهير 12/08/1913، ذلك أن الفصل أعلاه ينص على أن مناقشة القضية تبتدئ بتقرير المستشار المقرر المكلف بالقضية الذي يشير إلى المسائل المطلوب حلها، وأنه بالرغم مما نص عليه في الصفحة الأولى من القرار على أنه تم إعفاء المستشار المقرر من تلاوة التقرير من طرف الرئيس وأن الأطراف لم تعارض في هذا الإعفاء، فإنه بالرجوع إلى وثائق الملف سيلاحظ عدم وجود أي تقرير بينها مما يفيد عدم إنجازه وهكذا منطقيا فإنه لم يتم أي إعفاء من تلاوته لعدم وجوده أصلا.
لكن؛ ردا على الوسيلتين أعلاه معا لتداخلهما، فإن تلاوة التقرير باعتباره إجراء مسطريا لا يترتب عن الإخلال به النقض طبقا للفصل 359 من قانون المسطرة المدنية إلا إذا أضر بأحد الأطراف وهو ما لم يثبته الطاعنان، الأمر الذي تكون معه الوسيلتان غير جديرتين بالاعتبار.
وفيما يخص باقي الوسائل
حيث يعيب الطاعن القرار في الوسيلة الثانية بخرق الفصل 43 من ظهير 12/08/1913، ذلك أنه يوجب على المستشار المقرر اتخاذ التدابير التكميلية للتحقيق والوقوف على عين المكان وله أن يصاحب معه مهندسا مساحا طبوغرافيا، أما أن يكلف خبيرا عقاريا فهذا يمنعه القانون لأن السيد عبد القادر بوزيان غير حاصل على أي شهادة للهندسة، لذا فإن القانون لا يعطيه الحق في مصاحبة المستشار المقرر فبالأحرى القيام بالمعاينة بدلا عنه ومطابقة الحجج على الأرض.
ويعيبه في الوسيلتين الرابعة والخامسة مندمجتين بخرق المادتين 51 و 64 من مدونة الأوقاف، ذلك أنه لا يمكن مواجهة الأحباس بقاعدة التطهير الناجمة عن تأسيس الرسم العقاري كما ينص على ذلك ظهير 02 يونيو 1915 المطبق على العقارات المحفظة في الفصل 75 والذي ينص على أن الأحباس تبقى خاضعة للقوانين والضوابط الخاصة والعوائد الإسلامية والتي من بين أحكامها عدم تفويت الأملاك المحبسة وفسخ عقود التفويت التي أبرمت في شأنها ولو كان المفوت له حسن النية، وهذا الاستثناء أكده الفقه والقضاء كما في القرار عدد 688 الصادر بتاريخ 20/02/2008 في الملف المدني عدد 1162/1/3/2006 ن وهذا ما نصت عليه المادة 51 من مدونة الأوقاف وبالتالي تبقى الإمكانية الوحيدة هي المتوفرة في المسطرة القانونية المنظمة في المدونة المذكورة، وأن المادة 64 تنص على أن كل معاوضة تخضع للموافقة المسبقة للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف وبالتالي لا يمكن تصور انتقال أي شبر من أراضي الأحباس إلى الأغيار إلا بعد حصول هذا الغير على الموافقة الصريحة لوزارة الأوقاف.
ويعيبه في الوسيلة السادسة بانعدام الأساس القانوني ونقصان التعليل الموازي لانعدامه، ذلك أنه علل بأن المتعرض له الحق في المرور بأرض الحبس، وأن ليس للطاعن إلا الحق في الرجوع عليه للمطالبة القضائية بالتعويض عن حق المرور استنادا للمادة 64 من مدونة الحقوق العينية، إلا أن هذا التعليل يدل على أن محكمة الاستئناف أبرمت معاوضة صريحة لأرض حبسية بين المتعرض ووزارة الأوقاف دون وجه حق ودون أن يطلب منها ذلك أحد من طرفي الدعوى، كما أن هذا التعليل مجانب للصواب لخرقه المادة 64 من مدونة الأوقاف التي تمنع صراحة كل معاوضة دون الموافقة الصريحة والمسبقة للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف وخرقه المادة 51 من نفس المدونة التي تؤكد على عدم جواز كسب أي حق على أراضي الحبس إلا وفق المقتضيات المنصوص عليها في هذه المدونة.
لكن؛ ردا على الوسائل أعلاه مجتمعة لتداخلها، فإنه لا يستفاد من وثائق الملف أن المحكمة استعانت بالخبير أثناء المعاينة، وأن القاضي المقرر هو من عاين أن الطريق محل التعرض تعتبر المنفذ الوحيد لعقار المتعرض، وأنه لا مجال للاستدلال في النازلة بمقتضيات المادتين 51 و64 من مدونة الأوقاف لأن الأولى تتعلق بمنع التصرف في الملك الحبسي وعدم جواز حجزه أو اكتسابه بالحيازة أو التقادم، والثانية بمسطرة معاوضة العقارات والمنقولات الحبسية، بينما النزاع الحالي إنما يتعلق بحق المرور لعقار محاصر في أرض الحبس، وهذا الأمر مقرر بقوة القانون ولو تعلق الأمر بأرض حبسية، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بإقرارها حق المطلوب في المرور لا تكون أبرمت معاوضة في الملك الحبسي، ولذلك فإنها حين عللت قضاءها بأن ”المتعرض محق في تعرضه الذي أضحى مؤسسا وثابتا من خلال محضر الوقوف على عين المكان، والمستأنفة يبقى لها الحق في المطالبة القضائية في مواجهة المستأنف عليه بشأن التعويض عن حق المرور الذي ثبت للمتعرض وذلك استنادا للمادة 64 من مدونة الحقوق العينية” يكون القرار مرتكزا على أساس قانوني ومعللا تعليلا سليما وما بالوسائل أعلاه غير جدير بالاعتبار.
لهذه الأسباب؛
قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطاعن المصاريف،
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: جمال السنوسي ـ مقررا. وأحمد دحمان ومصطفى زروقي والمعطي الجبوجي أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيدة لبنى الوزاني وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة كنزة البهجة.