القرار عدد 1917
الصادر بغرفتين
بتاريخ 2006/06/24
في الملف المدني رقم 2001/4/1/1950
القاعدة:
بمقتضى المادة 60 من عقد الجزيرة الخضراء المبرم سنة 1906 فإن حق تملك الأجنبي غير المواطن المغربي للعقار بالمغرب خارج المدار الحضري إنما يكون بطريق الشراء فقط وبإذن من الدولة المغربية، ولذلك فإن حيازته للعقار لا تكسبه ملكيته ولو طالت ما دامت غير مقرونة بالشراء والترخيص من الجهة المختصة.
مجرد عدم الإدلاء بالإذن المذكور يكفي لوحده لاعتبار الشراء لاغيا بصرف النظر عما يتعلق بالدفع بعدم مخاطبة القاضي على رسم الشراء وإقرار الدولة المغربية بملكية الطالبة ووجود مطلب للتحفيظ.
باسم جلالة الملك
إن المجلس الأعلى
وبعد المداولة طبقا للقانون
في شان وسيلة النقض الفريدة:
حيث يؤخذ من القرار المطعون فيه، ومن بقية وثائق الملف، أن الطالة و لورنز فانسان تقدما أمام المحكمة الابتدائية بالمحمدية بمقال في مواجهة المطلوب وأحمد بن احمد يعرضان فيه أنهما مالكان لأربع هكتارات و 48 سنتيارا من جملة 10 هكتارات من الأرض الموجودة بمزارع عرابة والمنجرة لهما عن طريق الشراء بمقتضى رسم عدد 55 على وجه الاشتراك، وأن المدعى عليهما يتصرفان فيها عن طريق الاحتلال بدون موجب، ملتمسين الحكم عليهما بإفراغ الأرض هما ومن يقوم مقامهما تحت غرامة تهديدية قدرها 100 درهم عن كل يوم تأخير، مدليين بصورة بيضاء لرسم الشراء المذكور.
وبعد جواب المدعى عليهما بسبق البت حسب الحكم الصادر بتاريخ 15-10-1986 في الملف عدد 886-86 وبأن رسم الشراء غير مخاطب عليه من طرف قاضي التوثيق، أصدرت المحكمة حكما قضت فيه على المدعى عليهما بإفراغ القطعة المدعى فيها وفق حدودها بالمقال تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 80 درهم عن كل يوم تأخير ابتداء من تاريخ محضر الامتناع بعلة أن الحكم السابق قضى بعدم قبول الطلب وهذا لا يمنع من إعادة الدعوى، وأن عدم الخطاب على رسم الشراء لا يتحمل المدعيان نتائجه وأن ما جاء به كوثيقة محررة من طرف عدلين وإن انتفت عنها الصفة الرسمية لعدم خطاب القاضي عليها فلا تنتفي عنها خصائص الورقة العرفية حسب الفصل 423 وما يليه من قانون الالتزامات والعقود، علاوة على أن المدعى عليه احمد بن احمد صرح لدى المحكمة في الملف عدد 686-86 بأنه مجرد حارس منذ سنة 1978 وأن تصريحه هذا يشكل إقرارا قضائيا باحتلاله للمدعى فيه بدون سند وأن الطرف المدعى عليه لم يثبت بحجة وجه مدخله وتواجده بالعقار أهو بالشراء أم بالإرث أم بغيره، فاستأنفه المدعى عليه مبينا في مقال استئنافه أن العيب الشكلي الذي بني عليه عدم قبول الدعوى السابقة بقي قائما لأن المدعيين لم يدليا برسم شراء مخاطب عليه من طرف القاضي، وأن المستأنف عليهما لا يحق لهما اقتناء عقار يوجد خارج المدار الحضري لكونهما أجنبيين أولهما فرنسي والثانية إيطالية، وأن ظهير 02-03-1973 يمنعهما من ذلك، وأن خطاب القاضي هو الذي يعطي للرسم الصفة المصححة والثبوتية.
وبعد جواب المستأنف عليهما بأن مقال الاستئناف لم يتضمن ما يتطلبه الفصل 142 من قانون المسطرة المدنية من ذكر للأسماء الشخصية والعائلية وصفة وموطن ومحل كل طرف وبأن الحكم الابتدائي مبني على أساس، وبعد إدلاء المستأنف عليهما بصورتين مشهود بمطابقتهما للأصل من رسم ملكية عدد 673 ومن إشهاد عدد 907، أصدرت محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء بتاريخ 07-03-1989 قرارا في الملف عدد 2555-87 قضت فيه بتأييد الحكم المستأنف، طعن فيه المستأنف بالنقض وأصدر المجلس الأعلى بتاريخ 21-03-1995 قرارا تحت عدد 1087 في الملف المدني عدد 1666-89 قضى فيه بالنقض والإحالة على نفس المحكمة بعلة أنه بمقتضى المادة 11 من معاهدة سنة 1860 المنعقدة بين الدولة المغربية والدول الأجنبية والتي نقلت إلى المادة 60 من عقد الجزيرة الخضراء المبرم سنة 1906، فإن حق تملك الأجنبي غير المواطن المغربي للعقار بالمغرب إنما يكون بطريق الشراء فقط وبإذن من الدولة المغربية، ولذلك فإن حيازته للعقار داخل المغرب لا تكسبه ملكيته ولو طالت ما دامت غير مقرونة بالشراء والترخيص من الجهة المختصة ، وعليه فإن حيازة الفرنسيين الأجنبيين المطلوبين لعقار النزاع المشهود به لهما في اللفيفية عدد 673 وحدها لا تفيدهما ولا تكسبهما ملكيته ما دامت غير مقرونة بالشراء والترخيص المشار إليهما، إذ الشراء عدد 55 المستدل به من قبلهما إنما هو مجرد نسخة بيضاء منه غير مخاطب عليها ولا مشهود بمطابقتها للأصل من طرف القاضي مما كانت معه فاقدة لقوة الإثبات التي لأصلها طبقا للفصل 440 من قانون الالتزامات والعقود، وبالتالي فإن المحكمة حين أسست قضاءها على الطاعن بإفراغه المدعى فيه للمطلوبين على مجرد شهادة اللفيف بالحيازة لهما دون اقترانها بشراء صحيح وبالترخيص المذكور تكون قد ركزت قرارها المطعون فيه على غير أساس.
وبعد الإحالة وتقديم المستأنف المطلوب لمستنتجاته بعد النقض تمسك فيها بصرورة التقيد بقرار الاحالة، وتقديم المستأنف عليها ديكارا ايفون لمستنتجاتها بعد النقض تؤكد فيها ما سبق مضيفة أن وثائق المستأنف قد وقع الحكم بزوريتها بمقتضى قرار جنائي في الملف عدد 52-99 ويتعلق الأمر برسم إراثة والده وبرسم إحصاء تركته، أصدرت محكمة الإحالة بتاريخ 15-07-1999 قرارا تحت عدد 7911 في القضية المدنية ذات العدد 4520/95 قضت فيه بإلغاء الحكم المتخذ والحكم من جديد بعد التصدي بعدم قبول الدعوى بعلة أن صورة رسم الشراء عدد 55 المدلى بها بعد النقض لإثبات صحة الشراء قد ثبت للمحكمة بالرجوع إليها أنها غير موقعة من طرف قاضي التوثيق آنذاك وهذا ما تتضمنه نسخة رسم الشراء المذكور وأن مخاطبة العلامة قاضي المحمدية زناتة عليها يتعلق باستقلال النسخة عن أصلها، وأنها نسخة ضعيفة الأصل مأخوذة من هذا الرسم غير الموقع عليه حسب ما يشهد بذلك بمضمن نفس الرسم العلامة قاضي المحمدية زناتة والتي جاء فيها : ” رد وأعلم بدون توقيع من طرف القاضي المكلف بالتوثيق آنذاك ” مما يجعل صورة الرسم المدلى به بعد النقض كأصلها فاقدة لقوة الإثبات التي لأصلها ولا يمكن الاحتجاج بها لنسبة الملك للمستأنف عليها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذا الرسم غير مرفق بالإذن من الدولة المغربية استنادا لمقتضيات الفصل 60 من عقد الجزيرة الخضراء المبرم سنة 1906، والتي تنص على أن حق تملك الأجنبي غير المواطن المغربي للعقار بالمغرب إنما يكون بطريق الشراء فقط وبإذن من الدولة المغربية الأمر غير المتوفر في النازلة لا من حيث صحة الشراء لمخالفته ولعدم توفره على الشروط المتطلبة قانونا للإثبات وكذا لعدم وجود الإذن من الدولة المغربية لصحة هذا التفويت، وأن الاعتماد على مجرد اللفيف وحده لا يفيد المستأنف عليها ولا يكسبها ملكيته ما دامت غير مقرونة بالشراء الصحيح وبالترخيص المشار إليه أعلاه، وهو القرار المطلوب نقضه.
حيث تعيب الطاعنة القرار المذكور بخرق قواعد التملك، ذلك أنه بنى قضاءه على أن رسم الشراء المدلى به بعد النقض غير موقع من طرف القاضي المكلف بالتوثيق وغير مرفق بالإذن من الدولة المغربية حسب ما يقتضيه الفصل 60 من اتفاقية الجزيرة الخضراء المبرم سنة 1906، وأن ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف من هذه الناحية لا يرتكز على أساس قانوني سليم، فمن جهة لأن العارضة أدلت برسم الشراء العدلي عدد 55 صحيفة 112 كناش 5 الذي اشترى بموجبه عمها و شريكه القطعة الأرضية موضوع النزاع، وأن هذا الرسم مضمن بسجل محكمة التوثيق بحيث إن إخلال قاضي التوثيق بعدم مخاطبته على ذلك الرسم يعد إخلالا إداريا لا دخل للعارضة ولا لمورثها فيه، وبالتالي لا يمكن أن تتحمل أية مسؤولية في ذلك لأن الوثيقة صحيحة و ما جاء فيها مشهود به من طرف العدلين والشهود، وأنه فضلا عن ذلك فهي تتوفر على خصائص الورقة العرفية حسبما ينص عليه الفصل 423 من قانون التزامات والعقود ما دامت تحمل توقيع أطرافها والعدلين المنتصبين للإشهاد، كما أنه بناء على رسم الشراء المذكور ورسم الملكية المنجز اعتمادا عليه تقدم موروث العارضة بطلب التحفيظ الذي اعتبره المحافظ على الأملاك والرهون مستوفيا لكل الشروط القانونية وقام بنشر إعلان بإجراء مسطرة تحفيظ للأرض موضوع النزاع وذلك بالجريدة الرسمية كما يتبين من صورة الإعلان المرفق طيه مما يكون معه القرار المطعون فيه خرق قواعد التملك وهو بالتالي غير مرتكز على أساس، و من جهة ثانية فإن محكمة الاستئناف قد سايرت المجلس الأعلى فيما ذهب إليه من كون الأجنبي لا يحق له تملك العقار إلا بعد الحصول على إذن خاص بذلك من السلطات المغربية عملا باتفاقية الجزيرة الخضراء مع أنه بالرجوع إلى الشهادة المدلى بها أمام المحكمة المذكورة بعد النقض والصادرة بتاريخ 09-09-1998 عن الدولة المغربية في شخص المحافظ العام على الأملاك العقارية بالرباط فإنه يتبين أن الدولة المغربية لم يسبق لها أن طبقت تلك الاتفاقية بخصوص الإذن الخاص للتملك، وأنها لم تشرع في العمل بالحصول على الإذن المذكور إلا بتاريخ 17-01-1959 بمقتضى الظهير الشريف رقم 287-59، وأن العقار المتنازع عليه ترجع ملكيته للعارضين منذ 1938 حسب الرسم المدلى به، مما يكون معه تملكها غير مستوجب للإذن الخاص المذكور، كما أن الدولة المغربية بمقتضى قرارها المشترك الصادر عن وزير الداخلية ووزير المالية قررت نقل ملكية الأراضي موضوع النزاع من العارض إلى ملك الدولة ونشرت قرارها المذكور بالجريدة الرسمية، وسيلاحظ بأن الدولة تعترف بملكية موروث العارضة ما دامت تشير في قرارها إلى أنه هو المالك للأرض المذكورة، كما أن الدولة المغربية في شخص الملك الخاص قامت بالتعرض على محاولة التحفيظ التي قام بها المطلوب أمام المحافظة على الأملاك العقارية بالمحمدية، وقد أسست تعرضها الذي أحيل على المحكمة الابتدائية على كون الأرض هي ملك عم العارضة، وبذلك تكون محكمة الاستئناف قد خرقت قواعد التملك من هذه الناحية مما يكون معه القرار الاستئنافي مستوجبا للنقض.
لكن؛ حيث يتجلى من قرار النقض والإحالة أنه ركز قراره بنقض القرار الاستئنافي السابق على أن تملك الطالبة كأجنبية للعقار موضوع النزاع يتطلب أولا الشراء وثانيا الإذن الخاص بذلك من الدولة المغربية إذ جاء فيه : ” وبالتالي فإن المحكمة حين أسست قضاءها على الطاعن بإفراغه المدعى فيه للمطلوبين على مجرد شهادة اللفيف بالحيازة لهما دون اقترانها بشراء صحيح والترخيص المذكور تكون قد ركزت قرارها المطعون فيه على غير أساس من القانون فعرضته بذلك للنقض” ولذلك فإن القرار المطعون فيه عندما بنى قضاءه من جهة أخرى على عدم إرفاق الرسم المدلى به من طرف الطالبة بالإذن من الدولة لصحة التفويت، يكون قد تقيد بالنقطة القانونية التي نقض من أجلها القرار الاستئنافي السابق، والتي لا يمكن له مناقشتها، وجاء بذلك مرتكزا على أساس سليم ولم يحرف قواعد التملك، طالما أن مجرد عدم الإدلاء بالإذن المذكور يكفي وحده لاعتبار الشراء لاغيا، وبالتالي تبرير منطوق القرار المذكور بصرف النظر عما يتعلق بالدفع بإقرار الدولة المغربية بملكية الطالبة ووجود مطلب للتحفيظ، فالوسيلة لذلك في وجهيها غير جديرة بالاعتبار.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وبتحميل الطالبة الصائر.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من غرفتين مجتمعتين رئيس الغرفة الاجتماعية السيد عبد الوهاب عبابو رئيسا ورئيس الغرفة المدنية القسم الرابع السيد محمد القري والمستشارين السادة: عبد النبي قديم مقررا وحمادي أعلام ومحمد عثماني وعبد القادر الرافعي ولحبيب بلقصير ويوسف الإدريسي وسعيد نظام ومليكة بنزاهير وبمحضر المحامي العام السيد العربي مريد وبمساعدة كاتب الضبط السيد عبيدي حمان.