الحكم الجنائي – قوة الشيء المقضي به – حدودها بالنسبة للقاضي المدني

الحكم الجنائي – قوة الشيء المقضي به – حدودها بالنسبة للقاضي المدني

القرار رقم 1130

المؤرخ في 18-02-1998  

الملف المدني رقم 97/3250

 

القاعدة

إن للحكم الجنائي قوته فيما هو من اختصاص المحاكم الجنائية، فلا يكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية،إلا إذا بتت المحكمة الجنائية في نطاق اختصاصها، فتعرض القاضي الجنائي لقيام الشركة من عدمه بين الطرفين يخرج عن اختصاصه ومن ثم فللمحكمة المدنية أن تقضي في موضوع دعوى الشركة وفقا لأحكام القانون المدني ويبقى الدفع بخرق قوة الشيء المقضي به على غير أساس.

باسـم جلالـة الملـك

وبعد المداولة طبقا للقانون.

فـي شـأن الوسائل الثلاث مجتمعة

حيث يستفاد من أوراق الملف  ومن القرار المطعون فيه الصادر عن استئنافية الرباط بتاريخ 2 فبراير 1997 في الملف 4/96/534 أن السيد كنان مبارك تقدم بمقال لدى ابتدائية سيدي بنور بتاريخ 17 فبراير 1994 يعرض فيه أنه شريك مع السيد كنان محمد في استغلال محطة تربية المحار رقم 10 الكائنة ببحيرة الوالدية منذ سنة 1963 بحيث أن المدعى عليه يملك الرخصة  والعارض يمون المشروع  ويقتسمان الربح مناصفة بينهما  وأن الأمر ظل على تلك الحالة إلى سنة 1993 عندما طلب العارض من المدعى عليه إقامة حجة كتابية بينهما باعتباره أصبح كبير السن  وله أولاد فرفض المدعى عليه  وامتنع من تسليمه نصيبه في الاستغلال لسنة 1992،  وفي غشت من سنة 1993 سلمه مبلغ 22 مليون فقط مع أنه قبض مبلغ 97 مليون سنتيم  وأن العارض قد تضرر من ذلك خاصة  وأنه يؤدي النصف في الصوائر  والمصاريف  والضرائب ملتمسا الحكم بإجراء محاسبة بين الطرفين عن سنتي 1992  و1993 بواسطة خبير مختص في الحسابات  وتحديد واجبه  وحفظ حقه في تقديم مطالبه  والحكم بعد ذلك وفق تقرير الخبير بأداء المدعى عليه واجبه المقدر في النصف، فأصدرت المحكمة حكما تمهيديا بإجراء خبرة حسابية، وبعد إنجازها قضت بأداء المدعى عليه للمدعي مبلغ 410000 درهم عن واجبه في سنتي 92 و93.

فاستأنف المحكوم عليه الحكمين التمهيدي  والبات في الموضوع فقضت المحكمة الاستئنافية بإجراء بحث في القضية،  وبعد الاستماع للطرفين من طرف المستشار المقرر أيدت الحكم الابتدائي بمقتضى قرارها المطعون فيه.

حيث ينعى الطاعن على القرار المطعون فيه خرق القانون بخرق الفصل 451 من قانون الالتزامات  والعقود  وخرق مقتضيات الفصل 443 من نفس القانون وعدم الجواب على دفوع أثيرت بصفة نظامية  وخرق قوة الشيء المقضى به بدعوى أن المحكمة اعتمدت في قضائها على اللفيف العدلي المؤرخ في 2 فبراير 1994 الذي سبق للقضاء الجنائي أن بت بإلغائه بصفة نهائية حسب القرارين الجنحين ولا يجوز الاعتماد عليه مرة ثالثة في الملف، كما أن ذلك اللفيف باطل لا تنهض به حجة شرعا وقانونا لكون شهوده شهدوا بشيء باطل مجهول ولم يبينوا تاريخ إبرام الشركة ولا رأسمالها  ونصيب كل طرف مما يجعل القرار خارقا للفصل 451 من ق.ل.ع  وبني على لفيف باطل  وخارق لحجية الأحكام النهائية، إضافة إلى أن القرار اعتبر كون موضوع الدعوى تجاري ويمكن إثباته بجميع وسائل الإثبات رغم عدم توفر المطلوب على الحجة التي تثبت المعاملة بين الطرفين إذ المطلوب مجرد أجير ومسير، والوثائق كلها في اسم العارض  وقرار المجلس الأعلى المشار له بالقرار لا يتعلق بالنازلة لكون المعاملة التي تفوق 250 درهم لا بد فيها من الكتابة  ولا يجوز إثباتها بشهادة لفيف كما ه ومنصوص عليه في الفصل 443 من قانون الالتزامات  والعقود  وكما استقر عليه قضاء المجلس  والقرار المطعون فيه خرق قاعدة جوهرية  وأضر بالعارض إذ لم تجب المحكمة على دفوع أثيرت بصفة نظامية في مقال الاستئناف  والمذكرات اللاحقة  ولم يجب عن الدفع بخرق حجية الشيء المقضي به لسبقية التجاء المطلوب للقضاء الجنائي اعتمادا على اللفيف العدلي وبت القضاء الجنحي في الموضوع بإلغاء اللفيف ولأن القاعدة أن من اختار لا يرجع، وأن من القواعد الفقهية أن القضاء المدني ملزم قانونا بتبني حيثيات الحكم الجنحي إدانة أ وبراءة خاصة إذا كان صادرا عن نفس الأطراف وعلى نفس السبب والموضوع والتجاء المطلوب بعد فشل محاولاته أمام القضاء الجنائي للقضاء المدني لنفس السبب غير جائز  وأن كل ذلك يعرض القرار للنقض.

لكن حيث إن للحكم الجنائي قوته فيما هو من اختصاص المحاكم الجنائية فلا يكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية إلا إذا بتت المحكمة الجنائية في نطاق اختصاصها. فتعرض القاضي الجنائي لقيام الشركة من عدمه بين الطرفين يخرج عن اختصاصه  ومن ثم فللمحكمة المدنية أن تقضي في موضوع دعوى الشركة وفقا لأحكام القانون المدني  ويبقى الدفع بخرق قوة الشيء المقضي به على غير أساس  والمحكمة غير ملزمة بالجواب على ما لا أساس له،  وبخصوص ما يثيره الطالب حول خرق المحكمة لمقتضيات الفصل 443 من قانون الالتزامات  والعقود لاعتمادها اللفيف العدلي فإنه بصرف النظر عن أن المحكمة لم تعتمد اللفيف العدلي  وقرار المجلس الأعلى الوارد بقرارها  وحدهما بل اعتمدت كذلك تصريحات الشهود المضمنة بمحضر البحث والذين أدوا اليمين القانونية أمامها وأكدوا قيام الشركة بين الطرفين وكذا ثبوت الشركة بينهما في عدة عقارات بمقتضى رسوم عدلية ووجود حساب بنكي مشترك بين الطرفين تحت عدد 118203 – 00200 لدى الشركة العامة المغربية للأبناك  وتعليلها غير منتقد بخصوص ذلك فإن القرار المطعون فيه اعتبر المعاملة موضوع الدعوى تجارية  ومن ثم فعدم إثبات الشركة في رسم كتابي لا يمنع عقد الشركة من إنتاج جميع آثاره القانونية في علاقات الشركاء بعضهم مع بعض ويجوز إثبات وجودها بجميع وسائل الإثبات حسب صريح الفصل 41 من القانون التجاري مما يكون معه القرار غير خارق لأي مقتضى والوسيلتان الأولى والثانية على غير أساس  والثالثة دون أثر.

لهـذه الأسبــاب

قضى المجلس الأعلى برفض الطلب،  وتحميل رافعه المصاريف.

وبه صدر القرار  وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط  وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد رئيس الغرفة محمد بناني  والمستشارين السادة: زبيدة تكلانتي مقررة  ومحمد الديلمي والباتول الناصري ومحمد جفير وبمحضر المحامية العامة السيدة فاطمة الحلاق وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فتيحة موجب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *