مخالفة البناء – إخلال غير خطير بضوابط البناء – توجيه الإنذار – حق القضاء في تقدير الإخلال الخطير من غير الخطير

مخالفة البناء – إخلال غير خطير بضوابط البناء – توجيه الإنذار – حق القضاء في تقدير الإخلال الخطير من غير الخطير

500_F_58192678_QNqrDMys01A1vrTn2YQQOOzXdkOeGDoW

القرار رقم  6/1736

المؤرخ في 16-09-1998 

الملف الجنحي رقم 3647/95 

مع تعليق عليه

 

القاعدة:

لئن كان الفصل 67 من ظهير 17 يونيو 1992 يعطي الصلاحية لرئيس مجلس الجماعة بتوجيه الأمر إلى المخالف لاتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء المخالفة في الحالات التي لا تمثل إخلالا خطيرا بضوابط التعمير والبناء، فإنه يبقى للقضاء حق مراقبة الملاءمة في حالة تقدير الإخلال الخطير من غيره،  وإن ترك التصرف المطلق لرئيس مجلس الجماعة بصفته الإدارية، لمن شأنه أن يفوت عن القضاء مراقبة تطبيق النص التشريعي بخصوص الإنذار من عدمه وكذا بالنسبة للمخالفين، وتبعا لذلك يكون القرار ناقص التعليل إذا لم يعلل فعل المخالفة.

 

باسـم جلالـة الملـك

إن المجلس الأعلى

وبعد المداولة طبقا للقانون.

نظرا للمذكرة المدلى بها من لدن العارضة بواسطة الأستاذ علي المرابطي المقبول للترافع أمام المجلس الأعلى

في شأن وسيلة النقض الفريدة المتخذة من انعدام التعليل ذلك أن القرار المطعون فيه اعتمد ظهير 12/90 المتعلق بقانون التعمير والذي ينص على توجيه إنذار للباني أولا قبل تحريك المتابعة وإن المحكمة لم تلتفت إلى عدم وجود إنذار ضمن المسطرة مما يجعل قرارها ناقص التعليل ومعرضا للنقض  والإبطال.

بناء على الفصلين 347 و352 من قانون المسطرة الجنائية.

حيث إنه بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 347  والفقرة الخامسة من الفصل 352 من قانون المسطرة الجنائية يجب أن يكون كل حكم أ وقرار معللا من الناحيتين الواقعية  والقانونية وإلا كان باطلا وأن نقصان التعليل يوازي انعدامه.

وحيث تبين من تنصيصات القرار المطعون فيه أن العارضة فتحت بابا على بقعة غير مبنية وعلى أساس ذلك أدانها بتهمة البناء بدون رخصة.

وحيث تنص مقتضيات الظهير بتاريخ 15 من ذي الحجة 1412 هـ الموافق 17 يونيو 1992 المتعلق بالتعمير بخصوص المادة السابعة  والستين على أن الأفعال المتكونة منها مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في المادة الستة  والستين يمكن تداركها لكونها لا تمثل إخلالا خطيرا بضوابط التعمير والبناء، وفي هذه الحالة فإن رئيس مجلس الجماعة يأمر المخالف باتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء المخالفة في أجل لا يمكن أن يقل عن 15 يوما ولا أن يتجاوز 30 يوما وإذا انتهت الأفعال المتكونة منها المخالفة عند انقضاء الأجل المشار إليه أعلاه يقع التخلي عن المتابعة الجارية بشأنها.

وحيث وإن كان الفصل 67 من الظهير يعطي الصلاحية لرئيس مجلس الجماعة بتوجيه الأمر إلى المخالف لاتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء المخالفة في الحالات التي لا تمثل إخلالا خطيرا بضوابط التعمير والبناء فإنه تبقى للقضاء حق مراقبة الملائمة في حالة تقدير الإخلال الخطير من غيره، وإن ترك التصرف المطلق لرئيس مجلس الجماعة بصفته الإدارية لمن شأنه أن يفوت على القضاء مراقبة تطبيق النص التشريعي بخصوص الإنذار من عدمه وبالنسبة للمخالفين سواء كان لهم أو عليهم.

وحيث إن القرار المطعون فيه حين أدان العارض بفتح باب على بقعة غير مبنية دون أن يعلل فعل المخالفة بمعنى هل تشكل إخلالا خطيرا بالتعمير أم العكس باعتبار أن الأثر القانوني يختلف من حالة إلى أخرى كما هو منصوص عليه قانونا يكون قد جاء ناقص التعليل ومعرضا للنقض  والإبطال.

لهذه الأسـباب

قضى بنقض  وإبطال القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بوارزازات بتاريخ 27/12/94 في القضية عدد 777/94 وبإحالة القضية على نفس المحكمة لتبت فيها من جديد  وهي متركبة من هيئة أخرى  وبرد المبلغ لمودعه  وبالصائر على الخزينة العامة.

وبه صدر القرار  وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرابط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: محمد العزوزي رئيسا والمستشارين الصديقي محمد والعوادي لحسن  ومعروفي الطيب، وامبارك علوبان المحامي العام السيد رضوان الشودري الذي كان يمثل النيابة العامة وبمساعدة كاتبة الضبط سعيدة الجوهري.

 

تعليق على القرار

 

يهدف هذا القرار إلى تخصيص هدف المراقبة لعنصر الملاءمة في اتخاذ الإجراء المناسب على واقعة معنية مخالفة لقانون البناء والتعمير فإذا كان ظهير 12/90 في فصله السابع  والستين يعطي لرئيس مجلس الجماعة بتوجيه الأمر إلى المخالف لاتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء المخالفة في الحالات التي لا تمثل إخلالا خطيرا بضوابط التعمير والبناء فإن هذا لا يمنع القضاء من بسط رقابته على الإجراء المتخذ من طرف إدارة مجلس الجماعة من حيث ملاءمته للفعل المخالف لقانون البناء.

فقصد المشرع من تنصيصات الفصل 67 هو التمييز في اتخاذ المواقف بين فتح نافذة أو باب مثلا وبين بناء طابق بأتمه، فالنص قد ميز بين الحالتين: ففي الحالة الأولى وهي لا تمثل إخلالا خطيرا بضوابط البناء فإن الأمر يقتصر فيها على توجيه الإنذار لإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وينتهي بذلك أي أثر للمخالفة وبين الحالة الثانية التي تمثل إخلال خطيرا لضوابط البناء تستلزم تحرير محضر بالمخالفة وتوجيهه إلى القضاء.

فهذا القرار يهدف إلى جعل تقدير الإخلال الخطير من غيره بضوابط البناء يخضع لرقابة القضاء، ويجد سنده في الحفاظ على القواعد الجوهرية لحقوق الدفاع وفي عدم تفويت الفرصة على المخالفين للاستفادة من الضمانات القضائية.

 

                                                                              ذ. محمد العزوزي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *