X

الوكالة الظاهرة – شروط قيامها – الوكيل العقاري – حدود صلاحياته – بيع العقار – الوكالة الخاصة – التعاقد مع الوسيط بالمراسلة- شروطه

 القرار رقم 1344

الصادر بتاريخ 18 مايو 1992

ملف مدني رقم 4-85

القاعدة

  • يتعين لقيام الوكالة الظاهرة أن يكون الغير الذي تعامل مع الوكيل الظاهر حسن النية وذلك باعتقاده بأن من يتعامل معه هو وكيل فعلا، وأن يكون هناك مظهر خارجي للوكالة صادر عن الموكل من شأنه أن ينخدع له الغير ويجعله مطمئنا إلى قيام وكالة حقيقية.

* الوسيط الذي ينظمه الفصل 24 من ق.ز.ع. هو ذلك الشخص الذي يكلف بنقل إيجاب أحد المتعاقدين إلى المتعاقد الآخر.

عدم تبليغ المحكمة للخصم مذكرة جوابية لا تأثير له على سلامة القرار إذا لم تعتمد المحكمة في قرارها ما جاء في المذكرة التي لم يقع تبليغها.

مجرد  تكليف الوكيل العقاري بتسيير الدار وذلك بإكرائها وقبض واجبات الكراء لا يستلزم قانونا توكيله بتفويتها بالبيع أوعرض إيجاب بهذا التفويت ، لأن تفويت عقار ببيع أو غيره، من شخص لا يملكه يستوجب وجود وكالة خاصة بذلك.

الايجاب الذي ينشأ عنه العقد بواسطة رسول أو وسيط والذي يتم بمقتضاه هذا العقد في الوقت والمكان اللذين يقع فيهما رد من تلقاه للوسيط بأنه يقبله، طبق ما يقتضيه الفصل 24 في فقرته الثانية من قانون الالتزامات والعقود ،  هو ذلك الإيجاب الذي ثبت أنه صدر فعلا عن إرادة الموجب الحقيقي الملتزم به، لا الإيجاب الذي يصدر بإسمه من طرف رسول أوسيط دون إذن أو علم الموجب الحقيقي به ومن غير موافقته عليه.

 

 

باسم جلالة الملك

إن المجلس

فيما يخص الوسيلة الأولى:

حيث يؤخذ من أوراق الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بمكناس في تاريخ 15 مايو 1984 تحت رقم 183 ملف 83316/7، أن محمد جمال الدين قدم مقالا إلى المحكمة الابتدائية بهذه المدينة يعرض فيه أنه يسكن بالمنزل بالمنزه 119 زنقة الياسمين مكناس والذي يملكه المسمى جورج لوي اندريوكوشلان، وأنه بتاريخ فاتح ابريل 1974 توصل برسالة من المسماة ايليز بولار التي تمارس مهنة السمسار بمكناس تخبره فيها بأن مالك المنزل جورج المذكور قرر بيع هذا  المنزل بثمن قدره 120000 درهم، وأنه بمجرد ما توصل بالرسالة أخبرها شفاهيا بقبول شراء المنزل بالثمن المعروض وأنه بتاريخ 15 أبريل 1974 أرسل إليها رسالة يؤكد لها فيها قبوله الثمن ويطلب منها تحديد تاريخ العقد، وأنه بتاريخ 17 أبريل 1975 سلم لها شيكا رقم 6169788 مسحوبا على البنك المغربي للتجارة الخارجية يحمل مبلغ 20000 درهم كعربون عن الشراء، وأنه بتاريخ 19 دجنبر 1975 وجه لها إنذارا عن طريق المحكمة يطلب فيه منها إخبار المالك اندريو بأنه يحدد له أجل 15 يوما لأجل تحرير العقد، فأجابته عن ذلك بان اندريو مازال لم يحصل على رخصة مكتب الصرف من أجل تحويل ثمن البيع إلى فرنسا، مما اضطر معه حينئذ إلى توجيه إنذار لاندريو مباشرة توصل به في 21 يناير 1976 دون جدوى، ولذلك وبناء على مقتضيات الفصل 24 من قانون الالتزامات والعقود التي تقضي بأن العقد الحاصل بواسطة رسول أو وسيط يتم في الوقت والمكان اللذين يقع فيهما رد من تلقى الإيجاب طالبا الحكم على المدعى عليه جورج لوي اندريوكوشلان بإتمام البيع والمتعلق بالعقار موضوع الرسم العقاري رقم 3916 ك بثمن قدره 120000 درهم، و الحكم عليه بإمضاء عقد البيع، وقد أجاب هذا الأخير مع طلب مضاد بأنه لم يكلف السمسارة بولار إيليز بأية مهمة تتعلق ببيع منزله الذي يشغله المدعي على وجه الكراء، وأن مهمتها كانت محدودة في قبض الكراء منه عند كل شهر وأنه لم يعط لها أية وكالة تخولها حق عرضه للبيع وأن كل ما وقع بينها وبين المدعي، إن ثبت، كان في غيبته ودون علمه، وأنه فيما يخص طلبه المضاد فإن المدعي يعتمر المنزل موضوع النزاع على وجه الكراء بوجيبة شهرية قدرها 450 درهم وأنه توقف عن أدائها ابتداء من فاتح أبريل 1975 إلى الآن فترتب بذمته واجب كراء 32 شهرا يجب في مجموعها مبلغ 1400 درهم، وأنه وجه له إنذارا بالأداء بقي بدون نتيجة، لذا يطلب الحكم عليه بأدائه له المبلغ المذكور مع تعويض عن التماطل قدره 3000 درهم، كما أجابت السمسارة بولار معترفة بتوجيهها للمدعي رسالة بتاريخ فاتح ابريل 1974 تخبره فيها بكون اندريو يرغب في بيع منزله بثمن قدره 120000 درهم وتطلب منه أن يجيبها عن عرضها في أقرب وقت إلا أنه التزم الصمت حتى يوم 21 أبريل 1975 حيث أتى إليها وطلب منها ان تستشير من جديد مع اندريو وسلم لها شيكا بمبلغ 20000 درهم مؤرخا في 21 ابريل 75 كعربون، وأنه نظرا للمدة الطويلة التي مرت بين العرض والقبول سلمت له بدورها وصلا عن مبلغ الشيك منصوص فيه على وجوب استشارة أندريو وأنه بالفعل لما استشارت هذا الأخير في شأن ما وقع بينها وبين المدعي أجابها بأنه لا يقبل بيع منزله بالثمن المعروض.وقد تبين للمحكمة من الوقائع أعلاه أن هناك تعاقدا بالمراسلة من جهة، وتعاقدا بالنيابة من جهة ثانية، ووعدا بالبيع من جهة ثالثة، واعتبرت أن البيع قد تم بين الطرفين مستوفيا لأركانه الجوهرية، تطبيقا للفصول 23   و24 و478 و488 و489 من قانون الالتزامات والعقود، ورأت تبعا لذلك بالنسبة للطلب المضاد أنه لا داعي لمناقشته، وحكمت لما ذكر على المدعى عليه جورج لوي اندريو بإتمام البيع مع المدعي محمد جمال الدين المبرم بينهما بشأن المنزل المتنازع فيه، وفي حالة امتناعه اعتبار هذا الحكم قائما مقام العقد النهائي وبرفض الطلب المضاد، فاستأنفه المحكوم عليه متمسكا بما دفع به ابتدائيا، ومضيفا إلى ذلك في مقال استئنافه طلب أداء مبلغ واجب الكراء عن المدة الجديدة الممتدة من فاتح نونبر 1979 إلى متم أبريل 1982 وقدره 24300 درهم مع تعويض عن التماطل لنفس المدة قدره 10000 درهم، كما تمسك المستأنف عليه بما طلبه ابتدائيا والتمس تأييد الحكم المستأنف، فقضت محكمة الاستئناف حينئذ بعد دراستها لوقائع القضية ومستنداتها بإلغاء الحكم المستأنف وتصديا بالنسبة للمقال الأصلي الافتتاحي برفضه، وبالنسبة للطلب المضاد الابتدائي والاستئنافي بالاستجابة لما ورد فيهما من أداء واجب الكراء ومجموعة 38700 درهم، بناء على أن المدعي المستأنف عليه أسس دعواه على الفصل 24 من قانون الالتزامات والعقود باعتبار كون الرسالة الموجهة إليه من طرف السمسارة بولار هي صادرة من وسيط بينه كمشتر وبين المستأنف المدعى عليه اندريو كبائع وأن تلك الرسالة هي إيجاب من طرف المالك البائع ورد عليها المدعي كمشتري بالقبول ثم أدى جزء من الثمن بواسطة شيك في انتظار إبرام العقد، وعلى أن المدعى عليه المستأنف المالك نفي نفيا باتا أن يكون حول لبولار المشار إليها أية وكالة لبيع الدار موضوع النزاع كما أن هذه الأخيرة نفت أيضا أن تكون بيدها وكالة من المالك تسمح لها بإبرام البيع في الدار المتنازع فيها، وعلى أنه لا يوجد من بين وثائق الملف بما في ذلك أقوال الطرفين والرسائل المتبادلة بينهما ما يدل على أن الوسيطة المذكورة كانت مخولة لها الصلاحية من طرف المالك المدعى عليه بإبرام البيع في الدار المدعى فيها وبالتالي الرسالة الموجهة من طرفها إلى المدعي لا تعتبر إيجابا من قبل المالك يترتب عنها إلزام هذا الأخير بإبرام البيع عقب رد المدعي بالقبول بالثمن المقترح في الرسالة، وهذا هو ما يفهم من كلمة الوسيط الواردة في الفصل 24 من قانون الالتزامات والعقود المؤسسة عليه الدعوى ومما يكون معه طلب إتمام البيع الوارد في المقال الافتتاحي غير مؤسس، وبالتالي فإن طلب الكراء الذي تقدم به المدعى عليه المستأنف في طلبه المضاد ابتدائيا وطلبه الجديد استئنافيا مبني على أساس لكون المستأنف عليه لا ينازع في أنه توقف عن أداء الكراء بدعوى أنه أصبح مالكا للعين المكتراة ابتداء من آخر أبريل 1975، وهذا هوالقرار المطعون فيه بالنقض.

فيما يتعلق بالوسيلة الأولى

حيث يعيب الطالب القرار المذكور فيها، بخرقه الفصول 332 و329 و335 من قانون المسطرة المدنية،  ذلك أن هذا القرار ورد في صفحته السادسة أن الأستاذ حسن العلوي عقب على أندريو المطلوب بمذكرة سجلت بتاريخ 20 يونيه 1983، كما صرح بأن الأستاذ أوحنا أجاب عن المسماة بولار بمذكرة سجلت بتاريخ 10 أكتوبر 1983،  في حين أن هاتين المذكرتين لم يقع تبليغهما للطالب ولا لمحاميه الأستاذ بوطبول للاطلاع عليهما والجواب عنهما، وأن عدم تبليغهما ألحق به ضررا فادحا لكونه حرم في الدفاع عن مصالحه والجواب بما ينفعه خصوصا وأن واضعي المذكرتين قد اتخذا مواقف فيهما.

لكن حيث إن القرار المطعون فيه لم يرتكز في تعليل قضائه على مذكرتي التعقيب المشار إليهما في الوسيلة، وإنما ذكرهما فقط في عرضه للوقائع، مما تكون معه الوسيلة غير مرتكزة على أساس.

وفيما يتعلق بالوسيلة الثانية:

حيث يطعن الطالب في القرار، بانعدام التعليل وتحريف الوثائق والتصريحات وخرق القانون، ذلك أن القرار المذكور تجاهل تصريحات الخصوم وبالأخص تصريح المطلوب الذي يعترف فيها بعرض البيع، وأنه يكفي لملاحظة هذا الاعتراف أن يطلع على الفقرة الخامسة من الصفحة الرابعة لمقاله الاستئنافي المؤرخ في 16 أبريل 1982 التي يعترف فيها بأن السمسارة بولار إيليز بعثت إلى الطالب رسالة تخبره فيها بقرار المطلوب ببيع الدار بثمن 120000 درهم وطلبت منه أنه يخبرها في أقرب وقت ممكن بما سيقرره، كما يتكلم المطلوب في الصفحة الخامسة من مقاله بتوصل الطالب بعرض للبيع مؤرخ في 1 ابريل 1974،  وكما أن المطلوب يحمل مسؤولية الفشل إلى الطالب وبصفة أنه تردد وتماطل في عدم الجواب عن الرسالة المؤرخة في 1 أبريل 1974 والموجهة من طرف السمسارة بولار التي تلتمس منه الجواب عاجلا عن العرض بالبيع، وكذلك يشير المطلوب في آخر نفس الصفحة إلى كون الطالب رفض الإيجاب الأول، مما يبرهن إذن عن حقيقة وجود هذا الإيجاب، وأيضا وصف توصل السمسارة بولار بشيك يحمل مبلغ 20000 درهم بأنه يكتسي صبغة عرض ثاني، في حين أن القرار المطعون فيه رغم إقرار المطلوب بتقديمه إيجابا بالبيع في مقاله الاستئنافي فإنه قد قضى برفض طلب الطالب الذي قبل الإيجاب المذكور، وحرف معنى وهدف تصريحات الأطراف والمراسلات المدلى بها ليستنتج انعدام الوكالة، وبالتالي انعدام الإيجاب بالبيع الذي يعترف به المطلوب.

لكن خلافا لما ورد في الوسيلة، فإن تصريحات المطلوب سواء في الفقرة الخامسة من الصفحة الرابعة بمقاله الاستئنافي أو في الصفحة الخامسة من هذا المقال أوفي المقال كله، لا يوجد فيها أي اعتراف للمطلوب بعرض بيع داره موضوع النزاع أو بتقديمه إيجابا بهذا البيع بواسطة السمسارة بولار، وإنما يحكي فيها فقط ما أخبرته به هذه الأخيرة عما جرى بينها وبين الطالب من تبادل الرسائل والآراء في شأن بيع الدار المذكورة، وينفي نفيا باتا في مقاله الاستئنافي المشار إليه أن يكون قد سبق له أن كلف السمسارة بولار بأية مهمة تتعلق ببيع داره المومإ إليها أو أنه توصل من الطالب بكتاب في موضوع هذا البيع أو قبل عروضه بالشراء، بل إنه يصرح في مقاله هذا – حسبما يتضح منه – أنه وجه للسمسارة بولار رسالة بتاريخ 16 يونيو 1976 يخبرها فيها بأنه لا ينوي بيع منزله في الظروف الراهنة حتى ولو أتى إلى المغرب، ويؤكد أخيرا في مقاله أنه لم يكلف بولار ببيع داره لأي شخص كان، وأنها قامت بعمل متهور وجريىء، ولذلك فإن القرار المطعون فيه عندما اعتمد في تعليل ما قضى به من رفض طلب الطالب على كون المالك ( المطلوب) نفى نفيا باتا أن يكون خول للسمسارة بولار أية وكالة لبيع الدار موضوع النزاع كما أن هذه الأخيرة نفت هي الأخرى أن تكون بيدها وكالة من المالك تسمح لها بإبرام البيع في الدار المذكورة وأنه باستقراء وثائق الملف بما في ذلك أقوال الطرفين والرسائل المتبادلة بينهما لا يوجد فيها ما يدل على أن الوسيطة المذكورة كانت مخولة لها الصلاحية من قبل المالك بإبرام البيع في المدعى فيه وبالتالي فإن الرسالة الموجهة منها إلى المدعي ( الطالب ) لا تعتبر إيجابا من قبل المالك يترتب عنه إلزام هذا الأخير بإبرام البيع عقب رد المدعي بالقبول بالثمن المقترح في الرسالة، و لم يكن في تعليل القرار هذا أي تحريف لتصريحات المطلوب الذي ينكر – كما سبق ذكره – أن يكون كلف السمسارة بولار ببيع منزله المتنازع فيه، مما تكون معه الوسيلة مخالفة للواقع.

وفيما يرجع للوسيلة الثالثة:

حيث ينتقد الطالب القرار، بانعدام الأساس القانوني، وانعدام التعليل وذلك لكون هذا القرار اشترط لصحة البيع ولتوافق إرادتي البائع والمشتري، توفر الوسيطة بولار على وكالة بالبيع، في حين أن عقد البيع العقاري على يد وسيط يدخل في نطاق القواعد العامة للوكالة، وأن البائع الموكل ملزم بتنفيذ الالتزامات التي التزم بها وسيطه أو وكيله، ونتيجة لذلك فإن البائع الذي كلف الوسيط بالبيع بثمن معين وفي أجل محدد، هو ملزم بتنفيذ هذا البيع إذا أخبر المشتري ذلك الوسيط بقبوله الشراء قبل انتهاء الأجل، وعليه فإن الإيجاب الذي تقدم به المطلوب بواسطة بولار التي كانت تدير مكتبا عقاريا بمكناس يخضع لقواعد الوكالة، خصوصا وأن المطلوب كان قد عهد للوسيطة المذكورة بتسيير الدار المتنازع فيها وقبض كرائها، وأن الوكيل العقاري المعهود له من طرف المالك بتسيير عقار، له الصفة في توجيه إيجاب هذا الملك ببيع عقاره لكونه يدخل في نطاق مهام التسيير المسندة إليه، ولذلك فإن القرار المطعون فيه كان عليه أن يطبق المبادىء المنصوص عليها في الفصلين 925 و926 من قانون الالتزامات والعقود والتي تقضي بأن التصرفات التي يجريها الوكيل على وجه صحيح بإسم الموكل تنتج آثارها في حق الموكل فيما له وعليه كما لو كان هوالذي أجراها بنفسه، فيكون إذن ملزما بتنفيذ الالتزامات المبرمة لحسابه من طرف الوسيط، بينما أن القرار المنتقد تجاهل العلاقة التي كانت بين المالك والوسيطة صاحبة وكالة عقارية.

لكن حيث إنه لكي تطبق على موضوع النزاع مقتضيات الفصلين 925 و926 المحتج بهما، يلزم أن تكون هناك وكالة معطاة من المطلوب المالك للسمسارة بولار بشأن إنجاز أو عرض إيجابه ببيع دراه المتنازع فيها، في حين أن كلا من المالك  والسمسارة المذكورين نفى أن تكون هذه الوكالة موجودة أو قائمة بينهما، كما تقدمت الإشارة إليه أعلاه في الرد على الوسيلة الثانية، ولم يثبت الطالب لدى محكمة الموضوع أن المطلوب وكل بولار المذكورة ببيع داره المومإ إليها أو كلفها فعلا بعرض إيجابه بهذا البيع الذي يتمسك الطالب بقبوله، وأن مجرد عهده لها بتسيير الدار المذكورة بإكرائها وقبض واجبات الكراء لا يستلزم قانونا توكيلها بتفويتها بالبيع أوعرض إيجاب بهذا التفويت كما تزعم الوسيلة، لأن تفويت عقار ببيع أو غيره، من شخص لا يملكه يستوجب وجود وكالة خاصة بذلك من طرف مالكه، مما تكون معه الوسيلة في كل ماتضمنته لا ترتكز على أساس.

وفيما يعود للوسيلة الرابعة:

حيث يؤاخذ الطالب القرار، بخرقه الفقرة الثانية من الفصل 24 من قانون الالتزامات والعقود،  وانعدام التعليل،  لكون هذه الفقرة تنص على أن العقد الحاصل بواسطة رسول أو وسيط يتم في الوقت والمكان اللذين يقع فيهما رد من تلقى الإيجاب للوسيط بأنه يقبله، في حين أن القرار المطعون فيه رفض التصريح بصحة البيع رغم توفر الشروط المنصوص عليها في الفقرة المذكورة، إذ أن المطلوب تقدم بإيجاب ببيع منزله بواسطة السمسارة بولار التي تدير مكتبا عقاريا كما ينتج ذلك من رسالتها الموجهة للطالب بتاريخ فاتح أبريل 1974 والمدلى بها في الملف، وأن الطالب أجاب بتاريخ 5 أبريل 1975 بقبول الإيجاب المذكور، ولم تتوصل السمسارة بهذا القبول فقط وإنما توصلت بمبلغ 20000 درهم كتسبيق من الثمن، ومع ذلك صرح القرار المنتقد برفض الطلب صحة البيع رغم أنه ثبت لديه توصل السمسارة بقبول عرض البيع.

لكن حيث إن الايجاب الذي ينشأ عنه العقد بواسطة رسول أو وسيط والذي يتم بمقتضاه هذا العقد في الوقت والمكان اللذين يقع فيهما رد من تلقاه للوسيط بأنه يقبله، طبق ما يقتضيه الفصل 24 في فقرته الثانية من قانون الالتزامات والعقود المحتج به،  هو ذلك الإيجاب الذي ثبت أنه صدر فعلا عن إرادة الموجب الحقيقي الملتزم به، لا الإيجاب الذي يصدر بإسمه من طرف رسول أوسيط دون إذن أو علم الموجب الحقيقي به ومن غير موافقته عليه، كما هو الشأن في النازلة، إذ أنه وكما سبقت الإشارة إليه في الرد على الوسيلتين الثانية والثالثة، فإن المطلوب نفى أن يكون كلف السمسارة بولار بتقديم أي إيجاب ببيع منزله موضوع النزاع، كما أن هذه السمسارة بدورها نفت أن يكون المطلوب وكلها بعرض إيجابه المشار إليه، ولذلك فإنها ليست بوسيطة ولا مرسولة بمقتضى الفصل 24 المستدل به، وبالتالي فإن القرار المطعون فيه كان على صواب عندما اعتبر في تعليل قضائه أنه لم يثبت له من وثائق الملف بما في ذلك أقوال الطرفين والرسائل المدلي بها أن السمسارة بولار كانت مخولة لها الصلاحية من قبل المالك المطلوب ببيع منزله المدعي فيه وأن الرسالة الموجهة من طرفها إلى الطالب لا تعتبر إيجابا من المالك… وذلك كما هو مبين في تعليه المذكور أعلاه، مما تكون معه الوسيلة بدون أساس.

وفيما يهم الوسيلة الخامسة:

حيث يقدح الطالب في القرار، بانعدام التعليل وخرق القانون، إذ أنه من الثابت أن الوسيطة بولار الوكيلة العقارية هي التي كلفها المطلوب منذ عشر سنوات بتسيير داره المتنازع فيها وإكرائها وقبض كرائها وتسليم التواصيل، وأن العمل قد استقر على تأكيد صلاحية العقود التي يبرمها الوسيط والمتصرف الظاهر، وأن التصرفات التي يقوم بها الوكيل العقاري وفق مجرى التعامل العادي حسب الظاهر تعتبر صحيحة، خصوصا وأن الطالب حسن النية، وأن الموكل في هذه الحالة حتى إذا لم يكن مرتبطا مع الغير بوكالة حقيقية فإنه مرتبط به بوكالة ظاهرة، وأن هذه الوكالة تنتج آثارها في جميع الحالات، التي يجهل فيها الغير المتعاقد مدى سلطات الوكيل.

لكن ؛حيث إن الوكالة الظاهرة التي ينصرف أثرها إلى الموكل، يتعين لقيامها توافر شروط منها: أن يكون الغير الذي تعامل مع الوكيل الظاهر حسن النية وذلك باعتقاده أن هذا الوكيل نائب فعلا فيما تعامل به معه، وأن يكون هناك مظهر خارجي للوكالة صادر من الموكل ومن شأنه أن ينخدع له الغير ويجعله مطمئنا إلى قيام وكالة حقيقية بين الموكل والوكيل، في حين أن هذين الشرطين اللذين يتحمل الغير عبء إثباتهما، لم يثبتهما الطالب لدى محكمة الموضوع، وأن مجرد كون السمسارة بولار معهود لها من طرف المالك بتسيير وإدارة المحل موضوع النزاع بإكرائه وقبض كرائه وتسليم تواصيل الكراء، لا يكفي لإثبات توفر الشرطين المذكورين، لأن نطاق تكليفها بهذا التسيير كصاحبة وكالة عقارية، واضح ومبين ليس فيه أي غموض، ولايستلزم تصرفها في المحل المذكور بتفويتها له دون وكالة خاصة، خصوصا وأن الطالب بحكم أنه هو المعتمر لمحل النزاع على وجه الكراء منذ مدة من السمسارة المذكورة، لم يكن يجهل مهمة هذه السمسارة وقد كان بإمكانه أن يتأكد ويتحقق من أنها تتوفر على وكالة حقيقية من المالك تخول لها بيع داره وعرض إيجابه بهذا البيع، الأمر الذي تكون معه الوسيلة غير مرتكزة على أساس.

وفيما يشمل الوسيلة السادسة:

حيث ينعى الطالب على القرار، انعدام التعليل وخرق القانون، ذلك أن هذا القرار عرف الوسيط بأنه هو الذي تمنح له كامل الصلاحية لإبرام العقد وبأنه هو الذي يكون متوفرا على الوكالة، في حين أن الوسيط هو الشخص الذي يتوسط بين الطرفين أوعدة أطراف في عمل وصفقة أو مشروع أو عقد، وأن الوكالة ليست ضرورية من أجل أن يكون الإنسان وسيطا، وأن الوساطة تقع بطلب أو بدون طلب أو برسالة أو برقية أو بمجرد رغبة، وأن وجود عقد من العقود كما هوالشأن في القضية يمكن إثباته بواسطة المراسلات الموجهة من الوسيط إلى أحد الأطراف، كما يمكن إثباته بالظروف والملابسات المحيطة بالقضية كما هو الأمر في النازلة حيث إن الوسيطة بولار هي التي تتوصل بالكراء وتسلم التواصيل، ولذلك فإن القرار المطعون فيه عندما نزع صفة الوسيط عن الوكيلة العقارية بولار لم يكن في محله.

لكن حيث إن الوسيط الذي تعرض له القرار المطعون فيه حسبما يتضح من تعليله، ليس هو مطلق الوسيط كما ترمي إليه الوسيلة، بل إنه وسيط من نوع خاص وهو المنصوص عليه في الفصل 24 من قانون الالتزامات والعقود والذي يقوم بمهمة عرض إيجاب أحد المتعاقدين على طرف آخر فيصبح العقد قائما أو تاما بمجرد أن يرد هذا الطرف للوسيط بقبوله للإيجاب المعروض وفي نفس الوقت المكان اللذين يقع فيهما الرد المذكور، ولذلك فإن الوسيط الذي يتم العقد على يديه بهذه الكيفية يجب لكي تكون وساطته صحيحة أن يكون متوفرا على تكليف من الموجب يخوله صلاحية عرض إيجابه المشار إليه، في حين أن السمسارة بولار صاحبة الوكالة العقارية وإن كانت وسيطة في إكراء محل النزاع وقبض كرائه وتسليم تواصيله، فإنها كما هو ثابت من القرار المطعون فيه وحسبما تقدمت الاشارة إليه أعلاه لم تكلف من طرف مالك المحل المذكور بمهمة الوساطة في عرض إيجابه ببيع هذا المحل، ومن ثمة فإن القرار المنتقد كان على صواب عندما اعتبر في تعليله أن السمسارة المذكورة ليست بوسيطة في بيع المحل المتنازع فيه طبقا للفصل 24 من قانون الالتزامات والعقود لكون الوسيط في نطاق هذا الفصل هو الذي يمنح كامل الصلاحية في إبرام العقد أو أي تعهد كان بينما أن موجهة الرسالة بولار ليست لها هذه الصلاحية، ولأنه إذا كان الأمر يتعلق بتفويت عقار فلابد من وكالة خاصة بذلك، مما تكون معه الوسيلة غير مرتكزة على أساس.

وفي شأن الوسيلة السابعة المتخذة من خرق الفصل 399 من قانون الالتزامات والعقود، وذلك لكون قواعد الإثبات تقضي بأن البينة على المدعي، في حين أن القرار المطعون فيه عكس هذه القواعد عندما تبنى تصريحات المدعي ( المطلوب في كون السومة الكرائية هي 450 درهم وقضى على الطالب بأداء الكراء على أساس هذه السومة، بينما أن هذا الأخير أدلى بنسخة مطابقة للأصل من آخر توصيل سلمته له الوسيطة بولار يثبت أن السومة الكرائية هي 340 درهم، وقد تجاهله القرار.

لكن حيث إن الطالب – كما هوثابت من القرار المطعون فيه – وإن كان دفع في مذكرته الجوابية لدى المرحلة الاستئنافية بأن مبلغ الكراء الشهري هو 450 درهم حسب التوصيل الذي سيدلي به، إلا أنه لم يدل بهذا التوصيل للمحكمة المطعون في قرارها حسبما هو مذكور في هذا القرار، وليس بملف الموضوع، ما يفيد أنه أدلى به فعلا للمحكمة، مما تكون معه الوسيلة مخالفة للواقع، وبالتالي فإن نسخ التواصيل المدلى بها لأول مرة رفقة مقال النقض، تعتبر غير مقبولة.

لهذه الأسباب

قضى برفض الطلب.

 

   الرئيس:               السيد بنعزوا

   المستشار المقرر:      السيد الجيدي

   المحامي العام:         السيد المعروفي

   الدفاع:               ذ. برادة – ذ. العلوى

رجل قانون:
مواضيع متعلقة