لغة التقاضي في القضاء المغربي
ذ هشام العبودي
قاض بالمحكمة التجارية بالرباط
مقدمة
اللغة رمز الدولة ومقدس من مقدساتها وثابت من ثوابتها بل وشاهد من شواهد حضارتها[1]. والتقاضي وجه من أوجه الاستفادة من أحد المرافق العامة الكبرى، ألا وهو مرفق القضاء، أي ولوج العدالة لبسط الدعاوى واقتضاء الحقوق. وترتبط اللغة بالتقاضي باعتبارها أداته الأساسية والناطق الرسمي باسمه.
ويعد الحكم أكبر تجسيد لهذه العلاقة من خلال ما يعبر به القضاة عن موقف القانون من واقعة اجتماعية ما أو تصرف معين عبر وعاء لغوي مكتوب. وقبل إصدار الحكم يمر ملف التقاضي بعدة إجراءات ذات طبيعة كتابية وأحيانا شفهية. وخلال هذه المرحلة يمكن أن يقدم الأطراف حججهم ومستندات دفاعاتهم أو دفوعا تهم باللغة الرسمية للدولة، وقد يكون ذلك بلغة أخرى .
من خلال العناصر السابقة من أحكام وإجراءات وحجج نروم ، ،تسليط الضوء على بعض تجليات الارتباط الديالكتيكي بين اللغة والتقاضي وذلك باوساط المحاكم مما يسمح بالوقوف على الآليات الحمائية للغة المكتوبة -الحكم نمودجا- واليات حماية اللغة الشفوية-المسطرة الشفوية – عبر المحاور التالية:
أولا : خصوصيات لغة الأحكام.
ثانيا : مدى شفوية المسطـرة.
ثالثا : لغة الحجج والوثائــق.
أولا : خصوصيات لغة الأحكام
بجذر بنا، بادئ ذي بدء، أن نمهد بإعطاء تعريف للحكم القضائي .ذلك أن طبيعة هذا النتاج الفكري والواقعي الممنهج من خلال فكر متراصة ومنطقية تنعكس على فن صياغته اللغوية.
لقد أعطيت عدة تعريفات للحكم نختار من بينها التعريف التالي:
“هو كل قرار تصدره المحكمة، فاصلا في منازعة معينة سواء كان ذلك خلال الخصومة أم لوضع حد لها، يستوي أن تكون المنازعة موضوعية أو إجرائية“[2].
ويطلق لفظ الحكم بالمغرب على أحكام حكام الجماعات والمقاطعات، وعلى أحكام المحاكم الابتدائية، أما ما يصدر عن المجلس الأعلى ومحاكم الاستئناف بمناسبة الفصل في الدعاوى فيسمى قرارات محاكم الاستئناف وقرارات المجلس الأعلى.
ويتكون الحكم في ضوء التشريع المغربي من وقائع وتعليل ومنطوق، الوقائع يعبر فيها القاضي عن المراحل التي قطعها الملف باختصار مع شرح ملخص الطلبات، وما يتعلق بالمرفقات وأيضا يبين فيها موقف المدعى عليه في الدعوى، والتعليل عبارة عن تسبيب للحكم. إنه برهان المحكمة الممهد للنتيجة أي المنطوق.
وفيما يتعلق بخصوصيات لغة الأحكام فإننا نروم البحث في مرتكزات الصياغة الفنية التي تعكس ،بحق خصوصية الوعاء الكتابي لموقف القضاء من نازلة معينة سواء تعلق الأمر بالحق العام أم بالحق الخاص، و أهم هذه الخصوصيات:
1- تنوع المصطلح القانوني:
ذلك أن القضاء يعتمد أساسا على المصطلح القانوني للتعبير عن أحكامه، وهذا المصطلح وكما لاحظ الدكتور الأستاذ كريمني بلقاسم إنما يتنوع بتنوع المدركات الحقوقية[3]، ويمكن القول إن المصطلح القانوني موضوع الحكم يتنوع كذلك بتنوع النوازل المختلفة، فلغة قاضي الأحوال الشخصية مثلا تختلف عن لغة القاضي الجنائي، ونقصد معجم المصطلحات العربية المستعملة، فالأولى هي لغة شرعية أصيلة تتعلق بكل ما يدور في فلك الحالة الخاصة للشخص وآثار العلاقة الزوجية، وما إلى هنالك … بينما الثانية ترتبط بالحق العام وما يدور في فلك الأمن العام وسلامة الدولة وكل ما من شأنه أن يخلق اضطرابا اجتماعيا يؤثر في الحقوق والأموال الخاصين. ومن تم طبيعة المصطلحات المستعملة في هذا المجال والمعبرة عن التجريم والزجر والعقاب. ونفس الأمر يمكن ملاحظته على القاضي التجاري فضلا عن لغة قاضي المستعجلات.
هذا وإن القاضي عليه أن يحسن اختيار المصطلح القانوني المناسب لطبيعة النازلة وموضوعها لإسقاطه على الوقائع . وحسن الاختيار أيضا يرتبط بكيفية فهم القاضي للوقائع وتحديد نطاقها، واختيار المصطلح القانوني بدوره يؤشر بداهة على أن القاضي تعرف على معناه القانوني ومدلوله. ورد في كتاب ذ الطيب برادة في هذا الصدد ما يلي“… واللغة وسيلة نقل الأفكار،هي أداة التفكير والفهم والتعبير، وحتى يتحقق الفهم لابد أن توجد وحدة بين الكلام والتفكير … وقد يرتبط الاصطلاح بالمدلول اللغوي للكلمة، وقد لا يتصل بهذا المدلول … ومن المعاني ما هو بديهي واضح بذاته لا يترك مكانا للحوار والجدل ومنها ما يتحدد بالتعبير عن إرادة السلطة الملزمة…[4]”
غير أن القاضي قد يقع في حيرة من أمره بسبب اللبس والغموض اللذين قد يكتنفان النصوص القانونية بسبب الترجمة المختلة. ومن تم الأهمية القصوى للتعريب الذي قال عنه جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله تراه “التعريب ليس معناه الترجمة فقط، ولكن التعريب هو قبل كل شيء تحضير القوانين أولا تم ثانيا طبعها بالطابع العربي في اللغة، وبالطابع العربي في تأويل القانون“[5].
ولقد سبق للمجلس الأعلى، بمناسبة نزاع ذهب فيه قضاء الموضوع إلى تطبيق النص القانوني المنشور باللغة الفرنسية تفاديا لاغلاط الترجمة الواقعة على النص العربي في قرار ه الصادر بتاريخ 12/01/1984 رقم 321 في الملف الجنائي عدد 10615 أن أوضح ما يلي : “حيث من جهة أولى فان النصوص التشريعية الصادرة باللغة العربية هي الواجبة التطبيق ولا يعيبها أن تحرر أول الأمر بغير العربية ولهذا فانه لا يتأتى القول بالأخذ بالنص الفرنسي و إعطائه الطابع التشريعي بدعوى وجود غلط في الترجمة طالما انه من الممكن إدخال تعديل أو تغيير لتلك النصوص بنصوص تشريعية لاحقة “[6]
والمتأمل في اللغة القانونية التي يوظفها القاضي في أحكامه يجد أنها غنية وتساهم في إثراء اللغة العربية وأيضا في الحفاظ على سلامتها، ومن تم حمايتها خاصة إذا كنا على بينة بالحجم الضخم للقضايا الرائجة أمام المحاكم والذي يقدر بالملايين[7] ومن تم سعة المخاطبين بالأحكام باللغة العربية.
2- الإيجاز والوضوح:
فلغة القاضي في إطار القانون المغربي وعلى ضوء ما جرى به العمل القضائي ، لغة موجزة[8] لأن الإيجاز يضبط الأفكار ويؤدي إلى الوضوح كما أنه يرفع عن المحاكم عبئ الإسهاب في التعاليل وسرد الوقائع التي لا طائل منها. إن القاضي وكما يقول المرحوم ذ محمد العربي المجبوذ : ” لا يحتاج عند تحرير أحكامه إلى الجمل الرنانة أو ما يداعب الأذن على غرار الكاتب الروائي أو الصحفي أو الشاعر، بل عليه أن يستعمل في قراراته العبارات المفيدة والمنصبة على الوقائع مع مراعاة الترتيب في التفكير والتعليل. إنجودة القرارات القضائية ليست مرتبطة إطلاقا بالتطويل والإسهاب، فقيمة الحكم لا تقاس بعدد السطور. يتعين أن يكون القرار متسما بالإيجاز مع اجتناب التفاصيل…[9]”.
3- لغة البرهنة والتسبيب والجدل:
فالحكم يتضمن في جزء هام منه ما يسمى بالتعليل الذي يحتوي على المبررات القانونية التي من أجلها توصل إلى المنطوق وفق ترابط منهجي ومنطقي. يطرح القاضي الفكرة الواقعية وما يؤيدها في القانون تم يرد عليها وفقا ما يراه هو عين القانون، ولذلك كان من الطبيعي أن يلجأ إلى أسلوب الجدل من خلال عبارات “حيث إن “”فإن “لئن كانالمدعي “أو “المدعى عليه“”حقا” إلى غير ذلك من القوالب المعبرة، أيضا، عن التسبيب. وقد قضى المجلس الأعلى بأنه “يجب أن يتضمن كل حكم الأسباب التي تبرره وأن يجيب على الطعون المقدمة في مستنتجات صحيحة وإلا تعرض للنقض“[10] فالمحكمة تعالج وقائع الملف من زاوية قانونية في إطار الأقوال والمذكرات والوثائق المعروضة عليها، دون تحريف أو زيادة فيها، بما يتطلبه ذلك من أمانة في استخلاص الوقائع والضبط في الجواب على الدفوعات الجوهرية والشكلية.
4- التشبث بمصطلحات قديمة /تقليدية ومتجاوزة –des termes archaiques et obsolétes في القانونيين الإنجليزي والفرنسي
من أهم خصوصيات اللغة القانونية الانجلوسكسونية والفرنسية خاصة التشبث ببعض المصطلحات القانونية التي باتت تقليدية ومتجاوزة ويبرز هذا خاصة في الصيغ الإجرائية[11] ويعزى ذلك إلى “… المكانة الهامة جدا التي يوليها القانون بصفة عامة للعادات والتقاليد، يجب أن لا ننسى مثلا أن اللغة الفرنسية ظلت إلى غاية القرن 17 اللغة الرسمية للمحاكم الإنجليزية، الشيء الذي كان له أثرا ملحوظا على اللغة القانونية الإنجليزية. هذا التأثير … لا يزال حاضرا في وقتنا الراهن : ذلك أن اللغة القانونية الإنجليزية الحديثة ما فتئت تشتمل بالفعل على العديد من المصطلحات التي مصدرها المباشر هو اللغة الفرنسية “[12]
على أن قاضي الأحوال الشخصية بالمغرب لا يزال يوظف لغة وان كانت لغة فقهية تمتد عبر الزمان إلا إنها لا تزال صالحة للمكان ووقتنا الراهن وهذا ما تدل عليه المصطلحات القانونية ذات المصدر الشرعي. و يلاحظ أن الاحتفاظ بالصيغ التقليدية في إطار القانونين الانجلوسكسوني والفرنسي يقابله حضور بعض الصيغ التقليدية في القانون المستمد من أصول شرعية وفقهية لاسيما تلك المستعملة من قبل العدول وقضاة التوثيق. على انه يجب الانتباه إلى تأثر اللغة القانونية العربية عامة والمغربية خاصة باللغة القانونية الفرنسية.
ثانيا : مدى شفوية المسطرة:
1- نطاق شفوية المسطرة
قبل ظهير 10/09/1993 المعدل لقانون المسطرة المدنية كانت المسطرة شفوية أمام المحاكم الابتدائية، وكتابية في قضايا معينة حصرا [13]، إلا أنه بمقتضى الظهير المذكور انقلبت القاعدة وصارت استثناءا كما هو واضح من قراءة الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية، حيث نص على أن القضاء بدرجتيه تطبق أمامه المسطرة الكتابية كمبدأ وفي حالات حصرية تكون المسطرة شفوية، وهذه الحالات هي كالتالي:
– القضايا التي تختص المحاكم الابتدائية فيها ابتدائيا وانتهائيا، أي القضايا التي لا تتعدى قيمتها 3000 درهما، وهي قضايا يبت فيها القضاء الفردي.
– قضايا النفقة.
– القضايا الاجتماعية، أي القضايا المتعلقة بحوادث الشغل ونزاعات الشغل والأمراض المهنية، والتي تشكل بطبيعتها ميدانا لتطبيق القانون الاجتماعي.
– قضاء استيفاء ومراجعة وجيبة الكراء.
– قضايا الحالة المدنية.
ويمكن تبرير هذا الاستثناء بأن فلسفة المشرع ترمي إلى تحديد نطاق الشفوية فقط في القضايا التي لا تتطلب جهدا كبيرا في إيصال موضوعها وشرح أسبابها وتحديد سندها، لا بالنسبة للمتقاضي ولا كذلك بالنسبة للقاضي. أما القضايا الأخرى، أي القضايا المعقدة أو المعقدة نسبيا فيصعب فيها على المتقاضين إمكانية إيصال دفاعاتهم أو دفوعاتهم إلى ساحة المحكمة، كما أن ذلك من شأنه أن يثقل كاهل القضاة في حالة محاولة التعرف على الطلبات وأقوال الخصوم لما يتطلبه من وقت طويل في الفهم والاستيعاب، ولأن المقال أضبط للأقوال كما في تراثنا الفقهي الإسلامي. فضلا عن أن الشفوية في القضايا المذكورة تخفف على المتقاضي كلفة التقاضي. كما أن طبيعتها الاقتصادية والاجتماعية تستدعي نوعا من العجلة والتيسير في ولوج العدالة . لهذه الأسباب إذا اختار المشرع هذا الاستثناء.
لكن مع ذلك يجدر بنا أن نشير في هذا الصدد إلى ملاحظتين أساسيتين :
أ)– إلزامية تنصيب محام طبقا للمادة 31 من قانون المحاماة باستثناء قضايا النفقة أمام المحاكم الابتدائية والاستئنافية والقضايا التي تختص المحاكم الابتدائية بالنظرفيها ابتدائيا وانتهائيا. ومعنى هذا أنه حتى بعض القضايا التي تشملها الشفوية طبقا لمقتضيات الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية لابد لقبول الدعاوى بشأنها من تنصيب محام، الشيء الذي يؤثر على نطاق الشفوية وفوائدها.
ب-) يجب ملاحظة ما نص عليه الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية من أن الدعوى ترفع إلى المحكمة الابتدائية بمقال من قبل المدعي أو نائبه أو تصريح من قبل المدعي شخصيا لدى كاتب ضبط محلف يتلقى هذا التصريح.
ولئن كان مصطلح التصريح يكرس شفوية التواصل بين القضاء والمتقاضين، فإن الواقع العملي يبين أن المتقاضين ينصرفون إلى رفع دعاواهم بمقالات افتتاحية.
ويبرز القانون اللساني اللغوي بصفة خاصة في القضايا التي يبت فيها حكام الجماعات والمقاطعات طبقا لظهير 15 /07/1974 وكذا القضايا الجنحية والجنائية التي يتم فيها الاستماع إلى الأظناء والشهود لسماع الأقوال والتثبت من التهم وكذلك في جلسات الصلح والبحوث ضمن إجراءات التحقيق المدنية.
2- مقومات النشاط القضائي الشفوي:
يقوم هذا النشاط على العناصر التالية :
أ-) الاستماع بإمعان وإصغاء إلى الأقوال والتصريحات المدلى بها من قبل الأظناء أو المتهمين أو المشتكين أو المشتكى بهم أو المدعين أو المدعى عليهم أو الشهود … الخ .
ب-) فهم المضمون: حيث أن القاضي يتفاعل مع الأطراف باستعمال اللغة العربية الأم (الشفوية)، ويدقق أحيانا في الكلمات المتواصل بها اعتبارا لخصوصية بعضها باختلاف الجهات والمناطق.
ج)— قولبة المضمون في شكل لغة عربية فصيحة وموجزة تضمن في محاضر الجلسات أو الاستنطاق أو الصلح أو ما إلى هنالك.
ويقوم المحامي بدور هام في عملية التواصل بمناسبة نيابته عن الأطراف أو مؤازرته لهم سواء من خلال المذكرات الكتابية أو المناقشات الشفوية. وبطبيعة الحال لابد من أن يكون متوفرا على تكوين في اللغة العربية يؤهله لهذه المهنة. فهذا الشرط، وكما يلاحظ ذ النقيب عبد الرحمان بن عمرو ” إذا لم يكن قد ورد بشأنه نص خاص في قانون المحاماة المغربي، فلأنه شرط بديهي لكونه يتعلق بأداة العمل في المهنة. وتسلك جميع القوانين المنظمة للمحاماة في أي بلد من بلدان العالم نفس المسلك فلا تنص صراحة على وجوب توفر شرط اللغة من أجل القبول في المهنة“[14].
وحري بالبيان أن القضاء المغربي سبق أن أعطى إمكانية الانخراط في إطار مهنة المحاماة لبعض الأفراد من أوروبا إعمالا للاتفاقيات القضائية بين المملكة وبلدان المعنيين بالأمر.
وهكذا فقد تقدم فرنسيان أمام هيئة ا لمحامين بالدار البيضاء للانخراط في هذه الهيئة اعتمادا على الاتفاقية القضائية المبرمة بين المغرب وفرنسا بتاريخ 05-10-1957 والمتممة بالبرتوكول الموقع في 20-05-1965 ، لكن الهيئة المذكورة رفضت استنادا إلى المنع الخاص بجهل اللغة العربية طبقا للتشريع الداخلي. استأنف القرار أمام محكمة الاستئناف بالرباط التي ألغته استنادا إلى الاتفاقية المذكورة باعتبارها ينبغي أن تطبق بالأسبقية على التشريع المغربي. وعرض المشكل على المجلس الأعلى فقال كلمته مؤيدا موقف محكمة الاستئناف قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 01 /10/1976.[15]
ثالثا : لغة الحجج والوثائق
نروم من خلال البحث في لغة الحجج والوثائق المقدمة أمام القضاء أن نقرب للأذهان نطاق لغة التقاضي .فكما هو معلوم فإن قانون التوحيد والمغربة والتعريب في فصله الخامس ينص على أن اللغة العربية هي لغة المداولات والمرافعات والأحكام فهل يشمل هدا النطاق حتى الوثائق والمعروضة أمام المحاكم ؟ فمادا لو تقدم الأطراف بوثائق مكتوبة بلغة أجنبية ؟[16].
ولأن عمل التراجمة المقبولين لدى المحاكم يعتبر هاما ومفيدا للقضاء فإننا نتغيا كذلك تسليط الضوء على بعض جوانب الإطار القانوني لعملهم مركزين على دور النيابة العامة بهذا الخصوص .
1- الأساس القانوني للغة الحجج والوثائق:
تصدت عدة نصوص قانونية وتنظيمية لتحديد نطاق لغة التقاضي والتي هي اللغة العربية نذكر منها ما يلي :
§ الدستور الذي أكدت ديباجته بأن اللغة الرسمية للدولة هي اللغة العربية[17]. فهذا إذن تعهد من أسمى قانون بحماية اللغة العربية بأوساط المحاكم. إنه التزام يضفي هالة القداسة على هذه اللغة التي هي قبل كل شيء لغة القرآن الكريم.
§ قانون 3/64 الصادر في 26/01/1965 المتعلق بتوحيد المحاكم والمغربة والتعريب في فصله الخامس الذي نص على ما يلي: ” اللغة العربية هي وحدها لغة المداولات والمرافعات والأحكام “.
§ قرار وزير العدل رقم 65-414 بتاريخ 29/6/1965 الخاص باستعمال اللغة العربية أمام المحاكم الذي نص في فصله الأول على ما يلي “يجب أن تحرر باللغة العربية ابتداء من فاتح يوليوز 1965 جميع المقالات والعرائض والمذكرات وبصفة عامة جميع الوثائق المقدمة إلى مختلف المحاكم “
§ منشور وزير العدل عدد 278/1966 بتاريخ 10/02/1966 الذي جاء فيه أن على القضاء ألا يقبل أية مذكرة أو وثيقة من لدن المتقاضين متى كانت محررة بلغة أجنبية.
§ اتفاقية التنظيم القضائي الموجد بين دول اتحاد المغرب العربي الموقعة بنواكشوط بتاريخ 11/11/1992 حيث جاء في مادتها الخامسة ما يلي “لغة المحاكم هي اللغة العربية[18] وتسمع المحكمة أقوال المتقاضين والشهود الذين يجهلونها بواسطة مترجم “.
§ قانون المسطرة المدنية حيث جاء في فصله431 حول مرفقات الطلب الرامي إلى تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية ما يلي: ” يقدم الطلب – إلا إذا نصت مقتضيات مخالفة في الاتفاقيات الدبلوماسية على غير ذلك – بمقال يرفق بما يلي :
1- نسخة من الحكم الأجنبي؛
2- شهادة من كتابة الضبط المختصة تشهد بعدم التعرض والاستئناف والطعنبالنقض؛
3-ترجمة تامة إلى اللغة العربية عند الاقتضاء للمستندات المشار إليها أعلاه مصادق على صحتها من طرف ترجمان محلف “. أي عندما يكون الحكم الأجنبي وغيره من المستندات الأخرى مدونا بلغة أجنبية غير اللغة العربية . ويلاحظ أن المشرع هنا لا يعبر صراحة عن جزاء عدم تقديم ترجمة تامة للمستندات المذكورة. وكان حريا به أن يقرر صراحة هذا الجزاء بجعله هو عدم قبول الدعوى، ومع ذلك من اللازم احترام إرادة المشرع الرامية إلى وجوب تقديم الترجمة تامة أعلاه، وإلا سيكون من العبث أن يضيف المقتضى الرابع . زد على ذلك أن المحكمة المرفوع إليها الطلب عليها طبقا للفصل 430 من قانون المسطرة المدنية أن تتأكد من عدم مساس أي من محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي فمن باب أولى أن تتأكد من أن الشكل الذي افرغ فيه الحكم الأجنبي غير مخالف لهذا النظام فلو كان الحكم باللغة العربية كان يكون صادرا عن قضاء دولة عربية أخرى فإن المحكمة سوف تتأكد فقط من عدم تعارض مضمونه مع النظام العام المغربي، وإلا أي في الحالة التي يكون مدونا بلغة أجنبية فإن شكله غير مقبول لمخالفته للنظام العام المغربي باعتبار أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية[19] للدولة بصراحة الدستور، فضلا عما جرى عليه العمل قضاءا، تطبيقا لمقتضيات الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، من أن عدم التقديم مستندات الدعوى يؤدي إلى عدم قبول الدعوى.
وقد استقر المجلس الأعلى على القول بأن نطاق لغة التقاضي إنما يشمل فقط، تطبيقا لقانون المغربة والتوحيد والتعريب، المداولات والمرافعات والأحكام دون الوثائق. جاء في قرار للمجلس الأعلى بتاريخ 17-06-1992 بأنه ليس من الضروري اللجوء إلى المترجم قصد ترجمة وثيقة محررة بلغة أجنبية إلى العربية مادامت المحكمة أنست القدرة على فهمها دون الاستعانة بالمترجم ومادام أن اللغة العربية إنما هي مطلوبة في المرافعات وتحرير المذكرات لا في تحرير العقودوالاتفاقات[20].وجاء في قرار آخر صادر بتاريخ 08/06/1987 في الملف المدني عدد 93159 [21]ما يلي: “إن الإنذار بالإفراغ هو تعبير عن الإرادة بوضع حد لعقد الكراء فهو تصرف قانوني ليس بإجراء من إجراءات الدعوى لهذا فهو غير مشمول بقانون تعريب القضاء الذي يقصر الآمر على المرافعات والمذكرات التي تقدم أثناء النظر في الدعوى ولا يشمل الوثائق التي يدلى بها ، ولهذا فان الإنذار بالإفراغ وإن كان قد حرر باللغة الفرنسية فقد أدى الغاية منه “.
وعلى سبيل المقارنة فان الاجتهاد القضائي لمجلس الدولة الفرنسي ومحكمة النقض الفرنسية ذهبا إلى القول بأن اللغة الفرنسية هي لغة الوثائق وجوبا استنادا إلى مقتضيات الأمر الملكي المؤرخ في 10/08/1539 والموقع عليه من طرف الملك فرنسوا الأول والذي نص على أن جميع المستندات القانونية والموثقة يجب أن تحرر باللغة الفرنسية وهذا الموقف تدعم با لتعديل الدستوري المؤرخ في 25-06-1992 الذي اصبح، بمقتضاه، ينص الفصل الثاني من الدستور على ما يلي: “الفرنسية هي لغة الجمهورية ” إضافة إلى القانون المتعلق باستعمال اللغة الفرنسية بتاريخ 4/08/1994 الذي نص على أن الفرنسية هي لغة المرافق العامة (ServiceS PublicS ). جاء في فصله الأول”اللغة الفرنسية هي لغة التعليم، العمل ، المبادلات والمرافق العامة” ويقول المجلس الدستوري الفرنسي في قراره عدد 93-373 بتاريخ 9/04/1996 بأن اللغة الفرنسية يشمل نطاقها “الأشخاص المعنوية للقانون العام وأشخاص القانون الخاص وذلك أثناء ممارسة مهمة تتعلق بمرفق عمومي وكذلك بالنسبة للمرتفقين في علاقاتهم مع الإدارات والمرافق العمومية ”
2- رقابة النيابة العامة على التراجمة المقبولين لدى المحاكم:
يكمن الإطار القانوني المنظم لمهنة التراجمة المقبولين لدى المحاكم في الظهير الشريف رقم 127-01-1 الصادر بتاريخ 29 ربيع الأول 1422 –19يوليو 2001 بتنفيذ القانون رقم 50-00 المتعلق بالتراجمة المقبولين لدى المحاكم.
وطبقا للمادة الأولى فانهم من مساعدي القضاء كما انه لابد أن تتوفر فيهم بعض الشروط التي تجعلهم اهلا لممارسة المهنة لعل من أبرزها التأهيل الثقافي الذي يتمثل في أن يكون المرشح حاصلا على دبلوم الترجمة من مؤسسة جامعية في المغرب أو على شهادة معترف بمعادلتها له .وطبقا للمادة 26 من القانون المذكور فإن الترجمان المقبول لدى المحاكم هو وحده المؤهل لترجمة التصريحات الشفوية والوثائق والمستندات المراد الإدلاء بها أمام القضاء وذلك في اللغة أو اللغات المرخص له بالترجمة فيها .
وفي مجال رقابة النيابة العامة على التراجمة المقبولين لدى المحاكم يمكن التمييز بين سلطات وكيل الملك بدائرة المحكمة الابتدائية حيث يوجد مكتب الترجمان وبين سلطات واختصاصات الوكيل العام الملك لدى محكمة الاستئناف حيث يوجد بدائرتها مكتب الترجمان.
أ)– اختصاصات وكيل الملك :
– يمسك سجلا خاصا يضع فيه الترجمان المقبول لدى المحاكم نموذج توقيعه ويؤشر وكيل الملك أو من ينوب عنه على صفحاته بعد توقيعه ووضع طابعه على كل صفحة منه قبل الشروع في استعماله طبقا للمادة 28 من القانون.
– يعمل وكيل الملك على ترقيم جميع صفحات السجل و التأشير عليها والذي يجب أن يضمنه الترجمان المقبول كل ترجمة أنجزها طبقا للمادة 31 من القانون.
– على أن وكيل الملك بإمكانه مراقبة السجل المشار إليه كلما اقتضى الأمر ذلك وخاصة عند تجديد ترقيمه – لفقرة الأخيرة من المادة 31-
ب)– مراقبة الوكيل العام للملك:
يتولى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف طبقا للفصل 44 مراقبة أعمال التراجمة المقبولين لدى المحاكم الممارسين في دائرة اختصاصه، ويشمل نطاق المراقبة طبقا للمادة 45 من القانون بصفة خاصة ما يلي :
-“ التقيد بالترجمة في اللغة أو اللغات المرخص للترجمان المقبول لدى المحاكم بالترجمة فيها؛
– الاحتفاظ بنظائر أو نسخ الوثائق التي عهد إليه بترجمتها وكيفية ترتتيبها؛
– كيفية مسكه للسجل الخاص بتضمين مواضيع الترجمات التي أنجزها ”
– التأكد من إبرامه لعقد التأمين على المستندات والوثائق؛.“
-وتجدر الإشارة إلى أن بإمكان الوكيل العام للملك أن يقترح على وزير العد ل في الحالة التي يكون فيها الترجمان المقبول موضوع متابعة زجرية إيقاف الترجمان عن ممارسة المهنة مؤقتا؛
– وقد يقوم الترجمان المقبول بأفعال مخالفة لاحكام النصوص التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بالمهنة أو مخلة بواجباته المهنية أو أفعال منافية للشرف أو النزاهة أو الأخلاق ولو كان ذلك خارج نطاق المهنة، وفي هذه الحالة تبقى الصلاحية لللجنة المحدثة بوزارة العدل طبقا للمادة 4 والمحدد أعضاؤها طبقا للمادة 5 ومن بينهم وكيل عام لدى محكمة استئناف يعينه وزير العدل لكي تجري المتابعات التأديبية وتصدر العقوبات بشأنها، غير انها لا تبث في المتابعات التأديبية إلا بناء على تقرير مشترك للرئيس الأول والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف التي يزاول في دائرتها الترجمان وذلك طبقا لمقتضيات المادة 47 .
-و يقوم الوكيل العام للملك المختص بتبليغ الترجمان المقرر التأديبي الذي وجه إليه من قبل رئيس اللجنة وذلك داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره طبقا للمادة 56
– يسهر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف على تطبيق العقوبات التأديبية المتعلقة بالمنع المؤقت عن ممارسة المهنة وبالتشطيب عن الجدول ( المادة58 ).
خاتمة :
نخلص إذن إلى أن اللغة العربية لها أهميتها في ميدان التقاضي وأن الأحكام تتميز صياغتها بفنية خاصة، وأنه يجب التمييز بين اللغة الشفوية ولغة الأحكام القضائية[22] علما أن القضاء يمكن أن يساهم في تطوير لغة التشريع و إعطائها قيمة مضافة من خلال الاجتهادات القضائية.
لكن يلاحظ أن اللغة القانونية العربية خاصة واللغة العربية عامة تحتاج إلى حمايتها من المصطلحات الدخيلة وفق معايير موضوعية.
كما ينبغي العناية بتوحيد المصطلحات القانونية بين الدول العربية لما فيه من فائدة من ناحية التلاقح المفروض بين التجارب القانونية العربية المختلفة.
[1]- يقول ذ عبد الرحمان العلوي: “ا ظهر علماء الاجتماع أن الإنسان الأول قد نشأ بين العراق وأرمينيا وقد تفرقت الأجيال البشرية فيما بعد وانفصلت عن بعضها، فدخلت إلى لغتها الأولى ألفاظ جديدة حسب الحاجة. وحدث فيها نمو اختلف في أسلوبه وشكله تبعا للظروف والأوضاع، حتى أخذت لغة كل قوم تبتعد شيئا فشيئا عن اللغة الأم إلى أن اشتد الخلاف بينها وتفاوت تفاوتا ذريعا حتى بدا وكأنها لغات مستقلة. وكان كلما قرب زمن انفصال الطوائف بعضها عن بعض زادت لغتها تفاوتا، وكلما قرب زمن انفصالها كانت اقرب إلى بعضها”. مقاله “اللغة العربية في مواجهة الغزو الحضاري”
Wwwdarislamcomcom/home /alfekr .
[2]- الطيب برادة ” إصدار الحكم المدني وصياغته الفنية في ضوء الفقه والقضاء” أطروحة دكتوراه دولة- منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية 1996.ص31
[3]- كريمني بلقاسم :عرض حول “علاقة المصطلح القانوني بالمدرك الحقوقي” شارك به خلال أيام دراسية نظمها معهد الدراسات والأبحاث للتعريب بين 1و 3 يوليوز 2003 في موضوع ” لغة الحق ولغة القانون”.
[4]- الطيب برادة : م.س ص84
[5]-الخطاب الملكي المؤرخ في 28 أبريل 1965 والمناسبة استقبال اللجان المكلفة بتعريب القوانين –منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة نصوص ووثائق “القضاء والقانون في الخطاب الملكي” العدد 16 الطبعة الأولى 1997.
[6]-قرارات المجلس الأعلى –المادة الجنائية 1961 –1997 منشورات المجلس الأعلى في ذكراه الأربعين –1997 ص69
[7]- يقدر عدد الرائج من القضايا أمام المحاكم بـ 3198700 ، عدد القضاة 2927 . يراجع في هذا مجلة القضاء والقانون عدد 148 حيث نشرت التصريح الصحفي للسيد وزير العدل والمؤرخ في 6 غشت 2003 والذي اقتطفنا منه الجزء الخاص بالأرقام المذكور أعلاه.
[8]- يلاحظ المرحوم ذ احمد العلمي أن هناك ثلاثة أساليب في صياغة الأحكام: الأسلوب الانجلوسكسوني وينبني على الإسهاب والعناية بالتفاصيل والأسلوب اللاتيني والمطبق في فرنسا وبلجيكا وأسبانيا والبرتغال ويتميز بالإيجاز إلا أن هذا الأسلوب الأخير ينتقد من حيث إمكانية التشكك في مضمون المبادئ التي تقررها المحكمة من خلال الاعتماد على ألفاظ عامة فضلا عن الأسلوب الوسط والذي تأخذ به محكمة النقض المصرية والقضاء المغربي والذي يجمع بين مزايا الإيجاز مع العناية بقدر الإمكان بالتفاصيل. راجع ” كراسة تدريسية وتدريبية حول تقنية تحرير الأحكام ص 33 و 34 و36 .
[9]- ذ- العربي المجبوذ : “كيف نحرر الأحكام” مقال منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 31 الصفحة 5 وما بعدها.
[10]- مشار إليه في أطروحة ذ-الطيب برادة. م.س. الصفحة 331
[11]-Frédéric Houbert, traducteur, et Olivier Kaiser, juriste /Réflexions sur la langue juridique anglo-saxone et française- (Juillet –Août 2000) www.juripole.u-nancy.fr
[12]- فريدريك اوبير و اولفي كيسر المرجع السابق.
[13]-راجع مؤلف ذ عبد العزيز توفيق ” شرح قانون المسطرة المدنية و التنظيم القضائي” الجزء الأول ص 159
[14]- عبد الرحمان بن عمرو “اللغة العربية كشرط للقبول في مهنة المحاماة” مقال منشور بمجلة المحاماة عدد 5ص14
[15]-محمد الكشبور “رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية” اطروحة دكتوراه دولة ص 229.ولاحظ أن المادة 31/فقرة 2 من قانون المحاماة- ظهير بمثابة قانون صادر في 10/09/1993- تنص على ما يلي: ” غير انه يمكن للمحامين الذين يمارسون المهنة في بلد أجنبي يرتبط مع المغرب باتفاقية تسمح لموطني كل من الدولتين المتعاقدتين بممارسة المهنة في الدولة الأخرى أن يؤازروا الأطراف أو يمثلوهم أمام المحاكم المغربية بشرط أن يعينوا محل المخابرة معهم بمكتب محامي مقيد بجدول إحدى هيأت المحامين بالمملكة بعد الإذن لهم بصفة خاصة، وفي كل قضية على حدا من طرف وزير العدل ما لم تنص الاتفاقية على خلاف ذلك”
[16]- يرى الأستاذ رشيد مشقاقة أن القاضي بإمكانه ترجمة الحجج المدلى بها أمامه تلقائيا أو يأمر الأطراف يتقديم الترجمة الكاملة لها دون أن يترتب على عدم الإدلاء بها الجزاء المتعلق بعدم قبول الدعوى سيرا على ما جرى به قضاء المجلس الأعلى واستنادا أيضا إلى ما تفرضه ظروف الواقع الراهن من ضرورة انفتاح القاضي على اللغات الأخرى . في المقابل رد عليه الأستاذ بن عمرو ببعض المقالات بين فيها وجهة نظره استنادا إلى عدة نصوص قانونية وتنظيمية وعلى رأسها الدستور كما استند إلى ما اسماه بالأسباب الموضوعية وتتمثل في عدم القدرة الذاتية للمحكمة على الترجمة. انظر التفاصيل في : رشيد مشقاقة (لغة الوثائق ومال الدعوى جريدة العلم عدد 17403 بتاريخ 20/12/1997 . جريدة العلم عدد 17452 بتاريخ 7/2/1998 عبد الرحمان بن عمرو لغة الوثائق ومال الدعوى رد على وجهة نظر جريدة العلم عدد 17431 بتاريخ 17/1/1998
[17]) في بلد ينص فيه الدستور على لغتين رسميتين أو أكثر قد تصدر الأحكام بأكثر من لغة، وهكذا يلاحظ أنه في الكيبيك رغم صدور الميثاق الوطني للغة الفرنسية الذي صادقت علية الجمعية الوطنية للكيبيك سنة 1977 والذي ينص على أن اللغة الفرنسية هي لغة القانون والدولة والمؤسسات فإنه يمكن أن يصدر الحكم باللغة الإنجليزية تطبيقا للدستور الكندي لسنة 1867 الذي نص على أن اللغة الرسمية لكندا هي اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية، وهذا الاختيار كرس بموجب التعديل الذي وقع على الميثاق المذكور سنة 1993 .
المرجع :
A-capsules/Index.php.3.340.1081www.education.qc.ca/LVD-loi/Fo
[19]–“…وعليه فإن اعتبار العربية لغة رسمية معناه وضعها في موقع رمزي متميز يقوم بدور صنع التوازن الاستراتيجي بالمغرب، وصع التوازن هذا يصوغه كون هذه اللغة متعالية عن أي انتماء عرقي وإثنو ثقافي خاص أو معين في ربوع جهات المغرب، مما يؤهلها لكي تتبوأ مرتبة اللغة الوطنية بامتياز أفقيا وعموديا، وذلك بمقتضى مصوغات قانونية وسوسيولسانية وسوسيوثقافية...”. مقال منشور بجريدة الأحداث المغربية تحت عنوان”وطنية ورسمية اللغة العربية” العدد 734 بتاريخ 22-10-2003 .
[20]) أورده ذ.عبد الرحمان بن عمرو في مقال منشور بجريدة العلم تحت عنوان “لغة الوثائق ومآل الدعوى” عدد 17445 بتاريخ 31-01-1998.
[21]-أ شار إليه ذ- احمد عاصم في مؤلفه “الحماية القانونية للكراء السكنيوالمهني” مطبعة دار النشر المغربية الطبعة الأولى 1996.ص31
[22]- في كل الأحوال يجب أن لا ننسى عندما نتحدث عن اللغة القانونية، بأنه لا توجد لغة قانونية وحيدة ومفردة :لغة قانون العقود وبوليصات التأمين تختلف كثيرا عن تلك التي تتضمنها النصوص القانونية، واللغة الشفوية بالمحاكم ليست هي نفسها التي تتضمنها مراجع الاجتهادات القضائية والتي تتضمن القرارات المتخذة من قبل القضاة … كما أن هناك نقطة خلافية ثانية بين لغة المشرع، أي لغة المؤسسات التي تسن القوانين وبين لغة السلطة القضائية أي لغة المحاكم والقضاة الذين يفسرون ويطبقون النصوص القانونية.
Dans tous les cas, il ne faut pas oublier, lorsque l’on parle de langue juridique, qu’il n’existe pas une seule et unique languejuridique : la langue des contacts et des polices d’assurances n’a pas grand-chose à voir celle des textes de loi, la langue parlée dans les tribunaux n’est pas la même que celle à laquelle ont recours les recueils de jurisprudence, qui contiennent les décisions rendues par les juges. Une deuxième différentiation doit être faite entre la langue du législateur, à savoir celle des institutions qui formulent les lois, et la langue du pouvoir judiciaire, celle des tribunaux et des juges qui interprètent et qui appliquent les textes de loi.
www.juripole.fr fréderic haubert et olivier kaiser op .cit