القــرار بغرفتين عـدد: 25-08
الـمـؤرخ فـي: 21-01-2014
مـلـف مدني
عـــدد : 753-1-8-2013
القاعدة:
النقض يؤدي إلى رجوع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبله
تقيد القرار المطعون فيه بالنقطة القانونية التي بتت فيها محكمة النقض والمتعلقة بعدم رد القرار المنقوض على الدفع بالحيازة، لا يعفي محكمة الإحالة من الرد على باقي الدفوع الأخرى التي تمسك بها الأطراف ولم تكن محل مناقشة في قرار النقض والإحالة ؛
طبقا للفصلين 37 و45 من ظهير 12/08/1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري فإن المحكمة ملزمة بالبت، ليس فقط في وجود الحق المدعى به من المتعرض، وإنما أيضا في مدى هذا الحق.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بتاريخ 16/10/1991 بالمحافظة العقارية بالحي الحسني بالدار البيضاء تحت رقم 1476/33 طلب نجاح مصطفى بن محمد بن التهامي ومن معه (10 أشخاص) تحفيظ الملك المسمى ”سهب قاسم”، الواقع بعمالة عين الشق الحي الحسني جماعة دار بوعزة دوار أولاد احميدة أولاد عبو، حددت مساحته في 12 هكتارا و82 آرا و24 سنتيارا لتملكهم له حسب الملكية عدد 13 المؤرخة في 28/08/1991 المشهود فيها لهم كورثة لمحمد بن التهامي بالحوز والتصرف للأرض المسماة سهب قاسم حسب الأنصبة المبينة فيها مع بيان مدخلهم، مدة تزيد على أمد التصرف، وإراثة محمد بن التهامي عدد 555 المؤرخة في 09/11/1961 وإراثة ابنه عبد الكبير عدد 634 المؤرخة في 14/02/1983 وإراثة زوجه عائشة بنت محمد عدد 512 المؤرخة في 20/10/1981.
وبتاريخ 21/07/1992 (جزء 4/33 عدد 460) سجل المحافظ التعرض الصادر عن بحرية تحريزي أصالة عن نفسها ونيابة عن الشعيبية تحريزي ومينة تحريزي وفاطنة تحريزي، بنات عبد الله بن احمد بن عبو، مطالبات بكافة الملك لتملكهن له بالإرث حسب الإراثة المؤرخة في 22/03/1962 وبملكية والدهن المذكور مع محمد بن بوشعيب المديوني عدد 551 المحررة بتاريخ 16/06/1929.
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، وإدلاء طلاب التحفيظ بعقود أشرية منها الشراء عدد 193 صحيفة 10 المؤرخ في 09/04/1962 من البائعات لهم فيه الشعيبية وبحرية (المتعرضتين) ووالدتهن حليمة بنت بوشعيب لواجبهن المنجر لهن إرثا، وبعد إجراء المحكمة بحثا، أصدرت بتاريخ 08/06/1998 حكمها عدد 1419 في الملف رقم 19/96 بعدم صحة التعرض المذكور مع تحليف الرشداء من طالبي التحفيظ اليمين على عدم علمهم بأي حق لفائدة المتعرضتين تحريزي مينة وتحريزي فاطنة على الأرض موضوع المطلب تحت طائلة سقوط الحق عند النكول. فاستأنفته المتعرضات، وبعد إدلائهن بالإراثة عدد 12 المؤرخة في 20/01/2000 تفيد وفاة المستأنفة فاطنة تحريزي عن ورثتها، ابنتها وحيدي فاطنة وعاصباتها أخواتها بحرية والشعيبية ومينة، وبعد إجراء محكمة الاستئناف بحثا ثم معاينة، وإدلاء المستأنف عليهم بقرار المجلس الأعلى عدد 10 الصادر بتاريخ 16/01/1991 في الملف رقم 5914/88، قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، وذلك بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 13/05/2002 في الملف رقم 2167/98، والذي نقضه المجلس الأعلى بطلب من المستأنفات نقضا جزئيا فيما قضى به من عدم صحة تعرض الطاعنتين فاطنة ومينة تحريزي وأحال الدعوى على نفس المحكمة بخصوص ما ذكر وبرفض الطلب فيما عدا ذلك، وذلك بمقتضى قراره عدد 3421 بتاريخ 03/12/2003 في الملف رقم 3856/1/1/2002، بعلة أنه ”بخصوص ما قضى به بالنسبة لكل من مينة وفاطنة تحريزي فإن القرار المطعون فيه اعتمد فيما قضى به تجاههما على أنه بالرجوع إلى وثائق الملف يتضح أن بعض المتعرضات بعن واجبهن في الأرض موضوع التعرض حسب عقد الشراء عدد 153 وتاريخ 09/04/1962 والبعض الآخر يتصرفن في هذا النصيب حسب المصرح به سواء في محضر البحث أو محضر الوقوف على عين المكان، في حين أن محضر المعاينة المجراة يوم 10/01/2002 أفاد أن المتعرضة مينة صرحت بأنها تتصرف في حقوق خارج المطلب إلا أنها في نفس التصريح صرحت كذلك بتشبثها ببقية حقوقها في المطلب، وليس في المحضر ولا بمحضر البحث المجرى ابتدائيا أي تصريح للمتعرضة فاطنة، ولذلك فإن القرار لما قضى بعدم صحة تعرضهما، وليس في مستندات الملف ما يفيد تفويتهما لحقوقهما لفائدة الطرف طالب التحفيظ فإنه بذلك جاء فاسد التعليل الموازي لانعدامه”.
وبعد الإحالة قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف وذلك بقرارها عدد 1808 الصادر بتاريخ 28/11/2005 في الملف رقم 471/04، والذي نقضه المجلس الأعلى بطلب من المستأنفتين مينة تحريزي ووحيدي فاطنة بنت محمد بمقتضى قراره عدد 2337 الصادر بتاريخ 18/06/2008 في الملف رقم 2229/1/1/2006 وأحال الدعوى على نفس المحكمة بعلة أنه علل ما قضى به بأن ”المستأنفتين المذكورتين سبق لهما أن صرحتا أن المستأنف عليهم هم المتصرفون والحائزون للمدعى فيه، وهذه تزكية منهما لموجب الملكية المقامة من الحائزين عدد 03/00 وتاريخ 08/08/1991، وبالتالي فهي قاطعة لحجة المستأنفين غير المرفقة باستمرار الملك لورثة الجد أحمد وبعده لورثة عبد الله موروث مينة وفاطنة تحريزي، فتصرف الحائزين لمدة عشرة أعوام مكسبة لحقهم وقاطعة لحجة خصمهم”. في حين أن الطاعنتين سبق لهما أن أثارتا أمام محكمة الاستئناف بمقتضى المقال الاستئنافي وجود منازعة بين الطرفين واستدلتا على ذلك بمقال افتتاحي مؤرخ في 05/09/1981 وآخر إصلاحي له، إلا أن القرار المطعون فيه اعتمد الحيازة القاطعة لما قضى به دون أن يرد على الدفع بوجود نزاع خلال هذه الحيازة”.
وبعد الإحالة، قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم صحة تعرض مينة تحريزي وفاطمة وحيدي والحكم من جديد بصحته، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض حاليا أعلاه من المستأنف عليهم في الوسيلة الثانية بانعدام التعليل، ذلك أنه وخلافا لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه فإن قرار الإحالة لم يبت في نقطة قانونية من شأنها أن تلزم محكمة الإحالة بالتقيد بها طبقا للفصل 369 من قانون المسطرة المدنية، وإنما بت في مسألة يختلط فيها الواقع بالقانون، وتتعلق بالبحث عن بداية تاريخ حيازة الطاعنين ومقارنته بتاريخ المنازعة القضائية المزعومة من طرف المطلوبتين ومن معهما، وقد استقر العمل القضائي بأن محكمة الإحالة لا يمنعها قرار الإحالة من مناقشة الحجج والدفوع غير التي سبق لمحكمة النقض أن استبعدتها، وبالتالي يبقى من حق الطاعنين التشبث بدفوعهم السابقة بل وإثارة دفوع جديدة باعتبارهم مستأنفا عليهم وليسوا مستأنفين، وأنهم في هذا الصدد أثاروا عدة دفوع في مذكرتهم بعد النقض والإحالة المدلى بها بجلسة 01/06/2009 منها الدفع الثاني الذي جاء تحت عنوان: ”بخصوص مقدار نصيب المتعرضة أمينة تحريزي” وهو في فقرتين. وقد جاء في الفقرة الأولى أنه حسب رسم المخارجة المستدل به من المطلوبتين فإن موروثهم عبد الله بن احمد لم يخرج فقط بنصيبه من ملك سهب قاسم وإنما خرج بحبل من الملك المسمى النوالة وقد أقرت تحريزي أمينة في محضر المعاينة بأنها تتصرف في نصيبها الموجود بجانب العقار موضوع المطلب بل وصرحت بأنها تسلمته من الطاعنين إلا أنه لا يشكل كل نصيبها. وقد جاء في الفقرة الثانية، أنه بالرجوع إلى رسم المخارجة المذكور يتبين أن مساحة العقار المسمى سهب قاسم تبلغ 12 هكتارا تقريبا، كما أن موروث المتعرضات عبد الله بن احمد لم يصح له الملك المذكور كله وإنما صح له ولإخوته محمد وعائشة ومريم وشامة ونانة ولزوجتي والده كلثوم بنت الحاج المكي والزهرة الحريزية ولمحمد بن بوشعيب الهراوي وابنه بوشعيب ولعائشة بنت عبد السلام ولمحمد المسفيوي ولأخته عائشة، كما صحت قطعة من نفس الملك لكل من محمد بن محمد بن بوشعيب وأخويه العربي وعائشة وأمهم التهامية، أي ما مجموعه 17 فردا، وبالتالي فإن نصيب موروث المتعرضات عبد الله بن احمد يبلغ من ملك سهب قاسم أقل من هكتارين اثنين ونصيب المتعرضة أمينة يكون أقل من ربع هكتار، وأنه في حال اقتناع المحكمة بما جاء في طلبات الخصوم فإن تعرضها على كافة الملك مفتقر للإثبات وغير مرتكز على أساس لا سيما وأنها في مركز الطرف المدعي.
حيث صح ما عابه الطاعنون على القرار، ذلك أنه اقتصر في تعليل قضائه على أن ”محكمة الإحالة ملزمة بالتقيد بالنقطة القانونية التي بت فيها المجلس الأعلى عملا بمقتضيات الفصل 369 من قانون المسطرة المدنية، وأن ملكية المستأنف عليهم لما كانت مؤرخة في 08/08/1991، وكان شهودها قد شهدوا بحيازتهم لأرض المطلب المدة الكافية شرعا المحددة في عشر سنوات، فإن بداية هذه الحيازة كانت بتاريخ 07/08/1981، وأن المقصود بالنزاع الذي يعيب الشروط الموجبة للملك هو الادعاء بالحق خلال المدة المشهود بها، وأنه لما كانت بداية الحيازة بتاريخ 07/08/1981 وكانت منازعة المستأنفتين بشأنها قد بدأت بتاريخ 05/09/1981 حسب الثابت من المقال الافتتاحي المحتج به بهذا الخصوص أي بعد مرور شهر واحد على بدايتها، أي على بداية الحيازة، فإنها تكون حيازة غير هادئة ومنازع بشأنها، وبالتالي لا تنفع أصحابها بل تنفع المستأنفتين، وأن ما تمسك به المستأنف عليهم من كون حيازتهم كانت منذ سنة 1962 لا جدوى منه، ذلك أنه مجرد الادعاء بوضع اليد يشكل فقط الشرط الأول من شروط الحيازة الاستحقاقية، أي أن يشهد له بوضع اليد وبأنه يتصرف تصرف المالك في ملكه، وأن ينسب الملك لنفسه والناس ينسبونه إليه كذلك، وبأنه لا ينازعه منازع في ذلك، وبأن الحيازة استمرت المدة المقررة في القانون، وبذلك تكون باقي هذه الشروط منتفية في نازلة الحال بخصوص المدة الممتدة من 1962 إلى بداية المدة المشهود بها في الملكية لخلو الملف مما يفيد قيامها”. في حين أنه من جهة، فإن النقض يؤدي إلى رجوع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبله، وأن تقيد القرار المطعون فيه بالنقطة القانونية التي بتت فيها محكمة النقض والمتعلقة بعدم رد القرار المنقوض على ما تمسكت به المطلوبتان بخصوص المنازعة في الحيازة، لا يعفي محكمة الإحالة من الرد على باقي الدفوع الأخرى التي تمسك بها الأطراف ولم تكن محل مناقشة في قرار النقض والإحالة ؛ ومن جهة أخرى، فإنه طبقا للفصلين 37 و45 من ظهير 12/08/1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري فإن المحكمة ملزمة بالبت، ليس فقط في وجود الحق المدعى به من المتعرض، وإنما أيضا في مدى هذا الحق؛ وأنه يتجلى من المذكرة المدلى بها من الطاعنين بعد النقض والإحالة، أمام المحكمة مصدرة القرار بجلسة 01/06/2009، أنهم دفعوا بأن نصيب موروث المتعرضات عبد الله بن احمد استنادا لرسم المخارجة المستدل به يبلغ، من ملك ”سهب قاسم”، أقل من هكتارين اثنين، ويكون بالتالي نصيب المتعرضة أمينة تحريزي أقل من ربع هكتار، وفي حال اقتناع المحكمة بما جاء في طلبات الخصوم فإن تعرضها على كافة الملك يكون مفتقرا للإثبات لا سيما وأنها في مركز المدعي. دون أن يرد القرار على ذلك رغم ما له من تأثير على الفصل في النزاع، الأمر الذي يكون معه القرار ناقص التعليل المنزل منزلة انعدامه ومعرضا بالتالي للنقض والإبطال.
وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى على نفس المحكمة.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض بنقض وإبطال القرار المطعون فيه المشار إليه أعلاه، وإحالة الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون، وبتحميل المطلوبتين في النقض المصاريف.
كما قررت إثبات قرارها هذا بسجلات المحكمة مصدرة الحكم إثر القرار المطعون فيه أو بطرته.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالربـاط. و كانـت الهيئة الحاكمة متركبة من السـادة: إبراهيم بحماني رئيس غرفة الأحوال الشخصية والميراث ـ رئيسـا. ومولاي العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة المدنية ( القسم الثامن) والمستشارين : جمال السنوسي ـ مقررا ومحمد دغبر ومحمد أمولود و أحمد دحمان وفريد عبد الكبير ومحمد ترابي ومحمد عصبة ومحمد بنزهة ـ أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد رشيد صدوق. وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة كنزة البهجة.