القرار رقم 277
الصادر بتاريخ 14 يبراير 1989
ملف مدني رقم 3250-83
القاعدة
– إن طلب إعادة النظر أمام المجلس الأعلى يقبل في جميع القرارات التي يصدرها سواء تعلقت بمطالب التحفيظ أم بغيرها ولا يعتبر فيه إلا توفر أحد الأسباب المنصوص عليها في الفصل 379 من قانون المسطرة المدنية.
– إن تعليل المجلس الأعلى الغير السليم يعتبر كانعدام التعليلي يعرض قراره لإعادة النظر.
– إذا قبل المجلس طلب إعادة النظر وكان الملف جاهزا بت في طلب النقض من غير حاجة إلى تأخير النظر
باسم جلالة الملك
إن المجلس
وبناء على قرار السيد الرئيس الأول الصادر بتاريخ 17 دجنبر 1987 تحت عدد 468 بتعيين الغرفة الأولى(القسم الثالث) لتضاف إلى غرفة الأحوال الشخصية والميراث(القسم الثاني) للبت في النازلة.
وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بها بتاريخ 14-02-1989 .
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضور الطرف المطلوب وحضور دفاع الطالب الأستاذ عبد الله المالقي الذي رافع في القضية بالجلسة.
وبعد تلاوة المستشار المقرر السيد محمد العراقي لتقريره والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد احمد بناس.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
في الشكل :
بناء على طلب إعادة النظر المؤرخ ب 14-02-1983 من طرف السيدين بوشعيب اودادس وجد عمروبن احمد في قرار المجلس الأعلى 718 المؤرخ في 16-11-1982 في الملف العقاري عدد 90050 والقاضي برفض طلب النقض المقدم من طرفهما في 04-02-1981 ضد قرار استئنافية البيضاء 355 المؤرخ ب 16-10-1980 في الملف3737.
وبناء على دفع المطلوب ضده إعادة النظر بعدم قبولها شكلا لتعلق الأمر بالنزاع حول عقار محفظ له مسطرته الخاصة لا تبيح الطعن في الحكم الصادر بشأنه بإعادة النظر.
وحيث عقب طالبا إعادة النظر على تلك الملاحظة بأنها تتعلق بقرارات محاكم الاستيناف فقط.
وحيث إن الفصل 379 من ق.م.م. عندما تحدث عن جواز الطعن في قرارات المجلس الأعلى لم يفصل بينما يرجع من قراراته إلى النزاع حول العقار المحفظ أوالموجود في طور التحفيظ وإلى غير ذلك من النزاعات الأمر الذي يكون معه طلب إعادة النظر في نازلة الحال مقبولا شكلا.
وفي الموضوع :
حيث إنه بتاريخ 15-10-1962 تقدم طالبا إعادة النظر بمعية امرأتين هما شامة بنت ادريس بن المعطي وزهرة بنت الحاج ادريس بمطلب تحفيظ إلى محافظة الدارالبيضاء سجل تحت عدد 37637 ويتعلق الأمر بملك يطلق عليه اسم العسيلات وبمقتضى خلاصة إصلاحية مؤرخة بفاتح شتنبر 1965 توبع الحفيظ في اسم طالبي إعادة النظر وحدهما الذين أدليا بعدة رسوم اشرية مبنية على ملكية من باع إليهما المضمنة بعدد 217 وصحيفة 122 كناش 24 توثيق برشيد المتضمنة معرفة شهودها لعلال والحسين وادريس والعربي أبناء المعطي بن محمد وشهادتهم بتملكهم الملك المذكور مدة تفوق أمد الحيازة الخ كما أدليا بعدة أحكام منها الحكم المؤرخ ب 17-06-1963 في الملف عدد 233. وبتاريخ 15-06-1963 قدم تعرض في اسم محمد بن عبدالسلام بن المعطي وورثة عبدالسلام مؤيد بلفيف عدد 579 وأحيل ملف التحفيظ على إقليمية سطات التي أصدرت حكمها عدد 76 وتاريخ 25-12-1973 في الملف 75 بعدم صحة التعرض واستؤنف الحكم المذكور من طرف محمد بن عبد السلام وحده وأيدته استئنافية البيضاء حسب قرارها 4 المؤرخ ب 23-02-1977 في الملف 1565 فطلب محمد بن عبدالسلام نقض القرار الأخير فاستجيب لطلبه بمقتضى قرار المجلس الأعلى المؤرخ ب 22-11-1978 بعدد 815 في الملف 64734 وأحيل الملف على محكمة الاستئناف نفسها وقد كانت علة النقض هاته هي كون المتعرضين أدلوا في المرحلة الابتدائية بعقد كراء عدد 1501 تضمن اكراء الأخوة عبدالسلام وعلال وادريس والحسين والمصطفى واحمد أبناء المعطي بن محمد وابن أخيهم محمد بن العربي بن المعطي للفرنسي جوزيف مارتان جميع أرض النزاع ولم يطعن طالبوا التحفيظ بمقبول في ذلك العقد الذي يعتبر حجة على من باع لهم ويخدش في الحيازة المشار إليها في اللفيف المذكور والتي تحدد بأربعين عاما بسبب كونها بين أقارب وقد أبعد قضاة الحكم ذلك العقد بدون قانون وانتهت إجراءات محكمة الإحالة بإصدار القرار355 الصادر في 16-10-1980 في الملف 1/288 القاضي بإلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد بصحة تعرض محمد بن عبدالسلام عن نفسه وعن بقية ورثة أبيه معتمدة ذكر والد المتعرضين في ذلك العقد وهويشكل اعترافا ضمنيا من سائر اخوته بشركته معهم في عقار النزاع وعلى أن محمد بن عبدالسلام قيد دعوى عن نفسه وعن بقية ورثة والده تحت رقم 233/62 ضد طالب إعادة النظر في شأن استحقاقهم نصيب موروثهم وشفعة ما باعة شركاؤه في أرض النزاع وحكم برفضها شكلا مع جواز إقامتها من جديد وعلى أن المستأنف عليهم لم يأتوا بما يفيد انتقال ملك موروث المتعرضين لمن باع لهم أي المستأنف عليهم ورسم الكراء يدل ضمنيا على تملك المتعرضين وهوإن لم يكن حجة على الغير فإنه يعتبر حجة قاطعة على من ذكر فيه والعقار مثبوت باللفيف ما لم يعارض بما هوأقوى منه وقد تقدم طالبا إعادة النظر حاليا بطلب نقض القرار الاستئنافي الأخير معتمدين ثلاثة وسائل وفتح لطلب نقضهم هذا الملف90050 الذي انتهت الإجراءات فيه بإصدار القرار المطلوب إعادة النظر فيه والقاضي برفض طلب النقض بعلة أن القرار المطعون فيه بالنقض نص على عناوين الاصراف وتضمن أسماؤهم كما نص على من كان ينوب عنهم وبين أسماء المتعرضين جميعا المذكورين في الإراثة 578 – خلاف الواقع- مما تكون معه الوسيلة الأولى التي هي خرق القواعد الجوهرية للمرافعات عديمة الأثر في جزء منها ومخالفة للواقع في جزئها الأخير وقد ارتكز طالبا إعادة النقض على أربعة وسائل منها عدم الجواب على دفوع أثاراها في طلبهما النقض: موضوع الملف 90050 ضد قرار محكمة الاستئناف مما يكون معه قرار المجلس الأعلى غير معلل أوفاسد التعليل وبواسطة الأستاذ أيوب أجاب المطلوبون في إعادة النظر بكون مقالها مشوبا بعدة خروقات شكلية وناقشوا موضوعه. وقد عقب الأستاذ المالقي على الجواب المذكور بمذكرة مؤرخة في 15-11-1984 ثم بعث الأستاذ الصديق حركات رسالة إلى المجلس الأعلى أرفقها بنسخة مما أسماه بعقد الكراء وأوضح بأنه حل محل الأستاذ أيوب وبعدما رأى المستشار المقرر كون الملف جاهزا للبت فيه اتخذ قرارا بالتخلي في شأنه وأمر بتوجيه نسخة منه إلى دفاع الطرفين طبقا للقانون ثم أحال الملف على السيد رئيس الغرفة الذي عينه في جلسة 24-02-1987 حيث حجزت القضية للمداولة ثم قررت غرفة الأحوال الشخصية والميراث في قسمها الثاني إحالة القضية على غرفتين حسب قرارها 1134 المؤرخ ب 17-11-1987 .
وبناء على قرار السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى المؤرخ ب 17-12-1987 تحت عدد 463 القاضي بتعيين الغرفة الأولى(القسم الثالث) لتنظم إلى غرفة الأحوال الشخصية للنظر في الملف وأحيل الأخير من جديد على النيابة العامة وتم تعيينه في جلسة 14 فبراير 1989.
ففيما يخص السبب الأول من أسباب إعادة النظر.
حيث يأخذ الطاعنان على القرار المطلوب إعادة النظر فيه أنه غير معلل بسبب عدم رده على وسيلة النقض ردا مطابقا للواقع ذلك أنه أشار إلى تعدد المستأنفين والحالة أن هناك مستأنفا واحدا كما أنه أوضح بأن سبب القرار المطلوب نقضه رتب على ذلك إشراك من لم يستأنف من المتعرضين ابتدائيا مع المستأنف في استئنافه فيما استفاد من ذلك الاستيناف.
حقا : حيث إن ما جاء في هذا السبب صحيح ذلك أن وثائق الملف تفيد كون المستأنف في الحقيقة والواقع هوشخص واحد اسمه محمد بن عبدالسلام الذي لم يشر في صك استئنافه إلى أنه استأنف عن نفسه وعن غيره والقرار المطلوبة إعادة النظر فيه حينما أشار إلى ما يفيد تعدد المستأنفين يكون قد أجاب بما هومخالف للواقع وبعد جوابه هذا بمثابة انعدام الجواب مما يدخل في نطاق السبب ويعرض القرار المطلوبة إعادة النظر فيه للتراجع.
وحيث إن ملف النقض جاهز للنظر فيه لأن الطرفين استوفيا مرافعاتهما في القضية ولا حاجة لتأخير النظر.
ففيما يخص الوجه الثاني من الوسيلة الأولى من وسائل النقض.
حيث ينعي طالبا النقض على القرار المطعون فيه عدد 358 الصادر بتاريخ 16-10-1980 من طرف محكمة الاستئناف بالبيضاء في الملف العقاري عدد 288 خرقه مقتضيات الفصل 345 من ق.م.م. في فقرته الثانية التي تنص على القرارات يجب أن تشتمل على الأسماء العائلية والشخصية للأطراف وكذلك صفتهم وحرفتهم ومحل سكناهم أوإقامتهم وبالرجوع إلى القرار المطعون فيه بالنقض يتضح صدوره بين الطاعنين وبين محمد بن عبدالسلام بن المعطي بدون ذكر عنوانهم كما أنه لم يذكر باقي المستأنفين من ورثة عبدالسلام بن العلمي الأمر الذي أضر بالطاعنين بسبب حكمه لصالح جماعة المتعرضين والحال أن المستأنف المذكور فيه كان وحيدا ويعرضه للنقض.
حقا : حيث إن القرار المطلوب نقضه أشار إلى مستأنف واحد هومحمد بن عبدالسلام بن المعطي وقد تمشى مع مقال الاستئناف المقدم من طرف الأخير وحده بينما منطوقه أشار إلى كون المستأنف المذكور استأنف عن نفسه وعن بقية ورثة أبيه دون تبيان من هم المستأنفون الآخرون الذين تم نعتهم بورثة أبيه وحكم بصحة تعرض جميعهم.
وحيث إن الأحكام يجب أن تشتمل على تبيان كل أطراف النزاع فيها بأسمائهم وعناوينهم وحرفتهم وصفتهم.
وحيث إن القرار المطلوب نقضه بعدم احترامه ما ذكر يكون خارقا للقانون وخاصة الفقرة المشار إليها في هاته الوسيلة الأمر الذي يجعله معرضا للنقض.
وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين تقتضي إحالة الملف على محكمة الاستئناف بسطات.
وحيث إنه طبقا للفصلين 380و 408 من ق.م.م. فإن الطرفين بعد قبول إعادة النظر في القرار يرجعان إلى الحالة التي كانا عليها قبل صدوره مع رد المبلغ الموضوع طبقا للفصلين 403-407 من ق.م.م. إلى صاحبه وهوطالب إعادة النظر.
لهذه الأسباب
وبقطع النظر عن بقية وسائل النقض.
قضى المجلس الأعلى في الشكل بقبول طلب إعادة النظر.
وفي الموضوع بتراجعه في قراره المطلوب إعادة النظر فيه والصادر عن المجلس الأعلى في 16-11-1982 تحت عدد 718 في الملف العقاري 90050 وبنقض قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 355 المشار إليه وإحالة القضية وطرفيها على محكمة الاستئناف بسطات للبت فيها من جديد بهيئة لم يسبق لها أن نظرت في النزاع.
الرئيس السيد محمد بوزيان، المستشار المقرر السيد العراقي، المحامي العام السيد بناس، الدفاع ذ. المالقي ذ. أيوب.
قراءة التعليقات (1)
ملحوظة هامة جدا
قبل قراءة تعليق المرحوم الأستاذ محمد بوزيان على القرار والوارد أدناه، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الوضع الحالي بخصوص إمكانية الطعن بإعادة النظر في قرارات محكمة النقض الصادرة في مادة التحفيظ العقاري ، قد اختلفت عما كان عليه واقع الحال إبان صدور القرار موضوع التعليق، إذ بدخول القانون 07-14 سنة 2011 والذي أضاف الفصل 109 الذي ينص على أنه '' لا تقبل الأحكام الصادرة في مادة التحفيظ العقاري الطعن إلا بالاستيناف والنقض'' فإن محكمة النقض استقرت إلى غاية كتابة هذه السطور بعدم قبول الطعن بإعادة النظر في قراراتها الصادر في مادة التحفيظ العقاري معتبرة أن الفصل 109 المذكور حسم الخلاف الذي كان موجودا سابقا بشأن مدى قابلية قرارات المجلس الأعلى في مادة التحفيظ للطعن بإعادة النظر وأن المنع المقصود هو قرارات محكمة الاستئناف فقط.
وبالرغم من وجود الفصل 109 حاليا فإن عليه اعتراضات كثيرة لم تلق آذانا صاغية من طرف محكمة النقض ومؤدى هذه الاعتراضات ان المنع الوارد في الفصل 109 يخص أحكام محكمة الموضوع وانه لم يرد في الفصل 109 المذكور ما يلغي أحكام الفصل 379 من قانون المسطرة المدنية التي تنظم الطعن بإعادة النظر في قرارات محكمة النقض التي لا تدخل ضمن الأحكام المنصوص عليها في الفصل 109 المذكور.
وما إيرادنا لهذه الملحوظة إلا للتنبيه، لأن العديد من المحامين لا يزالون يرفعون طلبات بإعادة النظر ولا يراعون اجتهادات محكمة النقض بخصوص تفسير المادة 109 ويضيعون على موكليهم الغرامة التي يؤدونها بعد خسرانهم للطعن وقدرها 5000 درهم.
تعليق على القرار
للأستاذ محمد بوزيان
رئيس غرفة بالمجلس الأعلى
أصدر المجلس الأعلى بغرفتين مجتمعتين القرار موضوع التعليق رقم 277 بتاريخ 14 فبراير 1989 قبل فيه طلب إعادة النظر بشان قرار صادر من المجلس الأعلى يتعلق بالتحفيظ العقاري. بسبب عدم سلامة تعليله ونظر في طلب النقض في حكم واحد.
وفي هذا التعليق أحد الأسس التي اعتمدها في ذلك.
أولا قبول إعادة النظر وأساسه
1)ان ظهير التحفيظ الذي هوقانون الموضوع وقانون الشكل لم ينظم طريق الطعن بالنقض في قرارات المجلس التي تصدر بشأن التحفيظ وإنما أحال الطعن فيها على الطريق الذي حددته المسطرة المدنية.
2) إن الظهير إذا لم ينص صراحة على طلب إعادة النظر في القرارات الاستئنافية التي تصدر بشأن التحفيظ فان قانون المسطرة المدنية سمح بتقديم طلب إعادة النظر في القرارات التي يصدرها المجلس الأعلى بدون استثناء في الموضوع، وإنما ورد الاستثناء في الفصل 379 من حيث الأسباب، فإذا بنى طلب إعادة النظر على سبب من الأسباب المذكورة فيه كان مقبولا سواء كان الموضوع يتعلق بالتحفيظ أو بغيره.
3) أنه طبقا للفصل الثالث من ظهير المصادقة على قانون المسطرة المدنية فإن ظهير التحفيظ إذا كان قانونا للمسطرة أيضا و لم يرد فيه نص صريح يمنع أو يبيح طلب إعادة النظر في قرارات المجلس الأعلى بشان التحفيظ فإن مقتضيات قانون المسطرة المدنية هي الواجبة التطبيق وقد نظم هذا القانون مسطرة طلب إعادة النظر بصفة عامة.
وفي هذا الصدد فقد لفت نظري قرار أصدره المجلس الأعلى رقم 887 بتاريخ 5 أبريل 1989 نشرته مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 42 استبعد فيه قبول طلب إعادة النظر في قرارات محكمة الاستيناف المتعلقة بالتحفيظ وقد انبنى هذا القرار على ما يلي:
أ – أن ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري قانون الموضوع وقانون الشكل كذلك، وقد تضمن الإجراءات التي تتخذها محكمة التعرض على التحفيظ وكذلك الأحكام التي تصدرها وكيفية تبليغها وطرق الطعن فيها.
ب –أن سكوت المشرع عن إعادة النظر يفيد استبعاده ولا يجوز الرجوع إلى قانون المسطرة المدنية بشأن طعن لم تتناوله مسطرة التحفيظ للقول بطعن لم تعرفه ولم تحل على قانون المسطرة المدنية بشأنه.
ج – لا وجه للاستدلال على قبول طلب إعادة النظر في قرارات محكمة الاستئناف بما ورد في الفصل الثالث من ظهير المصادقة على قانون المسطرة المدنية لأنه يهم القوانين التي لا تنظم موضوعا معينا بكامله وقانون مسطرة التحفيظ كما سبق القول قد نظم طرق الطعن في الأحكام والذي لفت نظري في هذا القرار هو أنه انبنى على أن قانون التحفيظ هو قانون خاص ولا تطبق بشأن التحفيظ قواعد المسطرة المدنية إلا بنص صريح والقانون الخاص مقدم في العمل على القانون العام.
ولذلك استقر الاجتهاد على عدم قبول طلب إعادة النظر في قرارات محكمة الاستئناف بشان التحفيظ.
لكن ينبغي أن ينظر إلى الموضوع نظرة جديدة، بعد أن صدر قانون المسطرة المدنية سنة 1974 ونظم طرق الطعن العادية وغير العادية وجاء الفصل الثالث من ظهير المصادقة على القانون ونص على ما يلي :
تستمر محاكم الاستيناف والمحاكم في تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة المنظمة لمساطر غير منصوص عليها في هذا القانون.
غير أنه تطبق مقتضيات هذا القانون حتى في القضايا التي تنظمها نصوص تشريعية وتنظيمية خاصة إذا لم يرد في هذه القوانين نص صريح خاص بها.
وإنني افهم هذا النص كما يلي:
أ – إذا كانت هناك مقتضيات خاصة منظمة لمساطر غير منصوص عليها في قانون المسطرة فإن العمل بهذه المقتضيات كالمسطرة المتبعة في إجراءات الحكم في التحفيظ فلا تستبعد هذه المسطرة لصالح المسطرة المدنية مادامت هناك نصوص تنظم المسطرة الخاصة.
ب – وفي النصوص الخاصة إذا لم يرد فيها نص صريح خاص بقضية من قضاياها فإن الواجب التطبيق هو قانون المسطرة المدنية فإذا كانت طلبات إعادة النظر في القرارات الاستئنافية لم ينظمها ظهير التحفيظ فإن الواجب التطبيق هو قانون المسطرة المدنية الذي نظم طرق الطعن العادية وغير العادية بدون استثناء، وبهذا فإن الاجتهاد السابق كان قبل صدور قانون 1974 للمسطرة المدنية، والجدير بالذكر أن الفصل الثالث لا يفرق في النصوص الخاصة بين ما ينظم موضوعا معينا بكامله وما لا ينظم موضوعا كذلك.
وإنني أتساءل هل القضاء سيستمر رغم صدور قانون نظم طرق الطعن على شكل مخالف للاجتهاد في اتباع هذا الاجتهاد متجاوزا النص الواضح في قانون المسطرة المدنية.
ثانيا : عدم سلامة التعليل سبب لإعادة النظر.
أن الفصل 379 من قانون المسطرة يسمح بإعادة النظر في قرار المجلس الأعلى إذا صدر بدون مراعاة الفصل 375 أي إذا كان غير معلل.
ويفهم اجتهاد سبق أن أصدر من المجلس أن القرار الذي يعاد النظر فيه هو الذي لم يعلل نهائيا.
لكن الذي يفهم من صيغة الفصل 375 هو الذي يفهم من صيغة الفصل 345 المتعلق بقرارات محكمة الاستئناف إذ يشترط كل من الفصلين أن تكون القرارات معللة ومع ذلك فإن اجتهاد المجلس استقر على أن عدم سلامة التعليل أو نقصانه في قرارات محكمة الاستئناف ينزل منزلة انعدام التعليل يعرضها للنقض وفي قرارات المجلس تفسير عدم التعليل تفسيرا ضيقا ولماذا ؟ يقول صاحب نظرية التفسير الضيق أن قرارات المجلس تصدر من أعلى هيأة قضائية عليا فيجب أن تحظى تعليلاتها بالقدسية ولا تناقش.
وإنني أرى غرابة في هذا الرأي من جهتين.
- أولا أن هذا الرأي يجعل اجتهاد الهيأة القضائية في المجلس الأعلى مقدسا ولا يعطي نفس القدسية لهيأة قضائية بمحكمة الاستئناف مع أن الفارق العلمي بينهما ضئيل فيرى أن عدم سلامة التعليل بالنسبة لقرارات محكمة الاستئناف كانعدام التعليل، ولا يرى ذلك في قرارات المجلس الأعلى، ولا وجه لذلك.
-وثانيا أن القضاء يجب أن يعطي الأولوية لتحقيق العدالة وتقديسها بدلا من تقديس تعليل قرارات المجلس الأعلى فكلما كان بإمكان القضاء أن يفتح الباب أمام المتقاضين للوصول إلى حقوقهم كان الواجب أن يفتح هذا الباب إذ رسالة القضاء هي تحقيق العدالة لا تقديس الرأي عند هيأته العليا التي ما أسست إلا وسيلة التقديس العدالة وهي مقدسة، ولذلك رأى المجلس الأعلى في غرفتين مجتمعتين أن يقبل وسيلة الطعن بإعادة النظر المتمثلة في عدم سلامة التعليل تحقيقا وتقديسا للعدالة.
-ثالثا: النظر في طلب النقض مباشرة عند قبول إعادة النظر.
ينص الفصل 410 من قانون المسطرة المدنية على أن يرفع أمام المحكمة التي بنت في إعادة النظر اصل النزاع الذي صدر بشأنه الحكم الذي أعيد النظر فيه.
وأمام هذا النص الذي هو نص مماثل للنص الذي كان في المسطرة المدنية القديم تساءل القضاء عن المسطرة التي يرفع على أساسها أصل النزاع أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المعاد فيه النظر، فهل المقصود أن يرفع الطلب من جديد لأجل النظر في أصل النزاع وعليه فلا بد لهذا الطلب أن تتوفر فيه الشروط الشكلية لرفع الدعاوى. والتي منها أداء الرسوم القضائية من جديد، وتسجيل الطلب من جديد وتحت رقم جديد، أم أن المقصود هو أن النظر في أصل النزاع يرجع إلى نفس المحكمة التي أصدرت الحكم المعاد فيه النظر.
فإذا كان الحكم صادرا من المحكمة الابتدائية فإن النظر في أصل النزاع يرجع إلى نفس المحكمة وإذا كان صادرا عن محكمة الاستئناف فان النظر يرجع إليها وإذا كان صادرا من المجلس الأعلى فالنظر راجع إليه، وعليه فلا حاجة إلى تقديم طلب جديد ولا حاجة إلى فتح ملف جديد، وإنما النظر يتم بإحدى حالتين:
إن كان الملف جاهزا وأعلم الطرفان بموعد جلسة إعادة النظر كان للمحكمة أن تنظر في الحال في طلب إعادة النظر وأصل النزاع.
وإن كان الملف غير جاهز وكان في حاجة إلى إجراءات لضمان حق من حقوق الدفاع استوجب إنجاز الإجراءات اللازمة لصدور الحكم في أصل النزاع بعد البت في قبول إعادة النظر.
وعلى أي حال فالمسطرة الأولى تستلزم فتح ملف جديد وإعطاء رقم جديد للحكم الذي سيصدر، والمسطرة الثانية لا تحتاج إلى فتح ملف جديد ولا إعطاء رقم جديد للحكم، فالأولى تساوي من ناحية – الإحصاء ملفين وحكمين والثانية لا تساوي إلا ملفا واحدا وحكما واحدا ولكنها تساوي أيضا تحقيق العدالة السريعة وتجنب التعقيد للمتقاضين.
وأذكر هنا بأن الفصل 422 من قانون المسطرة المدنية المصرية جاء كما يلي :
تفصل المحكمة أولا في جواز قبول التماس إعادة النظر ثم تحدد جلسة للمرافعة في الموضوع دون حاجة إلى إعلان جديد. على أنه يجوز لها أن تحكم في قبول الالتماس وفي الموضوع بحكم واحد إذا كان الخصوم قد قدموا أمامها طلباتهم في الموضوع.
وهذا النص يقضي باتباع إحدى طريقتين للبث في أصل النزاع. الأولى أن تبت المحكمة في المرحلة الأولى في قبول طلب إعادة النظر، وإذا كان الملف جاهزا فلها أن تبت أيضا في الموضوع في حكم واحد. الثانية أن تبث في المرحلة الأولى في قبول إعادة النظر ولها بعد ذلك أن تبت في حكم مستقل في أصل النزاع فيه بدون طلب جديد إذا لم ترد أن تستعمل حقها في الفصل في الموضوع في هذه الحالة أوإذا كان الملف غير جاهز للفصل فيه.
وعلى أي حال وأمام الوضوح الوارد في المسطرة المصرية وأمام الغموض الوارد في المسطرة المغربية فإن المجلس ارتأى من روح النص الذي تتفق ومبدأ العدالة السريعة والتي تنشأ في ظلها قانون المسطرة المدنية أن يفسر الفصل 410 منه من أن المقصود برفع النزاع أمام المحكمة التي بتت في إعادة النظر هوأنها المختصة بالنظر في أصل النزاع بدون تكليف الطالب برفع مقال جديد، فإذا كان ملف النزاع جاهزا كان لها أن تحكم بحكم واحد في طلب إعادة النظر وفي أصل النزاع إذا كان الملف غير جاهز احتاجت بعد قبول إعادة النظر إلى تحديد جلسة أخرى للنظر في أصل النزاع.
محمد بوزيان
تعليق على القرار
للأستاذ محمد بوزيان
رئيس غرفة بالمجلس الأعلى
أصدر المجلس الأعلى بغرفتين مجتمعتين القرار موضوع التعليق رقم 277 بتاريخ 14 فبراير 1989 قبل فيه طلب إعادة النظر بشان قرار صادر من المجلس الأعلى يتعلق بالتحفيظ العقاري. بسبب عدم سلامة تعليله ونظر في طلب النقض في حكم واحد.
وفي هذا التعليق أحد الأسس التي اعتمدها في ذلك.
أولا قبول إعادة النظر وأساسه
1)ان ظهير التحفيظ الذي هوقانون الموضوع وقانون الشكل لم ينظم طريق الطعن بالنقض في قرارات المجلس التي تصدر بشأن التحفيظ وإنما أحال الطعن فيها على الطريق الذي حددته المسطرة المدنية.
2) إن الظهير إذا لم ينص صراحة على طلب إعادة النظر في القرارات الاستئنافية التي تصدر بشأن التحفيظ فان قانون المسطرة المدنية سمح بتقديم طلب إعادة النظر في القرارات التي يصدرها المجلس الأعلى بدون استثناء في الموضوع، وإنما ورد الاستثناء في الفصل 379 من حيث الأسباب، فإذا بنى طلب إعادة النظر على سبب من الأسباب المذكورة فيه كان مقبولا سواء كان الموضوع يتعلق بالتحفيظ أو بغيره.
3) أنه طبقا للفصل الثالث من ظهير المصادقة على قانون المسطرة المدنية فإن ظهير التحفيظ إذا كان قانونا للمسطرة أيضا و لم يرد فيه نص صريح يمنع أو يبيح طلب إعادة النظر في قرارات المجلس الأعلى بشان التحفيظ فإن مقتضيات قانون المسطرة المدنية هي الواجبة التطبيق وقد نظم هذا القانون مسطرة طلب إعادة النظر بصفة عامة.
وفي هذا الصدد فقد لفت نظري قرار أصدره المجلس الأعلى رقم 887 بتاريخ 5 أبريل 1989 نشرته مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 42 استبعد فيه قبول طلب إعادة النظر في قرارات محكمة الاستيناف المتعلقة بالتحفيظ وقد انبنى هذا القرار على ما يلي:
أ – أن ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري قانون الموضوع وقانون الشكل كذلك، وقد تضمن الإجراءات التي تتخذها محكمة التعرض على التحفيظ وكذلك الأحكام التي تصدرها وكيفية تبليغها وطرق الطعن فيها.
ب –أن سكوت المشرع عن إعادة النظر يفيد استبعاده ولا يجوز الرجوع إلى قانون المسطرة المدنية بشأن طعن لم تتناوله مسطرة التحفيظ للقول بطعن لم تعرفه ولم تحل على قانون المسطرة المدنية بشأنه.
ج – لا وجه للاستدلال على قبول طلب إعادة النظر في قرارات محكمة الاستئناف بما ورد في الفصل الثالث من ظهير المصادقة على قانون المسطرة المدنية لأنه يهم القوانين التي لا تنظم موضوعا معينا بكامله وقانون مسطرة التحفيظ كما سبق القول قد نظم طرق الطعن في الأحكام والذي لفت نظري في هذا القرار هو أنه انبنى على أن قانون التحفيظ هو قانون خاص ولا تطبق بشأن التحفيظ قواعد المسطرة المدنية إلا بنص صريح والقانون الخاص مقدم في العمل على القانون العام.
ولذلك استقر الاجتهاد على عدم قبول طلب إعادة النظر في قرارات محكمة الاستئناف بشان التحفيظ.
لكن ينبغي أن ينظر إلى الموضوع نظرة جديدة، بعد أن صدر قانون المسطرة المدنية سنة 1974 ونظم طرق الطعن العادية وغير العادية وجاء الفصل الثالث من ظهير المصادقة على القانون ونص على ما يلي :
تستمر محاكم الاستيناف والمحاكم في تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة المنظمة لمساطر غير منصوص عليها في هذا القانون.
غير أنه تطبق مقتضيات هذا القانون حتى في القضايا التي تنظمها نصوص تشريعية وتنظيمية خاصة إذا لم يرد في هذه القوانين نص صريح خاص بها.
وإنني افهم هذا النص كما يلي:
أ – إذا كانت هناك مقتضيات خاصة منظمة لمساطر غير منصوص عليها في قانون المسطرة فإن العمل بهذه المقتضيات كالمسطرة المتبعة في إجراءات الحكم في التحفيظ فلا تستبعد هذه المسطرة لصالح المسطرة المدنية مادامت هناك نصوص تنظم المسطرة الخاصة.
ب – وفي النصوص الخاصة إذا لم يرد فيها نص صريح خاص بقضية من قضاياها فإن الواجب التطبيق هو قانون المسطرة المدنية فإذا كانت طلبات إعادة النظر في القرارات الاستئنافية لم ينظمها ظهير التحفيظ فإن الواجب التطبيق هو قانون المسطرة المدنية الذي نظم طرق الطعن العادية وغير العادية بدون استثناء، وبهذا فإن الاجتهاد السابق كان قبل صدور قانون 1974 للمسطرة المدنية، والجدير بالذكر أن الفصل الثالث لا يفرق في النصوص الخاصة بين ما ينظم موضوعا معينا بكامله وما لا ينظم موضوعا كذلك.
وإنني أتساءل هل القضاء سيستمر رغم صدور قانون نظم طرق الطعن على شكل مخالف للاجتهاد في اتباع هذا الاجتهاد متجاوزا النص الواضح في قانون المسطرة المدنية.
ثانيا : عدم سلامة التعليل سبب لإعادة النظر.
أن الفصل 379 من قانون المسطرة يسمح بإعادة النظر في قرار المجلس الأعلى إذا صدر بدون مراعاة الفصل 375 أي إذا كان غير معلل.
ويفهم اجتهاد سبق أن أصدر من المجلس أن القرار الذي يعاد النظر فيه هو الذي لم يعلل نهائيا.
لكن الذي يفهم من صيغة الفصل 375 هو الذي يفهم من صيغة الفصل 345 المتعلق بقرارات محكمة الاستئناف إذ يشترط كل من الفصلين أن تكون القرارات معللة ومع ذلك فإن اجتهاد المجلس استقر على أن عدم سلامة التعليل أو نقصانه في قرارات محكمة الاستئناف ينزل منزلة انعدام التعليل يعرضها للنقض وفي قرارات المجلس تفسير عدم التعليل تفسيرا ضيقا ولماذا ؟ يقول صاحب نظرية التفسير الضيق أن قرارات المجلس تصدر من أعلى هيأة قضائية عليا فيجب أن تحظى تعليلاتها بالقدسية ولا تناقش.
وإنني أرى غرابة في هذا الرأي من جهتين.
- أولا أن هذا الرأي يجعل اجتهاد الهيأة القضائية في المجلس الأعلى مقدسا ولا يعطي نفس القدسية لهيأة قضائية بمحكمة الاستئناف مع أن الفارق العلمي بينهما ضئيل فيرى أن عدم سلامة التعليل بالنسبة لقرارات محكمة الاستئناف كانعدام التعليل، ولا يرى ذلك في قرارات المجلس الأعلى، ولا وجه لذلك.
-وثانيا أن القضاء يجب أن يعطي الأولوية لتحقيق العدالة وتقديسها بدلا من تقديس تعليل قرارات المجلس الأعلى فكلما كان بإمكان القضاء أن يفتح الباب أمام المتقاضين للوصول إلى حقوقهم كان الواجب أن يفتح هذا الباب إذ رسالة القضاء هي تحقيق العدالة لا تقديس الرأي عند هيأته العليا التي ما أسست إلا وسيلة التقديس العدالة وهي مقدسة، ولذلك رأى المجلس الأعلى في غرفتين مجتمعتين أن يقبل وسيلة الطعن بإعادة النظر المتمثلة في عدم سلامة التعليل تحقيقا وتقديسا للعدالة.
-ثالثا: النظر في طلب النقض مباشرة عند قبول إعادة النظر.
ينص الفصل 410 من قانون المسطرة المدنية على أن يرفع أمام المحكمة التي بنت في إعادة النظر اصل النزاع الذي صدر بشأنه الحكم الذي أعيد النظر فيه.
وأمام هذا النص الذي هو نص مماثل للنص الذي كان في المسطرة المدنية القديم تساءل القضاء عن المسطرة التي يرفع على أساسها أصل النزاع أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المعاد فيه النظر، فهل المقصود أن يرفع الطلب من جديد لأجل النظر في أصل النزاع وعليه فلا بد لهذا الطلب أن تتوفر فيه الشروط الشكلية لرفع الدعاوى. والتي منها أداء الرسوم القضائية من جديد، وتسجيل الطلب من جديد وتحت رقم جديد، أم أن المقصود هو أن النظر في أصل النزاع يرجع إلى نفس المحكمة التي أصدرت الحكم المعاد فيه النظر.
فإذا كان الحكم صادرا من المحكمة الابتدائية فإن النظر في أصل النزاع يرجع إلى نفس المحكمة وإذا كان صادرا عن محكمة الاستئناف فان النظر يرجع إليها وإذا كان صادرا من المجلس الأعلى فالنظر راجع إليه، وعليه فلا حاجة إلى تقديم طلب جديد ولا حاجة إلى فتح ملف جديد، وإنما النظر يتم بإحدى حالتين:
إن كان الملف جاهزا وأعلم الطرفان بموعد جلسة إعادة النظر كان للمحكمة أن تنظر في الحال في طلب إعادة النظر وأصل النزاع.
وإن كان الملف غير جاهز وكان في حاجة إلى إجراءات لضمان حق من حقوق الدفاع استوجب إنجاز الإجراءات اللازمة لصدور الحكم في أصل النزاع بعد البت في قبول إعادة النظر.
وعلى أي حال فالمسطرة الأولى تستلزم فتح ملف جديد وإعطاء رقم جديد للحكم الذي سيصدر، والمسطرة الثانية لا تحتاج إلى فتح ملف جديد ولا إعطاء رقم جديد للحكم، فالأولى تساوي من ناحية – الإحصاء ملفين وحكمين والثانية لا تساوي إلا ملفا واحدا وحكما واحدا ولكنها تساوي أيضا تحقيق العدالة السريعة وتجنب التعقيد للمتقاضين.
وأذكر هنا بأن الفصل 422 من قانون المسطرة المدنية المصرية جاء كما يلي :
تفصل المحكمة أولا في جواز قبول التماس إعادة النظر ثم تحدد جلسة للمرافعة في الموضوع دون حاجة إلى إعلان جديد. على أنه يجوز لها أن تحكم في قبول الالتماس وفي الموضوع بحكم واحد إذا كان الخصوم قد قدموا أمامها طلباتهم في الموضوع.
وهذا النص يقضي باتباع إحدى طريقتين للبث في أصل النزاع. الأولى أن تبت المحكمة في المرحلة الأولى في قبول طلب إعادة النظر، وإذا كان الملف جاهزا فلها أن تبت أيضا في الموضوع في حكم واحد. الثانية أن تبث في المرحلة الأولى في قبول إعادة النظر ولها بعد ذلك أن تبت في حكم مستقل في أصل النزاع فيه بدون طلب جديد إذا لم ترد أن تستعمل حقها في الفصل في الموضوع في هذه الحالة أوإذا كان الملف غير جاهز للفصل فيه.
وعلى أي حال وأمام الوضوح الوارد في المسطرة المصرية وأمام الغموض الوارد في المسطرة المغربية فإن المجلس ارتأى من روح النص الذي تتفق ومبدأ العدالة السريعة والتي تنشأ في ظلها قانون المسطرة المدنية أن يفسر الفصل 410 منه من أن المقصود برفع النزاع أمام المحكمة التي بتت في إعادة النظر هوأنها المختصة بالنظر في أصل النزاع بدون تكليف الطالب برفع مقال جديد، فإذا كان ملف النزاع جاهزا كان لها أن تحكم بحكم واحد في طلب إعادة النظر وفي أصل النزاع إذا كان الملف غير جاهز احتاجت بعد قبول إعادة النظر إلى تحديد جلسة أخرى للنظر في أصل النزاع.
محمد بوزيان