القرار الجنائي عدد 1410-10
الصادر بتاريخ 13-10-2016
في الملف رقم 18276-2015
القاعدة:
إجراء خبرة مضادة من المسائل التي تندرج ضمن السلطة التقديرية لقاضي الموضوع و يمكن الأمر بها تلقائيا من دون طلب من أحد الأطراف باعتبارها إجراءا من إجراءات التحقيق.
في الدعوى المدنية التابعة في قضايا حوادث السير يكفي استئناف شركة التأمين للحكم الابتدائي جنحي سير حتى يفتح المجال لمحكمة الاستئناف لإجراء خبرة مضادة طبية و حسابية او هما معا من تلقاء نفسها لمراقبة صحة المعطيات و سلامة الاستنتاجات التي خلصت إليها الخبرتين المنجزتين في المرحلة الابتدائية ما دام الاستئناف ينشر الدعوى من جديد أمام محكمة الاستئناف.
سير الضحية وسط الطريق في نفس اتجاه السيارة دون انتباه و احتياط ولو في طريق ترابي وسط دوار يعد خرقا لنظم و قوانين السير على الطرقات.
نص القرار
بناء على طلب النقض المرفوع من طرف المطالبة بالحق المدني نادية العبار بمقتضى تصريح أفضت به بواسطة الأستاذ محمد مشكوك لدى كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بسيدي سليمان بتاريخ 1/7/15و الرامي إلى نقض القرار الصادر عن الغرفة الاستئنافية الجنحية لحوادث السير بها بتاريخ 23/6/2015 ملف عدد 179/2014 و القاضي : بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تحميل المتهم كامل مسؤولية الحادثة و اعتبار ادريس الضاوي مسؤولا مدنيا و الحكم عليه بالأداء لفائدة المطالب بالحق المدني تعويضا مدنيا إجماليا قدره 30.1493,4 درهم مع الفوائد القانونية من تاريخ الحكم و النفاذ المعجل في حدود 3/1 الثلث وإحلال شركة التامين الملكية الوطنية محل المؤمن له في الأداء و الصائر على المحكوم عليهم مع تعديله وذلك بإعادة تشطير مسؤولية الحادثة بتحميل المتهم 4/3 ثلاثة أرباعها و الضحية الربع 4/1 و تخفيض التعويض المحكوم به إلى مبلغ 184929,96 درهم و تحميل كل طرف صائر استئنافه.
إن محكمة النقض /
بعد أن تلا السيد المستشار سيف الدين العصمي التقرير المكلف به في القضية
و بعد الإنصات إلى السيد عبد العزيز الهلالي المحامي العام في مستنتجاته.
و بعد المداولة طبقا للقانون،
و نظرا للمذكرة المدلى بها من لدن الطاعنة بإمضاء الأستاذ محمد مشكوك المحامي بهيئة القنيطرة المقبول للترافع أمام محكمة النقض .
في شأن وسائل النقض الأولى و الثانية و الثالثة مجتمعة المتخذة في مجموعها من خرق الفصول 3 و 140 من قانون المسطرة المدنية و401 من قانون المسطرة الجنائية و تحريف الوقائع و خرق حقوق الدفاع ذلك أن المطلوبة في النقض شركة التامين الملكية الوطنية لم تحضر في أي جلسة من الجلسات بعد إحالة الملف على المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه و لم تدل بأوجه استئنافها للحكم الابتدائي و لم تناقش لا دخل الطاعنة و لا الخبرة الطبية المنجزة ابتدائيا ومع ذلك أمرت الغرفة الاستئنافية أي المحكمة مصدرة القرار المراد نقضه بإجراء خبرتين جديدتين الأولى طبية و الثانية حسابية من دون طلب من أي طرف في الدعوى و من غير أن تستأنف المطلوبة في النقض الحكمين التمهيدين و بذلك جاء قرارها خارقا للمقتضيات القانونية المحتج بها أعلاه و لحقوق الدفاع و يتعين نقضه .
لكن حيث إن الأمر بإجراء خبرة مضادة من المسائل التي تدرج ضمن السلطة التقديرية لقاضي الموضوع و تلقائيا من دون طلب من أحد الأطراف باعتبارها إجراءا من إجراءات التحقيق و لما كان ثابتا من وثائق الملف و مستنداته أن المطلوبة في النقض استأنفت أيضا الحكم الابتدائي إلى جانب الطاعنة و الاستئناف ينشر الدعوى من جديد فالمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما ارتأت في المرحلة الاستئنافية إجراء الخبرتين المضادتين الطبية و الحسابية من تلقاء نفسها لمراقبة صحة المعطيات و سلامة الاستنتاجات التي خلصت إليها الخبرتين المنجزتين في المرحلة الابتدائية و صادقت عليهما لم تخرق أي مقتضى قانوني و الوسيلة عديمة الأساس .
في شان وسيلة النقض الرابعة المتخذة من فساد التعليل الموازي لانعدامه، ذلك أن الحادثة وقعت في طريق ترابية وسط الدوار المخصصة للراجلين و لا يوجد فيها أي مؤشر طرقي أو علامة و السيارة أداة الحادثة صدمت العارضة من الخلف و المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه عندما حملتها ربع المسؤولية جاء قرارها منعدم التعليل و يتعين نقضه .
حيث إن تحديد مسؤولية كل طرف في وقوع الحادثة تتخذ المحكمة الأساس له من وقائع النازلة المعروضة عليها مما يدخل في سلطتها التقديرية و لا تمتد له رقابة جهة النقض ما لم يقع تحريف و تناقض مؤثران الأمر الذي لم يلاحظ ولم يثر من خلال تنصيصات القرار المطعون فيه الذي استند في إعادة تشطير المسؤولية وجعل 4/3 ثلاثة أرباع على المتهم و الربع 4/1 على الضحية الراجلة على ما ثبت له من محضر الضابطة القضائية و الرسم البياني المرفق به من أن الضحية كانت تسير وسط الطريق في نفس اتجاه السيارة دون انتباه و احتياط مما يعد خرقا لنظم و قوانين السير على الطرقات و ساهمت بدورها في وقوع الحادثة فكان سندا للمحكمة فيما انتهت بما لها من سلطة في تقدير الوقائع فجاء قرارها معللا تعليلا سليما و الوسيلة عديمة الأساس .
من أجـلــــــه
قضت برفض الطلب و إرجاع المبلغ المودع لمودعه بعد استخلاص الصائر .
و به صدر القرار و تلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض الكائنة بشارع النخيل حي الرياض بالرباط و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: القرشي خديجة رئيسة الغرفة والمستشارين : سيف الدين العصمي مقررا و فاطمة بوخريس و عتيقة بوصفيحة و ربيعة المسوكر و بحضور المحامي العام السيد عبد العزيز الهلالي الذي كان يمثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط السيد المسعودي منير .
قراءة التعليقات (1)
قد يبدو للقارئ أن هذا القرار جد عادي ولا يثير إشكالات ولا يلفت انتباها، وهذا الانطباع الأولي الذي يمكن أن يترسخ لدى القارئ هو الذي دفعني للتعليق عليه لبيان وجه الخصوصية في هذا القرار وما يبرزه من قواعد قانونية قد لا تبدو واضحة عند القراءة الأولى.
وأول خصوصيات هذا القرار هو أنه ميز بين آثار الاستئناف في كل من الدعوى المدنية الصرفة والدعوى المدنية التابعة.
وثاني خصوصياته أنه أدخل الطرق الترابية التي تربط بين طريق عمومي ودوار من الدواوير في مفهوم الطريق العمومي الذي يفترض أن قانون السير جاء لينظم كيفية استعماله والاحتياطات الواجب اتخاذها والقواعد الواجب احترامها عند القيام بذلك.
وباختصار ، فاستئناف حكم في دعوى مدنية يتطلب تقديم مقال مستوف لمجموعة من الشروط القانونية إضافة إلى بيان أسباب الاستئناف، والأسباب هي مجموع الطعون الموجهة ضد الحكم الابتدائي، وبناء عليها تتولى محكمة الاستئناف فحص الحكم الابتدائي للتأكد من مدى صحة العيوب المنسوبة لهذا الحكم بمقتضى هذه الأسباب.
وفي مثل نازلة الحال لو كان الحكم الذي بت في النزاع مدنيا صرفا ، فقد كان على شركة التأمين التي لم ترض بنتيجة الحكم الصادر فيه وغير راضية أيضا على نتائج الخبرة الطبية أو الحسابية أو هما معا، فقد كان يتعين عليها استئناف ليس فقط الحكم القطعي، أي الفاصل في الجوهر، وإنما يتعين عليها أيضا استئناف الحكم التمهيدي الذي قضى بإجراء هاتين الخبريتن، وهذا ما نص عليه الفصل 140 من قانون المسطرة المدنية حين نص على أنه لا يمكن استيناف الأحكام التمهيدية إلا في وقت واحد مع الأحكام الفاصلة في الموضوع وضمن نفس الآجال. ويجب أن لا يقتصر مقال الاستيناف صراحة على الحكم الفاصل في الموضوع فقط بل يتعين ذكر الأحكام التمهيدية التي يريد المستأنف الطعن فيها بالاستيناف.
أما وأن الأمر يتعلق في نازلة الحال بدعوى مدنية تابعة لدعوى عمومية فقد سار اجتهاد المحكمة مصدرة القرار في اتجاه القول أنه يكفي شركة التأمين التصريح بالاستئناف وفق الأحكام المنظمة لاستئناف الأحكام الجنحية لتنشر الدعوى من جديد أمام محكمة الاستئناف التي يمكنها بناء على هذا الأثر الناشر أن تأمر بإجراء خبرة مضادة ولو لم تطلبها المستأنفة لمراقبة صحة الاستنتاجات التي انتهت إليها الخبرة الأولى وبنى عليها الحكم الابتدائي قضاءه.
وبناء على هذا التوجه لم يفلح المستأنف عليه ، الضحية، في نقض قرار محكمة الاستئناف رغم تمسكه بأن شركة التامين لم توضح لماذا استأنفت الحكم الابتدائي ولا نازعت في نتائج الخبرتين المأمور بهما ابتدائيا، وكان رد محكمة النقض عليه بما أتت به من تعليل في قرارها المعلق عليه.
أما النقطة الثانية، فهي تعريف القرار للطريق العمومية، فإذا كانت مدونة السير قد عرفت الطريق العمومية في المادة 85 بأنها الجزء من المحرم المخصص للطريق السيار أو للطريق أو لكل سبيل مفتوح للسير العمومي، ويضم:
القارعة ( chausseé) والأكتاد ( accotements) والطوارات ( trottoirs)والأحافير ( fossés) والمغروسات ( plantations) والأراضي المسطحة ( terres pleins) إن وجدت؛
جميع المنشآت الطرقية؛
الباحات العمومية للتوقف ( les aires publiques de stationnement) المفتوحة للسير العمومي؛
جميع التجهيزات الطرقية كالأنصاب الكيلومترية ( bornes) والأرماتو ( balises) الحواجز ( barrieres)والأعمدة( poteaux) ومسربات الأمان ( glissieres de securité) وأجهزة التشوير الأفقي والعمودي والتي لا تحد مع ذلك الطريق العمومية. وبأن الطريق العمومية تعتبر جزءا من الملك العمومي.
ولم يرد في التعاريف أعلاه ما يفيد ان الطرق الترابية الرابطة بين الطريق العمومية وبين أحد الدواوير تعتبر طريقا عمومية خاضعة لأحكام وقواعد مدونة السير، غير أنه لما تمسك الطاعن في النازلة موضوع التعليق بأن الحادثة وقعت في طريق ترابية وسط الدوار المخصصة للراجلين و لا يوجد فيها أي مؤشر طرقي أو علامة، وكان جواب المحكمة عليه أولا بأن هذا الأمر لم يلاحظ ولم يثر من خلال تنصيصات القرار المطعون، وانتهى قرارها ثانيا إلى إدراج هذا النوع من الطرق في الطرق العمومية يكون قد اعتمد معيارا أساسيا وعاما وهو كونها مفتوحة للسير العمومي، ورتب على ذلك أن عدم انتباه الضحية التي تسير في هذا الطريق الترابي يعتبر خرقا لنظم و قوانين السير على الطرقات العمومية الخاضعة لمدوة السير.
والخلاصة التي يمكن أن نخلص إليها وهي أن أي سير في طريق غير خاص ومفتوح للسير العمومي حتى ولو لم تكن هناك علامات أو تشوير يعتبر سيرا في طريق عمومي وخاضع بالتالي لمدونة السير.