عقار غير محفظ – تعدد البيوع – وحدة البائع والمبيع- حيازة المشتري المتأخر المبيع بشروطها القانونية – عدم سريان قاعدة الشراء الأسبق
القرار عدد 365-8
الصادر بتاريخ 04-07-2017
في الملف رقم 4321-1-8-2016
القاعدة:
لا تطبق قاعد الأسبقية للشراء الأول من نفس البائع أو خلفه العام، إذا أدلى المشتري اللاحق بما يفيد حيازة المبيع حيازة بشروطها القانونية.
نص القرار
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية ببرشيد بتـاريخ 23-10-2008 تحت رقم 12997-53، طلب حسن الغولب بن محمد تحفيظ الملك الفلاحي المسمى”أرض المقيلز”، الواقع بدوار البراهمة جماعة السوالم دائرة برشيد، والمحددة مساحته في 11 آرا و07 سنتيارات لتملكه له بالملكية المضمنة تحت عدد 559 والمؤرخة في 12-08-2008 تشهد له بالملك والحوز والتصرف مدة 10 سنوات من تاريخها.
فوردت على المطلب المذكور ثلاثة تعرضات، الأول قيده المحافظ بتاريخ 05-02-2009 (كناش 14 عدد 493) صادر عن نزهة منتصر مطالبة بقطعة أرضية مساحتها 100 متر مربع لتملكها لها بالشراء العرفي المؤرخ في 13-02-2009 من البائع لها محمد ضوية والذي كان يتملكها بالشراء العرفي المؤرخ في 01-08-1997 من البائعين له بوزيد مصطفى والحنفي فاطنة والذي أشير فيه إلى أنهما كانا يتملكان المبيع بالشراء العرفي من البائع لهما بنعبيد عبد السلام المؤرخ في 30-04-1991، والثاني بنفس التاريخ ( كناش14 عدد 494) صادر عن مصطفى بوزيد وفاطنة الحنفي مطالبين بقطعة أرضية مساحتها 200 متر مربع لتملكهما لها بالشراء العرفي من البائع لهما بنعبيد عبد السلام والمؤرخ في 30-04-1991 والذي أشير فيه إلى أنه كان يتملك المبيع إرثا من والده، والثالث بتاريخ 08-04-2009 (كناش 14 عدد 735) صادر عن خديجة بلحنفي بنت مبارك مطالبة بقطعة أرضية مساحتها 100 متر مربع لتملكها لها بالشراء العرفي من البائع لهما بنعبيد عبد السلام والمؤرخ في 30-04-1991 والذي أشير فيه إلى أنه كان يتملك المبيع إرثا من والده.
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية ببرشيد أصدرت بتاريخ 25-12-2013 حكمها عدد 29 في الملف رقم 3129-12-17 بعدم صحة التعرضات المذكورة، فاستأنفه المتعرضون بمقال واحد، وبعد إدلائهم بما يفيد وجه مدخل طـالب التحفيظ للعقار وهي الأشرية العرفية، الأول منها مـؤرخ فـي 26-10-1991 من البائع الحسين يزيد والذي أشير فيه إلى أنه اشترى المبيع من بنعبيد عبد السلام بمقتضى الشراء العرفي المؤرخ في 22-08-1991 والباقي في 26-07-1999 من البائع له فيهما الحسين يزيد الذي أشير في العقد إلى أنه كان يتملك المبيع بالإرث من والده عبد السلام بنعبيد وأن ما باعه يشكل حصته فيه. وبعد إجراء المحكمة معاينة رفقة الخبير العقاري علي البركة، قضت بإلغاء الحكم المستأنف وحكمت تصديا بصحة التعرضات المذكورة، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنف عليه في السبب الأول بخرق القانون الداخلي، ذلك أنه اعتمد عقود أشرية للمتعرضين رغم أنها غير مقرونة بأي حيازة ورغم أن الطاعن تحوز بملكه قبل تاريخ إيداع مطلبه بمدة كبيرة حيازة هادئة مستمرة ومستقرة، وأن عقود الأشرية لا ينتزع بها من يد حائز، وأنه على فرض انطباق حججهم فإن ذلك لا يفيدهم ما دام الطاعن حسن النية ولم يكن عالما بسبق البيع للغير كما يدعيه المطلوبون، وأن هذه القاعدة مقررة في الفقه الإسلامي المعمول به ومن ذلك ما نص عليه سيدي أبو زيد الجشتيمي في منظومته المتعلقة بما أغفله الشيخان خليل وعاصم حين قال” من باع من شخصين (هكذا) شيئا واحدا ** للأول احكمن بذلك راشدا إلا إذا قبضه الأخير ** فهو له وما له نكير” وقد قال شارحه الأزاريفي ” عني أن من باع شيئا واحدا من شخصين على التعاقب وعلم (بضم العين) الأول منهما فهو له إلا إذا قبضه الثاني منهما فيكون له بعد يمينه أنه لم يعلم بشراء الأول” وهذه القاعدة هي نفسها التي كرسها المشرع في مدونة الحقوق العينية في المادة الثالثة بأنه لا تفيد عقود التفويت ملكية العقارات غير المحفظة إلا إذا استندت على أصل التملك وحاز المفوت له العقار حيازة متوفرة على الشروط القانونية، وأن عنصر الحيازة منتف لدى المطلوبين وقد دفع بذلك أمام محكمة الموضوع غير أنها لم تلتفت إليه.
حيث صح ما عابه الطاعن على القرار ذلك أنه علل استبعاد ملكية الطاعن بأنه ”لما كان العقار يعود في الأصل للمسمى عبد السلام بنعبيد حسب رسم الملكية المسجل بكناش الأملاك عدد 2760 صحيفة 99 بتاريخ 31-01-1985 فإن إقدام هذا الأخير على تفويت جزء مفرز من العقار لفائدة المتعرضين يجعل رسوم الأشرية المؤسس عليها التعرض مبنية على سند صحيح ومنتجة في الدعوى، ويكون ما فوته المسمى عبد اللطيف بنعبيد بعد وفاة أبيه عبد السلام بنعبيد لفائدة طالب التحفيظ في حكم بيع ملك الغير وهو بيع غير صحيح طبقا للفصل 485 من قانون الالتزامات والعقود ولا يمكن الاحتجاج به في مواجهة المتعرضين، كما أن رسم الملكية المحتج به من طرف طالب التحفيظ لا يمكن الاعتماد عليه أو الالتفات إليه ما دام ثبت وجه مدخل المطلوب وهو الشراء من عبد اللطيف بنعبيد، هذا الأخير الذي لم يعد يملك في العقار بعدما ثبت أن أباه فوت للمتعرضين ما مساحته 400 متر مربع”. في حين، أنه لا مجال في النازلة لتطبيق قاعد الأسبقية للشراء الأول من نفس البائع أو خلفه العام، إذا أدلى المشتري اللاحق بما يفيد حيازة المبيع حيازة بشروطها القانونية، وأنه يتجلى من وثائق الملف أن الطاعن اعتمد في مطلبه رسم ملكية وتمسك بحيازته وتصرفه في العقار الذي سبق شراءه حيازة وتصرفا هادئين وبدون منازع ينسبه لنفسه والناس إليه كذلك مدة 10 سنوات، دون أن يناقش القرار ذلك على ضوء قواعد الفقه الإسلامي، ففوت بذلك على محكمة النقض فرصة مراقبة حسن تطبيق القانون، وجاء تبعا لذلك غير مرتكز على أساس قانوني ومعرضا بالتالي للنقض والإبطال.
وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى على نفس المحكمة.
لهذه الأسباب
ومن غير حاجة لبحث الأسباب الأخرى المستدل بها على النقض.
قضت محكمة النقض بنقض وإبطال القرار المطعون فيه المشار إليه أعلاه وإحالة الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون وبتحميل المطلوبين في النقض المصاريف.
كما قررت إثبات قرارها هذا بسجلات المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه إثره أو بطرته.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: العربي العلوي اليوسفي رئيس الغرفة ـ رئيسا. والمستشارين: جمال السنوسي ـ مقررا. وأحمد دحمان ومصطفى زروقي والمعطي الجبوجي أعضاء. وبمحضر المحامية العامة السيدة لبنى الوزاني وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة أسماء القوش.